إن العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تربط فرنسا والمملكة العربية السعودية هي علاقات قديمة واستراتيجية، فتزوّد المملكة فرنسا بأهمّ حاجاتها النفطية بينما تقدّم فرنسا للمملكة خبرتها في قطاعات صناعية وتقنية متعدّدة. واندرجت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، إلى فرنسا مطلع شهر نيسان/ أبريل 2018، في إطار شراكة التميّز التي عقدها بلدانا.
إن المملكة العربية السعودية شريكة فرنسا التجارية الأولى في الشرق الأوسط، حيث بلغت التبادلات زهاء 9 مليارات يورو العام 2017 (باستثناء قطاع الدفاع)، ومنذ العام 2015، اتسمّت التبادلات الثنائية بنوع من التوازن، فبلغت صادرات المملكة إلى فرنسا 4.1 مليارات يورو العام 2017 أي بزيادة 8.5 بالمئة مقارنة بالسنة المنصرمة. أمّا فرنسا، فأهمّ ما تستورده من المملكة هو النفط الصافي أو المكرّر، بيد أن ذلك لا يمثل سوى 10 بالمئة من الواردات الفرنسية من الذهب الأسود. وزادت أيضاً صادرات فرنسا نحو المملكة (باستثناء قطاع الدفاع) بنحو 8.8 بالمئة العام 2017، وبلغت 4.5 مليارات يورو، خاصة في قطاع الطيران. ويمثّل هذا القطاع زهاء نصف الصادرات الفرنسية مما دفع بفرنسا إلى المرتبة الثامنة على قائمة مزوّدي المملكة، وسبقت هكذا إيطاليا والمملكة المتحدّة.
العام 2016 بلغ مخزون الاستثمارات المباشرة الفرنسية في المملكة 5.2 مليارات يورو أي بزيادة قدرها 2 بالمئة مقارنة بالعام 2015. أما الاستثمارات السعودية المباشرة في فرنسا فقدّرت بـ830 مليون يورو نهاية العام 2016 أي ما يمثّل 3 بالمئة من استثمارات المملكة في الخارج.
قطار ألستوم لمترو الرياض
وتقدّم الرؤية 2030 فرصاً مميّزة لشركاتنا الوطنية، إذ تصدّر 4000 شركة فرنسية منتجاتها نحو المملكة العربية السعودية. وهناك زهاء مئة شركة فرنسية تعمل في المملكة من خلال مكتب تمثيلي أو من خلال منشأة صناعية. وتنشط شركات الكاك 40 الرئيسة في المملكة، وتغطي قطاعات واسعة نذكر منها على سبيل المثال تقنيات الإنترنت والاتصالات واللوجستية والصحة والصناعة. ومن ضمن الاستثمارات الفرنسية التي أُعلن عنها مؤخرّاً، تجدر الإشارة إلى المشروع المشترك بين بحري (سعودي أرامكو) والفرع الفرنسي لشركة بولوري لوجستكس. ويهدف هذا الاستثمار الفرنسي – السعودي إلى إنشاء عملاق سعودي في قطاع اللوجستية يتماشى مع الرؤية 2030. ومن ناحية أخرى، ستدشّن شركة النقل الفرنسية «ر ا ت ب للتنمية» RATP Dev خلال الربع الثاني من العام 2019 خدمة نقل جماعي (باصات) في الرياض بالشراكة مع شركة سابتكو.
وجدير بالذكر أن الزيارة التي ينوي القيام بها وزير الاقتصاد، السيد برونو لو مير إلى المملكة، والتي سيعقبها زيارة الرئيس ماكرون، من شأنهما أن تعزّزا الشراكة الفرنسية – السعودية في إطار الرؤية 2030. ومن ناحية أخرى، ستقوم وفود مهمة تمثلّ شركات فرنسية، بما فيها شركات متوّسطة وصغيرة الحجم، بزيارات إلى المملكة خلال الأشهر القادمة من أجل إبراز قيمة خبرتها في قطاعات متعدّدة.
سفير جمهورية فرنسا في المملكة*