منشأ ومصدر مرض فيروس كورونا | مركز سمت للدراسات

فرضيات منشأ “كورونا” البديلة

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 27 يوليو 2021

جيفري ساكس 

 

تبرز فرضيتان رئيسيتان بخصوص منشأ ومصدر مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد 19). ونحن ملزمون بالبحث الدقيق حول هذه المسألة كي نكون على ثقة ودراية وتمكن في مواجهة أي وباء جديد أو تطورات للوباء الحالي، في المستقبل.

إن الفرضية الأولى تنبئنا عن حدث طبيعي حيث ينتقل فيروس SARS-CoV-2 من حيوان إلى إنسان في سياق طبيعي، أو مزرعة، أو سوق للمواد الغذائية. وتحدثنا الفرضية الثانية عن عدوى مرتبطة بالأبحاث التي كانت جارية على فيروسات شبيهة بفيروس سارس (أي الفيروسات ذات الصلة بالفيروس الذي أحدث وباء سارس خلال الفترة من 2002 إلى 2004). إذا كان لنا أن نتمكن من منع الفاشيات الـمَـرَضية في المستقبل، فيجب أن يكون تحديد مصدر الفاشية الحالية على رأس أولوياتنا.

توجه هاتان الفرضيتان انتباهنا إلى مجموعتين مختلفتين من الاهتمامات وتدابير السياسة، وكل منهما تستوجب اهتمامنا.

منذ بدأت الجائحة قدم مؤيدو الفرضيتين ادعاءات مُـبالَـغ فيها، وسابقة لأوانها، وغير مبررة. في وقت مبكر من الجائحة، أعلن العديد من العلماء والباحثين أن هناك أدلة دامغة تؤكد أن فيروس SARS-CoV-2 نشأ في الحياة البرية وأن النظريات البديلة حول إطلاق الفيروس في سياق يرتبط بالأبحاث ليست أكثر من «نظريات مؤامرة». كما زعم مراقبون آخرون في وقت سابق، وتبعهم العديد من الساسة الأمريكيين بما في ذلك الرئيس دونالد ترامب، ووزير الخارجية مايك بومبيو، وأعضاء في الكونجرس، أن هناك أدلة هائلة الضخامة تؤكد إطلاق الفيروس في سياق أبحاث مختبرية، مشيرين إلى الأنشطة البحثية الجارية في مختبرات في ووهان.

حتى يومنا هذا، لم تكن السلطات الأمريكية ولا الصينية صريحة بالقدر الكافي لتمكين الباحثين من تعزيز فهمنا لأصل SARS-CoV-2. أعلنت المعاهد الوطنية للصحة أخيراً أنها لم تدعم أبحاث اكتساب الوظيفة التي ربما أدت إلى اندلاع جائحة «كوفيد 19»، قائلة إنها «لم توافق قَـط على أي منحة كانت لتدعم أبحاث اكتساب الوظيفة على فيروسات كورونا التي من شأنها أن تزيد قابليتها للانتقال أو قدرتها على الفتك بالبشر».

من المؤسف أن المعاهد الوطنية للصحة لم تكشف بعد عن البحث الفعلي الذي مولته ودعمته. من المعلومات الشائعة في المجتمع العلمي الأمريكي أن المعاهد الوطنية للصحة دعمت بالفعل أبحاث إعادة التوليف الجيني على فيروسات شبيهة بفيروس سارس والتي يصفها العديد من الباحثين باسم أبحاث اكتساب الوظيفة محل الاهتمام. وتشير الأدبيات العلمية التي روجعت من قِـبَـل نظراء إلى نتائج مثل هذه الأبحاث الجينية التي دعمتها المعاهد الوطنية للصحة على فيروسات شبيهة بفيروس سارس.

لكن عملية مراجعة السلامة البيولوجية لدراسات أبحاث اكتساب الوظيفة محل الاهتمام المحتملة تتسم بالغموض، فلا تكشف لعامة الناس عن أسماء ومؤهلات الأفراد المشاركين في عملية المراجعة، ولا جوهر المناقشات، ولا حتى المحققين أو المشاريع قيد المراجعة.

لا يتعلق التساؤل حول أصول الفيروس بحكومة أو بأخرى، ولا يدور حول قضية جيوسياسية، ولا يسعى إلى إلقاء اللوم على الصين وتبرئة الولايات المتحدة. إذا كان إطلاق فيروس SARS-CoV-2 جرى في سياق مختبري حقاً، فربما حدث ذلك في إطار مشروع ممول من قِـبَـل حكومة الولايات المتحدة، وباستخدام أساليب طورها وأيدها باحثون وعلماء أمريكيون، وكجزء من برنامج تقوده الولايات المتحدة وتموله لجمع وتحليل الفيروسات التي يحتمل أن تكون خطيرة، بما في ذلك في الصين.

لاكتساب أكبر قدر ممكن من المعلومات حول أصل SARS-CoV-2، نحتاج بشدة إلى إطلاق تحقيق دولي مستقل لفحص الفرضيات البديلة، ويجب على الحكومتين الأمريكية والصينية التعاون بشكل كامل وشفاف مع مثل هذا التحقيق. في غضون ذلك، ينبغي للباحثين والعلماء والساسة والمفكرين وأولئك الذين يعرضون آراءهم على وسائط التواصل الاجتماعي أن يعترفوا بأوجه عدم اليقين السائدة حالياً.

ينبغي لهم أن يعترفوا أيضاً بأن مأساة الجائحة ألقت الضوء بالفعل على كيفية منع الفاشيات والجائحات في المستقبل. ولأن الأحداث الطبيعية الحيوانية المنشأ حتمية ولا مفر منها، فيتعين علينا أن نعكف على إنشاء أنظمة مراقبة وإنذار عالمية أفضل كثيراً، وبالطبع أنظمة استجابة مبكرة عندما تحدث الفاشيات.

نحن في احتياج إلى قنوات اتصال جديرة بالثقة لمنع الانتقال العالمي السريع للأمراض المستحدثة الحيوانية المنشأ، ويتعين علينا أن نعمل على إنشاء آليات مؤسسية تمكننا من البحث بأسرع وقت ممكن عن العلاجات المحتملة، واختبارات التشخيص، واللقاحات، وغير ذلك من الأدوات وأفضل الممارسات لاحتواء أي فاشية مَـرَضية.

باختصار، يتعين علينا أن نكون أفضل استعداداً لمشاركة وتبادل الدراية العلمية والتكنولوجية ذات الصلة بطريقة أكثر نزاهة وشفافية ومصداقية مما كانت عليه الحال خلال الجائحة الحالية.

 

المصدر: صحيفة البيان

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

[mc4wp_form id="5449"]

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر