غرب إفريقيا “الأقل التزامًا” في مكافحة عدم المساواة بإفريقيا | مركز سمت للدراسات

غرب إفريقيا “الأقل التزامًا” في مكافحة عدم المساواة بإفريقيا

التاريخ والوقت : الإثنين, 15 يوليو 2019

راميش جورا

 

“لا تقوم البلدان الإفريقية، وخاصة الموجودة في غرب إفريقيا، بما يكفي لضمان عدم تخلفها عن الركب”، كما كشف تقرير جديد، متضمنًا أرقامًا مروعة تؤكد الخلل في حالة المساواة الشديدة والفقر المتفشي بالمنطقة. وكما يقول التقرير الذي يحمل عنوان (أزمة انعدام المساواة في غرب إفريقيا)، فإن غرب إفريقيا هي المنطقة الإفريقية “الأقل التزامًا بمكافحة عدم المساواة”.

ويتصادف التقرير مع العام الرابع لتنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs)، والتي تشمل مواجهة التحديات العالمية، مثل: الفقر وعدم المساواة وتغير المناخ والتدهور البيئي، حيث يتسق التقرير مع الأهداف: الأول، والعاشر، والثالث عشر.

ويصادف عام 2019 منتصف مدة الخطة العشرية الأولى لأجندة الاتحاد الإفريقي لعام 2063، والتي تسعى إلى دعم “إفريقيا مزدهرة قائمة على التنمية الشاملة والمستدامة؛ بل إفريقيا التي تحركها التنمية ويعتمد على إمكانات الأفارقة، ولا سيَّما النساء والشباب، ورعاية الأطفال”.

وتتطابق النقاط البارزة بالتقرير الذي نشرته منظمة “أوكسفام” للتمويل والتنمية الدولية (DFI) مع تقرير أهداف التنمية المستدامة 2019 الذي أطلقته الأمم المتحدة في نيويورك في 9 يوليو، أي خلال اليوم الافتتاحي لمنتدى الأمم المتحدة السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، والذي يستند إلى أحدث البيانات المتاحة، لكنه يظل حجر الزاوية لقياس التقدم المحرز وتحديد الثغرات في تنفيذ جميع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

توصل التقرير إلى عدد من النتائج الرئيسية التي من بينها زيادة عدم المساواة والفقر المدقع بين البلدان وداخلها، وارتفاع مستويات الجوع العالمي بعد انخفاض مطول دام فترة طويلة، مما دفع الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، إلى التأكيد على أنه “من الواضح جدًا أنه حتى تكون هناك استجابة أعمق وأسرع، فإن هناك حاجة لإطلاق العنان للتحول الاجتماعي والاقتصادي اللازم لتحقيق أهدافنا لعام 2030”.

يستعرض تقرير “أوكسفام” Oxfam-DFIأداء البلدان الإفريقية في تحقيق الأهداف الإنمائية العالمية والإقليمية التي التزمت بها. ومن خلال التقرير الصادر في عام 2018، كان هناك ستة من أسرع عشرة اقتصادات نموًا في إفريقيا بمنطقة الغرب، وهي: كوت ديفوار، والسنغال، وغانا، وبوركينا فاسو، وبنين، وغينيا. وقد كانت كوت ديفوار وغانا والسنغال من بين أسرع عشرة اقتصادات نموًا في العالم.

لقد شهدت هذه المنطقة نموًا اقتصاديًا مثيرًا للإعجاب خلال العقدين الماضيين، وفي المقابل فقد شهد عدد قليل من بلدان المنطقة انخفاضًا كبيرًا في مستويات الفقر. ومع ذلك، ففي معظم البلدان، ذهبت فوائد هذا النمو الاقتصادي غير المسبوق إلى عددٍ ضئيلٍ جدًا من القطاعات”.

بعد ذلك، وصل “انعدام المساواة إلى مستويات مرتفعة جدًا”. ففي هذه المنطقة، نجد اليوم أن أغنى 1% من سكان غرب إفريقيا يمتلك أكثر من أي شخصٍ آخر في المنطقة مجتمعين. وفي هذا يقول التقرير إنه “في نيجيريا، وهي أكبر اقتصاد في إفريقيا، يحصل الرجل الأكثر ثراءً على ثروته بنحو 150 ألف ضعف من ثروته التي ينفقها أفقر 10% من النيجيريين في المتوسط ​​على أساس استهلاكهم في عام واحد”.

ويشير مؤلفو التقرير إلى وجود حالاتٍ شاذةٍ بشكلٍ صارخٍ، حيث إنه حتى لو أنفق أغنى رجل في نيجيريا بمعدل مليون دولار في اليوم، فإن الأمر سيستغرق 46 عامًا حتى ينفق كل ثروته.

كما تبلغ ثروات أغنى خمسة رجال في نيجيريا مجتمعين 29.9 مليار دولار، وهو ما لا يعدُّ  أكثر من ميزانية البلاد بأكملها في عام 2017 فقط، ولكن أيضًا أكبر بكثير من حوالي 24 مليار دولار سنويًا المطلوبة لتحسين أوضاع جميع النيجيريين الذين يعيشون فوق خط الفقر المدقع الذي يبدأ من 1.90 دولار في اليوم.

ويشير التقرير إلى أن عدم المساواة الصارخ في نيجيريا لا يمكن مقارنته إلا بالبرازيل، حيث يتمتع أغنى 5% من السكان بالثروة بقدر ما يملك الـ95% المتبقية. كما أن أغنى ستة رجال في البرازيل يتمتعون بثروة تفوق 50% من السكان البالغ عددهم حوالي 100 مليون نسمة.

وفي غانا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة غرب إفريقيا، يكسب واحدٌ من أغنى الرجال في شهر واحد أكثر مما تكسبه واحدة من أفقر النساء في 1000 عام. ففي العقد المنتهي عام 2016، شهدت البلاد تدفق أكثر من1000 مليون دولار أميركي. وفي حين أن قلة قليلة من الناس أصبحوا أغنياء جدًا، تمَّ دفع ما يقرب من مليون شخص، معظمهم من منطقة سافانا في البلاد، إلى مستوى الفقر. ويكتشف التقرير أيضًا أن الآلاف من أولئك الذين كانوا فقراء أكثر عمقًا بالفعل.

ويمثل أغنى 10% من الغانيين الآن حوالي 32% من إجمالي استهلاك البلد. ويعدُّ هذا أكثر من استهلاك 60% من مجموع السكان مجتمعين. في حين يستهلك أفقر 1% من الغانيين حوالي 2% فقط.

ويخلص التقرير إلى أن حالة انعدام المساواة منتشر أيضًا عند مستوى توفير الخدمات العامة، مثل التعليم والرعاية الصحية. فعلى سبيل المثال، تزيد احتمالية حصول النساء من الأسر الغنية في مالي على التعليم الثانوي 15 ضعفًا مقارنة بالنساء من الأسر الفقيرة. وفي نيجيريا، نجد أنه من غير المحتمل أن تذهب امرأة من عائلة فقيرة إلى المدرسة بمعدل 26 مرة مقارنة بامرأة من عائلة غنية.

وفي غانا، من غير المحتمل أن تذهب فتاة من عائلة فقيرة إلى المدرسة باحتمالية تتجاوز 14 مرة مقارنة بفتاة من عائلة ثرية. كما أن ما يقدر بنحو 70% من أفقر الفتيات في النيجر لم يسبق لهن الالتحاق بالمدارس الابتدائية؛ وفي هذا السياق تمثل اللوازم والمواد المدرسية حوالي 75% من الإنفاق على التعليم للأسر الأكثر فقرًا.

ووفقًا للتقرير، فإن النيجر هي أقل البلدان تعليمًا في العالم، حيث يبلغ متوسط ​​مدة الدراسة 18 شهرًا فقط. حيث تذهب فتاة واحدة فقط من بين فتاتين إلى المدرسة الابتدائية، وواحدة من كل 10 إلى مدرسة ثانوية، وواحدة من بين كل 50 إلى مدرسة ثانوية.

وفي حين أن بعض الحكومات لا تفعل شيئًا يذكر، أو لا تفعل شيئًا لمعالجة حالة انعدام المساواة، والبعض الآخر من خلال تصرفاتها يزيد الأمر سوءًا، ويضيف التقرير أن حكومات قليلة – مثل السنغال – تتخذ طريقًا مغايرًا. فقد زادت الدولة من إنفاقها العام على الخدمات الصحية والتعليم، مما يجعلها البلد الثالث عشر الأكثر إنفاقًا في العالم في هذه القطاعات، أي بما يمثل نسبةً مئوية كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي. كما يوجد في السنغال أحد أكبر برامج شبكات الحماية في إفريقيا.

وتستند الأرقام المذهلة إلى مؤشر الالتزام بالحد من عدم المساواة (CRI)، التي وضعتها أجندة أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وكذلك تقرير “أوكسفام”، الذي قام بتحليل البيانات الواردة من 157 دولة حول العالم، وصنّفها وفقًا لثلاثة مجالات سياسية رئيسية معترف بها على أنها مفتاح لمعالجة عدم المساواة.

وهو ما يشمل الإنفاق التدريجي على الأصول، مثل المدارس والمستشفيات والحماية الاجتماعية، وفرض الضرائب على الأغنياء بشكل أكبر من الأشخاص الأشد فقرًا، وكذلك دفع الأجور للعمال. وفي هذا التقرير نجد أنه تمَّ استخدام بيانات مؤشر الالتزام بالحد من عدم المساواة لتقييم أداء جميع الدول الأعضاء الخمس عشرة في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)، إلى جانب موريتانيا.

ويؤكد التقرير أنه “لا يوجد حل مستدام لأزمة عدم المساواة التي تحدد منطقة غرب إفريقيا، ولكن من دون جهود متضافرة من جانب الحكومات، فإنه المرجح أن تزداد الأزمة سوءًا”.

وباختصار، فإن التقرير يضيف نقطة مفتاحية تتمثل في أن تقوم حكومات غرب إفريقيا بزيادة التزامها بمعالجة القضية بشكل جذري؛ حيث “يقع على عاتق الحكومات الوطنية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (UEMOA) في اتجاه معاكس، إعطاء الأولوية لخطة إقليمية لتغيير الأوضاع في غرب إفريقيا بشكلٍ أساسٍ كدول إفريقية في المنطقة الأقل التزامًا بمكافحة عدم المساواة”.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: أوراسيا ريفيو

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر