عودة “داعش” بعد خسارة دولته | مركز سمت للدراسات

عودة “داعش” بعد خسارة دولته

التاريخ والوقت : الإثنين, 5 نوفمبر 2018

باسم مروة

 

بعد أن مُنِيَ تنظيم “داعش” بالهزيمة في ساحات المعارك، عاد إلى ما كان عليه قبل غزواته عام 2014، كما يقول المحللون، وهو التنظيم الغامض الذي يستهدف السكان المدنيين بالهجمات في إطار أساليب حرب العصابات، التي اعتمدت على استغلال نقاط الضعف للتحريض على الفتنة الطائفية.

ففي العراق وسوريا، لا يكاد يمر أسبوع دون أن يشن التنظيم هجومًا على بلدة أو قرية، مما يبقي معارضيه على حافة الهاوية، حتى عندما تحارب القوات المدعومة من الولايات المتحدة وتتقدم على الجزء الأخير المتبقي من الأراضي الخاضعة لسيطرتها بالقرب من الحدود المشتركة مع الدول المجاورة.

لا يزال “داعش” وهو من أخطر التنظيمات المتطرفة في العالم، يحاول إثبات قدرته رغم فقدان السيطرة على أراضيه، لكن لا تزال لديه أسلحة يمكنه استخدامها، حيث يسعى التنظيم الذي بلغ ذروة قوته عام 2014 بعد صعوده في العراق عام 2010 لاستعادة السيطرة على واحدة من أكبر المدن العراقية، الموصل، والادعاء أن مدينة الرقة في سوريا عاصمة لدولتهالمزعومة وإعلان الخلافة الاسلامية عبر مناطق واسعة في كلا البلدين، كما يقول “هاشم الهاشمي” الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة.

وفي حين أنها تتغاضي عن الهجمات على الجيوب الباقية تحت سيطرتها في سوريا، فإن تزايد الادعاءات الكاذبة بالمسؤولية عن الهجمات تشير أيضًا إلى أن التنظيم يكافح من أجل البقاء بعد خسارة نفوذه، وهيمنته على أجندة الأخبار الدولية.

لقد قتل معظم الشخصيات الرئيسية التي عززت الآلة الدعائية للتنظيم، حيث سقطت مدينة الرقة قبل عام من هذا الشهر، وفقد التنظيم جميع أراضيه باستثناء 2% مما تمكن من السيطرة عليه في العراق وسوريا. ومع ذلك، لا يزال هناك شك في عدم قدرة “داعش” على استعادة مثل تلك الأراضي التي كان يسيطر عليها فيما سبق، ومن ثَمَّ، فإن التنظيم يسعى للسيطرة على أراض جديدة.

لقد قام التنظيم بأعنف هجماته منذ انهيار الخلافة المفترضة في أواخر يوليو، عندما اقتحم عشرات المقاتلين التابعين له، مرتدين أقنعة، مدينة السويداء الجنوبية والقرى المجاورة التي يسكنها الأقلية الدُرزية في سوريا، وقاموا بقتل أكثر من 200 شخص وخطفوا حوالي 30، وكان معظمهم من النساء والأطفال.

لقد أدت تلك العملية إلى هزة كبيرة في المجتمع، الذي عانى كثيرًا من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، منذ سبع سنوات، وهو ما أثار بدوره المخاوف من احتمالات عودة المسلحين وإعادة تجميع أنفسهم في جيوب نائية من الأراضي التي تتسم بقدر من الهدوء في البلاد.

وفي الشهر الماضي، اقتحم مقاتلو “داعش” قرية “غُريب” شمالي العراق، مما أسفر عن مقتل ثلاثة قرويين وإصابة تسعة بعد أن رفض السكان التعاون معهم وتقديم الإمدادات مثل الطعام والذخيرة لهم. وفي الأسبوع الماضي، هاجم التنظيم الإرهابي “قرية السعدية”، جنوب مدينة الموصل شمالي العراق، مما أسفر عن مقتل ثلاثة واختطاف واحد.

يقوم التنظيم حاليًا بشن هجمات منتظمة بقرى في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك وأماكن أخرى، فضلاً عن استهداف المسؤولين المحليين أو الشرطة لأنهم يعملون لحساب الدولة. ووفقًا للناطق العسكري العراقي، الجنرال “يحيى رسول”، بدأت حديثًا عملية واسعة في محافظة الأنبار الغربية على الحدود مع سوريا لإخراج خلايا “داعش”.

ويحذر المحللون من أن يكون ذلك بداية لانبعاث جديد للتنظيم فيما يشبه صعوده السابق عام 2010، بعد أن ظن الكثيرون هزيمة سلفه تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق” على يد الولايات المتحدة عام 2007.

ووفقًا ما كتب “حسن حسن” كبير الباحثين في برنامج التطرف التطوعي بجامعة جورج واشنطن في مقال منشور أخيرًا، فقد تمكن “داعش” من الخضوع لعملية انتقال التنظيم من الخلافة إلى التمرد دون التمزق. وفي الشهر الماضي بدأ المقاتلون السوريون المدعومون من الولايات المتحدة تحت مسمى قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بعملياتها الأخيرة لاستعادة آخر الجيوب التي يسيطر عليها “داعش” على ضفاف شرق الفرات على الحدود العراقية، وقد كان عليهم أن يتقدموا ببطء حيث يعتمد المتطرفون على الألغام والقناصة والهجمات الانتحارية في الدفاع عن مواقعهم.

لقد أدت الاشتباكات التي وقعت هذا الأسبوع في قرية “سوسة” السورية إلى مقتل أكثر من عشرين من المقاتلين من كلا الجانبين، حيث استغل مقاتلو “داعش” عاصفة رملية وسوء الرؤية للقيام بمهاجمة مواقع قوات سوريا الديمقراطية.

ولم يتضح حتى الآن عدد المقاتلين الذين لا يزالون يقاتلون مع “داعش”. ووفقًا لأحد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة في أغسطس الماضي، فإن تنظيم “داعش’ لديه نحو ثلاثين ألف مقاتل موزعين بالتساوي تقريبًا بين سوريا والعراق، حيث باتت الشبكة العالمية المتصلة بالتنظيم تشكل تهديدًا متزايدًا.

وبحسب التقرير الأممي، فإنه رغم هزيمة “داعش” في العراق ومعظم أنحاء سوريا، فإنه من المرجح أن “نسخة سرية” من الجماعة المتشددة لا تزال في كلا البلدين، مع وجود عدد من المؤيدين التابعين لها في أفغانستان وليبيا وجنوب شرق آسيا، وغرب إفريقيا.

ربَّما ينهار “داعش” من الداخل بطريقته الخاصة، حيث يجري العمل على إزاحته من المساحة التي لا تتجاوز 2% من الأراضي التي كان يسيطر عليها وفقًا لما صرح به وزير الدفاع الأميركي “جيم ماتيس” في باريس في وقت سابق من هذا الشهر.

فالكثيرون ينتابهم القلق في الوقت الذي تمكنت فيه الولايات المتحدة، من خلال العمل مع حلفائها المحليين، من تدمير هيكل التنظيم بسرعة كبيرة نسبيًا، لكن ذلك لم يسهم في إصلاح الكثير من المشاكل القائمة التي خلقت الأزمة وأسهمت في ظهور تنظيم “داعش” في الأصل بما في ذلك الإحباط التي يعانيه السكان السنة في كلا البلدين.

ووفقًا لتقرير حديث صادر عن معهد “دراسات الحرب”، أن “داعش تشن حملة فعالة لإعادة إنشاء مناطق دعم دائمة، في الوقت الذي تجمع فيه الأموال وتعمل على إعادة بناء القيادة والسيطرة على قواتها المتبقية”. وهنا يمكن لداعش استعادة قوته الكافية لتجديد التمرد الذي يبعث التهديدات مرة أخرى في كل من سوريا والعراق. ففي شهر أغسطس الماضي، وبعد الكثير من التقارير المتضاربة حول ما إذا كان أبو بكر البغدادي، زعيم التنظيم على قيد الحياة، أصدر التنظيم المتطرف رسالة صوتية جديدة، زعم أنه ينسب لزعيمه الغامض، وهو التسجيل الأول من نوعه في غضون عام تقريبًا، إذ حثَّ المتحدث أتباعه على “المثابرة” ومواصلة محاربة أعداء التنظيم. كما تحدث إلى أنصاره في الغرب مطالبًا إياهم بتنفيذ المزيد من الهجمات، مضيفًا أن “كل عملية في أرضك تساوي ألفًا” في الشرق الأوسط.

ويبدو التنظيم متحمسًا بشكل كبير في إعلانه المسؤولية عن الهجمات التي تحدث في الغرب، إذ يدعي مسؤوليته بشكل منتظم من خلال وكالة أنباء “أعماق” التابعة له عن الهجمات في سوريا والعراق وأفغانستان ومصر، ودول مثل نيجيريا وفرنسا. وفي أغسطس، وبعد وقت قصير من تداول الأخبار عن قتل شخصين في فرنسا على يد أحد الأشخاص، أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الهجوم، وقد بات من الواضح لاحقًا أن الجاني هو أحد الأشخاص الذي يعاني من اضطراب عقلي وخلافات عائلية. وفي الشهر الماضي، أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن هجوم على منطقة الأحواز الإيرانية، لكنه قدم في البداية ادعاءات غير صحيحة في الواقع. وأخيرًا، نشرت تنظيم “داعش” لقطات لعدد من الرجال الذين حددتهم إيران في النهاية باعتبارهم المهاجمين، رغم عدم التأكد من: هل ينتمي هؤلاء الأفراد إلى “داعش” أم لا؟

 

المصدر: http://www.rudaw.net

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر