سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ممدوح المهيني
ترددت أصداء صيحات الإيرانيين وأنصارهم المحتفلة مع خروج براين هوك المبعوث الخاص للشأن الإيراني من منصبه. علي شمخاني، الأمين العام لمجلس الأمن الإيراني، قال في تغريدة: «لقد تحول الهدف الاستراتيجي لسياسة الضغوط (الأميركية) القصوى من انهيار وتغيير النظام (في إيران) إلى الحيلولة دون أن تتحول إيران إلى دولة غنية!».
لقد كان هوك شعلة نشاط متوهجة في ملاحقة نشاطات إيران التخريبية الكبيرة والصغيرة، ومدركاً بشكل مثير للإعجاب دورها كمنبع للسم في المنطقة. وقد قال عنه جاريد كوشنر إنه وضع الرؤية السياسية نحو إيران التي نقوم بتطبيقها.
احتفالات الإيرانيين ليست الأولى، وفي كل مرة تتحول لسدى. احتفلوا مع خروج وزير الدفاع ماتيس وأتى مكانه مارك إسبر، وزير دفاع مؤمن بالمبادئ ذاتها. خرج بولتون بشجار شهير مع رئيسه، وأتى مكانه روبرت أوبراين، سياسي ينتمي للمدرسة ذاتها. وهذه المرة يتكرر الأمر، يحل إليوت أبرامز مكان هوك. وكما هو معروف، أبرامز جمهوري صقوري متمرس، ومن المنتظر أن يكمل على النهج ذاته.
تغير الأسماء مع بقاء سياسة الضغط الأقصى قائمة على النظام الإيراني يكشف أنها استراتيجية ثابتة. وقد جزع بعض المحللين من آراء ترمب المتأرجحة، ومخاطبته خامنئي على «تويتر»، خوفاً من أنه سيقوم بتوقيع اتفاق شبيه باتفاق أوباما، بعد أن يمهر توقيعه عليه لتسويقه أمام أنصاره. وكل هذه القراءات بعد أربع سنوات أثبتت أنها غير دقيقة.
إن احتفالات الإيرانيين والتحليلات المشككة في نيات الإدارة، تثبت مرة تلو أخرى أنها على خطأ. والسبب الواضح خلف هذا، أنها أولاً تخلط شخصيات ترمب المتضاربة. ترمب في الصراع الداخلي مع خصومه الشاهرين سيوفهم طوال الوقت، غير ترمب الخارجي الذي يعتمد على سياسة جمهورية تقليدية تدعم الحلفاء وتحارب قوى الشر.
هذه السياسة الخارجية متسقة، وتمتص حتى قرارات الرئيس المفاجئة. عندما قرر الخروج من سوريا بعد المكالمة الشهيرة مع الرئيس التركي، قام المسؤولون في إدارته بالتخفيف من وقع القرار على الأرض. وقام زعيم الحزب الجمهوري ميتش ماكونيل باتخاذ موقف صريح معارض للرئيس، دفعه للتراجع عن قراره بطريقة مموهة. ندرك الآن أن الولايات المتحدة لم تخرج من سوريا، وتبنت بعدها «قانون قيصر» لمعاقبة النظام وداعميه. وهوك الراحل نفسه مؤمن بهذه العقيدة، وكان من المعجبين والمقربين من الكاتب الجمهوري الشهير ويليام باكلي.
الاحتفالات المتكررة مع خروج كل مسؤول لا تغير في الأمر شيئاً. موقف الإدارة الأميركية من إيران ينبع من استراتيجية ورؤية ثابتة، وهي الصحيحة، وستضعف النظام بشكل كبير، وربما تؤدي للانهيار لو استمرت أربع سنوات أخرى، وستنقذ منطقتنا من الأضرار العميقة التي تسبب فيها لدول عديدة، وآخر الأمثلة الكارثة التي حلت بالعاصمة اللبنانية. لقد نشر بعض الناشطين اللبنانيين صوراً لعمائم الملالي تطفو فوق أعمدة الدخان المنبعث من التفجير. صور معبرة عن واقع الحال؛ ليس في لبنان فقط ولكن في اليمن والعراق وسوريا، ومن الصعب أن تزول بالتعاطف والخطابات البليغة الغاضبة، ولكن بدعم الاستراتيجية القوية والثابتة التي كان هوك أحد مصمميها.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر