“عام العار” في إيران: اعتقال أكثر من سبعة آلاف وقمع للمعارضة في 2018 | مركز سمت للدراسات

“عام العار” في إيران: اعتقال أكثر من سبعة آلاف وقمع للمعارضة في 2018

التاريخ والوقت : السبت, 26 يناير 2019

فيليب لوثر

 

شنَّت السلطات الإيرانية حملةَ قمعٍ مخزيةٍ خلال 2018، قامت خلالها بسحق الاحتجاجات واعتقلت الآلاف في حملة واسعة النطاق على المعارضة، وفقًا لمنظمة العفو الدولية، وذلك بعد عام شهد موجة من الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد ضد الفقر والفساد والاستبداد.

فقد كشفت المنظمة عن أرقام جديدة ومذهلة تبيِّن مدى قمع السلطات الإيرانية خلال 2018. وعلى مدار العام، فقد كان هناك أكثر من 7000 متظاهر من الطلاب والصحفيين، والنشطاء والعمال والمدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى المحامين المدافعين عن حقوق الأقليات والنقابيين، وكانت غالبية تلك الحالات في إطار من الاعتقال التعسفي. وتمَّ الحُكم على المئات بالسجن أو الجلد، وقُتل ما لا يقل عن 26 متظاهرًا، ومات 9 أشخاص بسبب الحجز في ظروف مريبة.

وكما يقول “فيليب لوثر” من منظمة العفو الدولية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن عام 2018 سيُعرف بأنه عام العار في إيران، ذلك أن السلطات الإيرانية سعت طوال ذلك العام إلى خنق أي تحركات من جانب المعارضة، وقامت بتكثيف حملتها ضد حق حرية التعبير، وحاصرت تكوين التجمعات السلمية، وسارعت من وتيرة اعتقال المتظاهرين. ويضيف “لوثر” أن “ذلك الحجم المذهل لعمليات الاعتقال والسجن والجلد، يكشف في غالبيتها عن مدى الانتهاكات الذي وصلت إليه السلطات في قمع المعارضة السلمية”. وعلى مدر العام – أيضًا – ولا سيَّما خلال شهري يناير ويوليو وأغسطس، قامت السلطات الإيرانية بتفريق مظاهرات سلمية، واعتدت على المتظاهرين العزل، واستخدمت الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه ضدهم، وألقت القبض على آلاف الأشخاص بشكل تعسفي.

بجانب ذلك، فقد كان بعض من تمَّ القبض عليهم في موجة الاعتقالات التي شهدها شهر يناير، من الطلاب والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين. وتم استهداف بعض المسؤولين عن تطبيق رسائل الجوال الشهير “تيليجرام” Telegram، الذي اُستخدم لنشر الأخبار والاحتجاجات وحشد المتظاهرين.

وبشكل عام، فقد شهد عام 2018 اعتقال 11 محاميًا، و50 عاملاً في وسائل الإعلام، و91 طالبًا على خلفية الاحتجاجات، أو لارتباط عملهم بها. وحُكِم على نحو 20 من العاملين في وسائل الإعلام بالسجن المشدد بعد محاكمات جائرة. وفي إطار ذلك، تعرض أحد الصحفيين ويدعى “محمد حسين سودارت”، وينتمي للأقلية العربية الأذرية، للجلد 47 جلدة، في مدينة “خوي” بمقاطعة أذربيجان الغربية بعد إدانته بتهمة “نشر الأكاذيب”. وحُكِم على عامل آخر في مجال الإعلام، ويدعى “مصطفى عبدي”، وهو مسؤول عن موقع “مجذوبن إي نور” Majzooban-e-Noor، المتخصص في إعداد التقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأقليات، بالسجن مدة 26 سنة و3 أشهر، و148 جلدة، فضلاً عن عقوبات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، اُعتقل ما لا يقل عن 112 من المدافعات عن حقوق الإنسان في إيران خلال عام 2018.

المدافعات عن حقوق المرأة

خلال عام 2018 انضم عدد من المدافعات عن حقوق المرأة في جميع أنحاء البلاد إلى حركة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد قوانين الحجاب “القسرية” المسيئة والتمييزية في إيران. فقد خرجت النساء إلى الشوارع، ووقفن في مواجهة الأبنية بالأماكن العامة، حيث قمن بالتلويح بأغطية الرأس على أحد طرفي العصا. وردًا على ذلك، جاء رد فعل السلطات عنيفًا، حيث واجهن اعتداءات عنيفة وعمليات اعتقال وتعذيب، وغير ذلك من أشكال سوء المعاملة، وقد حُكم على بعضهن بالسجن بعد محاكمات جائرة.

وقد حُكم – أيضًا – على الفتاة “شارباك شاجي زاده” بالسجن مدة 20 سنة، بسبب احتجاجها السلمي ضد الحجاب القسري. إلا أنها تمكنت من الفرار من إيران بعد إطلاق سراحها بكفالة، ومنذ ذلك الحين تتحدث في مقابلات معها بوسائل الإعلام عن كيفية تعرضها للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة في الحبس الانفرادي، وأنها حُرِمَت من الاتصال بمحاميها.

كذلك تعرَّضت “ناصرين سوتوده”، المحامية البارزة في مجال حقوق الإنسان والمدافعة عن حقوق المرأة، التي كانت تدافع عن “شارباك شاجي زاده”، للاعتقال في 13 يونيو 2018 بسبب دفاعها عن المتظاهرين ضد الحجاب القسري. وتواجه “سوتوده” العديد من التهم المتعلقة بالأمن القومي، التي يمكن أن تؤدي إلى الحكم عليها بالسجن أكثر من عشرة أعوام، بالإضافة إلى الحكم بالسجن مدة خمس سنوات، التي تقضيها – بالفعل – بسبب نضالها ضد عقوبة الإعدام. وفي خلال 2018، شنت السلطات الإيرانية حملة قمع عنيفة ضد المدافعات عن حقوق المرأة. ويقول “فيليب لوثر” إنه بدلاً من معاقبة النساء بقسوة على مطالبتهن بحقوقهن، يجب على السلطات وضع حد للتمييز والعنف المتفشي اللذين يواجهنهما”.

حقوق العمال والنقابيين

وخلال عام 2018 – أيضًا – ضربت إيران أزمة اقتصادية كبيرة أدت إلى دفع العمال إلى النزول إلى الشوارع بالآلاف للدعوة إلى تحسين ظروف العمل وتوفير الأمن والحماية من جانب الحكومة. وأدت الاحتجاجات إلى تأخير وعدم دفع الأجور وسط معدلات مرتفعة من التضخم، فضلاً عن ارتفاع تكاليف المعيشة، وضعف ظروف العمل.

ولكن، بدلاً من معالجة شكاويهم، ألقت السلطات الإيرانية القبض على ما لا يقل عن 467 عاملاً، بما في ذلك المدرسون وسائقو الشاحنات وعمال المصانع، واستدعت عددًا آخر لاستجوابهم، فتعرضوا للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. وحُكم على العشرات بالسجن. كما أصدرت المحاكم الإيرانية أحكامًا بالجلد تصل إلى 3000 جلدة ضد 38 عاملاً.

وفي 10 مايو، قامت السلطات الإيرانية بتفريق احتجاج سلمي من قبل المعلمين في طهران، الذين كانوا يطالبون بزيادة الأجور وتحسين نظام التعليم في البلاد. وبنهاية العام، اعتقلت السلطات 23 معلمًا على الأقل في أعقاب الإضرابات على مستوى البلاد في أكتوبر ونوفمبر. وحُكم على ثمانية منهم بالسجن لمدد تراوح بين تسعة أشهر وعشرة أعوام ونصف، وجلد كل منهم 74 جلدة، إضافة إلى عقوبات أخرى.

وتمَّ – كذلك – اعتقال ما لا يقل عن 278 سائق شاحنة وتعرَّض بعضهم للتهديد بعقوبة الإعدام بعد أن شاركوا في الإضرابات على مستوى البلاد مطالبين بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور. وبعد عدد من المداهمات في فبراير ونوفمبر، أُلقِي القبض على عشرات العمال المضربين من شركة “هفت تيبه شوكار كورن” في مدينة “شوش”، جنوب غربي إيران.

ومن المعلمين إلى عمال المصانع، يدفع – اليوم – أولئك الذين تجرؤوا على المطالبة بحقوقهم في إيران ثمنًا باهظًا، وإن كان من المتعين أن تستجيب السلطات لطلباتهم بدلاً من تلك الاعتقالات الجماعية والقمع.

وخلال عام 2018، كثفت إيران من حملاتها التمييزية ضد الأقليات الدينية والعرقية، فاعتقلت المئات وسجنتهم بشكل تعسفي، وحالت دون حصولهم على التعليم والعمل وغير ذلك من الخدمات. فقد واجه أعضاء أكبر طائفة صوفية في إيران، وهي الأقلية الدينية المتمركزة في منطقة “غونابادي”، حملة شرسة بشكل خاص بعد أن تمَّ إخماد الاحتجاج السلمي الذي قاموا به في فبراير 2018 بشكل عنيف. وتمَّ اعتقال المئات، والحكم على أكثر من 200 شخص بما مجموعه 1080 عامًا في السجن، و9955 جلدة بالإضافة إلى حظر السفر، ومنع الانضمام إلى الجماعات السياسية والاجتماعية. وحُكم – أيضًا – على أحد الأشخاص ويدعى “محمد سالاس” بالإعدام بعد محاكمة جائرة.

واُعتقل – أيضًا – ما لا يقل عن 171 مسيحيًا في 2018 لمجرد ممارستهم لدينهم، وفقًا للمادة 18 من الدستور. وقد لقي بعضهم أحكامًا بالسجن وصلت إلى 15 عامًا. كما واصلت السلطات الإيرانية الاضطهاد الممنهج للأقلية البهائية، واحتجزت بشكل تعسفي ما لا يقل عن 95 شخصًا، وفقًا “للمنظمة البهائية الدولية”.

وواجه المئات من الأشخاص المنتمين إلى الأقليات العرقية بمن فيهم الأحواز العرب والأتراك الأذريون والبلوش والأكراد والتركمان، انتهاكات تنافي حقوق الإنسان بما في ذلك التمييز والاعتقال التعسفي.

وقد تمَّ اعتقال المئات من العرب الأهوازيين بعد احتجاجات حدثت في أبريل احتجاجًا على استبعاد عرب الأهواز من خريطة توضح مكانتهم بين الأقليات العرقية في إيران عبر أحد البرامج التلفزيونية. وفي أكتوبر، وعقب هجوم مسلح على عرض عسكري في منطقة الأحواز، تمَّ احتجاز أكثر من 700 عربي من الأهوازيين وفقًا لنشطاء خارج إيران.

الأقليات العرقية والدينية

كذلك اعتُقل المئات من الأتراك الأذريين، وكان بينهم نشطاء في مجال حقوق الأقليات، خلال شهري يوليو وأغسطس، بسبب مشاركتهم في عدد من التجمعات الثقافية السلمية على مدار العام، وقد بلغ عددهم 120 شخصًا على الأقل، وحُكم على بعضهم بالسجن والجلد. وتعرَّض أحد النشطاء في مجال حقوق الأقليات للجلد في مدينة “تبريز”، بإقليم أذربيجان الشرقية، بعد إدانته بتهمة “تعطيل النظام العام” من خلال “مشاركته في عدد من التجمعات وقيامه بترديد الأغاني الغريبة” في تجمع ثقافي.

نشطاء حقوق البيئة

اعتقل – أيضًا – ما لا يقل عن 63 ناشطًا وباحثًا في عام 2018، وذلك فقًا لتقارير وسائل الإعلام. فقد اتهمت السلطات الإيرانية عددًا من الأفراد، بجمع معلومات سرية عن المناطق الاستراتيجية لإيران بذريعة تنفيذ مشاريع بيئية وعلمية، دون تقديم أي دليل على التهم الموجهة إليهم، واُتهِمَ خمسة على الأقل “بالفساد في الأرض”، الذي يُواجه بعقوبة الإعدام.

وكما يقول “فيليب لوثر”، فقد “سعت السلطات الإيرانية طيلة 2018 إلى تثبيط  معنويات المحتجين، الذين يطالبون باحترام حقوق الإنسان من خلال القيام بعمليات اعتقال جماعية، بل وحتى أحكام بشعة بالجلد”. ويضيف “لوثر” أنه “يجب على الحكومات المشاركة في حوار مع إيران ألا تبقى صامتة بينما تتسع شبكة القمع بشكل متسارع. ويجب عليهم أن يتحدثوا بأشد العبارات ضد حملة القمع، ويدعون السلطات الإيرانية بقوة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المسجونين بسبب التعبير السلمي عن حقهم في حرية التعبير، وحرية التجمع، وتكوين الجمعيات باعتبار ذلك في صلب حقوق الإنسان”.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: منظمة العفو الدولية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر