“عار” ستيف جوبز كما ترويه ابنته | مركز سمت للدراسات

“عار” ستيف جوبز كما ترويه ابنته

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 28 أغسطس 2018

 

إيفرات ليفني

 

“ليزا برينان جوبز” هي ابنة أسطورة ما بعد الحداثة، فالتأثير القوي لـ”ستيف جوبز” بعد وفاته عام 2011، يبرهن على أن مبتكر “أبل” الأسطوري لا يزال خالدًا، والآن وبعد رفض في بداية الأمر تصدر المذكرات التي تكشف أن رجل التكنولوجيا الذي نال أشد الإعجاب طوال حياته، كان معيبًا إلى حد بعيد.

 

تقول المؤلفة إن تلك المذكرات التي ستصدر في الرابع من سبتمبر وسينشر منها مقتطفات بمجلة “فانيتي فير” هذا العام، تهدف بالأساس إلى أن تقدم عرضًا صادقًا، حيث تقدم “برينان جوبز” التي لم تكن تعترف بأبيها منذ سنوات عديدة، سردًا لقصته الشهيرة بكلماتها الخاصة ما بين الشفاء والاسترجاع، وذلك للحصول على الكلمة النهائية، كما تقول لجريدة “نيويورك تايمز” بتاريخ 23 أغسطس الجاري.

 

وتكشف مقتطفات من الكتاب، وفي جزء خاص بالمرأة، عن الفتاة التي تبدو حزينة بشدة بسبب قمع أبيها منذ طفولتها. لذا، فإنها تحاول أن تتفهمه وأن تصفح عنه، إذ إنها تكاد تبدو كما لو كانت محتجزة كرهينة بذكرى الرجل، والتعرف عليها مع ذلك الذي يأسرها، كشخص يعاني من متلازمة “ستوكهولم”. فقد سألت “نيلي باولز” الصحفية بمجلة التايمز: “هل أخفقت في ادعاء السعادة بشكل كامل؟ السعادة بوالدي، السعادة الشائنة لكوني معه عندما كان في حالة جيدة؟

 

وتبدو الإجابة عن هذا التساؤل من خلال ما رأينا، أنها “نعم”، لقد كشفت فيما قالت عن القسوة العاطفية لجوبز وبخله المادي والعاطفي معها، وهو ما يلقي بظلال قاتمة على هالته الأسطورية.

 

ليزا برينان – جوبز تكشف عن حياة رائعة

تبلغ “برينان جوبز” حاليًا 40 عامًا حيث تزوجت وأنجبت طفلها. وفي أحد أحاديثها مع جريدة “وول ستريت جورنال” بتاريخ 13 أغسطس الجاري، تشرح: “كان من المهم أن أختبر أجزاء من حياتي في مذكراتي التي بدت مخزية أو محرجة حتى أتمكن من محاولة فهمها بشكل مختلف؛ فالمحطات الأساسية كبيرة بما يكفي، حيث إنك ستعلم المزيد عن نفسك، وفي هذا الحالة كانت الطريقة الوحيدة للوصول إلى شيء صادق هي الكتابة والملاحظة”.

 

تكشف “برينان جوبز” عن خلفيتها المعقدة؛ فقد ولدت عام 1978 في مزرعة بولاية أريجون، ولم يكن والدها البالغ من العمر 23 عامًا حاضرًا في تلك اللحظة؛ حيث تقول برينان “وصل والدي بعد بضعة أيام، فقد ظل يروي لكل أفراد المزرعة أن الطفلة “ليس طفلته”، لكنه كان يتوجه إليّ لمقابلتي، لقد كنت ذات شعر أسود وأنف كبير، وقد قال له أحد أصدقائه: إنها بالتأكيد تشبهك”.

 

كان هذا – بالطبع – قبل أن يشتهر “جوبز”، حيث كان مجرد شاب يرفض الاعتراف بأبيه أو حتى يدفع إعالة لطفلته. وكان يعمل على جهاز كمبيوتر شخصي بحالة غير جيدة ويسميه “ليزا” على اسم ابنته، لكنه كان يرفض الاعتراف بها والتواصل معها. وعندما وصلت “برينان جوبز” إلى مرحلة المراهقة، كانت شركة آبل مشهورة وناجحة، فقد تطور حال والدها إلى أن أصبح أيقونة، فاعتقدت أن فكرة تسمية “ليزا” كانت دليلاً على الحب، حيث تكتب برينان:

 

“ومع الوقت، كانت فكرة تسمية حاسبه الشخصي الفاشل على اسمي، أمرًا منسجمًا مع شعوري بالذات، حتى ولو لم يؤكد هو ذلك، فاستخدمت هذه القصة لتعزيز نفسي حينما لم أكن أشعر بشيء أثناء القرب منه. فلم أكن أهتم بأجهزة الكمبيوتر، ولكن أعجبتني فكرة أني كنت على اتصال معه بهذه الطريقة، وهو ما سيعني أنني قد تمَّ اختياري من قبل والدي وقد كان لي مكانة لديه، وذلك رغم أنه كان بعيدًا عنا أو غائبًا، ويعني ذلك أنني كنت مرتبطة بالأرض والآلة، فقد كان مشهورًا، ويقود سيارة ماركة “بوروش” أسماها “ليزا” أيضًا، لقد كنت أنا جزءًا من كل ذلك”.

 

وأخيرًا، فقد اعترف “جوبز” بأن اسم “ليزا” أطلق على الفتاة ليس لأنها طلبت ذلك، ففي زيارة لنجم الروك “بونو” في منزله استفسر من “برينان جوبز” التي كانت تبلغ 27 عامًا عما إذا كان جهاز الكمبيوتر يحمل اسمها، وفي تردُّدٍ اعترفت برينان لبونو أن “هذه كانت هي المرة الأولى التي تقول فيها (نعم)”، وشكرته قائلة “أشكرك على سؤالك”، وتكتب برينان عن ذلك فتقول “إن الناس المشهورين في حاجة لأشخاص مشهورين لإطلاق أسرارهم”.

 

ما كان خفيًا يومًا ما يحمل الأمل حاليًا

إن “برينان جوبز” مشهورة الآن وتطلق أسرارها الخاصة، ومع ذلك فإنها لا تزال تشعر بآلام عميقة، كما أنها لا تزال محاصرة، رغم أنها تزعم أن كتابة المذكرات ساعدت على تحريرها وشفائها، فقد أخبرت صحيفة “التايمز” أنها خلال مراجعتها للكتاب غطَّت المرآة المحيطة بعملها بالورق، واعترفت “لا أحب أن أرى نفسي بالمرآة لأنها تشبه نفسي”.

 

وبالمثل، فإنها تطلب من البروفايل الخاص بها أن يصفها بكلماتها الخاصة، حيث تقدم حسابًا ذاتيًا لوجهها، حيث تقول “وجهي غير متساوٍ، ولدي عيون صغيرة، وأتمنى لو كان لدي غمازات، لكن لا أعتقد أني الآن أبدو بخيلة، فأنفي ليس جميلاً”.

 

وبدلاً من كونها تستعيد ذكريات قصتها الخاصة، يبدو وكأن صوت أبيها يروي قصة حياتها، وهي القصة التي فشلت “برينان”، في أن تصبح فيها عضوًا ناجحًا بالأسرة، حيث لن ترث شيئًا من والدها، الذي يفضح نفسه، فهذه ليست سوى عدد قليل من العديد من الأشياء القاسية التي عاشتها “برينان”، وقد وضعها في النهاية بإرادته.

 

ربَّما يكون من المستحيل الهروب من ظلال رجل مظلممثل “جوبز”الذي يصادف أن يكون والدك، ورغم الاعتراف بعبقريته على نطاق واسع، فإنه ليس أبًا موهوبًا، لكن “برينان” تدافع عنه قائلة إنه كان صريحًا فوق العادة، وأن صلابته زودتها بدروس قاسية.

 

وبالنسبة إلى معظمنا، وبخاصة غير المفروض عليهم التعامل مع إرث جوبز شخصيًا، فإن الإلهام لا يفيد إلا في التركيز على الأيقونة التي يتفاوت الإعجاب بها من درجة لأخرى. والآن، فإن برنامج الصغيرة “برينان جوبز Small Fry and Brennan-Jobs” هو شيء نعرفه بالفعل، لكن لا يعجبنا. فأبطالنا العباقرة المحترفون، هم مجرد أشخاص فقط، بل ليسوا – في الغالب – أشخاصًا جيدين.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: كوارتيز أفريكا Quartz Africa

 

 

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر