لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية | مركز سمت للدراسات

ضوابط تنظيمية تحتاجها أسواق أميركا المالية

التاريخ والوقت : الخميس, 17 نوفمبر 2022

سيمون جونسون

 

عندما تولى جاري جينسلر رئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في أبريل 2021، بدأ في تشديد الضوابط التنظيمية المفروضة على أجزاء من القطاع المالي. بعد ثمانية أشهر، أصبحت المقاومة شديدة من جانب الصناعة.

وصفت افتتاحية صحيفة وال ستريت جورنال نهج جينسلر بأنه «السريع الغاضب»، زاعمة أن وضع عدد من القواعد أكثر مما ينبغي يقوض حماية المستثمر. ويزعم كبار ممثلي الصناعة أن فترة التعليق على القواعد المقترحة قصيرة للغاية. أما صحيفة الإيكونيميست فقد اتهمته ضمناً بالغطرسة، متسائلة بازدراء: «هل يستطيع جاري جينسلر حل كل مشاكل التمويل الأميركي؟»

كل هذه الانتقادات تفتقر إلى أي معنى أو منطق، لأنها تتجاهل مدى ضآلة ما حققه من سبقوا جينسلر في هذا المنصب، فقد سُمِح للقواعد التي تحكم أسواق الأوراق المالية في الولايات المتحدة بالاستمرار دون تغيير طوال السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى تمكين بعض الممارسات الخطيرة من ترسيخ جذورها. الواقع أن جينسلر وزملاءه يعملون بسرعة ونشاط حقاً، ولكن في المقام الأول لمساعدة الأسواق ومنعها من أن تصبح غير عادلة بشدة.

وفقاً لمجلة الإيكونيميست، اقترح فريق جينسلر عدداً من القواعد في أول 18 شهراً أكثر من تلك التي اقترحها ثلاثة سبقوه في المنصب، جاي كلايتون، ومايكل بيووار، وماري جو وايت. هذه في حد ذاتها إحصائية لا معنى لها تماماً. السؤال الحقيقي هو: ما المشكلة التي يجب حلها؟ وهل تقوم لجنة الأوراق المالية والبورصات بعملها؟

كشفت الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008 عن نقاط ضعف رئيسية في الأسواق المالية الأميركية. كانت إصلاحات دود-فرانك المالية لعام 2010 مصممة لإصلاح بعض المشكلات، ولكن في عهد وايت نفذت لجنة الأوراق المالية والبورصات هذه الإصلاحات بوتيرة شديد البطء. وفي عهد كلايتون وبيووار، أصبحت الضوابط التنظيمية المتأثرة بلجنة الأوراق المالية والبورصات أكثر تساهلاً، فانزلقت عائدة إلى أيام «كل شيء جائز» في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، والتي أسهمت في جنون دورة الازدهار والكساد خلال الفترة 2008-2007.

إن مبادئ جينسلر واضحة ومتسقة بدرجة كبيرة. وكما أقرت حتى مجلة الإيكونيميست، منذ أصبح جينسلر رئيساً للجنة تداول السلع الآجلة خلال الفترة من 2009 إلى 2014، كان يسعى إلى إيجاد ساحة لعب متكافئة، حيث يُلزَم المطّلعون من داخل الصناعة المالية بمعاملة العملاء بإنصاف.

عندما نلقي نظرة على مسيرة جينسلر المهنية الطويلة، بوصفه مستشاراً سياسياً، وفي وزارة الخزانة الأميركية، نجد أنه كان متشككاً بشكل دائم في الممارسات الغامضة أو الجهود الرامية إلى تفادي الإفصاح عن معلومات جوهرية.

مَن على وجه التحديد قد يعارض القواعد التي تحاول جلب المزيد من الشفافية إلى الأسواق، أو شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، أو العملات الرقمية المشفرة؟ من لا يحب التدابير التي تجعل التعامل مع العملاء بنزاهة وعدالة إلزامياً من جانب الوسطاء أو البورصات؟ ومن لا يريد أن يعرف كيف تؤثر الأنشطة التي تزاولها الشركات المتداولة علناً على المناخ؟

كانت مسألة يقينية لدى كثيرين، واستراتيجية تسويق بين المروجين للعملات الرقمية المشفرة، أن الأسواق المالية من الممكن أن توجد دون ضوابط تنظيمية فَعّالة. الحق أن هذا غير وارد لثلاثة أسباب على الأقل.

بادئ ذي بدء، التمويل أمر معقد، ومن السهل على العملاء الشعور بالارتباك أو التضليل بشأن ما يقدم إليهم. ويعد ما حدث في وقت سابق من هذا العام مع «العملة المستقرة الخوارزمية» تيرا لونا، مثالاً ممتازاً. لم يكن المخطط منطقياً، لكن آلاف الأشخاص انجذبوا إليه، وانتهت بهم الحال إلى خسارة مليارات الدولارات.

ثانياً: من الممكن تحقيق ثروات كبيرة بسرعة في الأسواق المالية، وهذا يشجع الناس على الاعتقاد بأن دورهم في تحقيق النجاح ربما يكون التالي. إن الجشع من الممكن أن يجعلنا جميعاً في غاية السذاجة.

ثالثاً: يدير أشخاص شديدو الذكاء شركات مالية ضخمة، وكثيرون منهم يمتلكون مقادير هائلة من الموارد، ويدعمهم أفضل المحامين على الإطلاق، ويفضلون أن تظل ساحة اللعب مائلة لصالحهم. من منظور بعض هؤلاء الأشخاص، تتمثل الاستراتيجية المفضلة حالياً في المماطلة لأطول فترة ممكنة، على أمل حدوث تحول في الرياح السياسية.

تريد الصناعة فترات تعليق طويلة (من 90 إلى 120 يوماً) على تغييرات القواعد المقترحة.

استناداً إلى سجل أداء جينسلر في لجنة تداول السلع الآجلة، يبدو من المرجح أن يُحكَم في أغلب هذه القضايا لصالح لجنة الأوراق المالية والبورصات، وسوف تصبح الأسواق أكثر عدالة. لن يحل كل مشكلة في التمويل الأميركي أو المجتمع الأميركي، لكن التنظيم الأقوى والأكثر فعالية الذي يواكب الإبداع المالي ضروري لحماية المستثمرين بشكل فَعّال. لقد أصبحت لجنة الأوراق المالية والبورصات أكثر مصداقية مع توليه القيادة.

المصدر: صحيفة البيان

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر