سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بيسان عناب
في الفترة الماضية ازداد الحديث والتكهنات ومحاولات التسوية بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وجيش الاحتلال الإسرائيلي، إضافة الى الجهود المستميتة من الأطراف الخارجية للتوصل الى صفقة لاستعادة الجنود الصهاينة المفقودين بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة عام 2014م.
وعدا عن المفاوضات والمقترحات الدبلوماسية الرتيبة، لم يكسر جمود هذه المرحلة سوى الأنباء المتناقلة والتقارير الإخبارية الأخيرة التي تشير الى تصعيد جديد وسقوط صواريخ من قطاع غزة باتجاه مستوطنات الكيان الصهيوني.
إن سقوط صواريخ من جهة القطاع باتجاه الأراضي المحتلة لا يشي في حقيقة الأمر إلا بكون المقاومة الفلسطينية وراء ذلك. وبالطبع كرد فعل عكسي ونتيجة حتمية يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي رداً على مطلقي الصواريخ بقصف مواقع حساسة وضرب أهداف ومعاقل للمقاومة في القطاع.
لكن المريب هنا هو صمت الإعلام المقاوم والموقف السلبي الذي اتخذته قيادة المقاومة الفلسطينية فلم تعلق، لم توكد ولم تنفي.. ماذا إذاً؟
*****
منذ سنوات عديدة وليس الأمر وليد هذه اللحظات قامت عدة جهات عشوائية -لايعرف من ورائها على وجه التحديد- بإطلاق صواريخ نحو الأراضي المحتلة، وهدفها الأساسي من وراء ذلك هو استفزاز قيادات الجيش الإسرائيلي وتقديم ذريعة جاهزة وحجة مقنعة إما لإعلان الحرب أو قصف مواقع المقاومة وإما لإغلاق المعابر الواصلة بين قطاع غزة ومصر من جهة والقطاع والأراضي المحتلة من جهة أخرى.
بعض الأمور كهذه قد لا تخرج بصورة صريحة مباشرة لوسائل الإعلام، لكن الناس في الشارع يحيطون علماً بكل ما يدور من حولهم، وفي هذا السياق تحديداً يخبرنا أحد المواطنين، الذي رفض الإفصاح عن اسمه – وسنشير له هنا باسم “عزيز”- من مدينة غزة بأن الجميع متأكد من عدم تورط حركة حماس في إطلاق الصواريخ الأخيرة والتي لم تصب إلا مساحات بسيطة من حولها، وهم يعرفون بأن هناك تنظيمات عشوائية أخرى –لا تشمل حركة حماس ولا قيادة الفصائل التوافقية التي تنظم الأمور وتفندها بينها- ويخبرنا عزيز بأن في غزة أكثر من سبعة عشر تنظيماً مسلحاً مختلفاً يصولون ويجولون على هذه البقعة الصغيرة من الأرض.
ويسترسل عزيز بكلامه فيخبرنا بأن مبلغ سبعمائة دولار أميركي كفيلٍ بتحضير صاروخ، وأيّ كان بإمكانه اقتناء صاروخ هنا!!
الأمر بسيط، ماسورة حديدية وكمية من المواد المتفجرة تفي بالغرض، والصاروخ الذي يعنيه عزيز هو أداة لزرع الرعب وانفجار صوت يهز المكان وهو لايوقع أي إصابات في الغالب، بعكس صواريخ المقاومة، وقد يبدو جلياً الهدف من صواريخ “الفتيش” الصوتية هذه بكل وضوح..
يتابع “عزيز” كلامه فيخبرنا بوجود العديد من نقاط الرصد والمتابعة للوقوف على حيثيات عمليات الإطلاق واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق مطلقي الصواريخ –فأمور كهذه ينبغي أن تتم تحت لواء موحد ومظلة فصائلية تظلل الجميع تحتها- لكن من الصعوبة بمكان، الإحاطة بالمواقع كلها ويستحيل ضبط الحدود بطولها مع الأراضي المحتلة.
وعن سؤالنا له بشأن موقف المقاومة وإصدارها أي بيانات للتوضيح يجيب صديقنا بأنه سواء أصدرت المقاومة بياناتها أم لم تصدر فإن “الكتلة كتلة” على حد تعبيره، أي أن العقاب واقع لامحالة على أبناء القطاع بصرف النظر عن تحمل مسؤولية هذه الصواريخ من عدمها.
*****
بالرجوع إلى الأرشيف المتعلق بإطلاق الصواريخ ومسؤولية حركة حماس وتنظيمات المقاومة الفلسطينية الأخرى عن الأمر فإن التقارير تشير إلى أنه وبعد انتهاء حرب غزة 2014م اعتقلت حركة حماس في سبتمبر 2015م عددا من مطلقي الصواريخ العشوائية والذين ينتمون إلى جماعات سلفية جهادية. كذلك فإنه وفي العام 2016م اعتقلت حركة حماس أيضاً مطلقي صواريخ آخرين ينتمون الى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وفي هذا إقرار صريح بتنصل ائتلاف المقاومة من المسؤولية عن إطلاق الصواريخ التي يتعارض إطلاقها وتواقيت الهدن والمساع الحثيثة للتوصل الى اتفاقات تخدم أبناء القطاع بشكل خاص.
إذاً، أضحى جلياً كون الاتهامات الرئيسة موجهة لأبناء تنظيم الدولة ومناصريه في القطاع، أما لو طرحنا السؤال الأساسي هنا، لماذا توجه أصابع الاتهام إلى تنظيم الدولة؟ فالسبب الرئيس هو توتر العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية وتنظيم الدولة في سيناء بعد أنباء عن تولي والٍ عراقي قيادة التنظيم بعيد مقتل القادة السابقين في الغارات الماضية؛ ويؤمن الوالي الجديد بتكفير حركة حماس وضرورة منع السلاح عنها كونها من وجهة نظره تؤذي أتباعه ولا تسعى لرفع راية التوحيد.
وقد أمر رئيس التنظيم المتشدد بمنع تهريب السلاح لغزة كما في السابق وأفتى بقتل كل من يدخل لهم طلقة واحدة.
وعلى ضوء ذلك قامت حركة حماس باعتقال كل أنصار التنظيم في القطاع، ومن تبقى بالخارج فهو في حكم الهارب.
ولايتوانى الهاربين أو المؤيدين للتنظيم المتشدد عن إطلاق صاروخ لايقدم ولا يؤخر، لكنه يشكل صيداً ثميناً للاحتلال وذريعة مقنعة لقصف أهداف تشكل خطراً عليه حسب رؤيته.
وأما عن هذا الإحجام الإعلامي والصمت الفصائلي، فإن المحللين يرون ضرورة ذلك في الفترة الحالية على الأقل؛ لئلا يتحقق هدف تنظيم الدولة من إغلاق للمعابر وضرب أهداف المقاومة إضافة إلى جر المنطقة لحرب، هدفها أن يسرح ويمرح أنصار تنظيم الدولة ويتحرروا من سجون حماس.
وبالتأكيد فإن الاحتلال على علمٍ كامل بذلك وهو لا يبالي بهوية مطلقي الصواريخ، بل ويتخذ من ذلك سبباً عادلاً لقصف مواقع المقاومة بحجة الرد على إطلاق الصواريخ وانتهاك الهدن واتفاقيات التهدئة.
جميع الأسئلة التي قد تطرحها ستجد لها إجابات شافية مباشرة أومتوارية، لكن التساؤل الأهم الآن.. إلى متى يستمر حشو رؤوس هؤلاء المخربين بأفكار التشدد والتطرف وكيف يمكن تغييبهم إلى الحد الذي ينصاعون فيه إلى تنفيذ أوامر هكذه دون طرح سؤال واحدٍ على أنفسهم، من تُراه المستفيد من كل هذا؟!
كاتبة فلسطينية*
@bisanlnab
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر