سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
دانيال لاكال
كانت أعداد المطالبين بإعانات البطالة خلال الأسبوعين الماضيين غير مسبوقة ومثيرة للقلق. ومع العلم أن البيانات ستظل مثيرة للقلق أيضًا، فإننا في حاجة إلى تحليل مدى السرعة التي يمكن للاقتصاد أن يلتئم بها والعودة إلى المسار السابق لخلق فرص عملٍ قياسيةٍ.
فالاقتصاد الأميركي ينطلق من قاعدة أقوى نسبيًا، حيث وصلت البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ خمسة عقود في فبراير، وعلى الرغم من الرقم الضعيف للغاية لوظائف مارس، فقد بلغت 4.4% في الأسبوع للمرة الأولى في أبريل، وذلك بالمقارنة مع نسبة البطالة في منطقة اليورو التي تبلغ 7.3%، وفي الاتحاد الأوروبي تبلغ 6.5% في الاتحاد الأوروبي. وفي دول مثل إسبانيا واليونان، بلغت البطالة 13% و16% على التوالي.
كما أن مؤشرات العمالة تبدو أفضل بكثير في الولايات المتحدة. فقد كان معدل البطالة باقيًا دون تعديل عند مستوى 8.9% في مارس. كما تشير تقديرات المكتب الإحصائي للجماعات الأوروبية إلى أن العجز في العمالة بالمقارنة بالاتحاد الأوروبي تقدر بنحو 15% و12% في منطقة اليورو.
بجانب ذلك، فإن الارتفاع المتوقع في البطالة نتيجة للإغلاق القسري للاقتصادات الكبرى بسبب تدابير احتواءفيروس كورونا، يبدو مذهلاً بشكل كبير. فقد أفادت منظمة العمل الدولية بأن الخسائر المحتملة في الوظائف بجميع أنحاء العالم يمكن أن تصل إلى 36 مليون. ولسوء الحظ، فإن هذا الرقم غير نهائي.
ذلك أن عدد العاطلين عن العمل قد يرتفع في الربع الثاني من عام 2020 بالولايات المتحدة إلى 52 مليونًا، ما يعني أن معدل البطالة قد يصل إلى 32%، وذلك وفقًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس. وفي إسبانيا وحدها، يمكن أن يرتفع الرقم بمقدار 5 ملايين، ما يعني أن معدل البطالة قد وصل إلى نسبة 35%، بينما يمكن أن يرتفع عدد العاطلين المؤقتين إلى 57 مليونًا في الاتحاد الأوروبي.
هنا يكمن مفتاح الانتعاش القوي في ديناميكية سوق العمل وقوة نسيج الأعمال، ولكن أيضًا في الآلية المتنوعة والمفتوحة لتمويل الاقتصاد الحقيقي.
فالولايات المتحدة يمكنها تعويض فقدان الوظائف لمدة شهر واحد في غضون شهر إلى ثلاثة أشهر. أمَّا في منطقة اليورو، فسيستغرق هذا الأمر ما لا يقل عن خمسة إلى ستة أشهر، خاصة في ألمانيا، التي بدأت أيضًا أزمة الإغلاق مع معدل بطالة منخفض على الإطلاق بلغ 3.2%. وبالنسبة للبلدان ذات الصلابة العالية في سوق العمل، مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا، قد يستغرق هذا التعافي ما بين أربعة عشر شهرًا وسنتين.
إن المدخل لاستعادة الوظائف بسرعة وكفاءة يكمن في الجمع بين سوق عمل مرن وإطار استثماري جذاب وسياسات متينة تحافظ على نسيج الأعمال في البلاد. تلك هي الأسباب الرئيسية وراء تقليص الولايات المتحدة للبطالة بشكل أسرع وبنمو أفضل في الأجور مقارنة بمنطقة اليورو.
كما أن هناك أيضًا مشكلة تكمن في وجود عدد من المعوقات بمنطقة اليورو، حيث يضيف التدخل المفرط في بيئة العمل والأعمال إلى العديد من برامج الاستحقاق التي قد تؤدي إلى نتائج عكسية في الانتعاش. فالاتحاد الأوروبي ينفق حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا بخصوص “برامج التوظيف النشطة” والإعانات، ومع ذلك، فإن معدل البطالة يبلغ تقريبًا ضعف معدل الاقتصادات الرائدة.
إن التنظيم المفرط يعمل كعائق أمام الاستثمار وخلق فرص العمل في أوقات النمو ويولد حوافز سلبية للتعافي بعد فترات الأزمات. وقد كان هذا واضحًا خلال الأزمة الأخيرة. فقد أرجأ الاتحاد الأوروبي انتعاشه لمدة أربع سنوات بسبب زيادة التدخل والعقبات التنظيمية.
فآلية التمويل هي أيضًا مفتاح، ذلك أن الولايات المتحدة، تعتمد الاقتصاد الحقيقي بشكل أقل على التمويل المصرفي منه في معظم دول أوروبا. ووفقًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، فإن اعتماد الاقتصاد الحقيقي على التمويل المصرفي في الاتحاد الأوروبي يقترب من 80%، مقارنة بـ17% في الولايات المتحدة.
وقد ساعدت هذه الديناميكية والانفتاح في تمويل فرص الأعمال الولايات المتحدة تقليديًا على تعزيز انتعاشها الاقتصادي من الركود، وتحقيق نمو أسرع وخلق فرص عمل أكثر مقارنة بغيرها.
هنا نشير إلى أن نظام الضرائب الفعال ضروري حتى يمكن التعافي بسرعة. ولسوء الحظ، فإن الحكومات في الاتحاد الأوروبي تميل إلى زيادة الضرائب على الشركات ورأس المال في فترات الركود، مما يضر بشكل كبير بعملية الانتعاش. الأمن القانوني والاستثماري عاملان غاية في الأهمية بالنسبة للتعافي المستدام والسريع. ولسوء الحظ، فإن الرسائل التدخلية الواردة من الحكومات تولد تدفقات أقل للاستثمار الأجنبي ونموًا أقل في تكوين رأس المال الإجمالي.
ومن المحتمل أن يكون القرار الأخير الذي اتخذته الحكومتان الإيطالية والإسبانية بجعل عمليات الفصل المحظورة بموجب القانون والتدخل في الأسعار غير فعال، حيث سترتفع البطالة على أي حال بسبب تدمير الشركات التي أُجبرت على الإغلاق وستضر على الأرجح بتدفقات الاستثمار في المستقبل.
وبالتالي قد يؤدي إغلاق الاقتصاد إلى إلحاق ضرر طويل الأمد بخلق الوظائف والأعمال التي لا يمكن التخلص منها في غضون أشهر قليلة. ولهذا السبب فمن الضروري احتواء انتشار الفيروس بتدابير فعالة، لكن لا يمكننا أن ننسى أن كل شهر من الإغلاق يعني الملايين من العاطلين عن العمل وآلاف عمليات إغلاق الأعمال.
إن أفضل مسار للعمل على معالجة الأزمة الصحية، بالإضافة إلى مخاطر الانهيار الاقتصادي، هو اتباع استراتيجية كوريا الجنوبية وسنغافورة، التي تضمنت تنفيذ تدابير صارمة للوقاية والاختبار، والحفاظ على نسيج الأعمال، وتوفير معدات السلامة والبروتوكولات الصحية للشركات من أجل البقاء، وضمان استمرار الاقتصاد في العمل مع السيطرة على الأزمة الصحية.
إننا لا يمكننا أن نتغافل الوقت الصعب الذي يمر به الملايين من العمال والآلاف من الشركات. ولهذا السبب، فمن الضروري أن تحافظ الحكومات على نسيج الأعمال لتجنب الركود الاقتصادي للعواقب الاجتماعية طويلة الأمد.
وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: The Epoch Times
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر