الحبيب الأسود

“الماء هو الحياة، الماء هو الغذاء. لا تتركوا أيّ أحد خلف الركب” ذلك هو شعار اليوم العالمي للتغذية الذي سيتم الاحتفاء به في 150 دولة وبحوالي 50 لغة، وسيجري خلاله تسليط الضوء على وضعية 2.4 مليار شخص في بلدان يواجهون الإجهاد المائي، و600 مليون شخص يعتمدون على النظم الغذائية المائية يعانون من التلوث وتدهور النظم الأيكولوجية وتأثيرات تغيّر المناخ.

تشكل المياه أكثر من 50 في المئة من أجسادنا، وفوق ذلك تعتبر القوة الدافعة للناس والاقتصادات والطبيعة وأساس الغذاء، وتغطي نحو 71 في المئة من سطح الأرض، لكن 2.5 في المئة فقط منها عذبة وصالحة للشرب والزراعة ولمعظم أغراض الاستخدامات الصناعية. وهذه النسبة المحدودة تذهب 72 في المئة منها للزراعة، وهو ما يزيد من عمق الأزمة التي تحاصر أغلب دول العالم نتيجة التغيّر المناخي وشح الموارد المائية .

بحسب منظمة التغذية والزراعة، فإن من شأن النمو السكاني السريع والتوسع الحضري والتنمية الاقتصادية وتغير المناخ أن تعرّض موارد المياه على كوكب الأرض إلى إجهاد متزايد. وفي الوقت نفسه، تراجعت موارد المياه العذبة للشخص الواحد بنسبة 20 في المئة خلال العقود الماضية. ويشهد توافر المياه وجودتها تدهورا سريعًا بسبب عقود شابها سوء الاستخدام والإدارة، والإفراط في استخراج المياه الجوفية، والتلوث، وتغيّر المناخ. إننا نجازف بدفع هذا المورد الثمين إلى نقطة اللاعودة.

يعتبر الماء سر الحياة وأساس الوجود، وهو عنصر التأسيس الأول وركيزة البدايات، وحرز الإنسان للتطهر من الذنوب والآثام، ولا تكاد حضارة من الحضارات القديمة تخلو من آلهة الماء ومن ينابيع الخلق المرتبطة بها ومن أساطير الخلود المتأتّي من الاغتسال أو شرب ماء نهر أو ينبوع ما، والعقاب الإلهي بالطوفان الذي لم تسلم منه إلا سفينة نوح وما عليها من كلّ زوجين اثنين .

وتشير كتب التاريخ إلى أن طاليس الملطي الفيلسوف وعالم الفلك وأحد “الحكماء السبعة” عند اليونان (نحو 624 – نحو 546 ق.م ) هو أول من اعتبر الماء جوهر كل مادة في الكون وأساسها الأول، قبل أن تضاف إليه النار والتراب والهواء لتكتمل عناصر الحياة الأربعة، لكن هناك من يعتقد أن هناك شعوبا كالصينيين والفرس والبابليين سبقت الإغريق في تأكيد أهمية الماء وتكريسه كسرّ أصلي ومركزي للوجود.

المصدر: العرب