سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أندرياس جوانسون
اُنتخب “جوتابايا راجاباكسا” رئيسًا جديدًا لسريلانكا في 16 نوفمبر الجاري بعد فوزه بـ52% من الأصوات ممثلاً عن حزب الجبهة الشعبية السريلانكية، بفارق 10% عن أقرب منافسيه. وتعدُّ هذه الانتخابات الأولى منذ التفجيرات التي ضربت البلاد في أبريل 2019.
كان الرئيس “جوتابايا راجاباكسا”، المعروف باسم “جوتا”، وزيرًا للدفاع وشقيقًا لرئيس سريلانكا المنتخب لفترتين “ماهيندا راجاباكسا”. وبعد نجاح حملته الانتخابية، حصل “جوتابايا”، وهو أيضًا مواطن أميركي، على التهاني من قادة العالم، حيث وعد بخدمة الشعب السريلانكي من مختلف الأديان.
على مدار حملته الانتخابية، أكد “جوتابايا راجاباكسا” أن الوحدة الوطنية على رأس أولوياته، وقال إنه أول رئيس يدير حملة انتخابية تراعي حساسية الكربون في العالم. كما وعد بالتعامل مع الدين الضخم الذي تعاني منه البلاد.
ولكن فوز “راجاباكسا” أثار المخاوف بين أحزاب المعارضة والأقليات في البلاد، التي زعمت أن انتخابه قد يزيد من حدة التوتر الطائفي في سريلانكا.
انقسام تاريخي
يرتبط السبب الأول لهذه المخاوف بنهاية الحرب الأهلية التي امتدت من 1982 إلى 2009؛ حيث نشبت الحرب بين الميليشيات العسكرية من الأقلية التاميلية والجيش السريلانكي. فقد كان “جوتا” وزيرًا للدفاع في الوقت الذي أوشكت فيه الحرب على الانتهاء وأصبح شخصية جدلية بسبب مسؤوليته هو وأخوه عن الحملة الوحشية التي أدت إلى انتهاء الحرب الأهلية في 2009.
في الأشهر الأخيرة للحرب، عندما شنَّ الجيش السريلانكي آخر هجوم له على الميليشيات التاميلية في شمال شرق البلاد، قُتل حوالي 40.000 شخص، وهو ما خلف صدمة شديدة للأقلية التاميلية. وأصبح آخر يوم في الحرب، 18 مايو، ذكرى للمجزرة التاميلية.
وقد اُتُّهم “جوتابايا” بأنه مجرم حرب من قبل خبراء القانون الدولي بسبب الطريقة التي أُنهيت بها الحرب، وخلُص تقرير الأمم المتحدة إلى وجود أدلة على ارتكاب جرائم حرب من جانب الميليشيات التاميلية والحكومة السريلانكية.
وقد يواجه نظام حكم “راجاباكسا” السابق بعض التهم المتعلقة بكيفية إنهاء الحرب، ولكن هناك بعض المخاوف الآن من عدم مساءلة أسرة “راجاباكسا” عن الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان. وقد واجه “جوتابايا” اتهامات تعذيب في الولايات المتحدة تتعلق بفترة توليه وزارة الدفاع، ولكن التهم أُسقطت في منتصف شهر أكتوبر بسبب الحصانة التي يمنحها له القانون الأميركي.
كما تتخوف الأقليات والمعارضة من حرية الصحافة بعد عودة أسرة “راجاباكسا” للساحة السياسية. فقد أُطلق على “جوتابايا” وأخيه لقب “منتهكي حرية الصحافة”؛ حيث قُتل 44 صحفيًا وإعلاميًا خلال الفترة من 2004 وحتى 2010 في سريلانكا معظمهم من متحدثي اللغة التاميلية. على الرغم من ذلك، أنكر “جوتابايا” قتل أي صحفي خلال توليه وزارة الدفاع في لقاء أجري أواخر عام 2018 مع الصحفي السويدي “جون ميكالسون”.
مخاوف المسلمين
يعتبر مسلمو سريلانكا، ثاني أكبر أقلية في البلاد، من أكثر المجتمعات تخوفًا من حكم “جوتابايا”. ويشكل تعداد المسلمين في سريلانكا حوالي 9.7% من أصل 22 مليون سريلانكي. ومعظم المسلمين في سريلانكا من السنة ويتحدثون اللغة التاميلية باعتبارها لغتهم الأم.
لقد أجريت بحثًا لتحليل السياسة الإسلامية في البلاد منذ 2006، فأكد معظم السياسيين الذين تحدثت معهم تفضيلهم المرشحين الآخرين على “راجاباكسا”.
خلال حملته الانتخابية، وعد “جوتابايا” بتضييق الخناق على نزعة التطرف الإسلامي، وأكد أن الأمن الوطني على رأس أولوياته. واكتسبت هذه القضية أهمية خاصة في الانتخابات بعد الهجمة الإرهابية في أبريل 2019 على الكنائس المسيحية والفنادق الفاخرة التي قُتل خلالها 259 شخصًا وجُرح 500 آخرون. وقد أعلن أفراد جماعتي التوحيد الوطنية وملة إبراهيم، اللتين دانتا بالولاء لجماعة “داعش”، مسؤوليتهما عن التفجيرات.
وبعد الهجمات بعدة أيام، انتقد “جوتابايا” الرئيس السابق “مايتريبالا سيريسينا” والأمن القومي، ووعد بأن يكون الرجل المناسب الذي سيحقق الأمن للسريلانكيين.
وبعد الهجمات الإرهابية في “شم النسيم”، هاجم الغوغائيين المسلمين عدة مرات. وظهر التخوف من موقف “جوتابايا” ضد التطرف الإسلامي وما سيؤججه من مشاعر ضد المسلمين.
وفي السنوات التي تلت الحرب، استهدفت الجماعات البوذية مثل جماعة “بودو بالا سينا” المعروفة باسم BBS المسلمين والمسيحيين في مختلف الحملات. وعلى الرغم من اتسام الانتخابات الرئاسية بالسلمية، ظهرت بعض أحداث العنف مثل إطلاق النار الذي استهدف حافلة من المسلمين.
ويظهر عزوف الأقليات عن دعم “راجاباكسا” في انقسام نتائج التصويت. ففي شمال شرق سريلانكا، حيث تعيش أغلب الأقليات المسلمة والتاميلية، حصل “ساجيث بريماداسا” على معظم الأصوات. في حين تحظى عائلة “راجاباكسا” بالتأييد في المناطق التي يقطنها السنهاليون.
وبدأت بوادر التغييرات البرلمانية؛ إذ استقال رئيس الوزراء “رانيل ويكريمسينغه” واختار “جوتابايا” أخاه لهذا المنصب. في 2020، ستجري سريلانكا انتخابات برلمانية، وهناك احتمال كبير أن تزيد عائلة “راجاباكسا” من قوتها.
وبحلول هذا الوقت، سيتضح أكثر تأثير فوز “جوتابايا” على الأقليات في البلاد. ففي الماضي، ظهر الرئيس “جوتابايا” في فعالية لجماعة “بودو بالا سينا”، ولكن أخيرًا أنكر ارتباطه بهذه الجماعة. وتهدف هذه الجماعات البوذية إلى حماية ما يسمونه بأرض البوذية المقدسة “سريلانكا” من العناصر الأجنبية. ففي عام 2014، أدى التوتر الطائفي إلى حدوث أعمال شغب بين المسلمين والبوذيين قُتل على إثرها أربعة مسلمين في جنوب البلاد.
إعداد: وحدة الترجمات مركز سمت للدراسات
المصدر: Wio News
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر