سباق تسلح في الفضاء | مركز سمت للدراسات

سباق تسلح في الفضاء

التاريخ والوقت : الأحد, 31 مايو 2020

آرون بيتمان

 

تعمل روسيا حالياً لتطوير أسلحة مضادة لأسلحة الفضاء في إطار استراتيجيتها لامتلاك القدرة على خوض حرب معلوماتية

في ثمانينات القرن الماضي، أطلقت الولايات المتحدة مشروع «حرب النجوم»، الذي بقي مع ذلك مشروعاً أكثر منه واقعاً. غير أن الوضع تغير كلياً اليوم – بفضل تطور تكنولوجيا الفضاء.

في أغسطس/آب 2008، ردت روسيا على مناوشات بين قوات حكومة جورجيا ومقاتلين انفصاليين موالين لها بغزو هذه الجمهورية السوفييتية السابقة. وقد وصلت القوات الروسية إلى مشارف العاصمة تبليسي، ثم وافقت على وقف لإطلاق النار.

ظاهرياً، بدا أن روسيا حصلت على ما أرادت خلال حرب الأيام الخمسة تلك: استقلال بالأمر الواقع لمقاطعتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا، التي كانت تتحول نحو توثيق روابطها مع الغرب. غير أن الانتصار الخاطف كشف عن واقع عسكري خطير: الجيش الروسي ذهب إلى حرب في القرن الحادي والعشرين مستخدماً أعتدة عسكرية – بما فيها بوصلات تحديد المواقع – تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية.

كما تبين أن الحرب الروسية في جورجيا مختلفة كلياً عن الغزو الأمريكي الخاطف للعراق، عندما تمكنت القوات الأمريكية من هزيمة الجيش العراقي في معركة استغرقت 100 ساعة فقط عام 1991، وذلك بفضل بوصلات تحديد مواقع متطورة. وشكلت حرب جورجيا دليلاً على حاجة الجيش الروسي إلى عملية تطوير جذرية، بما فيها امتلاك أجهزة اتصالات حديثة وبوصلات تحديد مواقع حديثة.

واليوم، بعد 12 سنة ومليارات الروبلات، أصبحت روسيا قادرة على تحدي التفوق الأمريكي في الفضاء، وهي تعمل حالياً من أجل اللحاق بالجيش الأمريكي في مجالات أنظمة الاتصالات عبر الفضاء، والملاحة، وجمع المعلومات الاستخباراتية، واستهداف المواقع المعادية.

كما تعمل روسيا حالياً لتطوير أسلحة مضادة لأسلحة الفضاء في إطار استراتيجيتها لامتلاك القدرة على خوض حرب معلوماتية. وعلى سبيل المثال، أجرت روسيا حديثاً تجربة لاختبار نظام صاروخي مضاد للأقمار الصناعية. علاوة على ذلك، يدرك القادة العسكريون الروس الآن أن الأقمار الصناعية الأمريكية هي التي تمنح الولايات المتحدة القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية خاطفة على صعيد عالمي، وهم مصممون على تحقيق التكافؤ مع الجيش الأمريكي.

ومنذ نهاية الحرب الباردة، تزايدت أعداد الدول التي أصبح لديها برامج فضائية. وكثير من هذه الدول يعمل بنشاط من أجل تطوير أسلحة فضاء. فالصين مثلاً، أصبح لديها نظام أرضي مضاد للأقمار الصناعية. والهند أيضاً أجرت في العام 2019 تجربة ناجحة لاستخدام سلاح فضائي. وبدورها، أعلنت فرنسا حديثاً أنها سوف تطلق سلسلة كبيرة من أقمار صناعية مسلحة. وحتى إيران يعتقد أنها أصبحت قادرة على تطوير نسخة أولية لسلاح مضاد للأقمار الصناعية.

غير أن المعلومات المتوفرة حالياً تشير إلى أن روسيا هي البلد الوحيد الذي يعمل من أجل التعامل مع الأقمار الصناعية الأمريكية بطرق هجومية.

واليوم، أصبحت الأنظمة الفضائية أساسية من أجل خوض الحرب على كوكب الأرض. وتزايد الدول التي تطور أسلحة فضاء يعني أن الفضاء الخارجي أخذ يتحول إلى ميدان قتال.

وروسيا على نحو خاص أصبحت قادرة على رصد وتتبع الأقمار الصناعية الأمريكية، وهي تختبر حالياً سلاحاً جديداً مضاداً للأقمار الصناعية. وهذا بدوره يمكن أن يدفع الولايات المتحدة إلى العمل بشكل مكثف وعاجل من أجل تطوير قدرات قتالية في الفضاء.

واستراتيجية الفضاء الروسية تعود في جذورها إلى الحرب الباردة. فعندما نجح الجيش الروسي في إسقاط طائرة الاستطلاع (التجسس) الأمريكية «يو-2» في العام 1960، أدرك الروس أن الولايات المتحدة أخذت تعتمد كلياً على الأقمار الصناعية من أجل جمع معلومات استخباراتية. وقد سارعوا إلى وضع خطط وبلورة برامج من أجل تحقيق التكافؤ مع الولايات المتحدة – إن لم يكن التفوق الفضائي.

وبالنسبة لجيوش الدول المتقدمة اليوم، أصبحت الأقمار الصناعية ضرورة مطلقة من أجل استهداف أنظمة أسلحة على الأرض، وكذلك استهداف مواقع عسكرية أخرى.

وهذا يعني أن «حرب النجوم» لم تعد مشروعاً من أجل المستقبل، بل هي أصبحت واقعاً في الزمن الراهن.

المصدر: صحيفة الخليج

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر