سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عبد الهادي حبتور
هناك مئات الساسة اليمنيين المرتبطين بنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح والذين تغذوا لعقود على صفقات مشبوهة وبنوا امبراطوريات تجارية واقتصادية أصبحوا من خلالها يعيشون وأبنائهم بل وأحفاهم حياة مترفة ومختلفة عن بقية الشعب.
المتابع للملف اليمني، يجد أن التصريحات المتكررة لمسؤولي الأمم المتحدة وممثلي الدول الراعية لعملية السلام في اليمن، دائماً ما يلقون اللائمة بشكل مباشر على الطبقة السياسية في اليمن وأنها تبحث عن مصلحتها الخاصة، بعيداً عن التفكير الحقيقي في تخليص الشعب من مأساة الحرب التي فرضها الانقلابيون.
هذه التصريحات تحمل قدراً كبيراً من الصحة بكل أسف، فلم نجد من الساسة اليمنيين – إلا قلة – من يفكر فعلياً في سرعة إنهاء الحرب الدائرة، بل تسابق الكثير منهم لجني أكبر قدر من المكاسب، وهو أمر معتاد في الحروب أن يجد الانتهازيون والمرتزقة الفرصة سانحة لتعظيم ثرواتهم وتقوية مراكز نفوذهم.
ورغم أن الشعب اليمني لم يكن يعول كثيراً على معظم ساسته، الذين نخرهم الفساد حتى لم يبق منهم ضمير حي، إلا أنه تفاجأ بلاشك بحجم التوحش الذي بلغ إليه هؤلاء الساسة، ففي الوقت الذي يشاهدون فيه أكثر من 27 مليون إنسان يموتون بشكل بطيء، تفرغ هؤلاء للمناكفات وتوزيع المناصب على الأقارب، والتبرير للانقلاب وشرعية سيطرة مجموعة مسلحة على السلطة تعترف رسمياً بولائها لدولة خارجية.
أقرب مثال لهؤلاء الساسة الذين كان يرى الشعب اليمني فيهم بعض الخبرة الدبلوماسية، هو أبوبكر القربي وزير الخارجية السابق، وأحد أذرع الانقلاب الدبلوماسية حالياً، حيث تفرغ القربي للتنقل بين عدة عواصم عربية وأجنبية محاولاً إقناعهم أن جماعة الحوثيين المسلحة ليست السبب في معاناة الشعب اليمني، وأن الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي وحكومته المعترف بها دولياً هي السبب الرئيس في كل ما يحصل حالياً في اليمن.
والواقع، أن القربي ما هو إلا حصان طروادة لعشرات الساسة اليمنيين الذين خذلوا الشعب وفضلوا مصالحهم الشخصية على مصلحة شعبهم وبلادهم بل وهويتهم العربية، هؤلاء للأسف تعودوا على العيش في قصور عاجية بدعم وتغذية من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وأدمنوا المناصب والحياة الرغيدة، فلم يجدوا بداً من مناصرته والوقوف معه حتى وهو يقتل أبناء شعبه، طمعاً في شهوة السلطة واستمرار هذه الامتيازات.
الأمر الأشد مرارة، أن هؤلاء الساسة والدبلوماسيين عملوا خلال السنوات الماضية على توريث مناصبهم في شجرة العائلة، فأبنائهم موظفون في نفس الوزارات والسفارات، ومن كان يتأمل أن يرى تغيراً في المستقبل القريب عليه إعادة النظر في هذا الأمر، وكما يرددون هم “ابن الوز عوام”، فإن أبنائهم على خطاهم سائرون.
الأمل الوحيد المتبقي أمام اليمنيين هو الدولة الاتحادية الجديدة التي يخوض الرئيس عبد ربه منصور هادي معركة شرسة كلفته الكثير حتى خسارة أقرب المقربين له من أجل تحقيقها، وتطبيق الدستور الجديد ومخرجات الحوار الوطني الشامل الذي وقعت عليه جميع الأطراف، وهو مشروع في حال تحقق قد ينقل اليمن للمستقبل، وينهي عقوداً عاشها اليمنيون عبر ساسة المصالح الشخصية.
كاتب صحفي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر