سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مارسيل جاسكون باربيرا
سيكون التعامل مع المشكلات الهيكلية التي تفاقمت بشكل كبير بسبب جائحة” كوفيد – 19″ من أولويات الحكومة الجديدة، التي قد تكون مهددة بسبب الصراع الداخلي والمقاومة الداخلية للتقشف. فرومانيا تواجه عام 2021 وهي منغمسة في أزمة عميقة أدَّت إلى انزلاق الاقتصاد في ركود بأكثر من 4% بحلول نهاية عام 2020، مع توسع العجز العام إلى أكثر من 9%. لكن البلاد ستتجاوز هذه العاصفة التي أحدثها الوباء ببرلمان جديد انبثق عن الانتخابات العامة في 6 ديسمبر، التي كانت نتائجه خيبة أمل كبيرة لكثير من الناخبين الإصلاحيين الشباب الذين لديهم وجهات نظر الوسط أو يمين الوسط المؤيدة للاتحاد الأوروبي.
وقد حصل الحزب الوطني الديمقراطي المعارض على المركز الأول في الانتخابات بنسبة 28.9% من الأصوات، وهو الحزب الذي تمَّ تشويه صورته فيما يخص تأخير التغيير بعد سقوط الشيوعية، وتعرض لمزيدٍ من الضرر بسبب فضائح الفساد والهجمات على سيادة القانون التي ميزت آخر فترة له في السلطة من 2017 إلى 2019. كما ذهب المركز الثاني إلى الحزب الوطني الليبرالي الحاكم، من يمين الوسط، إذ فاز بنسبة 25%، وجاء تحالف الوسط في المركز الثالث، وحصل على 15%، وهو ما يجعله عرضة لأن يخالف كل التوقعات الخاصة به مسبقًا.
وعلى الرغم من النكسات الواضحة التي عانت منها أحزاب الوسط ويمين الوسط، التي كانت تأمل في الحصول على المزيد من الأصوات بعد هزيمة مديرية الأمن العام في الانتخابات السابقة، يبدو البرلمان الجديد مختلفًا جذريًا عن السابق الذي كان للاشتراكيين الديمقراطيين أغلبية فيه، وذلك بفضل 45% من الأصوات التي فازوا بها في الانتخابات البرلمانية في ديسمبر 2016. وبجانب تحالف الوسط، والاتحاد الديمقراطي للمجريين الذي يمثل العرقية المجرية في رومانيا، يشكل الحزب الوطني الديمقراطي حكومة ائتلافية وفقًا لتفويض من رئيس يمين الوسط “كلاوس يوهانيس”. وبذلك تتمتع الحكومة الجديدة بأغلبية كبيرة في البرلمان، وإن كان ذلك على الورق، وهو ما يمكنها من التراجع عن الملامح المتبقية من التغييرات القضائية التي ناقشتها مديرية الأمن العام، والابتعاد برومانيا عن مسار الإنفاق العام المتزايد باستمرار على الرواتب والمعاشات التي يتبعها الديمقراطيون الاجتماعيون في الحكومة. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن تشكيل الحكومة ينتظرها طريق يسير فيما يتعلق بالتعامل مع المشكلات الهيكلية التي تفاقمت بشكل كبير بسبب جائحة “كوفيد – 19”. وبالتالي، يمكن أن يؤدي التقشف والصراعات على السلطة إلى كسر التحالفات مستقبلاً.
ويقود الحكومة الجديدة وزير المالية السابق “فلورين سيتو” من حزب التحرير الوطني الذي يضم تسعة وزراء في تلك الحكومة الجديدة. كما أنه لدى تحالف الوسط ستة وزراء، مع بقاء اليمين مسؤولاً عن الثلاثة المتبقية. في حين احتفظ الحزب الوطني الليبرالي بوزارات المالية والداخلية والخارجية والطاقة والدفاع، واستحوذ تحالف الوسط على الإدارات التي ستكون حاسمة لتحديد ما إذا كانت الحكومة ستنجح في مواجهة التحديات الحالية الأكثر إلحاحًا.
وينتمي وزير العدل الجديد “ستيليان لون” Stelian Ion، إلى تحالف الوسط، والذي سيكون له دور حاسم في تصحيح التغييرات القضائية لمديرية الأمن العام. كما أن زميلته “كاتالين درولا” في التحالف، هي المسؤولة عن النقل في وقت مهم، إذ يطالب الرومانيون بإنشاء طرق سريعة ونظام سكة حديد مناسب. ومن خلال ميزانيته الجديدة متعددة السنوات وصندوق إغاثة لمواجهة “كوفيد – 19″، الذي يتوقع أن يقدم لرومانيا 80 مليار يورو، سيوفر الاتحاد الأوروبي تمويلاً وفيرًا لجعل هذا ممكنًا. وسيقود عضو آخر في تحالف الوسط، وزير الاستثمارات والمشاريع الأوروبية، “كريستيان غينيا”، الجهود لاغتنام هذه الفرصة التاريخية وتعظيم استيعاب أموال الاتحاد الأوروبي.
كذلك، فإن ما يسمى بالثورة الرقمية تمثل أولوية أخرى للاتحاد الأوروبي عندما يتعلق الأمر بالتمويل. وزير البحث والابتكار والرقمنة في رومانيا “كليبريان تيليمان”، هو عضو آخر في تحالف الوسط. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام، فإن بارونات الحزب الوطني الليبرالي ليسوا سعداء بتقاسم السلطة مع زعيم الحزب، رئيس الوزراء السابق “لودوفيك أوربان”، الذي يتفق مع تحالف الوسط. ويقال إن البعض اتهم “أوربان” بالتنازل عن الكثير في المفاوضات مقابل تصويتلتحالف الوسط في البرلمان عندما تمَّ انتخابه رئيسًا.
ومع عدم وجود انتخابات تلوح في الأفق حتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2023، من المرجح أن يأتي التحدي الأكبر الذي يواجه مساعي الحكومة لتحقيق التوازن المالي من داخل الأحزاب الحاكمة نفسها. ففي 29 ديسمبر، وقع الحزب الوطني الليبرالي وتحالف الوسط مذكرة من اتحاد البلديات في رومانيا، اتهم فيها الحكومة بالتصرف من جانب واحد عند دفع مرسوم بتجميد جميع رواتب القطاع العام وإلغاء بعض امتيازات مسؤولي البلدية.
وكان من بين الموقعين رئيس الوزراء السابق “إميل بوك” من الحزب الوطني الليبرالي، وعمدة كلوج ثاني أهم مدينة في رومانيا. كما أيد هذه الرسالة زعيم تحالف الوسط في براسوف، وباكاو، وهما مركزان حضريان رئيسيان يزيد عدد سكانهما على 200 ألف نسمة.
وتعطي هذه التوترات إحساسًا بالمناخ المحتمل للصراع الذي قد تُحكم فيه رومانيا في عام 2021، إذ إن الصراع الداخلي يقوض قدرتها على مواجهة التحديات الملحة، بدءًا من استيعاب 80 مليار يورو من أموال الاتحاد الأوروبي التي تتوقع رومانيا حلها لمعالجة أوجه القصور النظامية والتغلب على أزمة فيروس كورونا.
القلق من عودة القوميين المتطرفين إلى البرلمان
لقد أحدث الانتخابات التي أجريت في 6 ديسمبر دخولاً مفاجئًا إلى البرلمان عن التحالف من أجل وحدة الرومانيين.
فبعد أكثر من عقدٍ من خسارة حزب رومانيا الكبرى الشوفيني تمثيله في البرلمان، استأنفت قوة قومية ذات ميول متطرفة تطلق على نفسها اسم حركة “مناهضة للنظام”، مكانتها في المؤسسات الرومانية، بعد حصولها على نسبة 9% من الأصوات، وذلك في أول ممارسة انتخابية لها.
وسيعطي هذا العام إجابة حول ما إذا كان وجود تحالف وحدة رومانيا في المجلسين التشريعيين يغرق السياسة الرومانية في الحروب الثقافية التي تدور رحاها في بلدان أخرى في المنطقة، وما حولها، والتي اقتصرت حتى الآن في رومانيا على أطراف المنظمة غير الحكومية والحركات الدينية. وفي الوقت الحالي، لاقى دخول تحالف وحدة رومانيا المهم في المشهد السياسي تحذيرات صارمة ضد أي إغراء لتطوير أسوأ الغرائز لدى بعض أعضائها القياديين. وبعد أربعة أيام من الانتخابات، وأثناء بدء احتفال هانوكا اليهودي، قال سفير إسرائيل في رومانيا، “ديفيد سارانجا”، إن حكومته ستراقب عن كثب سلوك حزب قال إنه يضم منكري المحرقة والمتعاطفين مع الفاشية. فقد تحدث “سارانجا”، في حفل أقيم في قلب بوخارست مع رئيس الوزراء المؤقت وحضور مسؤولين حكوميين آخرين، وطلب من الشعب الروماني أن يكون في حالة تأهب بنفس القدر. وفي 17 ديسمبر، تعرض ممثلو تحالف وحدة رومانيا في “تيميشوارا” للتوبيخ عند مشاركتهم في إحياء ذكرى ضحايا الثورة المناهضة للشيوعية التي أطاحت في النهاية بالديكتاتور الشيوعي “نيكولاي تشاوتشيسكو”. وقد أعربت إحدى منظمات المجتمع المدني التي تمثل أولئك الذين شاركوا في التمرد عن أسفها لوجود الحزب “القومي المتطرف”، وقالت إن اثنين من أعضاء تحالف وحدة رومانيا المنتخبين في البرلمان متورطان بالفعل في القمع الدموي لثورة 1989.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: بلقان إنسايت Balkan Insight
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر