سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مايكل ر. سترين
وفقاً للرأي التقليدي السائد، يشكل ركود الدخول وتفاوتها تهديداً كبيراً ومتنامياً للرخاء العريض القاعدة في الولايات المتحدة.
يعتقد العديد من خبراء الاقتصاد، والصحافيين، وقادة الأعمال، والقادة المنتخبين (من كلا الحزبين) أن الدخل الحقيقي (المعدل حسب التضخم)، بالنسبة إلى نسبة كبيرة من الأسر، لم يسجل أي زيادة لعقود من الزمن، وأن التفاوت في الدخل (الفجوة بين أعلى الأسر دخلاً وأدناها دخلاً) تنامى بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
إن مجرد الملاحظة الـعَـرَضية كفيلة بأن تجعل الادعاء بأن الدخول كانت راكدة لعقود من الزمن يبدو غير معقول على الإطلاق. ما عليك إلا أن تلقي نظرة على ما تستهلكه الأسرة العادية في عام 2022 مقارنة بعام 1992، على سبيل المثال.
الواقع أن التطورات في مجالات مثل الرعاية الطبية، والسيارات الأكثر أماناً، وانتشار الهواتف الذكية، ومؤتمرات الفيديو مع الأصدقاء وأفراد العائلة، والأجهزة المنزلية الأعلى جودة، ليست سوى أمثلة قليلة على مكاسب الاستهلاك الكبيرة خلال تلك العقود. هل من الممكن حقاً أن يتزامن هذا التقدم المادي مع الدخول الراكدة؟
في بعض الأحيان، قد ينجح الاعتماد على الحكايات والحدس في حساب الاتجاهات الاقتصادية، لكنه قد يضلل المرء بذات القدر من السهولة.
ما يدعو إلى التفاؤل أننا نستطيع أن نجد الوضوح في الإحصاءات الصادرة الشهر الفائت من قِـبَـل مكتب الميزانية غير الحزبي في الكونغرس الأمريكي، وهو الـحَـكَـم في المناقشات الدائرة حول السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة، والتي تؤكد أن الرأي التقليدي السائد جانبه الصواب.
وفقاً لمكتب الميزانية في الكونغرس، لم يكن دخل الأسرة المتوسطة من أنشطة السوق ــ العمل، والأعمال التجارية، والدخل الرأسمالي، فضلاً عن دخل التقاعد من خدمات سابقة، راكداً من عام 1990 إلى عام 2019، بل إن دخل الأسرة المتوسطة، بعد التعديل حسب التضخم، سجل نمواً بنحو 26 %، ويتفق هذا مع نمو الأجور.
بموجب حساباتي باستخدام بيانات مكتب العمل الإحصائية، سجل متوسط الأجور المعدل حسب التضخم للعمال غير الخاضعين للإشراف نمواً بنحو الثلث خلال هذه الفترة.
علاوة على ذلك، يساعد مقياس أكثر شمولاً لتدفق الموارد المالية المتاحة للأسر للاستهلاك والادخار في وضع الدخل غير السوقي الذي تلقته والضرائب التي دفعتها في الحسبان.
بعد أخذ مزايا التأمين الاجتماعي في الاعتبار (الضمان الاجتماعي والتأمين ضد البطالة، على سبيل المثال)، ومزايا شبكة الأمان الحكومية (مثل قسائم الطعام).
والضرائب الفيدرالية، وجد مكتب الميزانية في الكونغرس أن دخل الأسر المتوسطة ازداد بنحو 55 % خلال الفترة من عام 1990 إلى عام 2019، وهذا أسرع كثيراً من نمو الأجور، ومن المؤكد أنه ليس راكداً.
وقد تمتعت أقل 20 % من الأسر دخلاً بمكاسب أكبر، مع نمو الدخل السوقي بنسبة 51 % ونمو الدخل بعد الضرائب والتحويلات بنسبة 74 %.
ولكن ماذا عن التفاوت؟ هنا يحسب مكتب الميزانية في الكونغرس حجم الفجوة بين الأسر الأعلى دخلاً والأدنى دخلاً باستخدام مقياس إحصائي معياري يراعي التوزيع الكامل للدخل (معامل جيني).
على الرغم من اتساع فجوة التفاوت في الدخل بعد الضرائب والتحويلات بنحو 7 % من عام 1990 إلى عام 2019.
فقد حدثت كل الزيادة بين عامي 1990 و2007، قبل انفجار الاهتمام السياسي والإعلامي بالتفاوت بين الناس. ومنذ عام 2007، انخفض التفاوت بنسبة 5 %.
ما السبب إذن وراء هذه الفجوة بين البيانات والرأي السائد؟ بادئ ذي بدء، يخلط المعلقون غالباً بين نمو الدخل في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين والعقود التي تلت ذلك.
كانت الدخول راكدة حقاً خلال تلك الفترة الأسبق، ثم أصبح معدل نمو دخل الأسرة المتوسطة السنوي بعد الضرائب والتحويلات أسرع بنحو ثلاث مرات من عام 1990 إلى عام 2019 مقارنة بما كان عليه خلال الفترة من عام 1979، وهو العام الذي بدأ فيه تسجيل بيانات مكتب الميزانية في الكونغرس، إلى العام 1990.
تعود بيانات مكتب إحصاءات العمل بشأن الأجور إلى زمن أبعد، وهي توضح أن وتيرة نمو أسعار المستهلك كانت أسرع من نمو الأجور خلال الفترة من عام 1973 إلى عام 1976.
ويرجع هذا إلى حد كبير إلى أزمة النفط عام 1973، وخلال الفترة من 1979 إلى 1981، ثم استمرت أجور العمال العاديين الحقيقية في الانخفاض طوال عقد الثمانينيات.
وبحلول نهاية عام 1990، كانت قد انخفضت بنسبة 9 % مقارنة بذروتها في عام 1973.
ثانياً: كان تصاعد القلق بشأن التفاوت بين الناس خلال فترة الركود العظيم بعد عام 2008 والسنوات المبكرة من التعافي اللاحق مرتبطاً بركود أجور ودخول العامل النمطي والأسرة النمطية أكثر من ارتباطه بحجم الفجوة بين الأسر الأعلى دخلاً والأدنى دخلاً.
تُـظـهِـر بيانات مكتب الميزانية في الكونغرس أن دخل الأسرة المتوسطة الحقيقي، بعد احتساب الضرائب والتحويلات، انخفض بعد الأزمة المالية، ولم يتعافَ إلى مستواه في عام 2008 حتى عام 2014، وتنبئنا الأجور بقصة مماثلة.
هناك طرق عدة لحساب هذه الاتجاهات، لكن بيانات مكتب الميزانية في الكونغرس تنبئنا بالقصة الأكثر دقة. كما تُـظـهِـر الفترة التي أعقبت الأزمة المالية، فمن المؤكد أنها ليست قصة نمو مستمر للأجور والدخول، ولكن إذا كان الاختيار السردي بين «النمو» و«الركود»، فإن بيانات الأجور والدخول تشير إلى النمو.
هذا لا يعني أن الأجور والدخول كانت تنمو بالسرعة الكافية، أو أن صناع السياسات ينبغي لهم أن يشعروا بالرضا عن المكان الذي وصلنا إليه.
يجب أن تكون المشاركة المتزايدة في قوة العمل، وتعزيز مهارات العمال حتى يتسنى لهم الحصول على أجور أعلى، وهدم الحواجز التي تحول دون تمكينهم من استغلال الفرص والتقدم في حياتهم، على رأس أولويات أجندة الكونغرس.
لكن حقيقة أن الأجور والدخول كانت في نمو على مدار العقود العديدة الأخيرة يجب أن تعطي صناع السياسات الثقة في قدرتهم على البناء على أساس من النجاح الاقتصادي، وليس الفشل.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر