رفع مستوى تخصيب اليورانيوم.. قرار قد يحرق إيران | مركز سمت للدراسات

رفع مستوى تخصيب اليورانيوم.. قرار قد يحرق إيران

التاريخ والوقت : الخميس, 11 يوليو 2019

لم يعد لدى إيران أي ساحات تغامر فيها أو أوراق ضغط تستخدمها أو قوى إقليمية أو عالمية تستجديها في مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة في ظل انهيار سياسي واقتصادي واضح يرافقه تكشف متسارع لخواصر إيران الرخوة على الصعيد السياسي والعسكري، حتى يمكن القول أن إيران اقتربت من الهاوية ما دفعها إلى انتهاج سياسة حافة الهاوية، وهي سياسة تسعى من وراءها طهران إلى تحقيق مكاسب معينة عن طريق إشعال أزمة دولية أو حرب إقليمية.

فرغم التحذيرات الدولية التي صدرت حتى من القوى المتحالفة مع إيران وعلى رأسها روسيا من مغبة انتهاك طهران للاتفاق النووي، والعودة إلى تخصيب اليورانيوم خارج اتفاق النووي، أعلنت مصادر إيرانية عن وجود قرار حكومي يقضي برفع نسبة تخصيب اليورانيوم عن الحد المسموح به ضمن الاتفاق النووي، 3.67%، وهو اختراق واضح وصحيح ليس فقط لبنود الاتفاق النووي، بل لمعاهدات دولية أخرى كانت إيران قد وقعت عليها وعلى رأسها معاهدة الحد من الانتشار النووي.

لقد واجه المجتمع الدولي بأكمله قرار إيران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم بالانتقادات والتحذيرات، ودعت وكالة الطاقة الذرية إلى عقد اجتماع طارئ في 10 من الشهر الجاري لبحث تداعيات هذا القرار، وأصدرت العديد من العواصم الأوروبية إدانات شديدة اللهجة لهذا الانتهاك الإيراني.

وسياسيا، يعتبر هذا القرار نسفا لأي جهود أوروبية للحفاظ على الاتفاق النووي، ويكشف عدم جدية إيران في التفاوض لأجل التوصل إلى حلول سلمية، ويفضح ازدواجيتها في التعاطي مع الأزمات الراهنة، ويؤكد أن إيران ماضية في سياساتها العدائية وأنشطتها التخريبية التي تشكل تهديدا للأمن والاستقرار في الإقليم والعالم.

إن سير إيران في هذا الاتجاه، يعني الإعلان عن الخروج ليس فقط من الاتفاق النووي، بل من منظومة المجتمع الدولي، ويشير إلى سعيها إلى تحويل الأجواء السياسية إلى أجواء عسكرية ترفع معه مستوى المخاطر والتهديدات الأمنية في المنطقة والعالم، بحيث يكون مفتاح باب تهدئتها بيد النظام الإيراني عبر التفاوض على رفع العقوبات، لكن هذه الخطوة ستوجع إيران وتضرها بصورة عاجلة، وستكون عواقبها الوخيمة أكبر بكثير مما تتوقعه طهران، لأنها ستدفع باصطفاف دولي ضدها، وتعطي حجة للولايات المتحدة لإيجاد إجماع دولي حول سياساتها، فضلا عن عودة العقوبات الأوروبية التي سيكون لها عواقب كارثية على الاقتصاد الإيراني المتهالك، والأهم من ذلك، أن الإصرار على قرار التخصيب بنسبة تفوق 3.67%، يعني أن مفاعل “أراك” سيعود إلى ظروفه السابقة، وهي ذريعة دولية كافية لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية قد تمتد إلى مواقع عسكرية يشتبه باحتضانها أنشطة نووية سرية.

 لذا فالعقل السليم يقضي باختيار الطرق الأقل خسارة وضررا، ولإدراك السلطات الإيرانية هذه الحقيقة،  فلا يبدو أن أنها سترتكب هذا الخطأ الاستراتيجي وتستمر في انتهاك للاتفاق النووي، وعلى ما يبدو أن إيران تسعى من هذه الانتهاكات إلى محاولة العودة إلى موازنة الرعب وإعادة الأجواء والظروف التي أجبرت الولايات المتحدة والدول الأوروبية على التفاوض مع إيران لتقييد برنامج النووي وكبح طموحاتها التسليحية، أكثر من كونها تسعي نحو انهيار الاتفاق النووي، لا سيما أن الاتفاق النووي، رغم خروج الولايات المتحدة وعودة العقوبات القاسية على إيران، إلا أنه لا يزال يشكل المتنفس الوحيد للاقتصاد الإيراني، أو على أقل الاحتمالات لا يزال يمنح النظام الإيراني الأمل في الحياة، ولو لبعض الوقت، عن طريق توفير ساحات للمراوغة وفرص للتفاوض، ولا شك أن النظام الإيراني لا يرغب في إغلاق هذا المنفذ والمتنفس الوحيد لاقتصاد البلاد الذي سيقابله فتح أبواب جهنم عليه.

 

المصدر: مركز المزماة للدراسات والبحوث

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر