سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عبدالله الجنيد
في مقالين سابقين نُشرا بين عامي 2015 و2016، كان الأول لمركز الأمن والدفاع العربي تحت عنوان (الصراع على طريق الحرير) بتاريخ 20 أكتوبر 2015، والثاني نُشر في جريدة مكة تحت عنوان (كلا وجفش) بتاريخ 15 سبتمبر 2016، كلاهما مثَّل محاولة استقراء تتجاوز الانتهازية السياسية لكلٍّ من نظامي طهران وأنقرة من استدامة حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وثانيًا حقيقة أهدافهما الاستراتيجية المتمثلة في إنتاج جغرافيا سياسية تكون أكثر مواءمة وطموحهما السياسي. أما ثالثًا، فهو حدوث ذلك على حساب مصالح دول الجوار العربي والمصالح الاستراتيجية للقوى الكبرى في المنطقة.
الاتساق في الأدوات الإيرانية التركية تتجاوز التماهي في تأكيد نظرتهما للجغرافيا السياسية العربية من مرآة إرثهم الإمبراطوري، فكلها طارئ نتيجةً للحرب العالمية الأولى. وتمتد تلك النظرة الدونية للإنسان العربي، ولا شفيع فيها لقواسم الإسلام والثقافة. ودولنا غير قيِّمة على إدارة شؤونها، أو تمثيل مصالحها بأدوات الدولة وطنيًا أو جيوسياسيًا، إلا أن تحديات ما سُمِّي بالربيع أثبت للجميع خطأ ذلك التقدير استراتيجيًا، فتحوّل مركز الثقل السياسي عربيًا إلى الرياض، كان نتيجة توظيفها لأدوات الدولة وإنفاذها لإرادتها السياسية في تحقيق مركز استقرار فاعل.
ارتكزت استراتيجية إعادة الاستقرار على أدوات غير تقليدية لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، حيث اعتمدت أدوات الخصوم في استنزافهم إقليميًا وعربيًا، في حين تفرغت هي لإعادة هيكلة كل برامجها ومؤسساتها الوطنية والخارجية. وعلى الجانب الآخر، عمدت إلى رفع احتياطاتها المالية لأسقف قياسية، تحوطًا لمواجهة واحتواء أي تصعيد في عناصر الأزمة القائمة، وذلك ما تحقق قبل إطلاق عاصفة الحزم.
السياسات العدائية لجمهورية إيران الإسلامية، أو غير المتزنة من تركيا، خصوصًا في الأزمات، هي ليست وليدة الربيع العربي، بل بعض ما تأصَّل في عقيدتيهما السياسية والثقافية. وما موقفهما من الحالتين العراقية والسورية، إلا تأكيد لذلك. فالدبلوماسية تتجاوز الهندام، إلا في الحالتين الإيرانية والتركية، فالفارق الوحيد بينهما ليس مبدئيًا، بل في غياب ربطة العنق لدى أحدهما. أما محازبوهما ممن يعيش بيننا، هم اليوم أقرب للخرس وطنيًا بعد التحول في موازين القوى. ومع أننا قد نتفهم الطموح الإيراني التركي على حساب هويتنا الوطنية، لكن ما هو مبرر مواليهم العرب في ارتكاب هذه الخيانة العظمى في حق أوطانهم!!
كاتب ومحلل سياسي بحريني*
@aj_jobs
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر