د. نعيمة بنت فهد المويشير

هناك اهتمام متزايد من قبل الباحثين ومن قبل صناع القرار خلال السنوات القليل الماضية في تطوير منظومة الابتكار وريادة الأعمال، نظرًا للدور الاقتصادي والاجتماعي اللذين يلعبانهما.

فكلاهما يساهمان في تقديم مخرجات مبنية على المعرفة ذات مردود وقيمة اقتصادية. كما يساهمان في دعم عملية التحول إلى اقتصاد مبني على المعرفة.

 يمكن القول إن المؤسسات في القطاع العام والخاص، والجامعات على رأسها، تؤثر بشكل مباشر على تطور منظومة الابتكار وريادة الأعمال في المملكة. فالدعم المقدم من هذه المؤسسات، يعد مصدر قوة لمدخلات ومخرجات الابتكار وريادة الأعمال، وبالتالي التأثير  على مؤشرات المملكة في الابتكار وريادة الأعمال.  

شاهد الدعم المؤسسي للابتكار وريادة الأعمال في المملكة نموًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية. وإحدى النقاط الأساسية في تطوير الدعم المؤسسي وتفعيل دور المؤسسات في القطاع الخاص والعام لتطوير المنظومة في المملكة، هي تكثيف وتنويع الدعم المؤسسي في مختلف مناطق المملكة وخلق التعاون ما بين الجامعات والقطاع الخاص في دعم الابتكار وريادة الأعمال. 

تؤدي الجامعات دورًا مهمًا في دعم وتطوير المنظومة كونها تساهم في نشر ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، وتقديم الابتكارات ودعم تطويرها بالبحث العلمي والاستثمار فيها، وتقديم الأبحاث والدراسات المتعلقة بالأعمال وتوفير المعلومات اللازمة التي تساعد في اتخاذ القرار في المشاريع، بالإضافة إلى تمكين رواد الأعمال والمبتكرين من الوصول للموارد اللازمة لدعم أنشطة الابتكار وريادة الأعمال.

 أشار المرصد العالمي لريادة الأعمال GEM  لعام 2020/2021 إلى أنه على الرغم من جائحة كورونا، فإن المملكة شهدت تسريعًا في التطور التكنولوجي والابتكاري، رغم الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة من الجائحة. إذ تلعب ريادة الأعمال التي غالبًا ما ترتبط بالابتكار دورًا بارزًا في هذا التحول، كون أن رواد الأعمال خلقوا فرصًا جديدة وطوروا في منتجاتهم وخدماتهم لتلبية احتياجات المجتمع المتغير لضمان استمرارية مشاريعهم في ظل هذه الجائحة. كما كان هناك نمو ملحوظ في نطاق الابتكار للمنتج والخدمة لريادة الأعمال، وفي نطاق التقنيات والعمليات لريادة الأعمال على المستوى الوطني والمحلي لنفس الفترة.

 يشير التقرير إلى اثني عشر عاملاً يؤثر على تطور ريادة الأعمال، منها على سبيل المثال، تمويل المشاريع الريادية، والبرامج الحكومية لرواد الأعمال، وتعليم وتدريب ريادة الأعمال، ونقل البحث والتطوير. لهذا يمكن القول إن الجامعة من الممكن أن تسهم في دعم وتطوير منظومة ريادة الأعمال من خلال الأخذ بعين الاعتبار هذه الجوانب بالدعم المؤسسي التي تقدمه في الجوانب المذكورة.

بالنظر إلى مؤشر الابتكار لعام 2020-2021، حصلت المملكة على ترتيب 66 في المؤشر، و77 في مخرجات الابتكار، و50 في مدخلات الابتكار على مستوى العالم، إذ يشير التقرير إلى نمو وتطور ملحوظ في تسجيلات براءات الاختراع، والعلامات التجارية والنماذج الصناعية في المملكة، حيث كان للجامعات دور ملحوظ في توليد مخرجات الابتكار وفي تطوير مدخلات الابتكار. ويمكن للجامعات أن تسهم في تطوير منظومة الابتكار من خلال ثلاثة جوانب أساسية. أولاً: رفع قدرة الجامعة على الابتكار وذلك من خلال التركيز على الجهات والكليات المولدة لأنشطة ومخرجات ابتكارية ذات أثر ومردود اقتصادي. ثانيًا: تطوير الدعم التقني والخدمات الرقمية الداعمة لأنشطة الابتكار من خلال تسهيل وصول المبتكرين للوصول للتقنية التي يحتاجونها والعمل على تطويرها لتلبية احتياجاتهم بما يخدم توجهات الجامعة لدعم أنشطة الابتكار. 

ثالثًا: دعم أنشطة الابتكار لمنسوبي الجامعة من أعضاء وطلاب لرفع مخرجات الجامعة الابتكارية من براءات اختراع ومنتجات وخدمات ذات مردود اقتصادي.

نظرًا لأهمية مساهمة الجامعة في دعم الابتكار وريادة الأعمال، قامت العديد من الجامعات، ومن ضمنها جامعة الجوف بتأسيس مركز يعنى بتطوير ودعم مجالي الابتكار وريادة الأعمال في الجامعة من خلال تقديم عدد من الخدمات، منها على سبيل المثال تقديم البرامج التدريبية لنشر الثقافة حول الابتكار وريادة الأعمال، وتقديم الإرشاد والتوجيه للرواد والمبتكرين، وتسجيلات براءات الاختراع محليًا ودوليًا، بالإضافة إلى توفير مساحات للعصف الذهني وتوليد الأفكار، ومكاتب مخصصة لرواد الأعمال. وكذلك تقديم مبادرات تدعم الابتكار وريادة الأعمال مثل مبادرة دعم مشاريع البحث والتطوير R&D لربط الجامعة بالصناعة من خلال الأبحاث لتقديم مخرجات بحثية ذات أثر اقتصادي. 

أستاذ الاقتصاد المساعد، مشرف مركز الابتكار وريادة الأعمال بجامعة الجوف*

@Naeimah_Fahad