دور الأقمار الصناعية في الوعي بالمجال البحري بالهند | مركز سمت للدراسات

دور الأقمار الصناعية في الوعي بالمجال البحري بالهند

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 16 يونيو 2020

سيرات بهالا

 

تتعرض المحيطات للتهديدات التي تتراوح بين تدمير البيئة والإرهاب مما يستدعي أمن الأصول البحرية. وتتغير أوضاع المحيطات باستمرار مما يجعل من المستحيل تتبع عناصر نظام المحيطات، وهو ما يثبت أن تكنولوجيا الفضاء تبدو ذات فائدة كبيرة. لقد عزز اختراع الأقمار الصناعية القدرات على جمع البيانات من المحيطات والاستفادة منها بدقة وكفاءة عادلة.

فقد دخلت الهند سباق الفضاء في السبعينيات، ومنذ ذلك الحين أطلقت بنجاح العديد من الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض (LEO)، والمدار الأرضي المتوسط، والمدار الأرضي العالي،والمدار الأرضي الثابت  .(GEO)وفي في 27 مارس 2019، اكتسبت الهند قدرة سلاح مضاد للأقمار الصناعية بعد التنفيذ الناجح لبرنامج” ميشن شاكتي” Mission Shaktiالذي تقوده منظمة أبحاث الدفاع والتطوير ومنظمة أبحاث الفضاء الهندية.

وبعد إسقاط قمر “ميكروسات”Microsat-R، وهو قمر صناعي هندي ذات مدار منخفض، في ثلاث دقائق فقط، أصبحت الهند رابع دولة لديها هذه التقنية الحديثة. ومع ذلك، تقف الهند ضد سباق التسلح في الفضاء معتقدة أنه يجب استخدام الفضاء للأغراض السلمية؛ لأنه تراث مشترك للبشرية. وقالت الهند إنها ستعسكر الفضاء لأغراض دفاعية فقط.

فالهند لديها قمر دفاعي حصري واحد فقط وهو “روكماني” Rukmani، الذي تستخدمه البحرية الهندية. وفي عام 2013، تمَّ إطلاق “جي سات روكماني”GSAT-7 Rukmani، وهو قمر صناعي للاتصالات العسكرية متعدد النطاقات، وكان قادرًا على مراقبة منطقة المحيط الهنديالمنتشرة في نطاق 2000 ميل بحري. إذ يوفر هذا القمر الصناعي البحري الثابت بالنسبة للأرض بيانات في الوقت الحقيقي لسفن وغواصات البحرية الهندية. ويتم تنفيذه بشكل جيد جدًا من خلال توفير إمكانات الشبكة أثناء الاستعداد على مستوى الميدان والتدريب العملياتي.كما أنه يدعم الوحدات البحرية الهندية المشاركة في البحث وعمليات الإنقاذ لطائرة بوينج 777-200 سيئة السمعة.

ولاستبدال “روكماني”Rukmani، قدمت البحرية الهندية في 11 يونيو 2019 طلبًا لتكرار “جي سات 7” جديد، أو “جي سات 7 آر”، إذ يعدُّ الوعي بالمجال البحريأمرًا بالغ الأهمية للأمن البحري؛ لأنه بدون فهم للمجال البحري لا يمكن للمرء حمايته من التهديدات التي لا تعد ولا تحصى. ويتطلب ذلك الحصول على المزيد من المعلومات الاستخباراتية، ووصولها في الوقت المطلوب، والتأكد من أنها تحقق الوجهة المطلوبة في الوقت الفعلي للاتصال والمراقبة والملاحة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا باستخدام الأقمار الصناعية. وبالتالي، فإن أفضل خيار هو تطوير بنيةمدارية في الفضاء. وحاليًا، هناك تطوران أخيران لنظام تحديد الهوية الأوتوماتيكي والرادار الاصطناعي وهما مهمان جدًا.

لقد كان الدافع الأولي وراء تطوير نظام المعلومات الفضائي،هو تجنب الاصطدام بين السفن، لكن كان له قيود. فعلى سبيل المثال، كان نطاق التردد العالي جدًايبلغ 10-20 ميلاً بحريًا فقط. ويمكن للسفن إيقاف تشغيلالنظام المعلوماتي عندما لم تفعل ذلك ولديها الرغبة في كشفها وتحديدها.

لقد تمَّ النظر إلى الأقمار الصناعية على أنها الحل لهذه التحديات حيث تختلف الصورة من المدار الفضائي الذي يغطي مساحة أكبر. ونتيجة لذلك، تمَّ تطوير نظام التعرف التلقائي على الأقمار الصناعيةالذي لا يركز فقط على منع تصادم السفن، ولكنه يوفر أيضًا الحماية عن طريق تنبيه قوات الأمن البحري من حدوث انتهاك متعمد للحدود البحرية. كما يتم استخدامه من قبل الدول لإدارة ومراقبة حركة المرور البحري، ويساعد في الملاحة باستخدام تطبيق ملاحة خاص يساعد أيضًا في عمليات البحث والإنقاذ.

عندما يتم تطبيق هذا النظامبشكل مبتكر، فإن هذا يمكن أن يساعد السلطات على تحديد أي تهديد محتمل، مما يساعد في النهاية على تحسينالوضع العام مما يؤدي إلى زيادة الأمان. لكن حتىهذا النظام يواجه تحديًا، يتمثل في خدمة العديد من خلايا النظام المعلوماتي بما يؤدي في ذات الوقت إلى تصادم الرسائل مما يجعل من الصعب فك تشفيرها. وربَّما يمكن معالجة هذا باستخدام تقنية تعتمد على فصل المصدر المباشر مع ضرورة مراعاة هذه العوامل الخمسة في نظام المعلومات الفضائيالمحسن. فمن خلال التغطية العالمية المستمرة ومعدلات الكشف المتفوقة، بالإضافة إلى الوصلات الهابطة في الوقت الفعلي، وأيضًا القدرة على اكتشاف جميع أجهزة بثنظام المعلومات الفضائي، والقدرة على التعامل مع التوسع السريع في الرسائل الخاصة بالتطبيقات، والقدرة على التكيف مع الاستخدامات المتطورة للطيفالبحري، من خلال ذلك كله يمكن معالجة التحديات التي تواجه هذا النظام.

ليس لدى الهند نظام معلوماتي فضائي خاص بها، لكنها تخطط لذلك. ففي عام 2019، قامت الهند وفرنسا بإضفاء الطابع الرسمي على نحو 10 أقمار صناعية في نطاق مداري منخفض وذات تقنية فضائيةمخصصة لمراقبة السفن في المحيط الهندي. وتستخدم نيودلهي حاليًا الأرض بدقة من كندا. وقد وقعت شركة”بريك إيرث” عقدًا في عام 2016 مع “شركة أنتريكس” Antrix Corporation Ltd، لتقديم خدمات البياناتلنظام المعلومات الفضائي إلى البحرية الهندية.وبغض النظر عن ذلك، فإن أحد المتطلبات الرئيسية الأخرى لبرنامج الفضاء الهندي، هو الأقمار الصناعية الرادارية ذات الفتحة الاصطناعية، حيث يمكن لأجهزة استشعار التصويرأن تعمل خلال النهار والليل، بما في ذلك تتبع حالة الطقس السيئة.

ويمكن استخدام الصور التي يتم إنشاؤها لتطبيقات مثل الكشف عن السفن، ومراقبة الجليد البحري، واسترجاع الأمواج والرياح، وكذلك تفسير توقيعات التدرجات السطحية الحالية على الجبهات المحيطية، والموجات الداخلية، وقياس المياه الضحلة. وتعتبر هذه التقنية الجديدة مناسبة أيضًا لمراقبة انسكاب النفط. ورغم أنه مفيد جدًا، فإن به بعض القيود التي تتعلق بمسائل التطبيق والوصول إلى البيانات ونشرها. ويعدُّ تفسير شدة الإشارة واختلاف الدوران، أمرًا حيويًا لاستكشاف البيانات، لكنه يتطلب تقنيات معالجة معقدة يمكن أتمتتها؛ إذ تتوفر أتمتة الصور الكهروضوئية، وعند استخدامها يثبت أنها مفيدة للمستخدمين. وبالتالي، فإنه يرفع الطلب علىذلك، بجانب ما يصاحبه من انصهار بصري. ونظرًا لوجود عدد كبير من البيانات، فإن التوافر لا يساوي إمكانية الوصول. وبالتالي، يجب أن يتخذ الدفاع خطوات للاستفادة من إمكانات المعالجة والتحليل المطلوبة لاستغلال البياناتالمعقدة من خلال استخدام حوسبة المؤسسة.

لدى الهند قمران صناعيان لديهما القدرة على كشف الغواصات. ومع ذلك، فإن حل الأنظمة المعلوماتية المتاحة لا يكفي وليس فعالاً بما يكفي لتوفير إمكانات الكشف اللازمة، خاصة عند مقارنتها بنظيراتها الصينية. فالهند ستحتاج إلى عدد أكبر من أقمار الرادار في السنوات القادمة.

وقد اتخذت الهند خطوات لتحسين منظومتها الفضائية. كما أن الحكومة لديها خطط لإنشاء هيئة بحرية وطنيةمن شأنها أن تساعد في صنع السياسات وتنسيق الأمن الساحلي بين أصحاب المصلحة. كما أنها تركز على تطوير الوعي البحري الوطنيالذي بموجبه أنشأت البحرية الهندية شبكة الاستخبارات الوطنية للتحكم في الاتصالاتالتي تستضيف مركز إدارة وتحليل المعلومات لدى الهيئة الوطنية البحرية، ومركز دمج المعلوماتالذي يقوم بجمع ودمج ونشر المعلومات الاستخبارية الواردة من مصادر متعددة. وتعتزم الهند دعمالأنظمة المتاحة لديها من خلال بدء اتفاقيات تعاون متعددة الأطراف.

لقد وضعت الدولة الأمن البحري كأجندة رئيسية لها، وهي واضحة في مشاركتها في الاجتماعات المعنية بسياسات الدفاع لرابطة المحيط الهندي وقمة شرق آسيا والآسيان. بالإضافة إلى ذلك، كانت الزيارات الأخيرة لرئيس الوزراء “ناريندرا مودي” إلى جزر المالديف، وسيشيل، وسريلانكا، ذات أولوية قصوى لمخاوف الأمن البحري.

وبنجاح ملحوظ تمَّ تنفيذ شبكة النظام الوطني لتحديد الهوية الأوتوماتيكيفي الهند لتزويدها بصورة بحريةعلى الساحل الهندي كله. وتشمل كلاً من البحرية الهندية وخفر السواحل. ومع ذلك، ينبغي للهند أن تمد تغطيتها إلى ما وراء المحيط الهندي، أي إلى بحر الصين الجنوبي وغرب المحيط الهادئ.

إذ تحتاج إلى تحويلشعار “صنع في الهند” ليصبح أكثر انتشارًا. وفي حين أن شركات الدفاع الأجنبية مستعدة للتعاون مع الشركات الهندية، فإنها تبدو مترددة في نقل أحدث التقنيات. لكن الأمر المثير للقلق بنفس القدر، هو قدرة الشركات الهندية الضخمة على الحصول على التكنولوجيا الأجنبية واستيعابها.

إن الأقمار الصناعية التي تعمل في المجال المنخفض في حد ذاتها ليست موثوقة وغير قادرة على توفير المعلومات ذات الصلة؛ لذلك من الضروري نشر مصادر متعددة. إذ تحتاج البيانات الضخمة التي يتم جمعها من هذه المصادر إلى دعم الاندماج واتخاذ القرار. كما أن تعاون هذه البيانات على المستوى العالمي سيسمح لمراكز المراقبة حول العالم بالحصول على فهم أفضل لما يحدث في مجال اهتمام كل منها ومكانه في الصورة العالمية. فالتعاون الفضائي البحري عبارة عن مبادرة نحو تحقيق الوعي البحري العالمي.

وفي الختام، لن تقوم التكنولوجيا الفضائية باستبدال الأنظمة الأرضية في المستقبل، بل ستجعل هذه الأنظمة أكثر كفاءة. فعلى سبيل المثال، فإنه في المستقبل وبدلاً من إرسال دوريات الأمن للمنطقة للبحث، سيتم إرسالها مباشرة إلى المنطقة، إذ من الممكن أن يكون هناك نشاط غير طبيعي. لذا، تتطلع العديد من الدول إلى الفضاء لتعزيز أمنها القومي من خلال زيادة قدراتها العسكرية. واليوم، فإنهم يطورون قدراتهم الفضائية الخاصة لسد الفجوة المعرفية لما يجري في المحيطات.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: أوراسيا ريفيو

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر