دكتاتورية نظام الملالي: سلطة رابعة وهمية.. وقمع للحريات وضجيج رقمي يكسر دوامة الصمت | مركز سمت للدراسات

دكتاتورية نظام الملالي: سلطة رابعة وهمية.. وقمع للحريات وضجيج رقمي يكسر دوامة الصمت

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 18 أغسطس 2020

ماجد عبدالله الجريوي

مشعل محمد الوعيل

 

مقدمة

توشحت كافة المجالات المتعلقة بالنظام الإيراني بذات الرداء والمنهجية التي يسير على نظام الملالي. ذلك النظام الذي وضع أقدامه في المنطقة في نهاية السبعينيات الميلادية وحينها صدر خطاب العدائية في المنطقة. بالإضافة إلى وقوفه خلف العديد من الأعمال التخريبية في عدد من العواصم العربية، علاوة على سعيه الحثيث إلى زعزعة استقرار المنطقة إمَّا من خلال تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول العربية، أو من خلال دعم الجماعات والمنظمات الإرهابية لإشعال المنطقة بمزيد من الأزمات والاختناقات وخلق حالة من الفوضى في المنطقة.

احتاج المشروع السياسي الإيراني لمحاولة تصدير خطابه الدعائي في المنطقة إلى أدوات إعلامية متعددة وبأشكال مختلفة، سواء من خلال قنوات إيرانية مباشرة، أو أخرى ممولة بالمال الإيراني، بالإضافة إلى سعيه لتمرير تلك الرسائل الدعائية عبر أكثر من مشروع لمراكز ثقافية في عدد من الدول العربية. وقد انتهجت إيران لتصدير خطابها إلى الخارج إلى العديد من الأساليب الاتصالية والإعلامية التي جميعها كانت ترتكز على ذات المرجعية والمصدر وبذات الخطاب باختلاف أشكال المضامين فقط.

وعلى الرغم مما تعانيه إيران في الداخل من مشاكل في البنية الأساسية وشلل في الجانب التنموي على أكثر من قطاع، وكذلك الحال للوضع الاقتصادي الصعب جدًا على مستوى المواطن الإيراني، وسلسلة الاعتقالات والانتهاكات الداخلية؛ فإننا نجد أن الإعلام الإيراني يمارس صمتًا مطبقًا حولها ولا تكاد لتلك المواضيع وجود بأي شكل من الأشكال في إعلامهم الداخلي بشقيه الرسمي أو الخاص. إذ تجاهلت كافة أشكال الإعلام الإيراني تلك القضايا المتعددة والمهمة التي تتصدر اهتمامات رجل الشارع الإيراني ضاربة بها عرض الحائط، مركزة في محتواها على تصدير خطاب الكراهية نحو دول المنطقة واستعدائها والتدخل الفج في شؤونها الداخلية!

سياسة الإعلام الإيراني على مدار أربعة عقود ظلت تسير بذات المنهجية والخطاب المتطرف، تُمرر من خلال مضامين إعلامية كافة الأجندة السياسية الإيرانية دون أي اعتدال أو تحسن في مستوى الطرح والمضمون، أو حتى القضايا المطروحة.

تهدف هذه القراءة إلى التعرف أكثر على تفاصيل الإعلام الإيراني عبر عدد من الأوجه والمسارات، وهي:

  • طبيعة الإعلام في إيران
  • المشهد الإعلامي الداخلي الإيراني
  • الأدوات الخارجية للإعلام الإيراني
  • أبرز الممارسات الدعائية الإيرانية
  • القمع الإيراني لشبكات التواصل الاجتماعي
  • الأحواز ونظرية دوامة الصمت

بهذه المسارات الستة سيتم تناول الشأن الإعلامي الإيراني، بالإضافة إلى التعرف على أبرز المواضيع التي يتناولها، وكذلك أهم القضايا التي يتجاهلها، وما هي الممارسات الاتصالية والإعلامية التي يمارسها.

وستشمل القراءة التعرف على أبرز المنصات الإيرانية الإعلامية، وما هي الأجندة التي تحملها في طياتها، وما هي الطرق التي تتبعها إيران للتوسع في ذات المسار الاتصالي والإعلامي.

كما ستتبع هذه القراءة مواطن تلك المنصات الإعلامية الإيرانية في الخارج، وما هي مسببات اختيار تلك المدن لتقام خلالها تلك المنصات.

المحور الأول

مركزية وانتهاكات إعلامية

رغم وجود الصحف في إيران منذ القرن ما قبل الماضي، والذي من المفترض أن ينتج عنه نمو في الحركة الإعلامية وازدهارها وتطورها، فإن ذلك لم يتحقق منه أي شيء، بل ظل الإعلام الإيراني يتراجع كثيرًا منذ عقود. ويمكن تصنيف الإعلام الإيراني إلى جزأين رئيسين:

  • إعلام حكومي
  • إعلام خاص

غير أن هذين النمطين من الإعلام ليسا سوى نماذج لإعلام واحد يتبع في مرجعيته للمرشد الأعلى الذي يدير بوصلة الإعلام ويحدد الاستراتيجية التي يسير عليها، وما هي الأطر التي يتحرك خلالها. إذ تتم إدارة المرشد الأعلى للإعلام الإيراني من قبل هيئة رسمية، وهي وكالة بث الجمهورية الإسلامية الإيرانية (IRIB)، تلك الهيئة التي تقود المشهد الإعلامي الإيراني الحقيقي وترسم الاستراتيجيات وتراقب ما يطرح في وسائل الإعلام.

وحتى تتضح فكرة الإعلام الإيراني وأنه يُوظف لتمرير الدعاية السياسية لإيران، فإن هيئة وكالة بث الجهورية الاسلامية الإيرانية ترتبط بعدد من الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى، وخصوصًا وزارة الخارجية؛ مما يعطي مؤشرًا واضحًا وصريحًا لكيفية سير الإعلام الإيراني الذي يأتي متطابقًا مع السياسة الإيرانية.

وكما تمت الإشارة إلى الإعلام، فإن الصحف تحديدًا في إيران كانت موجودة من القدم، غير أن ذلك لم يشفع لها قط في ظهور إعلامها بشكل جيد، وتحديدًا منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، إذ تمَّ اعتقال العشرات الإعلاميين حينها، بالإضافة إلى إغلاق العديد من الوسائل الإعلامية، فضلاً عن  ظهور العديد من القوانين والتشريعات التي تقيد العمل الإعلامي الإيراني خلال العقود الأربعة الماضية، إضافة إلى إجراءات صارمة تجاه مواضيع إعلامية عادية نشرت لتعيد بذلك الإعلام إلى سنوات عديدة للوراء، ومع مرور الوقت تتزايد القوانين المشرعة من قبل الهيئة التي تحد الكثير من مواضيع النشر الموجودة.

وبعدما تعرفنا على القالب الأساسي في تركيبة الإعلام الإيراني، لا بدَّ أن نشير إلى أن أهم خطوطه العريضة تتمثل في دعم السياسة الإيرانية وعدم وجود أي مساحة ممكنة لنقد الشأن الإيراني الداخلي، سواء من معوقات التنمية العديدة الموجودة، أو حتى الوضع الاقتصادي الصعب لمعظم أفراد الشعب الإيراني، وكذلك الحال فيما يخص الشأن الخارجي.

ويمكن تصنيف وسائل الإعلام الإيرانية وفقًا لطبيعة الوسائل إلى:

  • وكالات أنباء
  • قنوات تلفزيونية
  • محطات إذاعية
  • صحف
  • إنتاج سينمائي
  • مجلات
  • صحف بالإنجليزية

وجميع تلك الوسائل، رغم تجاوزها حاجز المئة، لا تكتسب أي تنوع فعلي، فجميعها تدور في فلك واحد وإطار محدد دون أي اختلاف يُذكر.

وسيأتي في تفاصيل المحاور القادمة ما هي أبرز تلك الوسائل، وما هي المواضيع التي يتناولها الإعلام الإيراني والأمور التي يتجنبها.

المحور الثاني

محاذير وتراجع حريات

إن المتعمق في شأن الإعلام الإيراني الداخلي يدرك تمام الإدراك أن الساحة الإعلامية لا تتوفر فيها البيئة المناسبة للعمل الإعلامي. فكما سبق أن ذكرنا أن الإعلام الإيراني بشقيه العام والخاص يعود مرجعيته إلى هيئة وكالة بث الجمهورية الإسلامية الإيرانية (IRIB) التي ترسم السياسة لكافة الإعلام الإيراني وتحدد محاذير النشر لديه.

ومن يتتبع المواضيع التي يطرحها الإعلام الإيراني عبر وسائله المتعددة الناطقة بالفارسية والإنجليزية، يلحظ أن ملامحه العامة تتمثل فيما يلي:

  • رسائل دعائية للنظام الإيراني.
  • تغذية روح العدائية تجاه دول المنطقة.
  • خطاب متشنج في مضامين المحتوى الإعلامي نحو الخارج.
  • إهمال تام لقضايا التنمية في الداخل الإيراني.
  • عدم الحديث عن الوضع الاقتصادي في الشارع الإيراني.
  • غياب المعلومة وحضور صبغة الرأي في كافة مضامين المحتوى الإعلامي.

هذه الملامح تعطي مدلولاً واضحًا عن كيفية سير الإعلام الإيراني الداخلي الذي تجاوز الوسائل فيه المئة وسيلة، مع ذلك ترتكز جميعها على ذات المرتكزات.

وأظهر عدد من الشبكات الإعلامية الدولية تقارير تبين تراجعًا مخيفًا في مستوى حريات الرأي في الإعلام الإيراني، بالإضافة إلى سلسلة الاعتقالات التي تعرض لها عدد من الصحفيين والإعلاميين.

واستندت تلك التقارير إلى أن الإعلام الإيراني يتم إعاقته من الحصول على المعلومة، بالإضافة إلى القيود الشديدة المفروضة عليه وحجم المحاذير العالية.

ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة سلسلة إغلاق لوسائل إعلام إيرانية خاصة؛ لأن أعداد الوسائل باتت تتناقص خلال السنوات الخمس الماضية.

وبالعودة لمضامين الإعلام الإيراني الداخلي نلحظ غيابًا كبيرًا لمواضيع وقضايا الشباب والأسرة في ذلك المحتوى رغم حجم المعاناة والإشكاليات التي يواجهونها، سواء من سوء الوضع الاقتصادي، أو تضخم أعداد البطالة وارتفاعها.

المحور الثالث

إثارة الفوضى والقلاقل

ولم يبتعد الإعلام الإيراني الخارجي في خط سيره ونهجه عن الإعلام الداخلي كثيرًا. فقد اتسمت تلك الوسائل الخارجية بالعديد من السمات:

  • تصدير الخطاب الدعائي الإيراني.
  • التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
  • توظيف تلك الوسائل لدعم الجماعات المتطرفة والتخريبية.
  • محاولة إثارة الفوضى في المنطقة.
  • تأجيج الصراع من خلال بث مضامين عدائية.
  • عدم الحديث والتطرق للشأن الإيراني الداخلي.
  • دعم السياسات الإيرانية الخارجية في المنطقة.
  • دعم حلفاء إيران في المنطقة.

هذه المعايير والسمات هي القاسم المشترك لكافة أذرعة إيران الإعلامية الخارجية، وهو أمر متوقع، خصوصًا – كما ذكرنا – أن هيئة وكالة بث الجمهورية الإسلامية الإيرانية IRIB)) ترتبط بعدد من الهيئات والوزارات ومن ضمنها وزارة الخارجية التي تعدُّ أكثر الوزارات ارتباطًا بهذه الهيئة؛ وهو ما أسفر عن تحول تلك القنوات إلى مكاتب دعائية للخارجية الإيرانية وسياساتها.

كما توجد وسائل إعلامية في المنطقة، وهي في ظاهرها غير تابعة لإيران، لكنها ممولة من قبلها وتمارس أدوارًا دعائية لسياسة إيران كقناة المنار اللبنانية التابعة لحزب الله. إذ تحرص كافة تلك الوسائل على استضافة الساسة أو المحللين السياسيين الإيرانيين لترويج سياسة إيران أو استضافة أشخاص يدعمون توجهاتها.

ونجد أن القاسم المشترك في كافة تلك الوسائل أنها غالبًا تعتمد على وكالة الأنباء الإيرانية في بث معلوماتها، بالإضافة إلى أن البرامج الحوارية ومناقشة الأخبار المطروحة فيها غالبًا ما تتم من قبل تلك الوكالة. ولا يسمح لتلك الوسائل استضافة أو طرح أي رأي يتنافى أو يختلف مع السياسة الإيرانية، سواء في الداخل، أو الخارج.

وبحسب الكثير من استطلاعات الرأي، فإن تلك القنوات لا تحظى بموثوقية لدى المتلقين العرب الذين غالبًا ما تخاطبهم تلك القنوات، لإدراكهم الأجندة الواضحة الموجودة في مضامينها التي تخدم السياسة الإيرانية.

المحور الرابع

أدوات دعائية

ولم تكتفِ إيران بوسائل إعلامها التي تبث للخارج في الترويج لسياستها وتمرير رسائلها الدعاية، بل ذهبت لما هو أبعد من ذلك من خلال إنشاء مراكز ثقافية إيرانية في عدد من العواصم العربية، ولم تكن تلك المراكز تهدف إلى نشر الثقافة قط، بل استعملت كأدوات للتسويق لمشروع إيران في المنطقة ومحاولة استمرار تصدير خطابها للخارج. كما سعت إيران إلى إنشاء عدد من مراكز البحوث بهدف تقديم معلومات مضللة وغير دقيقة للعامة.

هناك عدد من المجالات التي اتخذتها إيران في التسويق لمشروعها الدعائي، وهي:

  • قنوات خارجية تابعة لإيران.
  • قنوات خارجية ممولة من قبل إيران.
  • مراكز ثقافية إيرانية.
  • مراكز أبحاث ودراسات إيرانية.

وبالحديث عن المركز الثقافية الإيرانية نجد أن أبرز تلك المراكز التي مارست أدوارًا دعائية للسياسة الإيرانية هي:

  • المركز الثقافي الإيراني في السودان.
  • المركز الثقافي الإيراني في العراق.
  • المركز الثقافي الإيراني في تونس.
  • 32 مركزًا ثقافيًا إيرانيًا في إفريقيا.

غير أن تلك المراكز لم تدعم الحركة الثقافية قط، وإنما وضعت كأداة لمشروعات إيران السياسية في المنطقة؛ مما أدى إلى إغلاق العديد من تلك المراكز.

ففي عام 2014 أصدرت السلطات السودانية، قرارًا بإغلاق المركز الثقافي الإيراني في العاصمة الخرطوم وكافة ولايات البلاد. كما طالبت السلطات الملحق الثقافي وطاقم المركز بمغادرة البلاد في غضون 72 ساعة.

ومنذ عام 2007، وتحديدًا بعد إنشاء المركز الثقافي الإيراني في تونس، طالب عدد من المنظمات والجمعيات التونسية، الحكومة مرارًا بإغلاق ذلك المركز الذي أخذ أشكالاً غير ثقافية. وكذلك الحال لعدد من المنظمات في غرب إفريقيا التي أبدت شكوكًا وتوجسًا من مشاريع إيران عبر تلك المراكز الثقافية.

وفي سوريا وبالرغم من وجود المركز الثقافي في دير الزور الذي تأسس في عام 2018، فإن إيران سعت لاستخدام عدد من المشاريع الثقافية أيضًا في توظيف مشروعها السياسي. ففي عام 2009 أسست المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق، التي تقوم هي الأخرى بعدد من الأهداف السياسية تحت مظلة الجانب الثقافي.

المحور الخامس

حجب ومحاربة

ولم تحظَ شبكات التواصل الاجتماعي داخل إيران بأي من مناخات حرية الرأي والطرح، بل جاء التعاطي مع تلك الشبكات امتدادًا لسياسية إيران القمعية تجاه وسائل الإعلام التقليدية. غير أن آلية تنفيذ ذلك القمع على تلك الشبكات تتمثل بعدة أشكال، وهي:

  • حجب تلك الشبكات.
  • سن قوانين مبالغ جدًا في صرامتها تجاه مستخدمي الشبكات قبل حجبها.
  • إيجاد منصات بديلة لتلك الشبكات لضمان الرقابة على محتواها.

وعند الحديث عن محاولات النظام الإيراني لقمع شبكات التواصل الاجتماعي، لا بدَّ من الوقوف أمام عدد من اللحظات الهامة والفارقة لتلك الشبكات في إيران، وهي:

إن المتتبع لتلك الأحداث يلحظ عددًا من ملامح وجود تلك الشبكات في الداخل الإيراني، وهي:

  • وجد الشعب الإيراني ضالته في تلك الشبكات للتعبير عن آرائه تجاه سياسة بلاده وحالة السوء في الوضع الاقتصادي، خصوصًا أنه لم يجد طوال العقود الأربعة الماضية أيًّا من وسائل الإعلام التقليدية تناولت تلك القضايا بشفافية.
  • كانت تلك الشبكات تلعب دورًا رئيسًا وهامًا في الاحتجاجات والتظاهرات وحالة عدم الرضا في الشارع الإيراني، ما دفع بالسلطة الإيرانية لحجبها أكثر من مرة.
  • محاولة إيران إيجاد بدائل لتلك الشبكات حتى تخضع المحتوى الموجود فيها للرقابة الشديدة.
  • تبدل أعداد مستخدمي الشبكات في إيران بين فترة وأخرى، خصوصًا بعد أن يتم التضيق أو حجب أي شبكة يلجأ الإيرانيون إلى شبكات بديلة، ويعدُّ “تليجرام” أكثر الشبكات استخدامًا في الآونة الأخيرة لما يمتلكه من قدرة على تشفير الرسائل؛ وهو ما دفع بالحكومة الإيرانية للطلب من الشركة بإتاحة الحق لها بالتجسس على المحتوى، غير أن الطلب قوبل بالرفض.
  • رغم حالات الحجب والمنع في الداخل الإيراني فإن الساسة الإيرانيين يستخدمون تلك الشبكات في الخارج لبث الرسائل الدعائية والترويجية لبلادهم.
  • النسبة الضئيلة من إجمالي نسبة تشغيل الإنترنت في إيران تعطي مؤشرًا واضحًا لضعف وسوء البنية التحتية.
  • عدد كبير من المعبرين عن آرائهم قبل حجب تلك الشبكات كانوا عرضة للاعتقالات. 

المحور السادس

المشهد الإيراني ودوامة الصمت

من يقرأ تفاصيل المشهد الإيراني مع شبكات التواصل الاجتماعي، يمكن أن يسقط عليه نظرية دوامة الصمت، تلك النظرية التي يمكن إيجازها في أن هناك آراء تتشكل لدى عامة الناس وفق ما تطرحه لهم وسائل الإعلام من معلومات تراكمية حتى تتشكل لديهم تلك القناعات، إلا أنه ليس كل أفراد الجمهور يميلون إلى تبني وتصديق تلك الرسائل، فهناك فئة قليلة تختلف مع الآراء السائدة المتشكلة.

ويلخص “إليهو كاتز” فكرة نظرية دوامة الصمت في العبارات التالية:

– كل الأفراد لهم آراء.

– الخوف من العزلة الاجتماعية يجعل الأفراد لا يعلنون عن آرائهم إذا ما أدركوا أن هذه الآراء لا تحظى بتأييد الآخرين.

– يقوم كل فرد بعمل استطلاعات سريعة لمعرفة مدى التأييد أو المعارضة للرأي الذي يتبناه.

– تعدُّ وسائل الإعلام من المصادر الرئيسية لنشر المعلومات وعرض الآراء ونقل مناخ التأييد أو المعارضة.

– تقوم الأطر المرجعية الأخرى بعملها.

– تميل وسائل الإعلام لأن تتحدث بصوت واحد، غالبًا ما يكون محتكرًا.

– تميل وسائل الإعلام إلى التحيز في عرض الآراء مما يؤدي إلى تشويه الرأي العام.

– يدرك بعض الأفراد أو الجماعات أنهم مختلفون وغير مسايرين لرأي الأغلبية، مما يجعلهم إمَّا يغيرون آراءهم لتتسق مع رأي وسائل الإعلام، أو يؤثرون الصمت تجنبًا للضغوط الاجتماعية.

ومن ثَمَّ، فإن الأقلية الصامتة التي كانت تخشى الكشف عن آرائها لاعتبارات عديدة وجدت في شبكات التواصل الاجتماعي نافذة مهمة وموائمة للتعبير عنها.

وبالعودة إلى تطبيق تلك النظرية على التعاطي الإعلامي في إيران، نجد أن وسائل الإعلام التقليدية سعت خلال أربعة عقود ماضية لوضع صورة نمطية محددة ورسائل موجهة لتشكيل رأي عام؛ بيد أن هناك فئة كانت صامتة من الشعب الإيراني خشية الخوف من البوح بعدم اتفاقها مع ما هو سائد في تلك الوسائل الإعلامية.

وقد وجدت تلك الفئة من شبكات التواصل فرصة مناسبة للتعبير عن آرائها بكل وضوح، وتحديدًا مع بداية استخدام تلك الشبكات في أواخر العقد الماضي، فلم يعد هناك فئة صامتة موجودة في الداخل الإيراني بفضل شبكات التواصل الاجتماعي.

 

أكاديمي متخصص في العلاقات العامة*

أكاديمي متخصص في الصحافة*

 

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر