سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
نير كشتري
تتزايد المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في مجال الميتافيرس، فيما يعرف بـ”الميتافيرستيس” metaversities، إذ يتنقل الحرم الجامعي إلى العالم الافتراضي عبر الإنترنت، ويُطلق عليه غالبًا metaverse.
وتتضمن إحدى المبادرات الخاصة بذلك عشر جامعات وكليات أميركية تعمل مع شركة “ميتا” Meta، وهي الشركة الأم لـ”فيسبوك” Facebook، وشركة الواقع الافتراضي “فيكتوري إكس آر” VictoryXR لإنشاء نسخ متماثلة ثلاثية الأبعاد عبر الإنترنت، وتسمى أحيانًا “التوائم الرقمية”، إذ تعمل من خلال الحرم الخاص بها على تحديثها بشكل مباشر مع انتقال الأشخاص والعناصر عبر مساحات في العالم الحقيقي إلى العالم الافتراضي.
وهناك العديد من الفوائد لأخذ دروس جامعية في مجال “الميتافيرس”، مثل التعلم المرئي ثلاثي الأبعاد، والتفاعل الأكثر واقعية، وسهولة الوصول للطلاب البعيدين. لكن هناك أيضًا مشاكل محتملة. فقد ركزت الدراسات الأخيرة على الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والعملية للميتافيرس، مثل مخاطر انتهاكات الخصوصية وخروقات الأمان، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى التحديات الخمسة التالية:
أولاً: تكاليف كبيرة ووقت كبير
توفر مؤسسة الميتافيرس بديلاً تعليميًا منخفض التكلفة في بعض الإعدادات. فعلى سبيل المثال، يكلف بناء المختبرات ملايين الدولارات ويتطلب الكثير من المساحة الأرضية والصيانة، وفي هذا الشأن جعل المختبر الافتراضي التعلم العلمي ميسورًا من حيث التكلفة في جامعة فيسك الأميركية. ومع ذلك، فإن تراخيص محتوى الواقع الافتراضي، وبناء حرم جامعي رقمي مزدوج، وسماعات رأس للواقع الافتراضي، ونفقات استثمارية أخرى تضيف تكاليف للجامعات.
ويمكن أن تكلِّف ترخيص دورة الميتافيرس الدراسية الجامعات ما لا يقل عن عشرين ألف دولار، ويمكن أن تصل إلى مئة ألف دولار لحرم جامعي رقمي مزدوج. وتتقاضى شركة فيكتوري إكس آر رسوم اشتراك سنوية قدرها مئتا دولار لكل طالب للوصول إلى الميتافيرس الخاص بها.
بجانب ذلك، هناك رسوم إضافية لسماعات الواقع الافتراضي. وتقدم شركة ميتا عددًا محدودًا من سماعات الواقع الافتراضي الخاصة بها، “ميتا كويست 2” Meta Quest 2، مجانًا للامتيازات التي أطلقتها شركتا ميتا وفيكتوري إكس آر، وهو ما يعد أقل مما هو مطلوب؛ إذ تبلغ تكلفة الإصدار المنخفض 128 جيجابايت من سماعة ميتا كويست 2، نحو أربعمئة دولار. كما تتطلب إدارة وصيانة عدد كبير من سماعات الرأس، بما في ذلك إبقاؤها مشحونة بالكامل، تكاليف تشغيلية ووقتًا إضافيًا.
وتحتاج الكليات أيضًا إلى وقت وموارد كبيرة لتوفير التدريب لأعضاء هيئة التدريس لتقديم دورات الميتافيرس، وهو يتطلب مزيدًا من الوقت لتقديم هذه الدورات، التي سيحتاج الكثير منها إلى مواد رقمية جديدة تمامًا.
ثانيًا: مخاوف تتعلق بخصوصية البيانات وأمنها وسلامتها
تعتمد نماذج الأعمال الخاصة بالشركات التي تطور تقنيات الميتافيرس على جمع البيانات الشخصية التفصيلية للمستخدمين. فعلى سبيل المثال، يجب على الأشخاص الذين يرغبون في استخدام سماعات الواقع الافتراضي من شركة ميتا أن يكون لديهم حسابات على “فيسبوك”. ويمكن لسماعات الرأس جمع بيانات شخصية وحساسة جدًا مثل: الموقع، والميزات الجسدية للطلاب وحركاتهم والتسجيلات الصوتية. لكن شركة ميتا لم تتعهد بالحفاظ على خصوصية هذه البيانات أو تقييد الوصول الذي قد يضطر المعلنون إليه.
ثم إن الشركة تعمل على سماعة رأس واقع افتراضي متطورة تسمى “بروجيكت كامبريا” Project Cambria ، مع قدرات أكثر تقدمًا. وستسمح المستشعرات الموجودة في الجهاز لصورة رمزية افتراضية بالحفاظ على التواصل البصري وإجراء تعابير وجه تعكس حركات عين المستخدم ووجهه، ويمكن أن تساعد معلومات البيانات المعلنين في قياس انتباه المستخدمين واستهدافهم بالإعلانات المخصصة.
وعلى هذا، لا يجوز للأساتذة والطلاب المشاركة بحرية في المناقشات الصفية إذا كانوا يعلمون أن جميع تحركاتهم وكلامهم وحتى تعبيرات وجوههم يتم مراقبتها من قبل الجامعة، وكذلك إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى.
ويمكن أن تسبب الهجمات الإلكترونية في الميتافيرس ضررًا جسديًا. إذ توفر واجهات هذه التقنية مدخلات مباشرة في حواس المستخدمين، لذا فهي تخدع عقل المستخدم بشكل فعال للاعتقاد بأن المستخدم في بيئة مختلفة. ويمكن للأشخاص الذين يهاجمون أنظمة الواقع الافتراضي التأثير على أنشطة المستخدمين المنخرطين فيها، بل حتى حثهم على الانتقال جسديًا إلى مواقع خطرة، مثل أعلى الدرج.
ثالثًا: عدم وصول البنية التحتية المتطورة إلى المناطق النائية
إن العديد من تطبيقات الميتافيرس مثل مقاطع الفيديو ثلاثية الأبعاد ذات النطاق الترددي الكثيف، تتطلب شبكات بيانات عالية السرعة للتعامل مع جميع المعلومات المتدفقة بين أجهزة الاستشعار والمستخدمين عبر الفضاء الافتراضي والمادي. ويفتقر العديد من المستخدمين، لا سيما في المناطق الريفية، إلى البنية التحتية لدعم تدفق المحتوى عالي الجودة للميتافيرس. فعلى سبيل المثال، نجد أن نحو 97% من السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية في الولايات المتحدة لديهم إمكانية الوصول إلى اتصال عالي السرعة، مقارنة بـ65% في المناطق الريفية و60% في الأراضي القبلية.
رابعًا: التكيف مع التحديات في بيئة جديدة
يتطلب بناء وإطلاق جامعة للميتافيرس تغييرات جذرية في نهج المدرسة للتعليم والتعلم. فعلى سبيل المثال، نجد أن طلاب الميتافيرس ليسوا مجرد مستلمين للمحتوى، ولكن مشاركين نشطين في ألعاب الواقع الافتراضي وأنشطة أخرى. ويمكن أن يؤدي الجمع بين التقنيات المتقدمة مثل التعلم القائم على الألعاب والواقع الافتراضي مع الذكاء الاصطناعي إلى إنشاء تجارب تعليمية مخصصة ليس في الوقت الفعلي، ولكن من ذوي الخبرة في كليات الميتافيرس. ويمكن للأنظمة التلقائية التي تصمم المحتوى وسرعة التعلم وفقًا لقدرة الطالب واهتمامه أن تجعل التعلم في الميتافيرس أقل تنظيمًا، مع عدد أقل من القواعد المحددة.
خامسًا: تضخم التحيزات
تعد التحيزات الجنسانية والعرقية والأيديولوجية شائعة في كتب التاريخ والعلوم والمواضيع الأخرى، وهو ما يؤثر في كيفية فهم الطلاب لأحداث وموضوعات معينة. ففي بعض الحالات، تمنع هذه التحيزات تحقيق العدالة والأهداف الأخرى، مثل المساواة بين الجنسين. ويمكن أن تكون تأثيرات التحيزات أكثر قوة في بيئات الوسائط الغنية، فالأفلام أكثر قوة في تشكيل آراء الطلاب من الكتب المدرسية. ذلك أن محتوى الميتافيرس لديه القدرة على أن يكون أكثر تأثيرًا. ولتعظيم فوائد الميتافيرس للتعليم والتعلم، سيتعين على الجامعات وطلابها أن يكافحوا لحماية خصوصية المستخدمين، وتدريب المعلمين، وتنمية الاستثمار الوطني في شبكات النطاق العريض.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: The Conversation
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر