سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مفتاح شعيب
يواصل اللاعبان الروسي والأميركي شد الحبل حول أوكرانيا مع دوزنة إيقاع يجمع بين الإثارة والتشويق. وفي الخفاء تعمل القنوات السرية على مدار الساعة بين القوتين العظميين لتجنب أية مفاجأة غير سارة، بينما يعيش الطرف الأوروبي أزمة حقيقية مع تنامي الهواجس من اندلاع صراع واسع النطاق ستدفع الجانب الأكبر من ثمنه أوروبا، قبل روسيا والولايات المتحدة، وإن لم يندلع صراع فإن حضورها دبلوماسياً سيكون هامشياً بعدما سلمت دفة المواجهة إلى واشنطن.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحمل ملف القضية الأوكرانية من عاصمة إلى أخرى، والمسؤولون في واشنطن يراوحون، في تصريحاتهم اليومية، بين التهديد والتهدئة، وهو ما يقابله نظراؤهم الروس برد التهديد حيناً، وبالتجاهل والسخرية أحياناً، والكل ينتظر ما ستسفر عنه الأيام والأسابيع المقبلة، مع التسليم سلفاً بأن الوضع شديد الخطورة ويستحق الكثير من الانتباه والتيقظ. فروسيا تحشد المزيد من القوات العسكرية وتجري مناورات قتالية في أكثر من موقع. والجانب الغربي لا يجد من سبيل غير التلويح بفرض عقوبات اقتصادية مدمرة على موسكو، طالما أن الخيار العسكري غير مطروح وغير قابل للتنفيذ لاعتبارات تفرضها موازين القوة. وربما يكون اللقاء المرتقب بين بلينكن ونظيره الروسي سيرجي لافروف حاسماً لتوضيح المسار الذي سينتهجه خط الأزمة. وحتى إذا كان هناك بعض التفاؤل فإنه يصطدم بموقف روسي صلب يطالب باستجابات غربية سريعة بشأن جملة من الأهداف جمعتها في سلة واحدة، هي منع أوكرانيا من الانضمام إلى عضوية «الناتو»، وفرض قيود على قوات الحلف في الدول التي كانت يوماً ما في الكتلة السوفييتية، مثل بولندا ودول البلطيق.
المطالب الروسية، قد تكون من الناحية النظرية غير قابلة للتطبيق بالنسبة إلى المعسكر الغربي، ولكن لا مفر من مناقشتها والحوار حولها، وإلا فإن التحذيرات من العواقب الكارثية لن تظل حبراً على ورق، بل ستصبح أمراً واقعاً في لحظة مفاجئة إذا تعطلت جميع القنوات. وتجنباً لهذا السيناريو المرعب، ربما يهتدي اللاعبان الكبيران إلى التوقف عن شد الحبل وأخذ برهة للتأمل، وهو ما سيحدث على الأرجح، رغم محاولات بعض الأطراف الدفع بالأوضاع إلى ما قبل الانفجار، سواء بإطلاق التصريحات ضد روسيا، أو القيام بحركات أخرى مثل إعلان بريطانيا عن تزويد كييف بصواريخ مضادة للدبابات، التي لن تغير شيئاً إذا اندلعت حرب، ولكن وظيفتها الأساسية، في هذا التوقيت، تصعيد الموقف تمهيداً لأي مفاوضات محتملة.
وسط هذا الجو المتوتر يقف الجانب الأوروبي وسط المشهد مشتت المواقف والسياسات، فيما تشبه المرحلة الحالية ما أعقب الحرب العالمية الثانية عندما انقسمت كل الدول الأوروبية تقريباً بين مناطق نفوذ لواشنطن وأخرى لموسكو. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي انقلبت الموازين كلياً لصالح الغرب. ويبدو أن كل الذي يجري بسبب ذلك الانقلاب. وسعياً لإعادة التوازن تجري مفاوضات سرية وعلنية لرسم خرائط نفوذ جديدة لا تختلف كثيراً عما كان عليه الحال أيام الحرب الباردة، وإلا فإن الأمور ستشهد انفلاتاً كبيراً لا يمكن مطلقاً توقع حدوده.
المصدر: صحيفة الخليج
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر