سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كيفن سيف
يبلغ عدد المهاجرين الموجودين في مراكز الاحتجاز خمسة أضعاف قدرات استيعابها، فالمهاجرون المحتجزون في الملاعب الرياضية، لا يوجد ما يكفي لخدمتهم من عاملين بالمجال الطبي أو الرعاية الصحية.
في الأسابيع التي تلت توقيع المكسيك اتفاقية مع الولايات المتحدة لوقف تدفقات الهجرة، تدهورت الأوضاع في مراكز الاحتجاز والملاجئ بشكلٍ كبيرٍ، وذلك وفقًا للدبلوماسيين ومسؤولي حقوق الإنسان الذين زاروا المنشآت.
وقال “رانجر موراليس”، قنصل غواتيمالا في ولاية “تشياباس” الجنوبية، وهي المحطة الأولى لغالبية الوافدين من أميركا الوسطى الذين يدخلون المكسيك: “إنها إهانة مطلقة، فمواطنو بلدي لا يتلقون رعاية طبية. كما أن هناك أطفالاً مرضى، وأن الظروف التي رأيتها هي الأسوأ”.
لقد خصصت المكسيك – تاريخيًا – موارد أقل بكثير لإنفاذ قوانين الهجرة من الولايات المتحدة. ولكن في محاولة لتجنب التعريفات الأميركية التي هدد بها الرئيس ترمب، أرسلت المكسيك عناصر من الحرس الوطني الجديد إلى حدودها الجنوبية، وضاعفت عدد نقاط التفتيش في الطرق السريعة من أجل وقف تدفق المسافرين من أميركا الوسطى شمالاً إلى الولايات المتحدة، ويعمل المسؤولون حاليًا على الالتزام بحدود 45 يومًا لوقف المد.
أدى كل ذلك إلى زيادةِ عددِ المهاجرين والمعتقلين، مع عدم وجود أي ملاجئ أو مراكز للاحتفاظ بهم. حيث تقول اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في المكسيك إن الملاجئ ومراكز الاعتقال المتعددة تعمل حاليًا بشكل مكثف.
وقال المفتش العام لمجلس حقوق الإنسان “إدغار كورزوسوسا”، الذي يزور مراكز إيواء اللاجئين أسبوعيًا، إنه “مع هذا القدر من الاكتظاظ السكاني، لا يمكنك التعامل مع الناس بكرامة، ذلك أن القلق يكمن في احتمال زيادة العمليات، ومعها عدد من المهاجرين المحتجزين”. وفي مدينة “تشياباس” في “تاباتشولا”، قام المسؤولون بتحويل أرض المعارض الموجودة في الهواء الطلق إلى مأوى مؤقت، حيث قام المحتجزون بتنظيم مظاهرة كبيرة. وخلال جولة “كورزو” صرخت امرأة عبر السياج إليه قائلة “ساعدني.. ساعدني أنا وابني، إنه مريض، ابني يموت”. وكان المسؤولون يغلقون مركز الإيواء. وفي مدينة “كوميتان”، كما هو في” تشياباس”، قال “موراليس” إنه شاهد حوالي 360 مهاجرًا في مبنى بسعةِ 90 شخصًا.
وقد ألقت تلك الظروف بظلالٍ من الشك على قدرة المكسيك على الوفاء بوعودها تجاه إدارة ترمب، بإنهاء الهجرة إلى الولايات المتحدة بسرعة، مع ضمان المعاملة الإنسانية للمهاجرين. كما يزيد الوضع توترًا في علاقات المكسيك مع جيرانها في أميركا الوسطى، حيث يعبر دبلوماسيون حاليًا عن قلقهم بشأن الطريقة التي يعامل بها مواطنو بلدانهم.
واعترف وزير خارجية المكسيك “مارسيلو إبرارد”، الشهر الماضي، بأن منشآت الهجرة القريبة من الحدود الجنوبية للمكسيك “أقل بكثير من المعايير المطلوبة”. وبالتالي كُلِّف نائب وزير خارجية أميركا اللاتينية، “ماكسيميليانو رييس”، بتحسين ظروف بعض الملاجئ وتوسيعها. لكن مع ارتفاع عددِ المهاجرين المحتجزين بهذه السرعة، بدأت الإصلاحات. وفي مدينة “توكستلا غوتيريز”، بعد احتجاز 400 مهاجر في منشأة بسعة 80 شخصًا، وافق المسؤولون على نقل البعض إلى ساحة ملاكمةِ قريبةِ، مما أغضب مسؤولي حقوق الإنسان. وفي أعقاب ذلك، احتجزت المكسيك 99.203 مهاجرين هذا العام، وقامت بترحيل 71.110 منهم، وفقًا لوكالة الهجرة التابعة لها. ويعدُّ هذا أكثر مما تمَّ احتجازه في عام 2017. وفي يونيو وحده، قامت المكسيك باحتجاز 29.153 مهاجرًا، وهو ما يُعَدُّ أكبر عددًا في تاريخ المكسيك الحديث. وفي شمال المكسيك، التي يتم الخروج منها إلى الولايات المتحدة عدد متزايد من طالبي اللجوء في انتظار جلسات الاستماع الخاصة بهم، ويتخذ عددٌ منهم صفقة الهجرة، فأصبحت القدرة على مواجهة ذلك تمثل مشكلةً كبيرةً أيضًا.
أبلغ مسؤولو الجمارك وحماية الحدود الأميركية حكومة بلدية “نويفو لاريدو” أنهم سيبدؤون قريبًا في إرسال طالبي اللجوء لمقرات الانتظار في المدينة. لكن حاكم المدينة، “راؤول كارديناس”، قال إن ملاجئ “نويفو لاريدو” كانت تكتظ بالنزلاء بالفعل، وإن المسؤولين سيضطرون الآن إلى التفكير في إرسال المهاجرين إلى ملعب البيسبول المحلي أو ملعب كرة السلة.
وبموجب القانون الدولي، فعندما تحتجز المكسيك مواطنًا أجنبيًا على أراضيها، فإنها مُلزمة بإبلاغ قنصلية بلاد ذلك الشخص. لكن “موراليس” قال إن المكسيك قامت باحتجاز 59 شخصًا من غواتيمالا في جنوب المكسيك دون إبلاغه أو أي مسؤولين غواتيماليين آخرين. وقد التقى بهم “موراليس” في زيارة روتينية إلى مركز احتجاز في “كوميتان”، حيث وصف الظروف بأنها “بائسة”. وقال “إنهم يولدون أزمة مروعة، وإن الأسوأ هو أنهم لا يخبروننا دائمًا عندما يحتجزون مواطنينا”. ولا يعدُّ المسؤولون الغواتيماليون وحدهم الغاضبين؛ فقد أصيبت امرأة من “السلفادور” تبلغ من العمر 19 عامًا بالرصاص بعد أن مرت الشاحنة التي كانت تقلها والمهاجرين الآخرين عبر نقطةِ تفتيشٍ في ولاية “فيراكروز”، وألقى الشهود والناجون باللوم على الشرطة، في حين تقوم الحكومة بالتحقيق في تلك الواقعة.
كان المسؤولون من “السلفادور” حريصين على عدم التحدث علنًا أثناء التحقيق. لكنهم، وفي شكل منفرد، أعربوا عن قلقهم العميق من احتمال أن يتم إطلاق النار على المزيد من المهاجرين على أيدي الشرطة المكسيكية في خِضَمِ الحملةِ، ومع تزايد كثافة انتشار الحرس الوطني. ويقول مسؤول سلفادوري، قام بالعمل مع المكسيك في قضايا الهجرة “رغم أن الهجرة في المكسيك لا تُعَدُّ جريمة، فإن المهاجرين يُعامَلُون كمجرمين ويشعرون بذلك”. ولم يكن مسموحًا لذلك المسؤول بالتحدث علنًا، إلا أنه تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، فقال إنه “مع الموعد النهائي الذي تمتثل فيه المكسيك للاتفاق مع الولايات المتحدة، من الممكن أن تتكثف الإجراءات، ويتزايد عدد الضحايا خارج مراكز الاحتجاز وداخلها”.
وفي عهد الرئيس “أندريس مانويل لوبيز أوبرادور”، قالت حكومة المكسيك إنها ستعمل على تحقيق التوازن بين إنفاذ قوانين الهجرة واحترام حقوق المهاجرين. كما قال “لوبيز أوبرادور” نفسه إن أي مهاجرٍ يحتاج إلى اللجوء، يمكنه التقدم للحصول على تأشيرة إنسانية للعيش والعمل في المكسيك. لكن غالبًا ما يتم احتجاز المهاجرين لأيام أو أسابيع أثناء حصولهم على هذه التأشيرات، كما أنه غالبًا ما تتجاوز فترة الـ15 يومًا التي يفرضها القانون المكسيكي، وذلك وفقًا لـ”سوسا”، مسؤول حقوق الإنسان، وعادة ما يتم إصدار التأشيرات في جنوب المكسيك، لكن تأشيراتهم تكون معلقة، كما أن عملية التأشيرة، وبخاصة التأشيرات الإنسانية، تواجه تراكمًا هائلاً. وبالتالي يمكن للمهاجرين الانتظار لعدة أشهر دون ضمان المأوى أو الطعام، حيث ينام المئات حاليًا في شوارع “تاباتشولا”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: واشنطن بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر