سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بيتر جان دوك
في عام 2016، وقعت الانتخابات الرئاسية الأميركية ضحية لحرب المعلومات الروسية، ففي محاولة للتأثير على النتيجة قام قراصنة مدعومون من الكرملين، بسرقة وتسريب وثائق من حملة المرشحة “هيلاري كلينتون”، ليقوموا بعد ذلك بنشر المواد على وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق الروبوتات الروسية، كجزء من حملة أوسع لنزع الشرعية عن المرشح الرئاسي. كذلك انتهكت المخابرات الروسية البنية التحتية للانتخابات الرقمية للتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية، وفي الآونة الأخيرة وخلال الانتخابات الرئاسية لعام 2020، حاول الخصوم الأجانب مرة أخرى التشويش، ولكن نتيجة لاستراتيجية أمنية جديدة للانتخابات لم تسفر تلك الهجمات إلا عن حوادث طفيفة.
الدفاعات السيبرانية
ركَّز الجانب الأول من استراتيجية واشنطن ذات المحاور الأربعة على تعزيز الدفاعات الإلكترونية للانتخابات، ففي عام 2016 واجهت سلطات الانتخابات في الولايات والسلطات المحلية موارد غير كافية، مما جعلها مزودة بمعدات اقتراع قديمة وبرامج قديمة كانت عرضة للهجمات. ويمكن القول إن المشكلة الأكبر هي الافتقار إلى التنسيق بين مختلف الجهات المسؤولة عن تأمين البنية التحتية للانتخابات، ومع انتشار المسؤولية عبر المستويات المحلية والولائية والفيدرالية، فغالبًا ما كان مسؤولو الانتخابات غير مطلعين على سلطة إعداد التقارير الصحيحة.
ولمعالجة هذه المخاوف وافق الكونجرس الأميركي على تمويل الولايات القضائية الانتخابية لتحديث دفاعاتها. وصنفت وزارة الأمن الداخلي البنية التحتية للانتخابات على أنها بنية تحتية حيوية، وخصصت لها أموالاً إضافية ومنحتها سلطة تعزيز آليات الاتصال. كما أنشأت مقرًا مركزيًا لجمع ونشر المعلومات الاستخبارية حول التهديدات الإلكترونية للانتخابات.
الإسناد العام
بدأت الولايات المتحدة بشكل متزايد في تتبع الهجمات الإلكترونية ومعاقبة مرتكبيها، وذلك في محاولة لردع التدخل في الانتخابات بالمستقبل. إن صعوبة تحديد مصدر الاختراق متأصلة في عالم الإنترنت، حيث يستخدم المهاجمون تقنيات التعتيم المختلفة لإخفاء مواقعهم وهوياتهم، أو حتى الاستعانة بمصادر خارجية لعملياتهم بالكامل، وكنتيجة لذلك كانت الحكومات مترددة بشكل عام في المناداة العلنية للجهات الفاعلة السيبرانية والعمل ضدها.
ومع ذلك كان عام 2016 نقطة تحول، ففي الفترة التي سبقت انتخابات 2020، تحولت واشنطن إلى فرض عقوبات، وقبل شهر واحد من الانتخابات فرضت عقوبات على ستة متسللين روس مدعومين من الدولة، اتهموا بالتدخل في الانتخابات الأميركية لعام 2016، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في أوكرانيا، وفي مهاجمة البرلمان في جورجيا. كما تمَّ فرض عقوبات على مجموعة قرصنة روسية أخرى مسؤولة عن استهداف مصفاة نفط سعودية في عام 2017. وفي عام 2018 أدت تحقيقات “مولر” إلى توجيه الاتهام إلى 12 من ضباط المخابرات الروسية، المسؤولين عن اختراق حملة “كلينتون”.
التحرك نحو الأمام
لقد استخدمت واشنطن استراتيجيتها الإلكترونية “الدفاع إلى الأمام” لحماية الانتخابات، حيث تسمح هذه الاستراتيجية للولايات المتحدة، بتنفيذ عمليات سيبرانية وقائية لتأمين بنيتها التحتية الرقمية، ويمكن استخدام هذه الإجراءات الهجومية لجمع المعلومات الاستخباراتية، أو إرسال رسالة، أو فرض تكاليف على الخصوم الأجانب، الذين يتطلعون إلى مهاجمة البنية التحتية الأميركية.
أجرت القيادة الإلكترونية الأميركية المسؤولة عن الأعمال السيبرانية الهجومية، العديد من العمليات الأمامية للدفاع عن انتخابات 2020، إذ نشرت فرقًا في أماكن مثل أوكرانيا لجمع المعلومات الاستخبارية حول أحدث أدوات القرصنة وآخر تقنيات الخصوم، والتي كانت في هذه الحالة روسيا، حيث لم يتم استخدام هذه المعلومات داخل الحكومة فحسب، بل تم الكشف عنها علنًا في بعض الأحيان لزيادة تقويض قدرات الجهات الأجنبية.
يمكن القول إن الحملة الأكثر لفتًا للانتباه كانت الضربة الوقائية ضد “شبكة تريك بوكTrickBot “، وهي شبكة للإيجار تضم أكثر من مليون جهاز كمبيوتر تستخدم لتنفيذ الهجمات الإلكترونية، فقد اشتبهت واشنطن في أن الشبكة التي يُزعم أن قراصنة الإنترنت الروس يسيطرون عليها، يمكن أن يستخدمها الكرملين لاستهداف الانتخابات، وبعد شهر من الانتخابات قامت قوات الأمن السيبراني Cyber” Command” باختراقها لتعطيل العمليات.
التضليل
أخيرًا، وتحت ضغوط من واشنطن اتخذت منصات التواصل الاجتماعي، إجراءات للحد من انتشار المعلومات المضللة، ففي عام 2016 كانت لمنصات مثل “فيسبوك” و”تويتر” دور هام في عمليات التأثير الروسية؛ التي استخدمت هذه المنصات لتضخيم رسائلها المناهضة لـ”كلينتون”، ومع ذلك ظلّت شركات وسائل التواصل الاجتماعي مترددة في التعامل مع هذه المشكلة.
ولإجبار المنصات على العمل استهدف المشرعون بشكل خاص المادة 230 من قانون آداب الاتصالات، ويعدُّ النظام الأساسي أمرًا بالغ الأهمية لعمليات الشركة، فهو يوفر لهم حصانة قانونية للمحتوى المنشور على المنصات الخاصة بهم. وفي الفترة التي تسبق انتخابات 2020 دعا عدد متزايد من المشرّعين من كلا الحزبين إلى إلغاء الدرع القانوني.
ونتيجة لذلك، طبَّقت هذه الشركات بشكل متزايد سياسات للحد من انتشار المعلومات الانتخابية المثيرة للجدل، حيث قامت بإلغاء عمليات تضخيم المحتوى المشكوك فيه من خلال خوارزميات معينة. كما قلّلت من قدرة المستخدم على مشاركة هذه المنشورات، وقامت بحظر الإعلانات السياسية، حتى إن “تويتر” قامت بحظر مقالٍ في “نيويورك بوست” يشوه سمعة ابن “جو بايدن”، إذ منعت مشاركته على المنصة تمامًا، وقد كان ذلك إجراء فعالاً، لكنه تعرض لانتقادات واسعة النطاق اعتذرت عنه الشركة لاحقًا.
استنتاج
لقد كان التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، بمثابة جرس إنذار للولايات المتحدة، فمن خلال تعزيز دفاعاتها الرقمية، واستدعاء المتسللين، وإجراء عمليات هجومية، ومعالجة المعلومات المضللة، نجحت في حماية مساحة معلومات انتخابات 2020. ومع ذلك، فمع استمرار تزايد تعقيد عمليات الخصم، سوف يكون من المتعين على سياسات واشنطن أن تتكيف مع تلك المشكلة، حيث سيشكل النهج الرباعي المحاور الذي اتخذته في الفترة التي تسبق عام 2020، مخططًا لهذه الاستراتيجية المتطورة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر