سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مانوج كومار ميشرا
تسعى باكستان إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الصادر عام 1948 والذي ينصُّ على ضرورة إجراء استفتاء في جميع أنحاء إقليم كشمير، يُخَيَّر فيه السكان بين العيش في مقاطعة تسيطر عليها الهند أو باكستان.
وينصُّ قرار 1948 على ضرورة أن يتضمن الاستفتاء بشأن كشمير تقديم خيارين للمواطنين على الأقل بإمكانية أن تصبح المقاطعة المقسمة حاليًا جزءًا من الهند أو باكستان. ومع ذلك، فحتى فكرة منح الشعب الكشميري خيار التصويت من أجل الاستقلال لن يحل كافة مشاكل المقاطعة؛ فعلى سبيل المثال، فأيًّا كانت المسميات المستخدمة لتعريف المنطقة الجغرافية لإقليم كشمير الذي تسيطر عليه باكستان حاليًا، فإن المنطقة معروفة بشكل مختلف تحت مسمى “أزاد كشمير” أو “كشمير المحتلة من قبل باكستان” مثلها مثل “وادي كشمير”.
وتعترض الهند على مبادرة “الحزام والطريق” التي تتبناها الصين باعتبارها تمثل ممرًا عبر هذه المنطقة المتنازع عليها وهو ما يؤدي إلى تعقيد قضاياها الإقليمية. وقد أدى التطرف المتنامي الذي يشهده إقليم وادي كشمير إلى دفع الكثير من السكان إلى مغادرة منازلهم والعيش في مناطق أخرى. ولم يعد من الواضح أكانت باكستان ستسمح بإجراء أي استفتاء في هذه المنطقة المتنازع عليها، أم لا؟
وحتى يتم إعادة تأهيل النشطاء المتطرفين في كشمير، فإن أي فكرة حول إجراء استفتاء عام ستكون غير عادلة بالنسبة للأشخاص الذين يعيش في الإقليم، إذ تشير الهند إلى إجراء الانتخابات بنجاح باعتبار ذلك يمثل أحد مصادر شرعيته المستمرة في الإقليم، بينما ترفض باكستان هذه المزاعم وترى أن ذلك من شأنه أن يدعم الكفاح من أجل استقلال كشمير. فالتطورات التاريخية التي شهدها إقليم ترجح الكفة الهندية؛ لأنه بعد فترة وجيزة من التقسيم الذي حدث عام 1947، دفعت التوغلات القبلية التي قامت بها باكستان، حاكم الإقليم “هاري سينغ” – آنذاك – للتوقيع على وثيقة الانضمام في 26 أكتوبر 1947، وهي وثيقة قانونية تضفي صبغة رسمية على قبول إقليم كشمير للهيمنة الهندية.
وبعد ذلك، وقعت كل من الهند وباكستان على اتفاقية “سيملا” في 1972، وهي الاتفاقية التي أكدت أن كشمير تمثل قضية ثنائية ينبغي العمل على حلها من خلال المفاوضات، وإزالة أي مساحة لتدخلات الطرف الثالث.
لكن خلال الآونة الأخيرة، قدَّمت باكستان حُجةً مفادها بأن اتفاق “سيملا” لا يمكنه أن يتجاهل قرار مجلس الأمن الدولي سالف الذكر، الذي ينصُّ على إجراء الاستفتاء، رغم المشاكل المرتبطة بإجراء التصويت.
ومع ذلك، نجد أن العديد من القوى الدولية الكبرى التزمت موقفًا حياديًا صارمًا بشأن قضية كشمير، مثل: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وإسرائيل وأستراليا واليابان والصين وجامعة الدول العربية، وتجنبت جميعًا التورط في السياسة الكشميرية، ولا سيَّما ما يتصل بقرار مجلس الأمن الدولي الصادر عام 2010 بشأن رفع كشمير من قائمة المناطق ذات النزاعات الدولية التي لم تُحَلَّ بعد.
ويلاحظ هنا أن العامل الديني لا يحتل مكانة كبيرة في مسألة صياغة أية تدابير حاسمة بشأن إقليم كشمير. فالهند يسكنها عددٌ أكبر من المسلمين، بل إن عددهم أكبر من أولئك الموجودين في العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، وقد تبنى دستورها النهج العلماني، وتضمن تدابير تهدف إلى المساعدة في توفير الحماية والأمن والتنمية الاقتصادية للأقليات.
ومع ذلك، فإن ادعاء الهند بأن كشمير جزء لا يتجزأ منها وأن الأراضي الباكستانية يجب أن تحل فقط من خلال المفاوضات الثنائية، يبدو متناقضًا؛ فبمجرد إعلان نيودلهي أن كشمير جزءًا لا يتجزأ من الهند، أحبطت بذلك إمكانية إجراء أي مناقشات مع الأحزاب القومية في باكستان.
وفي حين أن العديد من الهجمات الإرهابية الأخيرة على الجانب الهندي كانت من تدبير جهات فاعلة عبر الحدود، إلا أن موقف نيودلهي من الإرهاب عبر الحدود إنما يستند إلى انتقادات دائمة لتورط المؤسسات الحكومية في باكستان في عملية تصدير الإرهاب. وعلى الرغم من الاستخدام المتكرر لعبارة “الإرهاب الذي ترعاه الدولة” في الهند، فإن مفهوم الدولة يتسم بقدر كبير من الاتساع، ويشمل كافة السكان في منطقة معينة.
بجانب ذلك، فقد اتهمت الهند باكستان بقيامها بدورٍ خفي في إثارة التمرد والفوضى في إقليم كشمير عبر استخدام مجموعة لدعم النضال من أجل الاستقلال، والعمل على دعم استمرار حالة الفوضى في الإقليم.
وكثيرًا ما تنتقد باكستان الهند، متهمة إياها بانتهاك حقوق الإنسان، والتزوير في الانتخابات وإسكات صوت الشعب الكشميري وحرمانه من الاستقلال. فعلى الرغم من كل هذه التعقيدات، فإنه من المتعين إيجاد حلولٍ قابلةٍ للتطبيق لصالح الشعب الكشميري الذي يخدم – أيضًا – المصالح طويلة الأجل بالنسبة لكل من الهند وباكستان؛ ذلك أن تشجيع الأنشطة التجارية والسياحية في كشمير عن طريق تسهيل حركة النقل عبر الحدود سيكون مفيدًا بالنسبة للكشميريين، وأنه سيخدم المصالح طويلة الأجل لكل من الهند وباكستان.
تعزيز الحدود الناعمة
بعد شهر من الهجمات التي شهدتها منطقة “بولواما”، التقى مسؤولون من الهند وباكستان في مدينة أتاري بمنطقة أمريتسار التابعة لإقليم البنجاب في 14 مارس من أجل مناقشة مسودة اتفاقية تتيح السفر بدون تأشيرة للحجاج الهنود الذين يزورون مدينة “جوردوارا كارتاربور” عبر ممر “كارتاربور” الباكستاني. ويقع ممر “كارتاربور” في منطقة ناروال في باكستان، حيث يسمح ذلك الممر بالسفر بدون تأشيرة للحجاج الهنود إلى “جوردوارا داربار” في كارتاربور.
وفي بيان مشترك، أعقب اجتماع المسؤولين، وبعد مناقشات تفصيلية كانت بناءة حول مختلف جوانب وأحكام الاتفاقية المقترحة، أعلن الجانبان اتفاقهما على ضرورة العمل بسرعة حتى يعمل الممر بدون تأشيرة.
أخيرًا، إن هذه الخطوة تبدو بغرض الترويج لفكرة “الحدود الناعمة” بشكل ملحوظ، وبخاصة في سياق استخدام الصين حق النقض الصيني على قرار الأمم المتحدة، الذي كان يقضي بإعلان “مسعود أظهر” شخصية إرهابية عالمية؛ إذ ربَّما تشعر الصين بالقلق إزاء تحسين قدرتها على الدفاع بشكل أفضل مع تأسيس الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: آسيا تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر