سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
يودع العالم هذه الأيام عام 2019، ويسدل الستار على عام كان مليئًا بالأحداث والاحتجاجات والأزمات والاضطرابات على الصعيد العالمي، في مقابل ضوء أخضر يتمثل في حفاظ المملكة العربية السعودية على منحنى تصاعدي، سواء على الصعيد الداخلي، أو التأثير الخارجي. لم تكن مقولة سمو ولي العهد السعودي: “طموحنا أن نبني وطنًا أكثر ازدهارًا، يجد فيه كل سعودي ما يتمناه، فمستقبل وطننا الذي نبنيه معًا لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم”، مجرد أحاديث حالمة، فمنذ اليوم الأول لتوليه مهمته بدأ بالتخطيط والتنفيذ لمستقبل المملكة بشفافية وجدية سرّعت عجلة التنمية المستدامة التي تمسّ كل السعوديين. لهذا، يمكن أن نقول إن عام 2019 كافأ قيادة المملكة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، وكافأ الشعب السعودي، بأن جعلهم نقطة الضوء الواضحة في عالم مضطرب تتقاذفه الأزمات. في هذا الحصاد نلقي الضوء على أهم ما شهدته المملكة العربية السعودية من إنجازات داخلية ونجاح في السياسة الخارجية. كما نتعرض إلى أهم الأحداث التي تركت أثرًا بليغًا على الصعيد الدولي.
الحصاد السعودي في 2019
واصلت المملكة العربية السعودية طريقها التنموي داخليًا، وسياساتها الواضحة المؤثرة خارجيًا، خلال عام 2019، واستمرت قيادة المملكة في مشوارها الذي أعلنته وفق “رؤية السعودية 2030”. وعلى الرغم من القلاقل والأزمات التي ضربت كل دول الشرق الأوسط خلال 2019، فإن السعودية كانت الدولة الوحيدة التي لم تتأثر بهذه الأزمات فيما يتعلق بخططها الداخلية أو سياساتها الخارجية. والحقيقة أنه منذ تولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، والمملكة تودع عامًا من التقدم والتطور، وتستقبل آخر من الإنجاز والإعجاز. إنجازات سمو ولي العهد السعودي، كانت محذ أنظار وسائل الإعلام العالمية ومنها مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، الناطقة بلسان مجلس العلاقات الخارجية، صاحب الدور المؤثر في رسم السياسات الأميركية. إنجازات المملكة وولي العهد السعودي في 2019، جاءت امتداداً لمسيرة النجاح والتنمية في ضوء رؤية السعودية 2030، إذ ركزت قيادة المملكة كثيرًا هذا العام على الجوانب الاقتصادية دون إغفال الجوانب الأخرى، وتمثلت النجاحات الاقتصادية في تحفيز القطاع الخاص، وتعزيز السياحة، وتفعيل صناعة الترفيه، ووضع خطة اكتتاب عملاق النفط شركة (أرامكو)، قيد التنفيذ، لتتجاوز قيمتها السوقية تريليوني دولار، واستخدام الأموال لتعزيز الاقتصاد المحلي. حتى عندما تعرضت لهجمات إرهابية، فاجأت المملكة العالم أجمع بقدرتها السريعة على التعافي من هذه الهجمات وكأنها لم تقع، كما أنها لم تتخلَ عن دعم صمود الشعب اليمني. ولم تثبت تلك الهجمات إلا صدق وصحة الرؤية السعودية لما تمثله إيران وأذرعها في المنطقة، وهو ما فطن إليه العالم في وقت ربَّما يكون متأخرًا بعض الشيء، في حين حذّرت منه المملكة مرارًا. داخليًا، واصلت قيادة المملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، المضي قدمًا من أجل تحقيق المزيد من التطوير في البنى التحتية ورفع سقف الطموحات المجتمعية، ومواصلة النمو الاقتصادي مع تنويع مصادر الدخل. أمَّا خارجيًا، فكانت جولات قيادة المملكة الخارجية موفقة وناجحة أينما توجهت. المملكة لم تكن بمعزل عن محيطها الإقليمي، فشاركت بقوة في حل المشكلات التي تعاني منها المنطقة. ولعل أهم تلك الإسهامات قمم مكة المكرمة واتفاق الرياض. كما كانت المملكة على موعد مع نجاح جديد، تمثل في تسلمها رئاسة مجموعة العشرين.
مشروعات تنموية
دشنت المملكة خلال عام 2019 العديد من المشروعات التنموية، وعقدت العديد من الاتفاقيات التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية في المملكة واقتحام مجالات جديدة.
وكان على رأس المجالات التي اقتحمتها المملكة في 2019، مجال الطاقة النووية، ويُنتظر من مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، تحديد موقع المفاعل النووي (سمارت) شمال غرب الرياض، ومواقع المفاعلات الأخرى، ووضع جدول زمني لتنفيذها والانتهاء منها. ونجحت المملكة في إطلاق القمر السعودي الأول للاتصالات (SGS-1) بنجاح من مركز “غويانا” الفرنسي للفضاء على متن الصاروخ “أريان 5″، الذي وقَّع سمو الأمير محمد بن سلمان، على القطعة الأخيرة له بعبارة “فوق هام السُّحب”.
ومن ضمن المشروعات التي شهدها عام 2019 بالمملكة، برنامج ضيوف الرحمن وقطار الحرمين ومشروع ساري. كما وقع سمو ولي العهد السعودي 37 اتفاقية كبرى خلال منتدى تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية. وكلها تأتي ضمن خطة المملكة الرامية إلى تطوير البنية التحتية وتحقيق أكبر قدر من الرفاهية للشعب السعودي.
قمم مكة المكرمة
لم يكن 2019 عام إنجازات داخلية فقط للمملكة، بل يمكن القول إن ما أنجزته المملكة خارجيًا ينافس إلى درجة التفوق، ما حققته داخليًا خلال 2019. ومن أهم إنجازات المملكة هذا العام، قمَّتا مكة العربية والخليجية اللتان دعا لهما خادم الحرمين الشريفين، وكانتا رسائل تحذير لإيران لتغيير سلوكها، ورسالة إلى النظام الإيراني الذي منذ أن جاء وهو يعمل في السر والعلن على إحداث الصراعات بين الدول والحكومات وشعوبها، ودعم الجماعات الإرهابية في كل مكان.
وفرت القمتان فرصة تاريخية للدول الداعمة الإرهاب لحل مشاكلها مع دول العالم، ولكن غطرسة هذه الأنظمة وجنون العظمة عند قادتها منعها من تحقيق ذلك، وأثبتت القمم أن مثل هذه الأنظمة ماضية في طريق الإرهاب.
ولذا، فإن هذه القمم فضحت إيران بوصفها أكبر الدول الداعمة للإرهاب، كما حملت تحذيرًا من أنه ليس هناك شيء بعد هذه القمم إلا المواجهة. ولعل التصعيد الغربي المتزامن مع الموقف العربي ينذر بقرب المواجهة.
رئاسة قمة العشرين
تخطت المملكة في 2019 طموحات بعض الدول بالانضمام إلى مجموعة العشرين، وتجاوزت تلك الأحلام إلى إنجاز جديد ألا وهو تولي رئاسة المجموعة. ومع تسلمها رئاسة القمة، أطلقت السعودية 3 محاور للاجتماع الذي سوف يعقد في نوفمبر المقبل. هذه المحاور هي المجتمع بشكل عام، والمصالح البيئية المشتركة بين دول العالم، ورسم الحدود الجديدة للعالم.
إن المتأمل في محاور القمة يرى فيها مزيجًا من المشكلات التي يواجهها العالم حاليًا، مع تلك التي قد يواجهها مستقبلاً. ولا شك أن المملكة لها دور في حل هذه المشكلات، فهي من ضمن الدول الموقعة على اتفاقية باريس المناخية، وهي أحد أكبر اللاعبين في العالم في قطاع الطاقة، كما أنها مستثمر فعال في الجيل الناشئ والتعليم، وكذلك المدن الذكية، إضافة إلى أن هذه المحاور تشترك – كذلك – في كثير من نقاطها مع “رؤية السعودية 2030” وبرامجها، وقد تضيف إليها الكثير بتسليط الضوء عليها من خلال اجتماعات المجموعة.
ولدى المملكة فرصة في الوقت الحالي، قد لا تتكرر كثيرًا، لاستثمار وهج القمة بإثارة القضايا المهمة للمملكة ورؤيتها ومستقبلها، على المستويين المحلي والدولي.
اتفاق الرياض
تحت رعاية وحضور سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جاء الإعلان عن توقيع اتفاق الرياض، كخطوة جديدة ضمن جهود المملكة لرأب الصدع بين الأشقاء في اليمن بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين.
الاتفاق خطوة نحو الحل السياسي وإنهاء الحرب في اليمن. يؤسس الاتفاق، الذي رعته السعودية بين الأطراف المتحالفة ضد ميليشيات الحوثي، لمرحلة جديدة من التعاون والشراكة، وتوحيد الجهود للقضاء على الانقلاب واستئناف عمليات التنمية والبناء، خاصة في المحافظات المحررة جنوبي البلاد.
إن اهتمام دبلوماسية المملكة بترتيب البيت اليمني من الداخل، سيساعد في حال نجاحه أمام التحديات الجمة، على أن يفتح اتفاق الرياض “لتفاهمات أوسع”، بالتوقيع مستقبلاً على اتفاقات أخرى مع بقية أطراف الأزمة اليمنية.
موسم الرياض
موسم الرياض، هو أحد مهرجانات مواسم السعودية الـ11 التي أُطلقت على مستوى المملكة، بدءًا من عام 2019، وتهدف إلى تحويلها لوجهة سياحية عالمية. بلغت أيام المهرجان المحددة له عند إطلاقه في 11 أكتوبر في العاصمة الرياض، 70 يومًا، ثم جرى تمديد بعض فعالياته بعد وصول عدد الزوار إلى أكثر من 11مليون شخص، حيث مُدّدَ في مناطق: ونتر وندرلاند، والمربع، والسفاري، وصحارى الرياض إلى 18 يناير 2020، وفي منطقة الرياض بوليفارد إلى نهاية شهر مارس 2020. ووصل عدد فعاليات المهرجان إلى أكثر من 300فعالية، توزعت على 12 موقعًا بمساحة 14 مليون متر مربع. وقام على تنفيذه 280 شركة سعودية.
موسم الرياض حقق نتائج مثيرة، من جوانب ترفيهية واقتصادية، وفقًا لزوار تخطى عددهم 11مليون زائر، مع دخل تجاوز المليار في نتائج أولية كشف عنها المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، وهو ما يعزز من تنافسية الحضور لمناطق سعودية أخرى تحظى بمزايا تمكنها من فتح باب الآمال لتنمية المكان وتحقيق نتائج أكبر على الصعيدين التنموي والبشري.
كذلك، موسم الرياض كان محط أنظار المنطقة والإقليم والعالم حتى قبل انطلاقته الرسمية، وذلك من خلال الإعلان عن فعالياته التي كشفت عن إحداثه ثورة غير مسبوقة في مفهوم الترفيه بالمملكة. قدم موسم الرياض، المملكة بشكل جديد إلى العالم، بما يتواكب مع مكانتها السياسية والاقتصادية وقيمتها الثقافية والتراثية، وبما يعكس صورتها الحقيقية؛ كواحدة من أهم بلدان المنطقة جذبًا للسياح.
الهيئة العامة للترفيه هدفت إلى أن يكون موسم الرياض منطلقًا أساسيًا لتحقيق أحد أهم أهداف “رؤية السعودية 2030″، الذي يتمثل بأن يصبح قطاع الترفيه في المملكة ضمن أول 4 وجهات ترفيهية في آسيا وبين الدول العشر الأولى عالميًا، وبإدراج عاصمة البلاد ضمن قائمة أفضل المدن للعيش في العالم.
طرح أرامكو
أرامكو، شركة عملاقة منذ ولادتها قبل 80 عامًا، وازدادت تعملقًا بعد نجاح الطرح التاريخي ووضع السعوديين بصمتهم الخاصة عليها. ورغم تغطية اكتتاب أرامكو بنحو خمس مرات، ووصول قيمة الشركة السوقية إلى أكثر من تريليوني دولار في اليوم الثاني من تداول أسهمها، لتصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم بعد اكتتاب تاريخي يعدُّ الأكبر من نوعه عالميًا.
إن المملكة لديها برنامج تنويع اقتصادي كبير مبني على الاستدامة، وفتح قطاعات اقتصادية جديدة، وتطوير أسواق العمل من خلال هذا التنويع الاستراتيجي، وطرح أرامكو ليس سوى إحدى هذه الأدوات للوصول إلى هذا الهدف الاستراتيجي. وبالتأكيد هذا الطرح ليس النهاية، فما زلنا في البداية، والفرص الاستثمارية للمستثمر المحلي والدولي في قطاع الطاقة ستكون أكبر مستقبلاً.
وأهم من هذا كله، أن السعودية بعد أربع سنوات من إطلاقها “رؤية السعودية 2030″، مستمرة في الإيفاء بالوعد تلو الوعد، وما نجاح اكتتاب القرن إلا مثال صارخ آخر على التصميم لتنفيذ تلك الرؤية الطموحة.
القمة الخليجية الـ40
احتضنت المملكة القمة الخليجية 40 التي حضرها قادة من دول الخليج برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. كان واضحًا في هذه القمة، أن مهمة تحديد العدو في منطقة الخليج، هي المهمة التي ينبغي على ضوئها أن تتوحد دول الخليج في خياراتها الاستراتيجية.
بذلت قيادة المملكة جهودًا جبارة لكي تنعقد القمة الخليجية بكامل أعضائها. وكان الأمل والعمل أن يؤدي ذلك الجهد المدفوع بطموحات المصالح الخليجية والعربية المشتركة إلى انفراجٍ كبيرٍ في العلاقات الخليجية – الخليجية، والخليجية – العربية. وما تحقق المأمول كله، لكن المسار الصحيح تحدّد، ولن يتوقف تسارُعُهُ ولا أولوياته أيًّا تكن المشكلات والانسدادات والحوائل.
في هذا العام حدثت أحداث خطيرة هددت أمن الخليج، وأصبح واضحًا مصدر التهديد الذي لعب دورًا في محاولات جر المنطقة إلى حرب؛ ولهذا أتت هذه القمة لكي تضع النقاط على الحروف، ولكي تعيد الاستجابة للتحديات الحقيقية التي تتهدد دول الخليج برمَّتها كمنظومة واحدة.
إن إعلان الرياض 40 هو بمثابة رؤية واضحة للوحدة، وللتنسيق وللآفاق الواضحة التي ترسم لشعوب الخليج غدًا مضيئًا ومستقبلًا واعدًا. لقد وضعت رؤية خادم الحرمين الشريفين، الأسس الحقيقية واللازمة لإطلاق المساعي المشتركة والجهود المتعددة في مجال الخدمات والشراكات والتعزيزات التي من شأنها أن تجعل دول الخليج أكثر قدرة على مواجهة القضايا المشتركة، والاستعداد لكافة المتطلبات التي يقتضيها واجب العلاقات البينية، لا سيَّما أن الوصول إلى استحقاق المواطنة الخليجية المشتركة في عام 2025 يقتضي عملاً دؤوبًا وجهدًا كبيرًا لتحقيق ذلك الهدف الخليجي النبيل.
فتح التأشيرات السياحية
في لحظة تاريخية تتوافق مع “رؤية السعودية 2030″، أعلنت السعودية أنّها ستُصدر للمرة الأولى في تاريخها تأشيرات سياحية، لتفتح بذلك أبوابها أمام السياح بهدف تنويع اقتصادها المعتمد حاليًا على النفط.
وتُقدم السعودية تأشيرات سياحية عبر الإنترنت لمواطني 49 دولة إلكترونيا، مع إتاحة الحصول على التأشيرات للجنسيات من خارج قائمة الدول الـ49 عبر إحدى ممثليات خادم الحرمين الشريفين. ويُعتبر إطلاق قطاع السياحة أحد أهم أسس “رؤية السعودية 2030″، وهي خطة لإعداد أكبر اقتصاد للدولة لمرحلة ما بعد النفط.
المملكة خففت من قواعد الزي بالنسبة إلى النساء الأجنبيات وسمحت لهن بالتنقل من دون ارتداء العباءة، لكنه يتوجب على الزائرات الأجنبيات ارتداء “ملابس محتشمة”. كما أن السياح يحصلون على التأشيرة إلكترونيًا في مدة زمنية لا تتجاوز 7 دقائق.
جولات خارجية موفقة
أجرت قيادة المملكة في 2019 مجموعة من الجولات الخارجية الناجحة، سواء تلك التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أو سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
زار الملك سلمان 3 دول عربية، في مناسبات مختلفة، وهي: تونس ومصر والبحرين. في كل زيارة كان الملك سلمان يؤكد على أهمية العمل من أجل القضايا العربية. لقد دافع خادم الحرمين الشريفين في القمة العربية المنعقدة في تونس عن كل القضايا العربية المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وسيادة الدول العربية على أراضيها. كما أكد الملك سلمان على أهمية التوصل لحلول سياسية في دول الأزمات مثل سوريا واليمن، مع التأكيد على رفض التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وضرورة التصدي للدول الراعية للإرهاب.
وفي ذات السياق، كانت جولات سمو ولي العهد السعودي تتمتع بذات النجاح. جولات الأمير محمد بن سلمان، شملت 6 دول، هي: باكستان والهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان والإمارات؛ مثَّلت طفرة في سياسة السعودية الخارجية بتبنيه رؤية أكثر انفتاحًا قائمة على التعاون المشترك مع كل دول العالم. وأسهمت الجولات الخارجية الناجحة التي أجراها ولي العهد السعودي في ترسيخ مفهوم التعاون البناء والشراكة الاستراتيجية كأسس لتوطيد العلاقات، ما جعل المملكة تحتل القيادة في العديد من القضايا والمبادرات في المنطقة والعالم.
وحرص ولي العهد السعودي على أن تكون السياسة الخارجية للمملكة قائمة على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الآخرين. النتائج التي تحققت من تلك الزيارات والاحتفاء الرسمي والشعبي الذي قوبل به ولي العهد السعودي أينما حل، ثم اهتمام وكالات الأنباء العالمية بتلك الجولات، كان الرد الأمثل على حملة الأكاذيب ضد الأمير محمد بن سلمان.
محاكمة قتلة خاشقجي
في أكثر من مناسبة، وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قضية خاشقجي بقوله: “حادثة مؤلمة لكل السعوديين، ولأي شخص في العالم، وهو حادث بشع وغير مبرر.. واليوم المملكة العربية السعودية تقوم باتخاذ كل الإجراءات القانونية”.. بهذه العبارة وعد الأمير وأوفى، حين أسدلت السعودية الستار على قضية جمال خاشقجي، بعد إعلان النيابة العامة عن نتائج التحقيقات التي شملت 31 شخصًا، وتمَّ استجواب 10 منهم، وإيقاف 21 شخصًا، و11 شخصًا متهمًا.
في الوقت نفسه أصدرت المحكمة الجزائية المختصة في الرياض حكمًا ابتدائيًا على المتورطين في قضية خاشقجي بإعدام 5 أشخاص، وعقوبة السجن لـ3 آخرين، وجاء ذلك بعد 10 جلسات حضرها ممثلو سفارة تركيا، وسفارات الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بجانب منظمات إنسانية وحقوقية، وسط حضور أبناء المجني عليه.
إلى ذلك، أعلنت المحكمة براءة 3 متهمين سعوديين، وهم: أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة، وسعود القحطاني المستشار في الديوان الملكي، ومحمد العتيبي القنصل العام في إسطنبول.
وظلت القضية في المحكمة عامًا وثلاثة أشهر، بسبب مماطلة تركيا في تسليم الأدلة والقرائن، رغم إرسال الرياض 13 إنابة قضائية إلى أنقرة.
تقاسم المنطقة المحايدة
بعد أكثر من ثلاث سنوات من التوقف، عادت الحياة من جديد إلى حقول المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت، بعد أن وقعت الدولتان اتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة، واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بينهما، ومذكرة تفاهم.
ويبلغ إنتاج النفط من حقول تلك المنطقة نحو 500 ألف برميل يوميًا، بما يمثل نحو 0.5% من إمدادات النفط العالمية. ومن المتوقع أن يتم استئناف الإنتاج في الحقول تدريجيًا، وفقًا لمصادر مطلعة التي أشارت إلى أن بلوغ طاقة الإنتاج الكاملة سيستغرق أشهرًا.
ويقع في المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت حقلا “الخفجي” و”الوفرة”، ويتقاسم كلا البلدين إنتاجهما.
وكانت السعودية قد وقعت مع روسيا، ميثاق التعاون بين الدول المنتجة للنفط في منظمة الدول المصدّرة “أوبك” وخارجها، وذلك خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة. وحضر جلسة التوقيع على الميثاق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومسؤولون من البلدين في قطاع الطاقة.
الحصاد الدولي 2019
كان العالم على موعد مع العديد من الأحداث الكبيرة في 2019، أحداث تنوعت بين احتجاجات وتغير أنظمة ورحيل رؤساء حكومات وتهديدات بعزل آخرين. على رأس أحداث 2019 تأتي الاحتجاجات التي شهدتها عدة دول في المنطقة، من السودان والجزائر، إلى العراق ولبنان وإيران، وهي احتجاجات لم تترك تلك الدول على نفس الحال قبل اندلاعها.
أيضًا، كان للرئيس الأميركي دونالد ترمب نصيب من زخم الأحداث في 2019. ولعل أهم ما في هذا الزخم، ما حدث أخيرًا من توجيه مجلس النواب الأميركي مجموعة من التهم إلى الرئيس ترمب والتصويت لصالح عزله من منصبه، والأمر الآن مرتهن بتحقيق وتصويت مجلس الشيوخ.
السودان.. الإطاحة بالبشير
بعد حوالي ثلاثين عامًا من حكم عمر البشير تململ الشعب السوداني بشكل جماهيري منظم. فاندلعت الاحتجاجات في شهر ديسمبر 2018 عقب مضاعفة سعر الخبز ثلاث مرات. وفي عام 2019، وبدءًا من شهر أبريل تركزت الاحتجاجات أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم.
لم يؤدِّ اعتقال الجيش عمر البشير في الحادي عشر من أبريل، إلى توقف الاحتجاجات، بل طالب المحتجون بحكومة مدنية. وجاء الرد في الثالث من يونيو الماضي بقيام مسلحين بالهجوم على المعتصمين أمام قيادة الجيش، مما أدى إلى مقتل عددٍ من المحتجين.
استمر الحراك برغم الدم الذي سال، وفي النهاية تمكن المحتجون وقيادة الجيش من التوصل إلى اتفاقية في 17 أغسطس الماضي لتشكيل مجلس مشترك يشرف على العملية الانتقالية إلى الحكم المدني، وإجراء انتخابات ديمقراطية عام 2020.
سعت الحكومة الانتقالية إلى إصدار بعض القوانين المهمة، ومنها إصدار قانون “تفكيك نظام الإنقاذ”، وحظر حزب المؤتمر الوطني (الإسلامي) ، ومصادرة أمواله وأصوله وممتلكاته، وتعليق النشاط السياسي لرموزه، وتفكيك كل البنية السياسية وشبكة العلاقات التي نسجها النظام، وألغت السلطة الانتقالية قانونًا آخر، كان يستهدف المرأة السودانية، ويحدّ من حريتها في اللباس والتنقل والعمل والدراسة، ويعاقب المخالفات منهن بالسجن والجَلد أمام الملأ.
الجزائر.. الحراك المثمر
في الجزائر أيضًا، كانت هناك شرارة أشعلت نار الاحتجاجات، حيث أبدى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، رغبة في الترشح للرئاسة مرة أخرى، بعد أن بقي على قمة هرم السلطة عشرين عامًا، وخرج الآلاف في الثاني والعشرين من فبراير إلى شوارع عدة مدن رفضًا لذلك.
وكما في السودان، غادر بوتفليقة المشهد، مع فارق أنه بقي طليقًا، لكن هذا كان أقل من طموح المحتجين الذين رفعوا شعار “يتنحاو كَاع”، وهو شبيه في معناه بالشعار اللبناني “كلن يعني كلن”، واستمرت حركة الاحتجاجات بمشاركة عددٍ كبيرٍ من المطالبين بإعادة هيكلة النظام السياسي، واستقالة شخصيات قيادية.
حاولت السلطات المؤقتة، بدعم من قائد الجيش أحمد قايد صالح، إقناع المحتجين بالموافقة على إجراء انتخابات في 12 ديسمبر، لكن المعارضة رفضت، واشترطت رحيل السلطة الحالية قبل الانتخابات. لكن الانتخابات أجريت، وأدى الرئيس الجزائري المنتخب عبدالمجيد تبون، اليمين الدستورية، ليبدأ مهامه لولاية مدتها 5 سنوات. الرئيس الجديد بدأ ولايته باعتراض واسع من الحراك الشعبي الذي رفض عرض الحوار، وكذلك نتائج الانتخابات، وحتى مبدأ تنظيمها من قبل نظام يحكم البلاد منذ الاستقلال في عام 1962، ويطالب برحيله.
رفض الحراك إجراء الانتخابات الرئاسية، لأنها ليست سوى وسيلة لتجديد النظام القائم، المتهم بالتزوير على نطاق واسع خلال العشرين عامًا الماضية. وبلغت نسبة المشاركة نحو 40 في المئة وهي أدنى نسبة في كل الانتخابات الرئاسية في تاريخ الجزائر.
وتظاهر آلاف الطلاب والأساتذة والمواطنين في الجزائر العاصمة، ضد الرئيس “تبون”، رافضين عرض الحوار الذي تقدم به للحراك. وسارت التظاهرة الأسبوعية للطلاب غداة إعلان المجلس الدستوري، النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، التي جرت وسط هتافات: الانتخابات مزورة ولا تملكون الشرعية والمسيرة مستمرة. وسار المتظاهرون لمسافة كيلومترين دون حوادث في شوارع العاصمة وسط انتشار كبير للشرطة.
ردّ المتظاهرون على عرض الرئيس المنتخب للحوار بشعارات: “تبون لن يحكمنا” و”تبون سنسقطك من المرادية” في إشارة إلى قصر الرئاسة الواقع بحي المرادية بمرتفعات العاصمة الجزائرية. ووعد الرئيس المنتخب بأن أول الإجراءات التي سيقوم بها تعديل الدستور وتقديم النص الجديد إلى الاستفتاء الشعبي، وكتب المتظاهرون على العديد من اللافتات أن تعديل الدستور يكون مع رئيس شرعي.
العراق.. إسقاط الحكومة
الاحتجاجات في العراق بدأت بدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم تتجاوز أعداد من استجابوا لها المئات، وخرجوا إلى الشوارع في بغداد ومدن في الجنوب في اليوم الأول من شهر أكتوبر الماضي، احتجاجًا على البطالة والفساد وبؤس الخدمات العامة، ثم امتدت الاحتجاجات، واستخدمت قوات الأمن العنف في مواجهتها، وسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى حتى توقف الحراك بشكل مؤقت، ثم استؤنفت الاحتجاجات في 24 أكتوبر.
وتفاقمت أحداث العنف، وطالب المحتجون باستقالة الحكومة، كذلك وجهوا غضبهم نحو إيران التي يتهمونها بدعم الحكومة، وبالتالي، يحمِّلونها جزءًا من المسؤولية عمَّا آلت إليه الأوضاع في العراق، وأضرم محتجون النار في قنصليتيها في النجف وكربلاء. ومع سقوط المزيد من القتلى والجرحى، أقدم رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، على تقديم استقالته، وقبلها البرلمان في الأول من ديسمبر، لكنه بقي رئيسًا لحكومة تصريف الأعمال. وتجاوز عدد القتلى خلال شهرين من الاحتجاجات أربعمئة شخص وجرح الآلاف.
وقال عادل عبدالمهدي، رئيس الحكومة المستقيلة، إن حكومته ستنتهي مهمتها بتشكيل حكومة جديدة للبلاد، وأن وزارته مستمرة في عملها لحين تحقيق هذا الأمر. وأضاف خلال كلمة متلفزة له، أنه لا يمكن تصور وجود فراغ إداري أو سياسي أو أمني في البلاد، مؤكدًا أن هناك سياقات لتشكيل الحكومة الجديدة. ولفت رئيس الوزراء الذي أجبر على الاستقالة بعد اندلاع المظاهرات في المحافظات العراقية إلى أن “كتاب مجلس النواب إلى رئيس الجمهورية حدد الكتلة الأكبر التي اختارت رئيس الوزراء في عام 2018”.
اندلعت المظاهرات مرة أخرى ضد ترشيح اسم وزير التعليم قصي السهيل، لرئاسة الحكومة. وفور انتشار اسم “السهيل”، انطلقت بعض المسيرات الرافضة لترشيحه. وفي وقت سابق أفادت بعض وسائل الإعلام بأن تحالف البناء أرسل كتابًا رسميًا إلى رئيس الجمهورية، برهم صالح، بترشيح اسم قصي السهيل لتكليفه برئاسة الوزراء. يأتي هذا في وقت من المقرر أن تنتهي المدة الدستورية لتكليف رئيس الجمهورية، رئيسًا جديدًا للحكومة.
المتظاهرون في العراق كانوا أكدوا أكثر من مرة، إثر استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، أنهم يطالبون برئيس حكومة انتقالية، بعيدًا عن الأحزاب السياسية أو الأسماء المجربة التي شغلت سابقًا مناصب سياسية أو وزارية. وكشفت كواليس الاجتماعات المطولة بين الكتل البرلمانية السياسية، حصر الترشيحات لرئاسة الحكومة بأربع شخصيات من الممكن أن يتولى أحدهم المنصب التنفيذي الأول في البلاد، وهم: النائب والوزير السابق محمد شياع السوداني، والسياسي الشيعي المستقل الوزير السابق عبدالحسين عبطان، ورئيس جهاز المخابرات الحالي مصطفى الكاظمي، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، إلا أنها سقطت جميعها لاحقًا.
لبنان.. “كلن يعني كلن”
يعاني لبنان أزمات اقتصادية منذ فترة طويلة، لعل أشهرها أزمة القمامة، حيث شلت تقريبًا خدمات التخلص من القمامة. وقد دفع الفساد وتردي الاقتصاد الشعب اللبناني إلى النزول إلى الشوارع رافعًا شعار “كلن يعني كلن” للمطالبة بتنحي الطبقة السياسية مجتمعة، ويحملون عليها فسادها وعجزها عن وضع حدّ للأزمة الاقتصادية الحادة، فيما لا تزال تلك الطبقة السياسية مختلفة فيما بينها على تسمية رئيس للحكومة دون وجود حلول لكيفية حلحلة الأزمتين السياسية والاقتصادية.
يتمسّك المتظاهرون بتشكيل حكومة مؤلفة من اختصاصيين فقط (تكنوقراط)، لإصلاح الوضع الاقتصادي المتدهور، ويتهم المتظاهرون السلطة بالسعي إلى الالتفاف على مطلبهم هذا بتشكيل حكومة تضم اختصاصيين بعيدًا عن الوجوه السياسية التقليدية، وهو مطلب يأتي ضمن جملة من المطالب الأخرى.
أمَّا الوضع الاقتصادي، فهو يشهد أزمة منذ فترة؛ لذلك، كان إعلان الحكومة فرض ضريبة على تطبيق الرسائل الإلكترونية، القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث خرج الناس إلى الشوارع، ثم تطور ذلك إلى تعبير عن الإحباط بسبب وضع الاقتصاد بشكل عام.
ولعل أكثر ما يلقي بظلال الخوف على المشهد اللبناني، هو حدوث حالة انقسام في الشارع، فحتى الآن لم يظهر للحراك قيادة موحدة واضحة يمكنها أن تفاوض السلطة الحالية على مطالب محددة. صحيح أن هناك عددًا من الخطوط العريضة حدث عليها توافق لدى قطاع عريض من اللبنانيين، لكن دون وجود قيادة حقيقية للحراك.
بالطبع، لم يُعِد سحب اقتراح ضريبة “الواتساب” الناس إلى منازلهم، بل بقوا في الشوارع بعدما امتدت روح الاحتجاجات لتشمل أعدادًا متزايدة من الناس، وتطورت المطالب إلى إسقاط النظام برمَّته، ورفع المحتجون شعار: “كلن يعني كلن”.
واستقال رئيس الحكومة، سعد الحريري، في 29 أكتوبر الماضي، لكن الناس بقوا في الشوارع، مؤكدين أن مطالبهم لا يحققها استبدال الوجوه مع بقاء النظام، وجاء الرد في الثالث من يونيو، حيث هجم مسلحون على المعتصمين أمام قيادة الجيش، ما أدى إلى مقتل عدد من المحتجين. ورغم تسمية حسان دياب رئيسًا للحكومة، فإن الجدل والانقسام لا يزالان موجودين.
العاصمة اللبنانية بيروت كانت قد شهدت اشتباكات عنيفة، يوم 15 ديسمبر لليلة ثانية على التوالي، بين قوات الأمن والمتظاهرين المناهضين للحكومة. ورشق المحتجون أفراد الشرطة بالزجاجات والمقذوفات النارية، فيما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع وفتحت خراطيم المياه.
إيران.. عزلة متزايدة واحتجاجات متفاقمة
كان عام 2019 من أصعب الفترات التي مرت على إيران منذ مجيء ترمب رئيسًا. جرى تصنيف كيانات وأسماء إيرانية على رأسها الحرس الثوري كإرهابيين، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية على إيران ونفطها ومرشدها. حتى أوروبا التي كانت إيران تعوّل على عدم سيرها في نفس الطريق الأميركي، حذّرت إيران من انتهاك الاتفاق النووي.
العزلة الإيرانية تتجه إلى مستويات غير مسبوقة، بعد التصعيد بين الولايات المتحدة وطهران، ودخول المجال العسكري على الخط (نشرت واشنطن حاملات طائرات وقاذفات “بي 52” في المنطقة).
أحد الحلول لتجنب الصراع هو إبرام صفقة نووية جديدة، وهو ما يدّعي ترمب بأنه يريده. ولكن من المستبعد جدًا أن تدخل إيران في مفاوضات مع إدارة لا تثق بها، ومن الأصعب أن توافق على الاتفاق الذي قد يطرحه ترمب، بعد أن صرح برغبته في منع جميع أنواع تخصيب اليورانيوم للأبد، والسماح بإجراء عمليات تفتيش بشكل أكثر دورية من الاتفاق القديم، وتقييد إطلاق الصواريخ الباليستية، وتعديل سلوك إيران في المنطقة.
العزلة المفروضة على إيران على خلفية دعمها للإرهاب كان لها أكبر الأثر على اقتصادها، وهو ما أسفر عن عودة قوية للاحتجاجات في شوارع ومحافظات إيران. أدت العقوبات الأميركية على الحكومة الإيرانية في السنوات القليلة الماضية، إلى جانب سوء الإدارة الاقتصادية وتغوّل الحرس الثوري الإيراني وسيطرته على الاقتصاد الإيراني وزيادة المصاريف العسكرية الإيرانية، خاصة في الخارج الإيراني، إلى حدوث أزمة اقتصادية حادة في إيران. ويُعتبر قرار الحكومة الإيرانية زيادة سعر البنزين بمثابة محاولة لإدارة الأزمة، وقد وصف التلفزيون الحكومي الإيراني هذه التدابير الاقتصادية بأنها وسيلة للمساعدة في تمويل الإعانات لحوالي 60 مليون إيراني.
الشعب الإيراني قابل زيادة الأسعار بسلسلة من الاحتجاجات بدأت في 15 نوفمبر الماضي من الأحواز، ثم انطلقت في مختلف أرجاء إيران بما فيها العاصمة الإيرانية طهران، وعلى رأسها المدن الكبرى مثل: عبادان، المحمرة، بوشهر، بهبهان، معشور، مشهد، شيراز، تبريز، سيرجان، كازرون، كرج، مقاطعة غشساران، بيرجند، مقاطعة ممسني، ياسوج، بوكان.
اتسعت رقعة الاحتجاجات في اليوم الثاني لتغطي أكثر من خمسين مدينة، ووصل عدد القتلى بين المتظاهرين في الأيام التالية إلى أكثر من 1000 قتيل، إضافة إلى جرح عشرات الآلاف واعتقال ما يزيد على سبعة آلاف متظاهر، في حين قُتِل ثلاثة أفراد من الأمن، وأُحرِق 731 فرعًا بنكيًّا و140 مبنى حكوميًا حسبما نشرت بيانات حكومية إيرانية.
البريكست.. صداع في رأس بريطانيا
في منتصف 2016، تولت “تيريزا ماي” رئاسة الحكومة البريطانية. كان هناك هدف رئيسي نصب عيني “ماي”، وهو اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، لكن بعد نحو 3 سنوات، غادرت رئيسة الوزراء منصبها، بسبب “الهدف ذاته”، دون أن تتمكن من تحقيقه.
لاحقًا، أطاح الـ”بريكست” بخليفة “ماي”، بوريس جونسون، في مطلع نوفمبر، ليقود حملة حزب المحافظين من جديد في انتخابات برلمانية مبكرة، هي الثالثة خلال أقل من خمس سنوات. وراح ضحية هذه الانتخابات حزب العمال وزعيمه “جيرمي كوربين”. كسب حزب المحافظين، بقيادة “جونسون”، 47 مقعدًا إضافيًا مقارنة بعام 2017، فيما خسر حزب العمال بقيادة “كوربين”، 59 مقعدًا مقارنة بعام 2017.
فما هي الخطوات التالية في عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
من المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير من العام المقبل. فقد توصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول خروج بلاده من الاتحاد، لكن الاتفاق بحاجة إلى مصادقة البرلمان. نظريًا، إذا لم يقر البرلمان الاتفاق، فستخرج المملكة المتحدة من الاتحاد آليًا وبلا اتفاق. لكن مع تمتع حزب المحافظين بغالبية كبيرة في مجلس العموم، من السهل نسبيًا المصادقة على الاتفاق الذي توصل إليه “جونسون” مع الاتحاد.
قمة العشرين.. نحو إنقاذ الاقتصاد العالمي
كانت هذه القمة في اليابان مختلفة عن سابقاتها في كونها تعقد وسط عالم متوتر. اختتمت قمة مجموعة العشرين أعمالها دون اتفاق حول قضايا التجارة وتغير المناخ. وصدر في ختام أعمال القمة بيان مشترك لم يتضمن تعهدًا بمحاربة الحمائية للسنة الثانية على التوالي.
رغم ذلك، يُحسب للقمة أنها لم تؤدِ إلى تفاقم الاضطرابات، إلى جانب إحرازها بعض التقدم، وخصوصًا بعد إعلان قادة العالم أنهم راضون عن النتيجة التي تمَّ التوصل إليها. ثم إن خطر التراجع المفاجئ بسبب الاحتكاكات التجارية، أصبح الآن أقل، لكن من المرجح أن يكون التخفيف مؤقتًا.
الاختبار الكبير لمجموعة العشرين، سيكون في مدى تحسن المعنويات في التجارة والتصنيع والاستثمار الشهر الحالي، بعد انخفاض حاد في التفاؤل خلال النصف الأول من العام. مجموعة العشرين أصدرت نغمة أكثر إيجابية على الاقتصاد العالمي من التصريحات الأخيرة من قبل محافظي البنوك المركزية والمؤسسات المالية الدولية، مما يعكس غياب حدوث أي أزمة فورية.
كذلك، إذا كان دور المملكة العربية السعودية في مجموعة العشرين شهد تناميًا في سنوات مضت، فهو مرشح لأن يشهد قفزة غير مسبوقة في العام المقبل (2020)، عندما ترأس وتستضيف الرياض اجتماع مجموعة العشرين التي بدأ الاستعداد لها في وقت مبكر، لتحديد الملفات محل النقاش، وبحث آلية تنفيذ التوصيات، بما يضمن إيجاد حلول جذرية للعديد من المشكلات المترسخة في دول العالم.
انتخابات إسطنبول.. شبح أفول أردوغان
“من يحكم إسطنبول يحكم تركيا”.. كانت هذه الجملة هي كلمة السر في القلق الذي انتاب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بعد الخسارة المهينة لمرشحهم رجل أردوغان المخلص، “بن علي يلدريم”، أمام مرشح المعارضة “أكرم إمام أوغلو”.
التطبيق الأهم للجملة كان مع أردوغان نفسه، وإليه أيضًا تنسب الجملة السابقة، وهو ما يرعب الرجل الذي تربع على عرش السلطة في تركيا من 2002، وتمكن من تحويلها إلى دولة الفرد بعد محاولة الانقلاب الفاشل في 2016.
فهل نحن أمام بداية النهاية لرجب طيب أردوغان؟ المعارضة تشعر بأنها على طريق الفوز وتستعد من اليوم لانتخابات ٢٠٢٣. إسطنبول كانت بوابة أردوغان للسلطة ومن المحتمل أن يتكرر هذا المشهد، ولكن اليوم لصالح خصمه السياسي، “أكرم إمام أوغلو”، الذي فاز على ثاني أهم رجل في النظام السياسي التركي.
عزل ترمب.. هل يفعلها الديمقراطيون؟
لم يكد ترمب يهنأ بانتهاء زوبعة تقرير “مولر” الخاص بمزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، حتى كان على موعد مع تحقيقات تهدف إلى عزله من منصبه. ففي 24 سبتمبر، قالت “نانسي بيلوسي”، رئيسة مجلس النواب الأميركي، في خطابٍ متلفزٍ لها إنها ستتخذ الخطوات اللازمة لبدء “محاكمة الرئيس الأميركي” والنظرِ في احتمالية عزله، وذلك في أعقاب انتشار “تقرير مجهول” زعم حدوث سوء استخدام واسع النطاق للسلطة من قِبل دونالد ترمب. في السياق ذاته، قال شخصان مقربان من ترمب لصحيفة “نيويورك تايمز” إن سلوك ترمب كان “طبيعيًا” على اعتبار أن هذه هي طريقة مراسلته لباقي القادة الأجانب.
زعم التقرير أن الرئيس ترمب ارتكب عددًا من “الانتهاكات” عندما أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي”، حيث ضغط عليه من أجل إعادة فتح تحقيق بخصوص المرشح للانتخابات الرئاسية عام 2020 “جو” وابنه “هنتر بايدن”، كما اتهم التقرير – أو بالأحرى البلاغ – البيت الأبيض بمحاولة إخفاء محتويات هذه المكالمة الهاتفية. ردًا على التقرير، أصدرت إدارة ترمب نسخةً من المكالمة الهاتفية التي تؤكّد فيها أن ترمب قد طلب من “زيلينسكي” النظر في قضية “بايدن”.
وأخيرًا، اتهم مجلس النواب الرئيس ترمب بإساءة استغلال سلطاته وعرقلة تحقيقات الكونغرس، ليواجه في المرحلة التالية عملية قد تفضي إلى عزله إذا توفر دعم كافٍ في مجلس الشيوخ لذلك. يتمتع الجمهوريون بالأغلبية في مجلس الشيوخ، ولذلك فلن يكون من الممكن إزاحة ترمب من موقعه ما لم ينقلب أعضاء حزبه عليه. ومن الواضح أن أغلبية النواب والشيوخ الجمهوريين ما زالوا موالين له.
في حالتين تاريخيتين، جرى تمرير قرار العزل إلى مجلس الشيوخ، ورفض المجلس القرار. فهل يسمح الجمهوريون بأن تكون أول حالة تاريخية لعزل الرئيس من حزبهم؟! وفي ظل حالة الاستقطاب المرعبة في الولايات المتحدة، فالتوقعات تشير إلى أن الجمهوريين سيستخدمون أغلبيتهم في مجلس الشيوخ للحيلولة دون عزل ترمب. وأدهى من ذلك، أن ترمب سيخرج من هذه المعركة أقوى، وربَّما سيحقق نتائج مذهلة في انتخابات 2020.
مقتل البغدادي.. ومستقبل “داعش”
كان من أهم الأحداث التي شهدها عام 2019، هو مقتل أبي بكر البغدادي زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي. ففي أكتوبر الماضي، وبعد إعلان مقتله مرات عدة من قبل، تأكد مقتل البغدادي، في غارة أميركية أنهت مسار زعيم دموي نصب نفسه في 2015 من العراق “خليفة للدولة الإسلامية” وذلك بعد عملية استخباراتية يفترض أن دولاً أخرى شاركت فيها.
لا شك في أن مقتل البغدادي ضربة كبيرة لمعنويات فلول تنظيم “داعش” الإرهابي، وربَّما تؤدي إلى تفكيك هيكله التنظيمي، ويضعف جبهته الداخلية إلى حدٍ بعيدٍ، وقد يثير اقتتالاً داخليًا حول من سيتولى قيادة التنظيم، وهو ما ينذر بخطورة توجهات مقاتلي التنظيم لاحقًا، واحتمال نزوع متشدديه إلى مزيد من الاستقلالية، وشن هجمات انتقامية جديدة في المستقبل.
المؤكد أن سيطرة تنظيم “داعش” على فروعه في جميع أنحاء العالم، ستضعف في المستقبل بعد رحيل البغدادي، فالفروع ستكون أكثر استقلالية ومحلية في اتخاذ قراراتها. هذا التفكك يلازمه خطر عودة المتشددين إلى بلدانهم الأصلية واحتمال تنفيذ عمليات انتقامية، أو تكوين جماعات إرهابية أصغر.
إن انهيار تنظيم “داعش” الإرهابي بشكل كامل أمر مستبعد، لكن هناك سيناريوهات تنتظر التنظيم خلال المرحلة الراهنة، التي ستتوقف عليها قوة القيادة التي ستتولى زمام الأمور بعد مقتل “البغدادي”.
غليان في أميركا الجنوبية
لمتقل سخونة الأحداث في أميركا الجنوبية في 2019 عن غيرها من مناطق العالم، بل كانت أشد وطأة. ففي فنزويلا، كانت هناك محاولة فاشلة للإطاحة بحكم الرئيس “مادورو” عبر انقلاب قاده “خوان غوايدو”، رئيس الجمعية الوطنية لفنزويلا.
المحاولة تكررت في بوليفيا، لكنها نجحت هذه المرة في الإطاحة بالرئيس، وبعد موجة احتجاجات شديدة استمرت 3 أسابيع، استقال الرئيس البوليفي “إيفو موراليس”، من منصبه، وأعلن ذلك عبر التلفزيون الرسمي.
أمَّا الأرجنتين، فقد عادت مرة أخرى إلى اليسار في 2019، بعد فوز المرشح اليساري “ألبرتو فرنانديز” بالانتخابات الرئاسية. وأقر الرئيس الأرجنتيني المنتهية ولايته “ماوريسيو ماكري” بهزيمته.
البرازيل كانت على موعد مع 3 أحداث مهمة في 2019، أولها أحداث شغب سجن التاميرا التي استمرت خمس ساعات، وقُطعت رؤوس ستة عشر سجينًا، وتوفي 41 شخصًا آخر. كما اندلع نحو 74,155 حريقًا في البرازيل في 2019. يقعُ ما يقرب من ثلثي حوض الأمازون داخل حدود البرازيل، وأكثرُ من نصف حرائق الغابات كانت قد اشتعلت في غابات الأمازون المطيرة. وأطلق سراح الرئيس السابق “لولا دا سيلفا” بعد أن أمر القضاء بإخلاء سبيله في ضوء قرار اتخذته المحكمة العليا. وكان “لولا” قد اعتقل في أبريل 2018، ونفذ عقوبة بالسجن تجاوزت العام ونصف العام بسبب توجيه المحكمة له تهم فساد.
وفي تشيلي، اندلعت سلسلة من الاحتجاجات المدنية في عدد من المدن بدأت في العاصمة سانتياغو ردًا على ارتفاع أسعار الكهرباء وتذاكر المترو. تفاقم الوضع بخروج أعداد كبيرة من المحتجين في أرجاء المدينة، واستيلائهم على عدد من محطات شبكة مترو سانتياغو وتعطيلها والتسبب في أضرار بالغة في البنية التحتية للمحطات، ومن ثَمَّ تعطل شبكة المترو بالكامل. أعلن رئيس تشيلي “سبستيان بنييرا” حالة الطوارئ، وأعطى أوامره بانتشار قوات الجيش عبر المناطق الرئيسية لاستعادة النظام ومنع تدمير الممتلكات العامة، ومحاكمة عشرات المعتقلين أمام المحكمة العسكرية. كما أعُلن حظر التجول في منطقة سانتياغو الكبرى.
النزاع الهندي الباكستاني
وقع اشتباك بين الجيشين الهندي والباكستاني في منطقة كشمير في 2019. تعودُ خلفيّة الموضوع لقيام مسلحين في الجانب الهندي من كشمير بقتل 40 فردًا من قوة الشرطة الاحتياطية المركزية. تبنّى جيش محمد الذي يتخذُ من باكستان مقرًا له العمليّة فيما شجبت السلطات في الباكستان الهجوم وأنكرت مسؤوليتها.
في 26 فبراير، شنّت القوات الجوية الهندية غارات جوية على خط المراقبة في كشمير وذلكَ لأول مرة منذ الحرب الباكستانية الهندية 1971، وأصدرت الهند وباكستان روايتين مختلفتين عمّا حضل بالضبط. في اليوم نفسه، اندلعت اشتباكات حدودية بين القوات المسلحة للبلدين، مما أدى لمقتل ما لا يقل عن 4 مدنيين في أزاد كشمير.
استهدفت القوات الجوية الهندية عدة أهداف عبر خط المراقبة في كشمير الهندية. زعمت باكستان أنها أسقطت مقاتلتين هنديتين وأسرت طياراً. اعترفت الهند بهجوم القوات الجوية الباكستانية الذي وقع في كشمير الهندية لكنها زعمت سقوط طائرة واحدة فقط وأنها أسقطت في المقابل مقاتلة باكستانية.
توقعات 2020.. ماذا يخبئ لنا؟
إذًا، كان عام 2019 حافلاً بالأحداث والأزمات والاضطرابات على الصعيد الدولي، كما كان مليئًا بالإنجازات والنجاحات على صعيد المملكة العربية السعودية، كما سبق أن أوضحنا في سرد حصاد العام. ومع نهاية كل عام، لا يكون الحديث في مراكز الأبحاث عن حصاد العام المنقضي فقط، بل يكون للعام المقبل نصيب كبير أيضًا من الاهتمام.
ولا يمكن أن نتحدث عن توقعات العام المقبل 2020 بمعزل عن الاهتمام والإشارة والاعتماد على ما وقع في العام الذي يسدل أستاره، ذلك أن تراكمية وتراتبية الأحداث في 2019، سيكون لها دور حتمي في رسم خريطة أحداث 2020.
2020 في السعودية
إذا تطرقنا إلى توقعات 2020 فيما يتعلق بمستقبل المملكة، وعلى ضوء ما سردناه في 2019، فإن المملكة تسير في طريق يزدهر بالإنجازات والمشروعات التنموية داخليًا، ومعبد بالنجاحات وتحقيق أكبر قدر من الأهداف على صعيد السياسة الخارجية.
ستواصل قيادة المملكة في 2020 استكمال مسيرة الإصلاحات تحت “رؤية السعودية 2030″، فهذه الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية تضع المملكة في مصاف وأوائل دول العالم، وكان خير دليل على ذلك، تقرير البنك الدولي الذي أفاد بأن المملكة أجرت عددًا قياسيًا من الإصلاحات في أنشطة الأعمال، لتحتل بذلك مركزًا متقدمًا على قائمة البلدان العشرة الأفضل تحسينًا لمناخ الأعمال في العالم خلال 2019، وبالتالي فإن استكمال مسيرة الإصلاحات سيدفع بالمملكة إلى مراكز متقدمة.
كما أن رئاسة مجموعة العشرين، التي عادة ما تكون مهمة قيادة المنتدى الاقتصادي الرفيع المستوى، ستمنح المملكة الفرصة لتقديم رؤية السعودية إلى الدول الكبرى في العالم، ما يعزز مساعي المملكة الرامية إلى توطيد السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. لهذا، تعدُّ السنة المقبلة مهمة بشكل خاص لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ففيها سيجتمع زعماء العالم في الرياض لحضور قمة العشرين السنوية في نوفمبر من العام المقبل.
كل هذه المؤشرات تقود إلى نتيجة واحدة، وهو التفاؤل بشأن ما ستقدمه المملكة في العام المقبل، وكيف ستبهر الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ضمن خطة “رؤية السعودية 2030” العالم.
العالم في 2020
على ضوء المعطيات التي قدمها لنا عام 2019، فإن العالم سيكون على صفيح ساخن في 2020. فعلى النطاق العربي، لا تزال هناك 4 دول تشهد حراكات مستمرة، وهي الجزائر والسودان والعراق ولبنان. صحيح أن الأوضاع فيها تتجه نحو الاستقرار، لكن على ما يبدو أنه استقرار ظاهري، في ظل الاستقطاب الحاصل في تلك البلدان بين ما أرادته الاحتجاجات وما أفرزته من نتائج.
أيضًا، هناك عامل الاقتصاد، الذي سيكون له بالغ الأثر في تهدئة الأمور في البلدان العربية (خاصة التي شهدت حراكًا واحتجاجًا)، أو سكب المزيد من الزيت عليها. ويمكن أن يجر عامل الاقتصاد الاحتجاجات إلى دول نجت منها (حتى الآن) في ظل التوقعات المخيفة عن وقوع أزمة اقتصادية عالمية في 2020 ستكون أشد وطأة من أزمة 2008.
أمَّا ما يتعلق بالدول العربية غير المستقرة، مثل: ليبيا وسوريا واليمن، فلا يمكن أن نتوقع حدوث استقرار عاجل في 2020، في ظل الأطماع التركية والإيرانية في تلك الدول، وهو ما يعود إلى محاولة أنظمة تلك الدول الهروب من واقعها المتأزم داخليًا عبر تصدير أي انتصارات وهمية خارجية ومعارك لا تجدي مواطنيها نفعًا، لكنها تشغلهم عن مطالبهم ولو لفترة. التحديات والأطماع السابقة ربَّما تكون سببًا في ظهور موقف عربي موحد ضد أطماع الدول الإقليمية، خاصة أن هذا الموقف هو الضامن الوحيد للحفاظ على سيادة الدول العربية على أراضيها.
عالميًا، فإن أهم ما ينتظره العالم في 2020 أمران هما: الأزمة الاقتصادية المتوقعة وتأثيراتها ومخاطرها، وهل ستكون أعنف من سابقاتها؟ وكيف يمكن تلافيها أو على الأقل تفادي أكبر قدر ممكن من أضرارها؟ الأزمة الاقتصادية المقبلة ربَّما تفرض على الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يوقف الحرب التجارية التي يشنها على الصين، خاصة أن اقتصاد الدولتين سيكون من أكثر الاقتصادات تضررًا من هذه الأزمة، كما يتطلب العمل على تفادي هذه الأزمة تضافر الجهود والتنسيق بين اقتصادات العالم أجمع.
الأمر الثاني الذي تتجه إليه أنظار العالم في 2020، هو الانتخابات الرئاسية الأميركية، خاصة مع تزايد أحاديث عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب على خلفية اتهام مجلس النواب الأميركي له الذي انتهى بالتصويت بعزله.
ورغم أن الموجة الإعلامية العالمية تتحدث عن أن العزل بات قريبًا، فإننا نتوقع العكس، فلن يسمح الجمهوريون بأن تكون أول حالة تاريخية لعزل الرئيس من حزبهم. وفي ظل حالة الاستقطاب المتفشية في الولايات المتحدة، فالجمهوريون سيستخدمون أغلبيتهم في مجلس الشيوخ للحيلولة دون عزل ترمب. وفي حالة حدوث ذلك، فلا نبالغ إذا قلنا إن ترمب يخرج من الأزمة وهو أقوى، بل وسيحقق نتائج مذهلة في انتخابات 2020.
أمَّا بشأن مستقبل الإرهاب في 2020، فعلى الرغم من مقتل زعيم تنظيم “داعش”، فإن الدول الراعية للإرهاب لا تزال في مأمن حتى الآن من تلقي ضربات مماثلة لتلك التي أودت بحياة البغدادي، إيران نموذجًا بالطبع.
وإذا ربطنا بين إحساس بالأمان من العقاب، وبين محاولة تلك الدول الهروب من استحقاقات المعيشة لمواطنيها عبر المعارك الخارجية، فمن المتوقع أن تلجأ إيران إلى شن هجمات جديدة عبر أذرعها الإجرامية في المنطقة. الخطر في ذلك التصور، هو أن ضبط النفس العربي ربَّما لن يدوم كثيرًا، في ظل القدرة العربية (والخليجية خاصة) على الرد والردع.
وحدة الرصد والمتابعة*
المراجع
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر