سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كانت منطقة بوقنادل القريبة من العاصمة المغربية الرباط، يوم الثلاثاء، على موعد مع كارثة اعتبرت الأسوأ في تاريخ حوادث القطارات منذ عام 1993، إثر الانحراف المأساوي للقطار الرابط بين مدينتي الرباط والقنيطرة؛ وهو ما أسفر عن وفاة 7 أشخاص وإصابة 125 آخرين بينهم 7 في حالات حرجة.
ولم تُعرف بعدُ الأسباب الرئيسية للحادث غير المسبوق الذي يشهده المغرب، لكن وسائل إعلام محلية، ذكرت أنَّ القطار، الذي كان قادمًا من الدار البيضاء باتجاه القنيطرة، خرج عن السكة واصطدم بشدَّة بجسر، ما أدَّى إلى تضرر العربات الأربع الأمامية بشكلٍ كبيرٍ.
على الفور، أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس، بفتح تحقيق عاجل لتحديد الأسباب والحيثيات المتعلقة بالحادث، وشهد موقع الحادث استنفارًا حكوميًا تمثل في انتقال وزير الداخلية، عبدالوافي الفتيت، ووزير النقل واللوجستيك والماء، عبدالقادر اعمارة، ورئيس جهة “الرباط سلا القنيطرة”، والمدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، ربيع الخليع، وعدد من المسؤولين الجهويين والمحليين، إلى موقع الحادث.
ناقوس خطر
حادث قطار العاصمة فتح الباب أمام العديد من الأسئلة والهواجس، واعتبره بعض المحللين بمثابة ناقوس خطر ينبغي أن ينتبه له الجميع، وسط تكهنات عن مدى جاهزية مرافق الدولة للتعامل مع الأحداث الخطيرة وحالات الطوارئ، فضلاً عن التساؤل حول مدى جودة البنية التحتية في البلاد وقدرتها على تأدية دورها، ومدى حاجة هذه البنية التحتية إلى التجديد والتطوير.
وعلى ذكر البنية التحتية، تجدر الإشارة إلى أن “المنظمة الديمقراطية للشغل” (تنظيم نقابي)، سبق أن أكدت في تقرير لها، أن حوادث القطارات الكارثية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، راجعة بالأساس إلى تهالك وتلاشي وتقادم التجهيزات والمنشآت السككية والقطارات والعربات في البلاد، وضعف الصيانة وغياب قطع الغيار، ما يؤدي إلى عطل في الفرامل، والاستمرار في اللجوء إلى الوسائل التقليدية والبدائية في إصلاح أعطاب القطارات والعربات.
التقرير، الذي أصدرته المنظمة في شهر مارس الماضي، شدد على أن شبكة السكك الحديدية في المغرب قديمة، ولم تعد تتماشى مع المعايير الدولية في مجال السلامة والراحة الضرورية والمرافق الصحية.
تداعيات سياسية
كان لحادث قطار العاصمة تداعيات سياسية على الحكومة والوزراء، فقد طالبت مجموعة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” بمجلس المستشارين، بعقد اجتماع للجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية، للاستماع إلى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك عبدالقادر اعمارة، والمدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، ربيع لخليع، لتقديم كافة الإيضاحات حول ظروف وملابسات الحادث الأليم.
كذلك وجَّه فريق “العدالة والتنمية” بمجلس المستشارين، سؤالاً آنيًا، إلى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، يطالب فيه بالكشف عن الأسباب الحقيقية التي كانت وراء هذه الفاجعة المؤلمة، وعن التدابير الاستعجالية الوقائية التي تعتزم الوزارة المعنية القيام بها للحد من مثل هذه الحوادث.
وطالب حزب “الأصالة والمعاصرة”، وزير النقل واللوجستيك والماء، بالكشف عن ظروف وملابسات الحادث. كما دعا الحزب – أيضًا – إلى عقد اجتماع للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة في أقرب الآجال الممكنة، لتدارس موضوع “ملابسات وتداعيات حادثة انقلاب قطار بضواحي سلا”، وذلك بحضور كاتب الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء المكلف بالنقل.
أزمة ثقة
لم تكن الاستجوابات البرلمانية هي النتيجة الكارثية الوحيدة على الحكومة، بل إن أخطر منها كان أزمة الثقة التي تفاقمت بين الشعب والحكومة. ولعل أهم مظاهر أزمة الثقة، هي تسارع وتيرة التفسيرات للحادث في صفوف الشعب المغربي، لدرجة جعلت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يتهمون المكتب الوطني للسكك الحديدية بالتخاذل والإهمال، على خلفية معلومات تداولها النشطاء مفادها أن مجموعة من مسافري القطار السابق للقطار المنحرف، صرحوا أنهم شعروا بترددات بمكان الحادث وأخبروا بذلك المسؤولين بالمحطات الذين لم يقوموا بأي إجراء.
المنظمات الحقوقية دخلت على الخط – أيضًا – وحذرت من أن استمرار الحكومة في التعاطي مع قضايا المواطنين بنوع من الاستهتار وعدم المسؤولية، يؤدي إلى زيادة مستوى الاحتقان الاجتماعي، ومن ثَمَّ إلى نشوب أحداث لا تحمد عقباها، وسط اتهامات للحكومة بالتخلي عن مسؤوليتها، والتسبب في تردي أوضاع المواطنين، وارتفاع مستوى القلق الاجتماعي لديهم، وتدني مستوى معيشتهم، وتغول اللوبيات الاقتصادية والإدارية الفاسدة أمام فقر وحاجة البسطاء.
تناقض اجتماعي
من ضمن النتائج التي كشف عنها حادث قطار العاصمة، ظهور حالة غريبة من التناقض المجتمعي في طريقة تعاطي المواطنين مع الأزمة. صحيح أن المشهد الذي تصدر مواقع التواصل الاجتماعي، كان تلك الصورة الإيجابية للشعب المغربي الذي هرع إلى التبرع بالدم لصالح ضحايا الحادث المأساوي، إلا أن فئة أخرى شاذة من المواطنين استغلت الحادث لسرقة أغراض الضحايا.
وشهدت مراكز التبرع بالدم في مدينتي الرباط وسلا، إقبالاً كبيرًا من المواطنين للمساعدة بتوفير الدم اللازم لإسعاف جرحى حادث القطار، والتعبير عن تضامنهم مع ضحايا ومصابي الحادث.
على الجانب الآخر، تداول مجموعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حالات لضحايا تعرضوا للسرقة من طرف مجهولين، استغلوا حالة الهلع والخوف التي كانوا يعيشونها قبل التحاق عناصر الأمن، وهو ما خلف موجة استياء لدى هؤلاء النشطاء.
كذلك، كان من تداعيات الحادث المأساوي، وقوع أزمة تنقل في نفس الخط الرابط بين سلا والقنيطرة، ما دفع المواطنين إلى طلب خدمات سيارات الأجرة التي لم يتناسب عددها مع الطلبات المرتفعة للتنقل المعبر عنها. وحسب بعض الركاب، فقد استغل بعض السائقين الحالة الظرفية لرفع أثمنة التنقل، غير عابئين بضوابط أسعار النقل المحددة من قبل السلطات الإقليمية، إضافة إلى (الخطافة) الذين انتعشت خدماتهم أيضًا، ما يعيدنا إلى التساؤل حول مدى جاهزية مرافق الدولة وأجهزتها للتعامل مع الحالات الطارئة.
حادث بوقنادل.. نتائج وتداعيات
كان لحادث قطار العاصمة المغربية مجموعة من النتائج والتداعيات، يمكن إجمالها في التالي:
1- دق ناقوس الخطر عن حالة البنية التحتية في المغرب (ومنها شبكة السكك الحديدية)، ومدى قدرتها على تأدية دورها، ومدى حاجتها للتطوير.
2- أثار مخاوف وتكهنات حول قدرة أجهزة الدولة على التعامل مع الأحداث الخطيرة وحالات الطوارئ.
3- أحرج الحادث الحكومة من جديد، وأدى إلى خضوع كل من وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، والمدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية إلى المساءلة البرلمانية.
4- حذرت منظمات حقوقية من أن استهتار الحكومة وعدم مسؤوليتها، سيؤدي إلى زيادة مستوى الاحتقان الاجتماعي، ومن ثَمَّ نشوب أحداث لا تحمد عقباها.
5- كشف الحادث عن تناقض غريب في المجتمع المغربي، تمثل في صورتين مختلفتين، إحداهما لمئات يتبرعون بالدم لإنقاذ الضحايا، والثانية لآخرين يسرقون أمتعة الضحايا.
المراجع
1- في أسوأ حادث منذ 1993.. 7 قتلى في انقلاب قطار بالمغرب، .
مصادر طبية: حادث “قطار بوقنادل” أوقع 7 قتلى، .
2- الديوان الملكي: فتح تحقيق في حادث قطار بوقنادل، .
3- بعد حادثة بوقنادل.. تعرف على أسوأ حوادث القطارات بالمغرب، .
4- مكتب القطارات يوضح بعد اتهامات بعلمه المسبق بالخلل المؤدي لفاجعة بوقنادل، .
5- حادث قطار “بوقنادل” يجر اعمارة ولخليع إلى المساءلة البرلمانية، .
6- حقوقيون: الاستهتار الحكومي بمطالب المواطنين وراء ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي، .
7- حادثة قطار بوقنادل تتسبب في أزمة تنقل بين سلا والقنيطرة، .
8- مئات المغاربة يتبرعون بالدم لإنقاذ ضحايا فاجعة قطار “بوقنادل”، https://bit.ly/2EsCU2p.
9- بين تقديم المساعدة وسرقة الأغراض .. حادث قطار بوقنادل يكشف عن المتناقضات، https://bit.ly/2yLZVrj
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر