جوازات سفر اللقاح ستنتشر في أرجاء العالم كله سواء أرادها الناس أم لا | مركز سمت للدراسات

جوازات سفر اللقاح ستنتشر في أرجاء العالم كله سواء أرادها الناس أم لا

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 14 سبتمبر 2021

هاميش ماكراي 

 

من المُقرر فرض معيار عالمي جديد من أجل مكافحة “كوفيد- 19” عبْرَ طرح جوازات سفر اللقاح.

سوف يتطلب الأمر سنتين قبل أن يُعمم اللقاح عالمياً، وسيواجه مقاومة لأسباب عدة. في المقابل، يشكل ذلك توجهاً سائداً لدى الدول المتقدمة كلها، وستلحقها الدول الناشئة حين يصبح اللقاح متوافراً على نطاق أوسع.

وإذا بدا ذلك التوجه مكتسحاً، فانظروا إلى كل ما بدأ يحدث بالفعل. في المملكة المتحدة، يبدو أن تقديم إثبات على تلقي اللقاح سيصبح إلزامياً من أجل الانضمام إلى التجمعات الكبيرة داخل الأماكن المغلقة، بما فيها النوادي الليلية. وسوف تصوت اسكتلندا هذا الأسبوع على مخططات مشابهة.

وفي فرنسا، يبدو أن “جواز المرور الصحي” الذي طُرح الشهر الماضي كشرط يتيح للناس دخول مراكز التسوق وتناول الطعام في الأماكن المغلقة داخل المطاعم وغيرها، قد كسب التأييد الشعبي في بلد تدنَتْ معدلات قبول اللقاح فيه، في بداية حملات التطعيم. وينسجب الأمر نفسه على مناطق أخرى من أوروبا وكندا وبعض المدن الأميركية. وتوفر بعض الأماكن الأخرى بديلاً عن جواز سفر اللقاح، يتمثل في فحص كورونا حديث [يثبت خلو صاحبه من الفيروس]، لكن ذلك أمر مزعج بالمقارنة مع تلقي اللقاح ببساطة.

واستطراداً، سوف يزداد التوتر كذلك. هل يجب إرغام العاملين في هيئة “الخدمات الصحية الوطنية” على أخذ اللقاح؟ هل يجب إعطاؤه للأطفال؟ وُضِعَتْ تلك الخطة قيد الدرس منذ أسابيع عدة. ويبدو أن قرار توسيع نطاق التطعيم كي يشمل الفئات العمرية من 12 إلى 15 سنة، سيتأكد قريباً على الرغم من قول وزير اللقاحات نديم زهاوي إنه لم يجرِ التوصل بعد إلى أي قرار في هذا الخصوص. كذلك أكد زهاوي أنه سوف يُشترط الحصول على موافقة الأهل.

نحن نصب كافة تركيزنا على البلد الذي نقيم فيه طبعاً، أو الذي ننوي زيارته لأن ذلك هو ما يؤثر في حياتنا اليومية. في المقابل، يؤدي اقتصار القلق على ذلك الشأن إلى عدم رؤية المشهد الكامل المتضمن أن القوى الاقتصادية القوية هي التي تقرر الاتجاهات العالمية. إذ تتمتع الحكومات بشكل إفرادي، أو في حالة الولايات المتحدة، الولايات والمدن، حالياً بحرية فرض قوانينها الخاصة. ويعود ذلك إلى كوننا ما زلنا في مرحلة من التقلبات. وحين تستقر الأمور، سيكون خيارها الوحيد أن تعتمد المعيار العالمي.

انظروا إلى الأمر من الناحية الاقتصادية. إذا حصلتم على اللقاح كاملاً، هل ستختارون النزول في فندق يشترط على كافة نزلائه وموظفيه أن يحصلوا على اللقاح أم في فندق لا يفرض عليهم هذا الشرط؟  إنه أمر بديهي. طبقوا المثل نفسه على شركة الطيران. ستختارون تلك التي تشترط التطعيم. بالتالي، تتطلب الجدوى الاقتصادية فرض التطعيم.

واستطراداً، ينطبق الأمر نفسه على مكان العمل. سوف يواصل بعض الأشخاص العمل من المنزل بعض الوقت، فيما قد يصبح تلقي اللقاح شرطاً في دخول المكتب، على غرار ما سيُفرض على العاملين في دور الرعاية ابتداءً من 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. وبالنسبة إلى من تتيح لهم الظروف العمل من المنزل، سوف يظل الحصول على اللقاح موضوعاً اختيارياً، لكني أظن أنهم سيخسرون مع الوقت بالمقارنة مع نظرائهم الذين يعملون من المكتب. وعلى غرار تحذير من بول جونسون، مدير “معهد الدراسات المالية”، تعتمد المؤسسات على رأس المال الاجتماعي الذي يتراكم بفعل التقاء الموظفين، وإذا لم يكن الناس داخل المكتب، سوف يتقلص رأس المال ذلك.

يشبه الأمر أن تحاول بيع سلعة معينة، فهل ترجح أكثر أن تنجح في إبرام الصفقة إذا التقيت العميل المحتمل وجهاً لوجه أم عبر تطبيق “زووم”؟ يبدو أن الضغط التجاري سيفرض على الناس التطعيم كذلك.

واستكمالاً، دعونا ألا ننسى أن كثيراً من الناس، بل الذين يشكلون غالبية القوى العاملة فعلياً، لا يستطيعون العمل من المنزل. ففي السنة الماضية، تعذر على 63 في المئة من العاملين في المملكة المتحدة العمل من المنزل، حتى حينما بلغت الجائحة ذروتها.

بالتالي، سيوضع الجميع تحت ضغط متزايد كي يحصلوا على اللقاح. ومهما كانت القوانين المحلية، سوف يخلق الاقتصاد تلك الضغوطات. إذاً، يمكنكم اختيار عدم الحصول على اللقاح، لكن ذلك سيحرمكم من نشاطات عدة، من قضاء العطلة في الخارج إلى تناول الطعام داخل مطعم مغلق. وسيقصيكم أيضاً عن وظائف كثيرة.

وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، ربما في الولايات المتحدة أكثر من أوروبا أو المملكة المتحدة، سيشكل هذا الأمر احتمالاً مقلقاً، بمعنى تقييد الحرية. في المقابل، لا أعتقد بأن ذلك القلق ضروري، مع ملاحظة أن قيوداً عدة مفروضة علينا أساساً على غرار احترام الإشارات الضوئية وتنظيف براز الكلاب. ومن الصعب على المرء تسيير شؤونه من دون معرفة استخدام الحاسوب. وإذا كنتم تقيمون في الولايات المتحدة، من الصعب أن تتنقلوا إذا كنتم لا تستطيعون القيادة. ويحتاج معظمنا إلى هواتف جوالة، وهكذا دواليك. إذاً، تتغير حرياتنا مع الوقت. وتتطلب المصلحة العامة أن نقضي على هذا الفيروس المريع.

المصدر: independentarabia

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر