سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
لطالما اتسمت سياسة واشنطن الخارجية في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ بالسعي إلى تثبيت نفسها كشريك مفضل.
يشيع استخدام مصطلح “الشريك المفضل” في المؤسسات الحكومية؛ حيث يصف علاقة اقتصادية أو أمنية طويلة الأجل مع تضمين حصرية الشراكة. في حالة الحكومة الأميركية، غالباً ما ينطوي على جهد نشط لتقليل المنافسة على الشراكة المذكورة، وإبعاد الدول الأخرى التي تتودد إلى الشريك. لكن تركيز واشنطن على هذا النمط الحصري ضمنياً من الشراكة يقود إلى نتائج عكسية ويمثل نهجاً معيباً تجاه المنطقة. ولعل جنوب شرق آسيا أكثر منطقة ينطبق فيها هذا الوضع.
جدير بالذكر أن لدى واشنطن شركاء أكثر بكثير من الحلفاء الرسميين بموجب المعاهدات، في المحيطَين الهندي والهادئ، ولدى بعض حلفائها علاقات دفاعية معقدة تشمل أكبر منافسين جيوسياسيين لواشنطن، روسيا والصين، بدرجات متفاوتة.
يفترض الكثيرون في واشنطن أن دول المحيطَين الهندي والهادئ والمؤسسات متعددة الأطراف تشاركهم وجهة نظرهم عن الصين كدولة معادية، أو أنها ترى الولايات المتحدة كقوة حميدة في منطقتها. لكن من الخطأ افتراض أن جنوب شرق آسيا ترى الولايات المتحدة فاضلة بطبيعتها والصين طالحة. وفي حين أن معظم الدول في جنوب شرق آسيا تنظر إلى كل من الولايات المتحدة والصين بدرجة من الخوف، فإن تجاربها مع بكين ليست بالسوء الذي قد توحي به واشنطن، ناهيك بأن تفاعلاتها مع واشنطن ليست ودية للغاية.
جنوب شرق آسيا منطقة تتسم بالبراجماتية، وينعكس هذا في مؤسستها البارزة، رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي نجحت في تحقيق معظم أهدافها. وفي حين أن الرواية المحيطة بفكرة أن شركاء جنوب شرق آسيا قد يضطرون إلى الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لا تزال رائجة، فإنهم في الواقع سيختارون مصلحتهم.
الساحة التنافسية الحقيقية هي الاقتصاد وليس الدفاع والأمن. إن الوعظ المستمر لجنوب شرق آسيا حول اقتصاد بكين المفترس يعتبر من قبيل الوصاية والتقليل من قدرة المنطقة على تحديد مصالحها. الشركاء ليسوا غافلين عن الممارسات المالية للصين، كما أنهم يدركون جيداً استجابة الولايات المتحدة للأزمة المالية الآسيوية عام 1997، ومؤخراً دور الولايات المتحدة في الأزمة المالية العالمية لعام 2008. لا تنجذب أية دولة في جنوب شرق آسيا للارتماء بالكامل في أحضان الولايات المتحدة أو الصين في أي قطاع. ومحاولة تغيير ذلك لن تجلب سوى مزيد من الإحباط لشركاء واشنطن.
وختاماً، أمل واشنطن الأكبر في تعزيز أهداف سياستها في جنوب شرق آسيا، وفي منطقة المحيطَين الهندي والهادئ الأوسع، يكمن في قدرتها على الانخراط كشريك اقتصادي موثوق به وشريك أمني مستقر. لكن توقع أو إقناع دول جنوب شرق آسيا بالانضمام صراحة إلى المبادرات المناهضة للصين، أو مقاومة اتفاقيات التجارة الحرة، أو البقاء خارج الترتيبات الاقتصادية المتسارعة، لن يؤدي إلى النتائج السياسية التي ترنو إليها واشنطن.
المصدر: كيو بوست – مقال فورين بولسي
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر