التباعد الاجتماعي | مركز سمت للدراسات

جدار برلين والتحوّل الرقمي

التاريخ والوقت : الأربعاء, 3 فبراير 2021

مايكل ميباخ

 

كوني نشأت في ألمانيا، كان جدار برلين حقيقة صارخة في حياتي، إلى أن أتى يوم في عام 1989 وأصبح غير موجود. لقد انهار الجدار لأن الناس اجتمعوا معاً لتحطيمه، ولم يكن الناس يعرفون ما الذي سيحدث بعد ذلك، لكنهم أدركوا ذلك خطوة بخطوة معاً.

ويمر العالم الآن بنقطة تحوّل مماثلة، ولكن هذه المرة الجدار مختلف: إنه التباعد الاجتماعي والعمل الإلزامي من المنزل الذي لا يفصل بيننا فحسب، بل يفصل أيضاً حاضرنا عن إمكاناتنا. وقد تفاقم هذا الأمر بسبب جدران القلق والاحتكار الرقمي الذي سيؤثر في كيفية تطور المجتمع للخروج من أزماتنا الملحة.

وبالنظر إلى العام المقبل، وما بعده، أرى خيارين أمامنا: يمكننا التفاعل مع التغييرات التي تحدث كل يوم، أو يمكننا الاستفادة من هذه اللحظة لإعادة تصوّر مستقبلنا بالكامل. ويمكننا أن نحاول القيام بذلك بمفردنا، أو يمكننا توحيد الجهود ونقاط القوة مع الشركاء المشابهين لنا في التفكير.

لقد أتاحت لنا جائحة فيروس «كوفيد-19» فرصة لتشكيل غد جديد أفضل، لكن هذا لا يعني التخلص من كل شيء جاء من قبل، والبدء من الصفر. نحن نمتلك الأدوات والتقنيات والإمكانات للتفكير بشكل أوسع حول ما هو ممكن، ثم نجعله ممكناً.

وتقدم لنا التكنولوجيا الرقمية أداة للاختراق نحو المستقبل الذي سيكون أفضل بالنسبة إلى الجميع.

وقد كان الانتقال إلى النظام الرقمي جارياً بالفعل لفترة من الوقت مع دخولنا عام 2020، ثم أدت الجائحة إلى تسريع هذا التحول. وفي الوقت الحالي، فإن التحوّل الرقمي ليس مجرد مسألة راحة، بل إنه يتعلق بصحتك وعملك وقدرتك على الازدهار والنمو. لذلك، يجب أن تكون محطتنا الأولى على طول هذا الطريق هي توسيع نطاق العالم الرقمي ليشمل الأشخاص العاديين.

وفي الوقت الذي كان فيه ملايين من الناس قادرون على جني فوائد العمل والدراسة عن بعد، والطلب عبر الإنترنت والرعاية الصحية عن بعد ومحادثات الفيديو، لم يكن ملايين آخرون في مناطق أخرى من العالم قادرين على ذلك. ومع احتمال استمرار التحوّل الهائل إلى النظام الرقمي، فإننا نخاطر بتوسيع الفجوة الرقمية، ولكن علينا ألا نسمح بحدوث ذلك.

لقد حان الوقت بالنسبة إلينا جميعاً، سواء كنا مؤسسات عامة، أو شركات خاصة، أن نعمل لاستقطاب مئات الملايين من الناس إلى الاقتصاد الرقمي الجديد، وتمكينهم من الوصول إلى الأدوات والمعرفة. وبعد ذلك مباشرة، نحتاج إلى مساعدة الشركات الصغيرة لتعزيز كفاءتها.

وبالنسبة إلى العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، أصبح الانتقال إلى الرقمية أمراً لا مفر منه وملحاً للغاية، إذ كانت خطوة طارئة تهدف إلى مساعدتهم على البقاء.

وقد اضطرت المطاعم الصغيرة إلى تغيير نموذج أعمالها بين عشية وضحاها، حيث انتقلت من فنون إجراء حجوزات الطاولات إلى الحفاظ على العملاء من خلال تمكينهم من الطلب والدفع عبر الإنترنت واستلام طلباتهم بأقصى سرعة ممكنة.

لكن هذه مجرد البداية، إذ تواجه المطاعم في الحي الذي أعيش فيه، صعوبات جديدة، وغير متوقعة، مثل الحفاظ على أمان مواقعها على الإنترنت وإدارة الموردين والتعامل مع طلبات العملاء المتزايدة.

 إن الأعمال الصغيرة هي شريان الحياة لاقتصاداتنا ومجتمعاتنا، وما يحتاجون إليه الآن شركاء يساعدونهم في مواجهة التحديات الجديدة والتغلب عليها. إنهم بحاجة إلى شركاء يجلسون إلى جانبهم ويشمرون عن سواعدهم، ويعملون معهم للتوصل إلى الحلول خلال هذه المرحلة الحاسمة.

وحتى قبل الوباء، كانت هناك مخاوف مبررة حول ما إذا كانت التكنولوجيا ستؤثر في نهاية المطاف في حياة الناس للأفضل، أو للأسوأ. وبالنسبة إلي، يمكن للتكنولوجيا أن تخلق فرصاً، ولكن فقط إذا استرشدنا بالأخلاق والقيم، وحتى اللباقة، من أجل الابتكار وتعزيز الشمولية.

هدفنا هو إزالة الجدران، وليس بناء جدران جديدة.

 

المصدر: صحيفة الخليج

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر