سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
لطالما أصرت الطبيبة الشرعية سيبنيم كورور فنجانجي، وكثير من الأطباء غيرها، على وجود مراوغة في أرقام جائحة “كوفيد-19” في تركيا. تجاوزت الوفيات المتزايدة في مختلف أنحاء البلاد كثيراً الأرقام الرسمية للوفيات المعلن عنها بسبب الفيروس؛ فأعداد الإصابات متدنية بشكل يدعو إلى الشك. وجاء تبرير ذلك في نهاية نوفمبر عندما كشفت الحكومة التركية عن أنها قد توقفت عن تسجيل الحالات التي لا ترافقها أعراض مرضية قبل أشهر خلت. وفور استئنافها تسجيل هذه الحالات، ارتفعت عدد الإصابات المسجلة يومياً من سبعة آلاف إصابة إلى ثلاثين ألف إصابة. (انخفضت هذه الأعداد لاحقاً بعد فرض إجراءات الإغلاق).
تم تصنيف الطبيبة الشرعية ذات الواحد والستين عاماً، على أنها إرهابية من قِبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ودعا رئيس حزب الحركة القومية، شريك الرئيس في الائتلاف الحاكم، إلى حل الجمعية الطبية التركية التي تترأسها.
أصبح لدى أردوغان وحلفائه القوميين سلاح مناسب ضد الأطباء المزعجين وغيرهم من مثيري المشكلات؛ فبموجب القانون الذي أقره البرلمان في السابع والعشرين من ديسمبر، تمتلك الحكومة السلطة لإعادة هيكلة أو إغلاق جمعيات المجتمع المدني؛ بما في ذلك الفروع المحلية للمنظمات الدولية، مثل “هيومن رايتس ووتش” أو منظمة العفو الدولية. ويسمح القانون لوزارة الداخلية بإزاحة أعضاء مجلس الإدارة الذين يواجهون تهماً بالإرهاب، وتجميد أصولهم، وتعيين آخرين بديلاً لهم، وإجراء التحقيقات، وكل ذلك باسم “محاربة تمويل الإرهاب”. وإذا رأت الوزارة أن كل ذلك ليس كافياً، يمكن لها أن تطلب من المحاكم أن تحظر نشاط هذه المنظمات بشكل كامل.
عانت تركيا عدداً غير قليل من الهجمات الإرهابية في السنوات الخمس الماضية؛ ولكن قليلة هي الحكومات التي اخترعت الكثير من الإرهابيين، كما فعلت حكومة السيد أردوغان. تم اعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص؛ بمَن فيهم سياسيون أكراد وأساتذة وصحفيون وأعضاء كبار في منظمة العفو الدولية، بموجب تهم ملفقة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. وتم وضع أكثر من ستمائة ألف شخص تحت التحقيق بشأن صلات مزعومة مع حركة يقودها الداعية الإسلامي فتح الله غولن، من منفاه، والذي يزعم أنه كان الرأس المدبر للانقلاب الفاشل. كما جرى فصل المئات من الأكاديميين من وظائفهم واتهموا بنشر “دعاية إرهابية”؛ وذلك بسبب توقيعهم على عريضة تحث الحكومة على وقف العمليات الأمنية ضد المتمردين الأكراد في جنوب شرق تركيا. ومؤخراً، اتهم السيد أردوغان طلاب إحدى أهم الجامعات المرموقة في البلاد بالارتباط مع مجموعات إرهابية بعد أن تجرأوا على تعيين الرئيس أحد الموالين له رئيساً لجامعتهم. اعتقلت قوات الشرطة ما لا يقل عن 45 شخصاً من المحتجين، يقول بعضهم إنهم تعرضوا إلى الضرب والتهديد بالاغتصاب، بينما كانوا قيد الاعتقال.
الدكتورة فنجانجي، التي واجهت أيضاً تهماً بالإرهاب بسبب عريضة السلام الكردية (حُكم عليها بعقوبة السجن لمدة ثلاثين شهراً، بانتظار الاستئناف، وأجبرت على الاستقالة من السلك الأكاديمي)، تقول إن الحكومة تحتاج إلى القانون الجديد؛ كي تتمكن من الاستمرار بالحكم بالخوف والعمل والإفلات من المساءلة. وقالت فنجانجي، أثناء وقفة احتجاجية على وفاة نحو 300 طبيب تركي بسبب جائحة “كوفيد-19”: “يفترض بمجموعات المجتمع المدني أن تكون الرقيب على سلطة الدولة، والآن أصبحت الدولة هي الرقيب على المجتمع المدني، ولم تعد الدولة تخضع للمسؤولية”.
يبدو أن الدكتورة لن ترتدع، وستستمر في أن تكون شوكة في خاصرة السيد أردوغان، وتقول إن حكومته لا تزال تتستر على حجم الجائحة. وفقاً لوزارة الصحة، فقد قتل الفيروس ما يزيد قليلاً على ثلاثة وعشرين ألف شخص في تركيا؛ بمَن فيهم ألف وثلاثمائة وتسعة عشر شخصاً خلال الأسبوع الذي انتهي في العاشر من يناير. وهي تعتقد أن العدد الحقيقي ربما يكون ضعف الرقم المعلن على أقل تقدير.
المصدر: كيو بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر