29 مشرعا جمهوريا و23 مشرعا ديموقراطيا، جمعهم الاصرار على إسقاط “تيك توك” بالضربة القاضية، كما فعلت أميركا من قبل مع “هواوي” و”زد. تي. إي.” (ZTE) مثلا. لم تكترث الإدارة الأميركية من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، اللذين وحّدتهما “أم المعارك”، بكل ما قدمه تشو من حقائق عملية ومقترحات تصب في إرادة الولايات المتحدة وحماية أمنها القومي. فقد قوبل بحكم واحد: “لا بد من حظر التطبيق”بلا نقاش!
حلف شمال الأطلسي ينخرط في الحرب
هذا ما عبرت عنه رودجرز بالحرف الواحد متوجهة إلى تشو: “نحن لا نثق في أن “تيك توك” سوف تتبنى القيم الأميركية – قيم الحرية وحقوق الإنسان والابتكار”.
لكن من أين تنبع ثقة أعضاء الكونغرس بـ”فايسبوك” و”انستاغرام” و”أمازون” و”تويتر” مثلا؟
لم يرأف لـ”بايت دانس” ان 150 مليون أميركي يستخدمون تطبيقها الأشهر “تيك توك”، أي نحو نصف عدد سكان الولايات المتحدة، وهم أحرار (مبدئيا) في نمط تفكيرهم وحرية خياراتهم، كما لم تكترث اللجنة بأن خمسة ملايين مؤسسة صغيرة ومتوسطة تستخدم التطبيق للترويج لأعمالها وتنميتها في الولايات المتحدة، وبأن لدى التطبيق سبعة آلاف موظف على الأرض الأميركية.
لعل أكثر ما كان يراه أعضاء اللجنة في تشو، شخصيته الصلبة ونظرته الواثقة كممثل للتطبيق الصيني الذي تفوق في أميركا والعالم على “انستاغرام” و”سنابشات” في مدة زمنية قصيرة، وغيّر طرق عمل وسائل التواصل الاجتماعي الى الأبد.
إنها حرب اقتصادية ساخنة بكل المقاييس؛ حرب خرجت منذ زمن عن مسار النزاع السياسي-الاقتصادي التقليدي بين ثقلين عالميين لا يتوانيان عن إظهار عدائهما، أحدهما للآخر، لتصب في حياة كل مواطن أميركي وتصل ارتداداتها الى أرجاء العالم.
وبسرعة وسائل التواصل، انتشرت عدوى الدعوات الى حظر التطبيق على الأجهزة الحكومية في البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية ومجلس الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا ونيوزيلندا والنروج بسبب مخاوف تتعلق بـ”الأمن السيبراني”. وفيما كان تشو يخضع للاستجواب، تضامن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو مع الموقف الأميركي، وكان لافتا موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اجتماع وطني في ديسمبر/كانون الأول الماضي اتهم فيه “تيك توك” بفرض رقابة على المحتوى وقال: “تيك توك هي أكثر الشبكات الاجتماعية المسببة للاضطرابات (نفسيا) والأكثر فاعلية بين الشباب”.
بذلك يكون حلف شمال الأطلسي قد انخرط بكل ثقله في الحرب العالمية على “تيك توك”، وليست هذه الحرب سوى امتداد طبيعي لحرب الرقاقات الميكروية وأشباه الموصلات التايوانية، ولم ينس العالم بعد التوتر الذي ساد عبر المحيطات عندما أصرت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي على زيارة تايوان في أغسطس/آب الماضي، أكبر مصنع للرقاقات في العالم، والمعرضة لغزو الصين في أي وقت، بعدما فرضت إدارة الرئيس جو بايدن قيودا شاملة على توفير أشباه الموصلات المتطورة ومعدات صناعة الرقائق للشركات الصينية مخافة استخدام التكنولوجيا المتقدمة لتطوير أنظمتها العسكرية، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل.
سلاح الحزب الشيوعي الصيني
توجهت رودجرز الى الشعب الأميركي قائلة: “تيك توك سلاح للحزب الشيوعي الصيني للتجسس عليكم، والتلاعب بما ترونه واستغلاله للأجيال القادمة”.
في ذكرى مرور عشرين عاما على غزو العراق، يذكّرنا هذا الكلام وهذه “الحملة الأطلسية” السياسية والإعلامية بتلك التي قادها الرئيس الاسبق جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير وصحبهما المعروفين عشية غزو العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل ووهمها. اليوم يبدو تطبيق “تيك توك” كأحد أسلحة الدمار الشامل الصينية التي يفترض القضاء عليها باكرا.