سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
شهدت تونس أسبوعًا مضطربًا آخر منذ تمديد مرحلتها الانتقالية، التي دشنها الرئيس قيس سعيّد بإقالة رئيس الوزراء المدعوم من الإسلاميين في 25 يوليو، مع ظهور ايجابياتها وسلبياتها على حد سواء.
بدأ الأسبوع باعتقال نبيل القروي، وشقيقه غازي القروي، عضو البرلمان، في الجزائر بعد دخولهما الدولة بشكلٍ غير قانوني. الجدير بالذكر أن القروي كان مرشحًا في انتخابات عام 2019. وعلى الرغم من وجود القروي في السجن بتهمة الفساد، فإنه كان قد ترشّح للرئاسة، لكنه خسر بأغلبية ساحقة أمام الرئيس الحالي سعيّد. واصل نبيل القروي حضوره القوي في السياسة التونسية، حيث أنشأ قناة تلفزيونية خاصة، هي قناة “نسمة”، التي يمتلكها جزئيًا رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني. والسؤال الآن هو ما إذا كانت الجزائر ستحترم معاهدة تسليم المطلوبين قانونيًا مع تونس، التي تنص على نقل “أي شخص يُحاكم أو يُدان” في أيٍّ من الدولتين.
استمر التحريض الإعلامي ضد المسار الذي اختارته تونس للمضي قدمًا، بما في ذلك حجة ملتوية بشكل خاص من قبل منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان تدفع بأن الرئيس سعيّد تصرف بشكل غير دستوري. لكن الحقيقة أن المحكمة الوحيدة التي يمكن أن تحكم على مثل هذا الشيء لم يتم تشكيلها أبدًا خلال عقد من حكم حزب النهضة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، هذا الأمر هو أحد الإخفاقات العديدة التي أدت إلى حالة الانسداد السياسي التي يحاول سعيّد كسرها. بل إن الأمر الأكثر خبثًا هو المساحة التي أعطيت في منفذ بارز لعضو في حزب النهضة للتحريض ضد الحكومة التونسية، ولم يذكر هذا المنفذ الإعلامي عن عمد أن الكاتب كان عضوًا في حزب النهضة.
لكن هناك أيضًا رؤى تناقض هذه الحجج الملتوية من قبل النهضة، ومنها تقريرٌ نُشر في صحيفة “واشنطن بوست” اعتمد على نتائج استطلاعات رأي في تونس، أظهرت دعمًا شعبيًا قويًا للديمقراطية، وللخطوات التي قام بها سعيّد، وقد ذكر التقرير: “كما يعترف بعض قادة حزب النهضة الإسلاموي، يلقي العديد من التونسيين باللوم على الحزب، نظرًا لمشاركته في الحكومة طوال الفترة الانتقالية. وقيّم الأشخاص الذين شاركوا في الاستطلاع قيادة النهضة بأنها من أسوأ القيادات لا سيما المؤسس المشارك للحزب راشد الغنوشي.. وتشير أدلتنا إلى أنه حتى مع تنامي شعور التونسيين بالإحباط إزاء المؤسسات المنتخبة، فإن معظمهم لا يريدون الديكتاتورية”.
وقد أكَّدت منصات تحليلية أكثرَ حيادية مثل “معهد واشنطن” هذه النتائج، وأشارت إلى الغضب الشعبي إزاء سوء إدارة حزب النهضة للدولة، ما يعني أن “معظم الكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني استقبلت قرارات سعيّد بشأن السلطة بقبولٍ حذر وصل إلى الفرحة الغامرة”، معتبرة ذلك وسيلة لتحقيق غاية تتمثل في استعادة الوعود الديمقراطية للثورة.
وفيما يتعلق بالشؤون الخارجية، دخلت تونس هذا الأسبوع في نزاع دبلوماسي مع حكومة ليبيا المجاورة المدعومة من تركيا. وكانت تونس قد قالت إن بعض المرتزقة السوريين الذين تستخدمهم تركيا في ليبيا يتسللون عبر الحدود التونسية، ويشكلون خطرًا إرهابيًا، وهو اتهام نفاه بشدة رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، الذي أضاف على تويتر قائلًا إن هذا الخلاف “لن يؤثر على عمق العلاقة الأخوية، وسنظل شعبًا واحدًا في بلدين”.
من بين الأزمات الكبرى التي تواجه الرئيس سعيّد حاليًا هي تداعيات جائحة فيروس كورونا، الذي أساءت الحكومة المدعومة من حزب النهضة التعامل معها بشكلٍ فاضح. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية زوّدت تونس بالتجهيزات اللازمة للتصدي لهذه المشكلة.
ومع ذلك، فمن بين المؤشرات التي تدعو للتفاؤل بشأن تونس هي تلك التي أوردتها وكالة فرانس برس بشأن حدوث انفراجة محتملة في زراعة المحاصيل المحلية من السلالات المعدّلة وراثيًا، الأمر الذي من شأنه أن يوفر قوة للصمود والمرونة الحاسمة في دولة يعصف بها التصحر والجفاف، في ظل احتمال تفاقم بعض هذه القضايا بسبب آثار تغير المناخ في وقتٍ لاحق من هذا القرن.
وختامًا، لقد كانت هناك مخاوف بشأن النكوص في التقدم نحو الديمقراطية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية أو نحو ذلك في العديد من تجارب الدول التي مرت بالربيع العربي، وربما هناك مخاوف من أن تونس تسير في الطريق نفسه. ولكن هناك دلائل كافية في الاتجاه الآخر تؤكد أن الفرصة لا تزال قائمة وأن القرار الذي اتخذ في 25 يوليو سوف يؤدي إلى تجديد الديمقراطية في تونس، وليس إلغائها.
المصدر: كيو بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر