توقف اتفاقية التجارة بين الهند والاتحاد الأوروبي بسبب قضايا حماية المستثمر | مركز سمت للدراسات

توقف اتفاقية التجارة بين الهند والاتحاد الأوروبي بسبب قضايا حماية المستثمر

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 3 ديسمبر 2019

إيجور بلينير

 

تداولت أخبار عن قرب انتهاء الولايات المتحدة الأميركية والهند من اتفاقية تجارة جزئية، وهو ما عزز المفاوضات التي كانت قد قاربت على الانهيار بين البلدين، بعد الاتفاق على الامتيازات التي تسمح بشحن بضائع أكثر وتخفيض الرسوم الجمركية على الواردات من السلع المثيرة للجدل.

وكانت الآمال قد تصاعدت من قبلُ بشأن حدوث انفراجة ولكنها تلاشت مع ظهور الخلافات القديمة على السطح مرة أخرى في ظل عدم استعداد الدولتين للتنازل عن آرائهما. ويجري حاليًا تقييم لآخر المناقشات بهدف الإعلان عن الاتفاقية خلال الاجتماع الأخير بين رئيس وزراء الهند “ناريندرا مودي” والرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ومن السهل إلقاء اللوم على شراسة ترمب التي أدت إلى صعوبة الوصول إلى اتفاقية بين واشنطن ونيودلهي، وبصفة خاصة مع انشغال الرئيس بإعادة التوازن لعجز التجارة الأميركي. ولكن تؤكد خبرة الاتحاد الأوروبي – حيث سعت بروكسل إلى التفاوض بشأن اتفاقية تجارة مع الهند منذ عام 2007 – أن العوائق ظهرت بسبب تعنت الهند.

إلى حد ما، يرجع اهتمام الاتحاد الأوروبي بالتجارة الهندية إلى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد، ومحاولة قادة دول الاتحاد الأوروبي إعادة تحريك أو تغيير مسار العلاقة مع الهند، التي سيطرت عليها المملكة المتحدة في الماضي. بالنسبة للاتحاد الأوروبي، يعتبر النجاح في الوصول لاقتصاد ينمو بمعدل 7% في العام خيارًا مثيرًا. ولكن ثبت تعنت نيودلهي في إحدى العقبات التي واجهت المفاوضات بين الهند والاتحاد الأوروبي، وهي الاختلاف بين الجانبين حول قوانين حماية المستثمرين الأجانب.

في الوقت الذي قد تكون فيه الهند أكبر ديمقراطية في العالم، يرى العالم أن محاكمها تتسم بالبطء وتفتقر إلى الشفافية المطلوبة. وقد طالبت شركات الاتحاد الأوروبي الهند بوضع نظام خاص للتحكيم للشركات الأجنبية. ولكن الهند ترغب في تسوية أية نزاعات من خلال المحاكم العادية. كما ترفض نيودلهي أيضًا أن تخضع قوانين الضرائب لأطر حماية المستثمر على الرغم من محاولة الكثير من الشركات الأجنبية التعافي بعد تعرضها لما وصفته بالقوانين الضريبية التمييزية.

في السنوات الأخيرة، كان على المستثمرين تصعيد شكواهم للمحاكم الدولية بعد وقوعهم في المشاكل بسبب النظام الضريبي البيزنطي في الهند. هذا العام، سمعنا عن شكوى مقدمة من عملاق الاتصالات البريطاني “فودافون” بسبب مطالبة ضريبية بقيمة 5 مليارات دولار أميركي بسبب استحواذ الشركة على أغلبية الأسهم في “هوتشيسون” و”امبوا”. هذا على الرغم من أنه لم يتبقَ لـ”هوتشيسون” أية أصول ضخمة في الهند وأن العملية التجارية تمت في هونغ كونغ.

ولقد حكمت المحكمة العليا في الهند لصالح “فودافون” في عام 2012، ولكن نيودلهي بالكاد استجابت ووضعت قانونًا جديدًا يجعل هذه المعاملة خاضعة للضرائب بأثر رجعي. ومما زاد من تعقيد الوضع، أن الهند ترى هذا القانون ينطبق على قضايا تعود إلى 51 عامًا مضت، وقد أدى ذلك إلى استياء المستثمرين الذين يرون أن الهند سوق استثماري لا يمكن التكهن به.

وفي قضية مماثلة، تورط عملاق الاتصالات الألماني “دويتشه تيليكوم” في صراع مع الهند حول اتفاق ملغى بين شركة “ديفاس مالتيميديا”، وهي شركة مقدمة لخدمات الاتصالات، و”أنتريكس”، الذراع التجاري لمنظمة الأبحاث الفضائية الهندية. كان على “أنتريكس” أن تعوض “ديفاس” عن العقد الملغى ولكنها تهربت من إجراءات التحكيم، مدعية أن الاتفاقية ألغيت بسبب مخاوف أمنية، وبالتالي لا تستحق الشركة أي تعويض.

كما عنِّفت الحكومة الهندية بسبب شركة نيسان اليابانية لتصنيع السيارات لعدم دفع مبلغ 720 مليون دولار أميركي في إطار اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة عام 2008 لتأسيس مصنع لتصنيع السيارات في “تاميل نادو” بتشيناي. وقد أبرمت الاتفاقية بحيث توفر حماية للشركات الأجنبية التي تستثمر في الهند، ولكن نيودلهي تزعم أن النزاع يتعلق بالضرائب، وبالتالي لا يخضع لإطار عمل الاتفاقية. ولكن هذه ليست أول مرة تعاني شركة يابانية من النزاع مع شريك استثماري هندي. خسرت “إن تي تي دوكومو” NTT Docomoمبلغ 1.27 مليار دولار أميركي بعد انهيار صفقتها مع “تاتا” على الرغم من أن التحكيم الدولي حكم لصالح “دوكومو”. واستغرقت القضية ثلاث سنوات حتى دفعت “تاتا” التزاماتها المالية.

على الرغم من سوء سمعة الصين في تطبيق القانون الدولي، يدفع تعنت الهند في تطبيق القوانين الدولية المستثمرين الأجانب إلى التفكير مرتين قبل دخول السوق الهندي. يؤكد آخر تقرير للبنك الدولي عن الأعمال أنه على الرغم من ظهور الهند لأول مرة على قائمة الاقتصاديات التي تشهد تحسنًا ملحوظًا، يتراجع تصنيف الهند مقارنة بالقوى الاقتصادية الأخرى المماثلة.

وعلى الرغم من اهتمام الهند الظاهري بهذه المشكلات، فإن هناك فجوة بين خطاب رئيس الوزراء الهندي وما يواجهه المستثمرون الدوليون في الهند. بهدف تشجيع تدفق الاستثمارات، يجب أن تخلق حكومة “مودي” مناخًا مشجعًا للاستثمارات يؤكد على سيادة القانون واحترام الهيئات الحكومية للقواعد.

يجب أن تصبح الهند مركز نفوذ اقتصادي عالمي ينافس الصين من خلال إبرام الاتفاقيات التجارية الناجحة والاستثمارات الأجنبية الوفيرة، ولكن اتجاهاتها الحمائية تعوق تقدمها، كما تسببت من قبل في إعاقة تقدم المفاوضات بين الهند والاتحاد الأوروبي لأكثر من عقد من الزمن.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: .brusselstimes

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر