سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
نشر مركز “ستراتفور”، كعادته السنوية، تقريراً مهماً يرسم فيه أبرز توقعات باحثيه للعالم في العام الجديد، في ما يتعلق بالاتجاهات الرئيسية في التفاعلات الجيوسياسية العالمية. وتبدو توقعات هذا العام بصورة عامة أكثر قتامة؛ خصوصاً في ما يتعلق بالجهود الدولية، وفي الصراع الروسي- الأوكراني. والتالي هو أبرز التوقعات التي وردت في التقرير:
1- تراجع في النظام العالمي الذي يقوده الغرب
سوف يستمر النظام العالمي الذي يقوده الغرب في التراجع في 2023؛ ما يؤثر سلباً في الجهود الدولية متعددة الأطراف لإدارة الأزمات العالمية، ومنها أزمة التغيرات المناخية. من جانب آخر، سوف تزداد المنافسة بين القوى العالمية؛ مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين بشكل متزايد، وقد تفضي هذه المنافسة إلى ممارسات تتحايل على القوانين والأعراف المقبولة سابقاً، ومن جانب آخر تهميش المؤسسات الدولية؛ ومنها منظمة التجارة العالمية.
من جانب آخر، من المتوقع أن يظل التوافق سمة العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عدد من الملفات، وإن كان هناك مجال لاختلافات في ملفات أخرى؛ منها القضايا الضريبية والحمائية للمنتجات.
2- وقف إطلاق النار في أوكرانيا لا يزال بعيد المنال
ستستمر الحرب الروسية- الأوكرانية مع عدم تحقيق أي من الجانبين مكاسب في ما يتعلق بالسيطرة على الأقاليم والأرض. كما ستستمر العقوبات الغربية على روسيا والضغط التصاعدي على أسعار السلع الأساسية. وسيحاول الجانبان شن هجمات جديدة مع حفاظ أوكرانيا على الدعم العسكري الثابت من الحلفاء الغربيين. ومع ذلك فمن غير المرجح أن تؤدي الهجمات الأوكرانية إلى تحقيق تراجع للقوات الروسية؛ ما قد يدفع أوكرانيا إلى تكثيف ضرباتها على أهداف داخل روسيا على أمل زيادة تآكل شعبية الحرب في روسيا.
من جانبها، ستستمر روسيا في ضرباتها للبنية التحتية الحرجة في أوكرانيا؛ ومنها تركيز الضربات على شرايين الحياة؛ الكهرباء والمياه والاتصالات. سيؤدي تلف البنية التحتية إلى انخفاض مستويات المعيشة في أوكرانيا وتدفق مزيد من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي؛ لكنه لن يقوض بشكل كبير الجيش الأوكراني. وفي الوقت نفسه، ستواصل روسيا هجماتها على نطاق صغير في دونباس. استمرار الحرب يعني أن وقف إطلاق النار، ناهيك باتفاق سلام، غير مرجح في عام 2023.
3- تصاعد أزمة الغاز العالمية يختبر الدعم الغربي لكييف
رغم التحليل السابق؛ فإن توقعات المراقبين تشير إلى احتمال آخر مدفوع بأن عاماً جديداً من الحرب في أوكرانيا يعني استمرار أزمة الغاز الطبيعي العالمية؛ ما قد يدفع الحكومات الغربية إلى زيادة الضغط على كييف لتقديم تنازلات لموسكو لإيجاد مخرج وحل للصراع. صحيح أن الحكومات الغربية ستستمر في تقديم مساعدات عسكرية ومالية كافية لأوكرانيا لمواصلة الدفاع عن نفسها من الهجمات الروسية، وصحيح أيضاً أن الاتحاد الأوروبي سيتمكن من تجنب النقص الكبير في الغاز الطبيعي في الأشهر الباردة في أوائل عام 2023 بسبب ارتفاع مستويات التخزين؛ لكن هذه القدرة ستتآكل مع مرور الوقت، وهذا من شأنه أن يبقي أسعار الغاز الطبيعي مرتفعة، مما يزيد من المشكلات الاقتصادية العالمية.
4- الاتحاد الأوروبي يسعى إلى زيادة استقلاليته الاستراتيجية
من المتوقع تركيز المفوضية الأوروبية سياستها على حماية دولها من أزمات الطاقة وتكاليف المعيشة، فضلاً عن زيادة استقلاليتها في مجالات؛ مثل التكنولوجيا والمواد الخام. ومن شأن هذا البرنامج أن يخفف القواعد المتعلقة بالديون السيادية للدول الأعضاء والعجز المالي؛ للتركيز على أهداف خفض الديون طويلة الأجل، والسماح للحكومات بالحفاظ على مستويات عالية من الإنفاق على المدى القصير للتعامل مع الانكماش الاقتصادي. وسوف يستمر الاتحاد الأوروبي أيضاً في صرف مليارات اليوروهات في شكل منح وقروض للحكومات التي تقدم الإعانات والدعم للشركات المتعثرة.
سيشجع الاتحاد الأوروبي الاستثمار والبحث والتحالفات الاستراتيجية مع دول خارجه في قطاعات تشمل البطاريات والرقائق الدقيقة والهيدروجين وتنويع الإمدادات من خلال التحالفات مع دول مثل تشيلي والمكسيك وأستراليا.
5- تعافٍ اقتصادي صيني هش
سيتعافى النمو الاقتصادي في الصين ببطء مع تخفيف بكين قيود “كورونا”؛ مما يسمح بانتعاش معتدل للاستهلاك المحلي. لكن الزيادة المتوقعة في الإصابات الجديدة قد تخفض النمو مؤقتاً وتدفع السلطات إلى إعادة فرض بعض القيود إذا ارتفعت معدلات الوفيات بشكل كبير. مثل هذه العودة إلى عمليات الإغلاق الصارمة يمكن أن تعيد تنشيط الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، كما يمكن أن تؤدي إلى قرارات اقتصادية أخرى؛ مثل تسريح العمال الجماعي في قطاع التكنولوجيا أو سلسلة من حالات الإفلاس في قطاع العقارات. ستستخدم الحكومة سياسة نقدية داعمة في محاولة لإحياء الاستهلاك؛ لكن التأثير قد يكون محدوداً، حيث من المرجح أن يظل قطاع العقارات (مخزن الثروة للأُسر الصينية) منكمشاً وسط جهود بكين لتقليص المديونية؛ مما يؤثر على ثقة المستهلك. كما ستقوم الحكومة بتوسيع الإشراف على صناعات التكنولوجيا ذات البيانات المقدمة لتعزيز سيادة الصين في مجال المعلومات. على الرغم من أن قطاع التكنولوجيا في الصين قد يتعافى بعض الشيء من ركود عام 2022؛ فإن انتعاشه سيكون محدوداً مع استمرار تسريح العمال.
من جانب آخر ، من المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة من جانب واحد قيوداً أكثر أهمية على قطاع التكنولوجيا في الصين كجزء من جهود واشنطن الأوسع لمواجهة المنافسة الصينية المتزايدة والتي تثبت تفوقها. ستحاول إدارة بايدن إقناع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وشركاء عالميين آخرين بفرض ضوابط على الصادرات؛ على قطاعات التكنولوجيا الصينية الرئيسية. ومن المرجح أن تفرض الولايات المتحدة المزيد من القيود على استثمارات الشركات الأمريكية في الصين. ومن جانبها، سوف تخفف الصين من بعض المخاوف الأمريكية بشأن الشفافية؛ لكن هذا لن يكون له سوى تأثير محدود على عزم الولايات المتحدة على إضافة المزيد من القيود.
6- انهيار المحادثات النووية مع إيران
من المرجح أن تنهار المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران وسط تسارع من الجانب الإيراني في إنتاج الأسلحة النووية ونقل الأسلحة إلى روسيا؛ مثل هذا التحول قد يكون محفزاً للولايات المتحدة نحو توسيع وجودها في الشرق الأوسط. ومن غير المرجح أن تشن إسرائيل هجوماً مباشراً على إيران دون دعم الولايات المتحدة، وهو ما لا تشعر واشنطن بالرغبة في منحه بسبب خطر إثارة صراع عسكري آخر في الشرق الأوسط. وبالتالي، من المرجح أن تركز إسرائيل على اتباع وسائل أقل عدوانية لإضعاف البرنامج النووي الإيراني؛ مثل العمل السري والهجمات السيبرانية.
من جانب آخر، سوف تستمر الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران، والتي كانت شرارتها الأولى وفاة مهسا أميني، في قسم الشرطة، بشكل متقطع. لكن من غير المرجح أن تشهد المظاهرات قيام الحكومة المحافظة في إيران بسن أي إصلاحات اجتماعية مهمة. وبدلاً من ذلك، من المحتمل أن تواصل طهران حملتها القمعية القاسية ضد الاحتجاجات؛ مما يؤجج عدم الاستقرار الداخلي. وسوف يؤدي الاستمرار في تمكين السياسات المتشددة من قِبل الحكومة الإيرانية إلى تعميق انعدام الثقة بين إيران والدول الغربية، مما يجعل إعادة جولات المحادثات النووية أكثر صعوبة. سوف يثير التقدم النووي المستمر لطهران، المخاوف الغربية بشأن انتشار الأسلحة، ويؤدي إلى فرض المزيد من العقوبات الأمريكية والأوروبية التي تستهدف القطاع النووي والدفاعي في البلاد.
7- المصاعب الاقتصادية تغذي المظالم الاجتماعية في إفريقيا- جنوب الصحراء الكبرى
ستواجه البلدان في جميع أنحاء إفريقيا، جنوب الصحراء، انعدام الأمن الغذائي، ومن شأن الانكماش الاقتصادي العالمي أن يزيد من خطر عدم الاستقرار المالي، وتخلف الدول عن سداد الديون؛ حيث تواجه البلدان التي تتأرجح على حافة الأزمات الاقتصادية (وأبرزها غانا) ارتفاع أسعار الفائدة، وضعف أسعار السلع الأساسية العالمية، وتباطؤ النمو الاقتصادي. وسوف تواجه البلدان المتعثرة بالفعل عن سداد ديونها (مثل تشاد وزامبيا) آفاقاً صعبة للتعافي. وسيؤدي تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى تأجيج المظالم المجتمعية طويلة الأمد بشأن قضايا مثل البطالة وعدم المساواة وانعدام الأمن الغذائي.
ومن غير المرجح أن تعمل الحكومات على تهدئة السخط من خلال زيادة الإنفاق العام من دون تفاقم أعباء ديونها. ومن المرجح أن تؤدي المصاعب الاقتصادية المقترنة بالأزمات الاجتماعية وتصورات عدم كفاية استجابات الدولة إلى اندلاع مظاهرات تطالب الحكومة باتخاذ إجراءات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا والسنغال وجنوب إفريقيا وزيمبابوي، من بين بلدان أخرى. وستؤدي هذه العوامل مجتمعةً إلى عدد من التقلبات السياسية، وحالة عدم استقرار سياسي ومحاولات المعارضة لاستغلال الغضب الشعبي. يُفاقم الأزمة بصورة أكبر أن حالة عدم الاستقرار تلك ستقود إلى هروب المستثمرين إلى وجهات استثمارية منخفضة المخاطر في معظم الحالات. وقد يحاول القادة العسكريون انتهاز هذه الفرص للاستفادة من المظالم الاجتماعية والمصاعب الاقتصادية والاحتجاجات وحالة عدم الاستقرار في تنفيذ انقلابات عسكرية، ومن الحالات المرشحة لذلك منطقة الساحل الإفريقي.
المصدر: ترجمة كيو بوست لمقال ستراتفور
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر