سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
خلص العديد من الخبراء حول استشراف حالة “أمن المعلومات” في عام 2018، إلى عدد من التوجهات التي تتفق أغلبها حول طبيعة ونوعية التهديدات المتلاحقة والمُرجح أن تواجه النمط المعلوماتي في العام القادم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمعلومات الشبكية والأمن الإلكتروني.
ولعل ما انتهى إليه تقرير منتدى أمن المعلومات العالمي “آي إس إف”، بالإضافة إلى تقرير سيكيوروركس Secureworks، وغيرهم العديد من الخبراء والباحثين في مجالات التقنيات التكنولوجية، أن هناك العديد من التهديدات الأمنية التي تواجه الشبكات المعلوماتية والتحول النوعي في طبيعة الهجمات الإلكترونية، ويمكن إيجازها في:
من المُرجح في عام 2018 تزايد حدة الهجمات الإلكترونية، وفقًا لأهداف مختلفة تذهب جميعها باتجاه الشق الاقتصادي، بالإضافة إلى التصفيات السياسية، فضلاً عمَّا تحظى به من تطور نوعي يصل إلى صعوبة اكتشاف ومتابعة مرتكبيها من مجرمي الشبكات، وذلك في حالة أنها تدخل في إطار “الفدية الإلكترونية”. فعلى سبيل المثال، نجد أن ظاهرة العملات الإلكترونية، مثل البيتكوين تتيح التعتيم على حركة الأموال من خلال اتباع أساليب تمويه مثل خلط وتبديل عناوين العملات الرقمية وما يسمى بـ”غسيل العملات الإلكترونية”.
من المُرجح أن يشهد عام 2018 استمرارًا لظهور هجمات الاستيلاء على البريد الإلكتروني وهجمات تزييف البريد الإلكتروني. كما أنه من المتوقع أن هذا النوع من الهجمات، سيشهد تزايدًا نظرًا لضعف إمكانيات التصدي لها وارتفاع ربحيتها للمهاجمين، وذلك كحالة قرصنة البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، ونشر وثائق مهمة حول السياسات الإماراتية تجاه عدد من ملفات الإقليم العربي.
كذلك، من المرجح أن تنشط حالة “الهجمات الإلكترونية”[2]، وذلك في ظل التنبؤ بعودة نظرية التكالب الدولي الروسي الأميركي، فضلاً عن التحركات الصينية والإيرانية؛ لذا فمن المُرجح أنها ستكون من بين أكبر المخاطر التي تهدد العالم في 2018، خاصة أن عام 2017 قد شهد هجمات إلكترونية من كوريا الشمالية وإيران وروسيا ضد وكالات وبنوك ومنشآت عسكرية حول العالم.
يُتوقع أن تستمر التهديدات المرتبطة بالهجمات الإلكترونية الموجهة ضد البنوك، لا سيما أن “مجموعات الجريمة المنظمة” باتت تستعين بعمليات الاحتيال الإلكتروني لتحقيق العائدات على نحو متزايد. كما ستركز بعض هذه المجموعات على البنوك العاملة في مناطق خارج أوروبا والولايات المتحدة، والتي تعرف بأنها تتبنى استراتيجيات دفاعية ضعيفة نسبيًا تجاه الهجمات الإلكترونية، كما أن عملياتها تعد أقل تعقيدًا من نظيراتها في الغرب.
كذلك، فإن هجمات “البرمجيات الخبيثة” التي تدخل تحت مظلة “الاحتيال الإلكتروني”، لن تقتصر على البنوك الرئيسية الكبرى، حيث يُتوقع أن تتعرض مؤسسات إدارة الأصول، والعملاء من أصحاب حسابات التوفير الكبيرة، والشركات التي تشرف على سجلات الرواتب وصرفها للاستهداف أيضًا.
سيستمر الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات في تأمين الحماية للبيانات في عام 2018؛ ذلك أنه من المنتظر أن تتزايد أعداد خبراء ومؤسسات أمن المعلومات ممن يدركون الفوائد التي يعود بها الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات، والمتمثلة في تبسيط وتحسين عمليات الكشف عن الهجمات والاستجابة لها، وبخاصة عندما يتم دعم ذلك بتحليل بيانات الهجمات من قبل محللين خبراء.
ولعل تجربة مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، هي الأبرز على الساحة العربية في اعتمادها على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حياته اليومية بصورة كبيرة، حيث أظهرت نتائج دراسة “المستهلك الرقمي” – الصادرة عن “إكسنتشر” للاستشارات الإدارية والاستراتيجية في أغسطس 2017- التي شملت 26 ألف شخص في 26 دولة، أن أكثر من ثلثي المجتمع الإماراتي، أي ما يعادل حوالي 68%، يعتمدون على تطبيقات ذكية، في مقابل 31% في الدول الأخرى التي شملتها الدراسة، ناهيك عن “ارتياح” أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين (76% في الدراسة من دولة الإمارات) لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مقابل 44% فقط عالميًا. كما أبدى 86% من المشاركين من الإمارات اهتمامهم باستخدام الأجهزة القائمة على الشرائح الإلكترونية الجديدة، مقابل 77% في سنغافورة، و63% في الولايات المتحدة الأميركية، و52% في المملكة المتحدة[3].
تُعد سلسلة الكتلة أو البلوك تشين (blockchain) إحدى التقنيات الثورية التي ستكون لها تداعيات كبيرة في مجال الإدارة والتسويق والماليات، وكافة الوظائف التي تحتاج إلى وسيط للعمل في عام 2018. وقد بدأت تلقى رواجًا كبيرًا لدى الجهات الرسمية وغير الرسمية في الفترة الأخيرة، حيث أعلنت كلٌّ من الإمارات والسعودية، التوجه نحو إصدار أول عملة رقمية رسمية قابلة للتداول بين البلدين من خلال نظام سلسلة الكتلة. كما أنه في أغسطس 2017، اتفق 6 من كبرى البنوك في العالم على التوجه نحو استخدام سلسلة الكتلة في تداول نقود رقمية.
ونجد أن انهيار النظام المالي العالمي عام 2008؛ هو أبرز ما دفع نحو ابتداع مثل ذلك النظام الجديد لتبادل العملات النقدية دون الحاجة إلى وسائط مثل البنوك والشركات المالية. فنجد على سبيل المثال، أنه على الرغم من التأثير الواسع للبيتكوين كعملة رقمية، فإن التأثير الأكبر سيكون للنظام نفسه الذي تعمل به البيتكوين وهو “سلسلة الكتلة”، أو ما يعرف بـ”البلوك تشين – blockchain”.
بالمقابل، يطرح تصاعد نظام “سلسلة الكتلة” إشكاليتين[4]: الأولى تتعلق بالشفافية، خاصة في ظل عدم وجود جهة مركزية تقوم بالسيطرة على هذا النظام وإدارته، وبالتالي يمكن محاسبتها في حالة خلل النظام أو تعرضه لقرصنة أو عمليات غش وتزوير. والثانية تتعلق بالتكلفة، فعلى الرغم من أن نظام سلسلة الكتلة في حد ذاته غير مكلف، فإنه يحتاج إلى عدد كبير من أجهزة الحاسب التي لها مواصفات خاصة تمكنها من إجراء المعاملات والتحويلات، فضلاً عن استهلاكها كمية كبيرة من الطاقة لإنهاء المعاملات، مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع أسعار الطاقة في الآونة الأخيرة.
إجمالاً لما سبق، فمن المتوقع أن يكون عام 2018 عام “اللايقين المعلوماتي”، كما أنه من المتوقع أن يكون مسرحًا لإعادة الإنتاج النوعي في عالم التقنية ومجالات دعم “الأمن المعلوماتي”، وذلك بهدف إضفاء مظهر جديد على بعض التقنيات القديمة القائمة. ومن المرجح أن تتركز هذه العمليات بشكل أكبر على مجال “الذكاء الاصطناعي”، وذلك كرد فعل على تنامي الثغرات الهيكلية بالأمن المعلوماتي والأمن الرقمي العالمي، التي كشف عنها عام 2017 وتمثل أبرزها في: معضلة الدفاع السيبراني، وتهديدات احتكار المعلومات، ومخاطر العملات الإلكترونية في ظل ارتباطها بتمويلات التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها “داعش”، بما يشكل تهديدًا عظيمًا على أمن الشبكات المعلوماتية عالميًا.
وحدة الدراسات السياسية*
المراجع
[1] – https://www.secureworks.com/
[2] – URI FRIEDMAN AND ANNABELLE TIMSIT, Global Conflicts to Watch in 2018,The Atlantic,
الاصطناعي؟ مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 20 أكتوبر 2017.
[4] – إيهاب خليفة، ثورة المعاملات الرقمية: لماذا تهدد “سلسلة الكتلة” ملايين الوظائف في العالم؟ مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 19 ديسمبر 2017.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر