سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
إيفان لاكسمانا
شهدت الأشهر الأخيرة موجة من الاتصالات الأمنية الصعبة بين الولايات المتحدة وإندونيسيا. ففي منتصف أكتوبر، زار وزير الدفاع الإندونيسي “برابوو سوبيانتو” الولايات المتحدة بعد منعه من دخول البلاد لأكثر من عقدين بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان. وقد مهد ذلك الطريق أمام مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى يزورون جاكرتا، بمن فيهم وزير الخارجية ووزير الدفاع بالوكالة.
من وجهة نظر واشنطن، تظل إندونيسيا ذات مكانة استراتيجية إقليمية مهمة بغض النظر عن نتائج الانتخابات الأخيرة. فبالنظر لموقع إندونيسيا في قلب المحيطين الهندي والهادئ، فإن الجانب الذي تدعمه جاكرتا في المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين أمر مهم جدًا. وبجانب الإمكانات الإقليمية والاقتصادية القوية لإندونيسيا، يمكن أن تكون نقطة الارتكاز التي تسهم في ميل التوازن الاستراتيجي بطريقة أو بأخرى.
لكن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإندونيسيا تباطأت في السنوات الأخيرة. إذ اتخذ الرئيس “دونالد ترمب” والرئيس “جوكو ويدودو” نهج المعاملات للعلاقات الثنائية. وقد ركز هذا على التعاون المحتمل المحيط بالعجز التجاري ومكافحة الإرهاب وبحر الصين الجنوبي، مع تهميش إطار الشراكة الاستراتيجية الأكثر تأثيرًا والواسع النطاق الموقَّع في عام 2015. كما لم يزر “جوكو” الولايات المتحدة منذ عام 2015 ولم يزر “ترمب” إندونيسيا أبدًا.
لا ينبغي أن تكون نظرة إدارة “ترمب” قصيرة النظر لإندونيسيا، على الرغم من أهميتها الاستراتيجية، أمرًا مفاجئًا نظرًا لعلاقات إندونيسيا المتنامية مع الصين والحالة المخيبة للآمال لقواتها المسلحة. وقد يكون وصول “برابوو” وزيرًا للدفاع في عام 2019 قد فتح نافذة صغيرة، ولكنها مهمة ومن المحتمل أن تؤدي إلى تغيير هذا الوضع.
وحتى لو كانت الصين تتفوق على الولايات المتحدة في العديد من المجالات في إندونيسيا، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتعليم، فمن غير المرجح أن تحل محل العلاقة الأمنية الطويلة والدائمة بين الولايات المتحدة وإندونيسيا. لقد
كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أكبر المزودين للتعليم والتدريب العسكري بالنسبة لإندونيسيا، إضافة إلى أنظمة الأسلحة والمعدات.
ورغم العديد من التحديات التي تواجه العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة وإندونيسيا، بما في ذلك حظر الأسلحة الذي فُرِضَ في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والعقوبات المحتملة بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات، يظل ذلك الأساس بالنسبة للعلاقات الثنائية. ويمكن أن تكون العلاقة الأمنية نقطة انطلاق أولية لأي اتجاه تتخذه واشنطن وجاكرتا، وهي المكان الذي جاء فيه “برابوو”.
وكضابط في القوات الخاصة بالجيش، تدرب “برابوو” في الولايات المتحدة. إذ كان مقربًا من صانعي السياسة الأميركيين، كما يقال إنه يفضل المعدات المستوردة من الولايات المتحدة، والتدريب الأميركي. لذا، فمن المرجح أن تثير مخاوفه بشأن صعود الصين والوجود الاقتصادي في إندونيسيا خلال حملاته الرئاسية الفاشلة مزيدًا من الود مع واشنطن. لكن ربَّما الأهم أن “برابوو” يجعل شراء المعدات العسكرية على رأس أولوياته.
وعلى مدار العام الماضي، سافر “برابوو” إلى أكثر من اثنتي عشرة دولة في محاولة لشراء مجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة لإكمال خطط تحديث الجيش. إن المعدات العسكرية والتدريب شيء يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه لإندونيسيا بسهولة أكبر بكثير من الصين في هذا الوقت. لكن تأسيس العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وإندونيسيا على المشتريات العسكرية وحدها إنما هو أمرٌ خاطئ.
أولاً، تعدُّ الأسلحة الحديثة ضرورية ولكنها ليست كافية لتعزيز القدرات العسكرية لإندونيسيا. إذ إن هناك حاجة لمعالجة التحديات التنظيمية بجدية، بما في ذلك التطوير العقائدي وإدارة شؤون الموظفين وأنظمة التخطيط الاستراتيجي الأوسع. ومن غير المرجح أن يؤدي نهج الرشاشات المتناثرة في المشتريات العسكرية إلى تحسين الاستعداد التشغيلي والقدرة التنظيمية لمواجهة التحديات الاستراتيجية التي تعدُّ مسألة ملحة.
ثانيًا، إن العلاقات الدفاعية الطويلة والدائمة بين الولايات المتحدة وإندونيسيا مبنية على أكثر من مجرد معدات. فقد أثبتت برامج التعليم والتدريب العسكري الاحترافي، بالإضافة إلى العديد من عمليات تبادل الضباط وزيارات المسؤولين والارتباطات بين القوات الإندونيسية والأميركية، أنها أكثر الأجزاء مرونة ومنفعة في العلاقات بين البلدين. لكن المسؤولية تقع على عاتق جاكرتا لتقديم مخطط طويل الأجل لما تأمل في تدريب الضباط في الولايات المتحدة عليه.
يجب على القادة العسكريين الإندونيسيين ضمان إمكانية ترقية الضباط الذين دربتهم الولايات المتحدة في الوقت المناسب إلى المناصب المناسبة عند عودتهم. وتظهر الأبحاث أن ما بين 15 و25% من الضباط المدربين في الولايات المتحدة يصلون إلى قمة السلطة. كما يجب على القادة العسكريين الإندونيسيين تقييم احتياجاتهم من الأفراد بشكل صحيح، ليس فقط من حيث الحجم والرتبة، ولكن أيضًا من حيث المؤهلات والمهارات المهنية، وكيف يمكن للولايات المتحدة سد الفجوة. وبدون إطار عمل تعليمي عسكري احترافي طويل المدى، قد يعتمد من يذهب للولايات المتحدة، في أي وقت، على اعتبارات خاصة أو ضرورات بيروقراطية.
وأهم من ذلك، أنه في حين أن العلاقة الدفاعية تعتبر أساسية بالنسبة للعلاقات الأوسع بين الولايات المتحدة وإندونيسيا، غير أنها لا تحل محل إطار الشراكة الاستراتيجية. لذا، يجب على كل من جاكرتا وواشنطن اكتشاف كيفية تنشيط العلاقة الدفاعية وضمان استمرار هذا الزخم في مجالات أخرى ضمن الشراكة الاستراتيجية. وبدون تعميق المجالات الأخرى ذات الأغراض الاستراتيجية والطاقة، ربَّما تعود العلاقة الدفاعية إلى الأنماط القديمة “للمعاملات” الخالية من الثقل الاستراتيجي والتوجيه.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: منتدى شرق آسيا
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر