سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مارسيل جاسكون باربيرا
يقف الحزب الاشتراكي الديمقراطي في رومانيا – حاليًا – بمفرده على رأس حكومة تفتقر إلى الأغلبية المطلقة، بل وتعتمد على دعم أحزاب الأقليات من أجل البقاء على قيد الحياة، وبخاصة بعد أن انسحب تحالف الليبراليين والديمقراطيين من الحكومة هذا الأسبوع.
وبعد وقوفها إلى جانب الاشتراكيين الديمقراطيين خلال الفترة التي شهدت تداعيات كارثية أثناء الحكم السابق في مديرية الأمن العام، قامت “ليفيو دراجنيا” كرئيسة للوزراء بالعمل على التمهيد لإصلاح قضائي من شأنه أن يهدد بتحويل رومانيا إلى دولة منبوذة في الاتحاد الأوروبي، حيث أصبح الائتلاف الليبرالي الديمقراطي المكون للحكومة يشعر بالقلق إزاء انحرافات الحكومة.
وما إن شعر بالقلق إزاء مستقبل الحكومة الحالية فإن زعيم التحالف الديمقراطي الليبرالي “كالين بوبيسكو تاريسيانو” Calin PopescuTariceanu، وفي ظل الخلافات العميقة حول السياسة وتشكيل مجلس الوزراء، قام بدفع حزبه بعيدا عن سفينة السلطة والانضمام إلى صفوف المعارضة.
ووفقًا لـ”بوبيسكو تاريسيانو”، الذي أعلن أيضًا أنه سيستقيل من منصبه الحالي كرئيس لمجلس الشيوخ، فقد أراد الائتلاف الليبرالي الديمقراطي أن تقدم رئيسة الوزراء “فيوريكا دانشيلا” برنامجًا جديد للحكومة، وكذلك الدعوة لإعادة هيكلة الفريق الحاكم.
لذا، فإن تنحي “دانشيلا” من الحزب الائتلاف لم يكن لأجل المصلحة الوطنية، وهو ما يؤكد توقيت القرار والتفاصيل التي أعلن عنها “بوبيسكو تاريسيانو”، والتي تشير إلى وجود دوافع أخرى للاستقالة.
فرومانيا سوف تشهد انتخابات رئاسية لمدة 5 سنوات بداية من نوفمبر المقبل، في الوقت الذي تشير فيه الاستطلاعات إلى احتمالات فوز الرئيس المحافظ الحالي “كلاوس يوهانيس” بتجديد رئاسته لفترة ثانية.
وفي هذه الانتخابات سوف تترشح رئيسة الوزراء “دانشيلا”، لكن لا يبدو من الواضح إن كانت ستحصل على عددٍ كافٍ من الأصوات تمكنها من الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات.
وفي الانتخابات الأوروبية التي أجريت في شهر مايو، خسر حزب “دانشيلا” Dancila نصف الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات التشريعية في ديسمبر 2016، ما يعدُّ أسوأ أداء انتخابي في تاريخ رومانيا. وبالتالي تحاول “دانشيلا” أن تنأى بنفسها عن معلمتها السابقة “ليفيو دراجنيا” Liviu Dragnea، التي سُجنت في أعقاب الانتخابات الأوروبية بعد إدانتها بالفساد.
فلم يعد لديها الوقت الكافي لتحسين صورتها للحصول على نتيجة مقبولة في الانتخابات الرئاسية، إذ تواجه مشكلة أخرى تتمثل في رفض “بوبيسكو تاريسيانو” مساندتها. وعلى الرغم من كونه لا يزال حليفًا حتى الآن، فإن “بوبيسكو تاريسيانو” لديه طموحاته الرئاسية الخاصة؛ إذ كان يبحث عن دعم أحزاب المعارضة حتى قبل أن يتنحى عن الحكومة.
وعلى قمة حزب “أنصار رومانيا” يقف رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي السابق “فيكتور بونتا” الذي يحاول إيجاد طريق ثالث بين معارضة يمين الوسط والفصيل الشعبوي الذي فرض نفسه على المشهد السياسي منذ أن ترك الحزب الحاكم عام 2015.
ومع ذلك، لم تؤدِ المحادثات بين حزب “أنصار رومانيا” والائتلاف الديمقراطي الليبرالي إلى دعم حزب “بونتما” لـ”بوبيسكو تاريسيانو”، لكنه أدى بدلاً من ذلك إلى الانضمام بالائتلاف إلى “الطريق الثالث”.
كما كشف الائتلاف أنه سيدعم إلى جانب حزب “أنصار رومانيا”، “ميرتشيا دياكونو”، الذي يبدو مرشحا جذابا، حيث عمل وزيرا سابقًا، كما أنه عضو بمجلس الشيوخ وعضو مستقل في البرلمان الأوروبي، وكذلك مرشحا في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.
لقد أطلق “دياكونو”، الذي يتجلى من بين إنجازاته دوره في الفيلم الكلاسيكي الروماني المعاصر “فيلانتروبيكا” (2002) – الذي تمَّ عرضه في نهاية الأسبوع الماضي على الملأ ما أثار اهتمام الرأي العام في بوخارست.
وبينما كان يرتدي قميصًا أبيض قصير الأكمام، قدَّم “دياكونو” نفسه على أنه “رجل عادي” غاضب من حالة السياسة في البلاد. ونفى وجود أي حزب سياسي وراءه، ودعا إلى “تضامن المواطنين” للحصول على مئتي ألف توقيع مطلوبة للمرشح ومساعدة رومانيا على استعادة “وعيها”، وهو اقتباس من الشخصية الأكاديمية والأدبية الرومانية “نيكولاي إيورجا”.
وقد يساعد دعم مرشح مستقل مشهور مثل “دياكونو”، الذي يقارن البعض دخوله المفاجئ في السباق الرئاسي مع ظهور الرئيس السابق في أوكرانيا “فولوديمير زيلينسكي”، الذي يتشابه في وضعه مع “بوبيسكو تاريسيانو” و”بونتا” في خوض المعركة.
وبالتالي، فإن القيام بذلك من خلال وكيلٍ يوفر لهم طريقًا يضمن الهروب من الحالة الكارثية؛ لذا، فإن أحزابهم تضمن لهم من خلال انتخابات نوفمبر عدم إصابتهم بأذى، إذ إن لديهم الفرصة من أجل إعادة تجميع صفوفهم في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في العام التالي.
ومن المتوقع أن ينتخب المواطنون الرومان برلمانًا وحكومةً جديدين في ديسمبر 2020، لكن يبقى السؤال: هل حكومة الأقلية ستظل باقية أم لا؟
ووفقًا لموقع البرلمان الروماني، فإن الحكومة تضمن لنفسها في الوقت الراهن 205 مقاعد في مجلسي النواب والشيوخ، لكن هذا الرقم يخضع لتغيرات مستمرة؛ حيث إن النواب غالبًا ما يكونون مبتدئين في العمل السياسي في رومانيا.
ومن ثم، فبدون دعم من 31 نائبًا في مجلسي النواب والشيوخ، فإن الحزب الحاكم سوف يكون بعيدًا عن تحقيق الأغلبية المطلقة من بين 233 نائبًا يحتاجها بالفعل للبقاء في السلطة.
وفي الوقت نفسه، فقد أعلن الحزب الوطني الليبرالي المعارض (PNL)، عن نيته تقديم اقتراح بحجب الثقة.
ومن أجل البقاء على قيد الحياة، فإن حكومة “دانشيلا” في حاجة لدعم حلفائها من حين لآخر، وبخاصة من جانب “التحالف الديمقراطي للمجريين في رومانيا” UDMR.
لكن زعيم حزب الأقلية المجرية، الذي يضمن 30 نائبًا، قدَّم تعهدًا بالتصويت لصالح اقتراح حجب الثقة، وهو ما يتطلب 233 صوتًا من أجل تمريره.
وبعيدًا عن احتمالات تحول المشرّعين الأفراد إلى جانب الحكومة، فإن دعم المستقلين الـ27 وممثلي الأقليات العرقية الذين يوجدون في البرلمان، لن يكون كافيًا لإنقاذ حكومة “دانشيلا” إذا صوتت كتلة المعارضة بالإجماع على الإطاحة بحكومتها.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: بلقان أنسايت
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر