سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
رنا دانيش نزار
يمر ميزان القوى في جنوب آسيا بمرحلة انتقالية بسبب تغير ملامح سياسة الولايات المتحدة تجاه هذه المنطقة بجانب العلاقة المتنامية بين الهند والولايات المتحدة. وقد تمثل الرد في تعزيز العلاقات بين باكستان والصين. وسيكون دور روسيا في المنطقة عاملاً محفزًا لزيادة تشكيل القوة الإقليمية بينما يتحرك العالم نحو التعددية القطبية.
فخلال فترة ما بعد هذه الحقبة، تغير موقف الهند تجاه الولايات المتحدة، فقد ظهرت واشنطن باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في النظام الدولي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. إذ اتبعت الهند حينها استراتيجية التهدئة والتحالف مع القطب الوحيد الذي بدا مسيطرًا على النظام الدولي. وقد تمَّ تحويل التعاون الدفاعي بين الهند والولايات المتحدة إلى شراكة استراتيجية في عام 2005 بسبب التقارب في القضايا الإقليمية الرئيسية، وخاصة أفغانستان.
وفي السنوات الأخيرة، منحت الولايات المتحدة، الهند مزايا كبيرة في ميدان التجارة النووية كبادرة تجاه الاعتراف بالهند كقوة نووية شبه شرعية. بعد هذه المحفزات، وصلت الهند إلى علامة فارقة في نظام مراقبة الصادرات النووية من خلال التوقيع على اتفاقيات التجارة النووية الرئيسية متعددة الأطراف، بما في ذلك مجموعة أستراليا، من خلال نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ، ومجموعة “واسينار” 2017، ومجموعة موردي المواد النووية(NSG) التي تعمل في إطار المعاهدة المتعددة الأطراف الوحيدة التي أصبحت أداة وظيفية من النظام المتعدد الأطراف بهدف مراقبة الصادرات من المواد النووية.
وتمَّ تعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية الهندية الأميركية لسببين رئيسيين: أولاً، إن اقتصاد السوق المربح في الهند يعدُّ هو أفضل خيار تجاري بالنسبة للولايات المتحدة، حيث حققت الهند معدل نمو بلغ نسبة 7% منذ عام 1980. وثانيًا، سياسة الدفاع الهندية وتجارة المعدات العسكرية تجاه الولايات المتحدة. إذ يبدو مفيدًا بالنسبة للمجمع الصناعي في الولايات المتحدة، والذي بدوره، يضغط على الهند في الولايات المتحدة والكونجرس والبنتاجون.
وقد حصلت الهند على 15 مليار دولار من الأسلحة خلال الفترة من 2005 إلى 2015، في حين ظهرت الهند كأكبر مستورد للأسلحة في العالم، وقد تجاوزت الصين في عام 2015. وفيما يتعلق بهذه السياسة العسكرية للمشتريات والتجارة، فإن لديها ميزان مدفوعات إيجابي لصالح الولايات المتحدة. ومقابل هذا التبادل التجاري الإيجابي مع الولايات المتحدة، تسعى الهند إلى التأثير السياسي في المحافل الدولية والفضاء الاستراتيجي في أفغانستان.
وتعدُّ هذه المقايضة مفيدة بنفس القدر للهند التي تسعى إلى تعزيز نفوذها السياسي في المنتديات الدولية لأفغانستان والفضاء الاستراتيجي، مقابل هذا التبادل التجاري الإيجابي مع الولايات المتحدة. وبعد عام 2008، أصبحت سياسة الولايات المتحدة في جنوب آسيا تتخذ موقفًا مؤيدًا لاتفاق التعاون النووي الهندي، خاصة في القضايا الحاسمة، بما في ذلك كشمير والإرهاب العابر للحدود في المنطقة.
إن هذا الخلل الذي يبدو في نهج الولايات المتحدة تجاه جنوب آسيا، له آثار أمنية خطيرة على باكستان. فقد زادت أهمية التحديث العسكري الهندي من الجهود السياسية للسياسة الخارجية والأمنية. فقد غير هذا التحديث العسكري معادلة القوة الوطنية للهند، التي سيكون لها آثار عميقة على توازن القوى المتغير في جنوب آسيا والانتقال العالمي للسلطة. وقد أدت السرعة المتزايدة لهذا التحديث العسكري بالتمويل المتاح إلى سلوك أكثر حزمًا للسياسة الخارجية من الهند.
وقد كانت ميزانية الدفاع الهندية للسنة المالية 2020-2021 على النحو التالي:
Figure: 1
Table 1: Revenue and Capital Expenditure of Army, Navy and Air Force, 2020-21
القوات البرية | البحرية | الجوية | |
إجمالي الإنفاق | 1,46,941 | 22,935 | 29,963 |
النفقات الرأسمالية | 32,474 | 26,688 | 43,282 |
الإجمالي | 1,79,415 | 49,623 | 73,245 |
نسبة الإنفاق من الإجمالي | 82 | 46 | 41 |
نسبة النفقات الرأسمالية من الإجمالي | 18 | 54 | 59 |
ويكتسب توازن القوى المتغير هذا تأثيرًا كبيرًا على الاستقرار الاستراتيجي في جنوب آسيا، حيث ينطوي على تداعيات أمنية على باكستان. فقد حاولت الهند اتباع سياسة التجارة المزدوجة من أجل إقناع المجتمع الدولي بأن حرية التنقل في كشمير والمتمردين الآخرين في الهند، إنما هي حركات لتنظيمات. فـ”نيودلهي” تريد استخدام الدعم السياسي والاقتصادي من المجتمع الدولي كأداة لسحق هذه الحركات من خلال استخدام القوة التي تمثل تحديًا أمنيًا بالنسبة لها.
ومنذ عام 2001، استخدمت الهند دبلوماسيتها المتعددة الأوجه كأداة لتصوير باكستان كدولة راعية للإرهاب ومنبوذة أمام المجتمع الدولي من أجل إقناع العالم بدعم عقيدة الهند الاستباقية للحرب ضد باكستان.
وفي سياق عقيدة “البداية الباردة” وضعت الهند عام 2004، استراتيجية للحرب الوقائية ضد باكستان، يشار إليها غالبًا باسم “عقيدة محدودة للحرب”. وقد تمَّ تعديل مبدأ “البداية الباردة” هذا في عام 2014، وتمَّ تنقيحه مرة أخرى في عام 2016 لجعله أكثر هجومية وعقابية.
وتعتبر “الضربات الاستباقية كخيار حرب” بمثابة قيمة مضافة بالنسبة للعقيدة العسكرية الهندية لعام 2017.
وتعدُّ الادعاءات الهندية المتنازع عليها بشأن شن ضربة استباقية ضد باكستان في عامي 2016 و2018، جزءًا من هذه الاستراتيجية للضغط على “إسلام آباد” وزيادة الوعي بين المجتمع العالمي. وقد دحضت باكستان بقوة هذه الادعاءات الهندية.
وبدلاً من ذلك، تبنت باكستان مبدأ “الردع الكامل” كجهد موازن ضد الاستراتيجية الأمنية الهندية المتغيرة لإحباط العدوان الهندي عبر خط السيطرة في كشمير. وتعكس هذه الأنماط الناشئة استنفاد الاستقرار الاستراتيجي والتحريض على الحرب العرقية كنتيجة حتمية في جنوب آسيا.
وتحتاج باكستان إلى إطلاق جهود دبلوماسية بمهارة لكسب الدعم من دول المنطقة الصديقة، ولا سيَّما المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران والصين وروسيا، لنشر العزلة الهندية لباكستان من خلال وضع حل تسوية سياسية إقليمية في أفغانستان، خاصة بعد اتفاق السلام الذي عقد بين الولايات المتحدة وطالبان في فبراير 2020.
المصدر: أوراسيا ريفيو
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر