تعيين الأمیر محمد بن سلمان والعلاقات السعودية الأميركية | مركز سمت للدراسات

تعيين الأمیر محمد بن سلمان والعلاقات السعودية الأميركية

التاريخ والوقت : السبت, 15 يوليو 2017

فيصل الشمري

 

أصدر خادم الحرمین الشریفین الملك سلمان بن عبدالعزیز آل سعود، أمره الكريم، بتعیین الأمیر الشاب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولیًا للعهد. هذا التعیین صاحبه إشادة بتنظيم بیت الحكم السعودي، إذ تمَّ العمل بنجاح، على الانتقال المستقبلي السلس للحكم من جیل أبناء المغفور له الملك عبدالعزیز، إلى جیل الأحفاد الشباب. هذا التغيير سيكون له أثره الإيجابي الكبير، على المديين القصير والبعید، على العلاقات بین الولایات المتحدة الأميركیة، وحلیفها التاریخي في الشرق الأوسط (المملكة العربیة السعودیة).
في یوم الأربعاء الموافق ٢١ یونیو، أصدر الملك سلمان بن عبدالعزیز، مرسومًا ملكيًا بتعیین الأمیر محمد بن سلمان ولیًا للعهد. وكانت عملیة التغيير الهادئ والمبايعة لولي العهد الجدید، رسالة للعالم أن بیت الحكم السعودي مستقر، ویتطلع إلى المستقبل بثقة. هذا التعيين مناسب جدًا للوقت الراهن، كون ولي العهد الجديد، سياسيًا محنكًا، وصاحب رؤیة ٢٠٣٠ الطموحة جدًا؛ لأنها تهدف إلى تقوية اقتصاد الدولة عن طريق تنويع مصادر الدخل، وذلك بعدم الاعتماد على النفط فقط كمورد أساسي. أيضًا، فتح السوق السعودیة للمزيد من الاستثمارات الداخلیة والخارجیة، والدفع بالمرأة لدور اجتماعي واقتصادي أكبر.
في العامین الماضیین، قام الأمیر محمد بن سلمان بالدفع نحو مزيد من الإصلاحات الاقتصادیة والاجتماعیة، إذ تعامل بحكمة مع العجز في المیزانیة في ظل تراجع أسعار النفط. أيضًا، تعامل الأمیر مع البيروقراطیة بشكل صارم، مما أكسبه شعبیة كبیرة بین الشباب السعودي الذین یرون أن رؤیة ٢٠٣٠ تزيد من المستقبل المشرق للمملكة.
من ناحية أخرى، ففي السیاسات الخارجیة، تعامل الأمير بنجاح مع العوامل الخارجیة المهدِّدة لأمن واستقرار المنطقة، كالتوسع الإیراني في الیمن، الذي نتج عنه إنشاء تحالف إسلامي لمواجهة خطر الإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، التعامل مع قضایا المنطقة والمتناقضات السیاسیة بحزم وعزم، فكان النجاح حلیفًا له في ظل معطیات صعبة في منطقة ملتهبة سیاسیًا واجتماعیًا.

العلاقات السعودیة الأميركیة
العلاقات بین البلدين الصديقين، هي علاقات تاريخية، بدأت منذ عام ١٩٤٠م. والتعاون المشترك الناجح بين البلدين، أثبت أن أهم حلیف في الشرق الأوسط للولایات المتحدة الأميركیة، هي المملكة العربية السعودیة.
هذا التحالف نشأ بعد قيام الحرب العالمیة الثانیة، إذ اختارت السعودیة عام ١٩٤٣م، دعم التحالف الدولي ضد النازیة، فقد كان وقوع الغارة الإیطالیة، الحلیف لألمانیا النازیة، على منشأة نفطیة في الظهران، نقطة تحول في هذه العلاقة، وصرح بعدها الرئیس فرانكلین روزفلت: “أن الدفاع عن المملكة العربية السعودیة، یعدُّ أمرًا لا جدال فيه، ولن تدخر الولايات المتحدة أي جهد في سبيل تحقيق ذلك”.
هذا التحالف مرَّ بالعديد من المراحل المهمة في تاریخ تصارع القوى العالمیة بعد انتهاء الحرب العالمیة الثانیة، إذ كانت هناك العديد من التحالفات المشتركة الناجحة بين البلدين، على سبيل المثال: التحالف ضد الغزو السوفيیتي لأفغانستان، وتحالف حرب الخلیج الأولى، والتحالف ضد خطر الإرهاب العالمي. أيضًا، التعاون المشترك لصالح استقرار أسعار النفط واستقرار الاقتصاد العالمي.
وتجاوز هذا التحالف، العديد من الأزمات التي تعرضت لها العلاقة بين البلدين، من ضمنها موقف المملكة الواضح والصريح من القضیة الفلسطینیة. بالإضافة إلى هذا، الموقف الشهير خلال حرب ١٩٧٣م عندما دعمت، عسكريًا وماديًا، كلاً من مصر وسوریا، وكان من ضمن هذا الدعم أن نادت وقادت المملكة إيقاف تصدير النفط إلى الغرب.
من ناحية أخرى، ومع تغير الإدارات الأميركية، تمّر العلاقات الثنائیة بین البلدین بفترات ركود وانتعاش، مثل ما حدث من اختلاف مع إدارة الرئیس السابق باراك أوباما بشأن التقارب الأميركي مع إیران، الذي نتج عنه اتفاق نووي بُني على أسس ضعیفة. أيضًا، ما يتعلق بالشأن المصري ودعم الإدارة السابقة لحركات الإسلام السیاسي. لكن ما أثبتته الأيام، أن هذا التحالف مهم جدًا للبلدين، وذو أسس ثابتة وعميقة؛ حتى مع تغیر حكام السعودية ورؤساء أميركا.

تعیین الأمیر محمد بن سلمان وتأثير ذلك على التعاون الأميركي
يعدُّ استقرار منطقة الشرق الأوسط، من أهم أسباب استمرار نجاح العلاقات بين البلدين. ويعدُّ الإجماع العام بالموافقة على مبايعة الأمیر محمد بن سلمان، ولیًا للعهد، من الأسباب المهمة للاستقرار الحقیقي لبیت الحكم السعودي لفترات طویلة، وبالتالي استقرار المنطقة.
إن لولي العهد السعودي الجدید، تأثيرًا إيجابيًا، لا يُستهان به على العلاقات السعودیة الأميركیة، إذ نجح في تعزيز علاقات الصداقة وروابط الثقة مع إدارة الرئیس الأميركي الحالي دونالد ترمب. وإن قرار الرئیس الأميركي بالسفر للریاض، في أول زیارة رسمیة له إلى الخارج، وما تبع ذلك من توقيع عقود لكبرى الشركات السعودية والأميركیة، للاستثمار في البلدين، ما هو إلا تعبیر عن هذه الثقة المتبادلة.
ویعتبر كثیر من المحللین السیاسیین الأميركيين، أن هذا الاختیار يصبُّ في صالح الولایات المتحدة؛ لأن ولي العهد الجدید، دفع برؤیة اقتصادیة وسیاسیة جدیدة، نتج عنها مزيد من التعاون في المجالات العسكرية، والأمنية، والاقتصادية، والتجاریة.
والجدير بالذكر، أن العلاقة الممتازة، بین الرئیس ترمب وولي العهد، ساعدت على إعادة توهج العلاقات بین الریاض وواشنطن، بعد أن مرت بمرحلة من الفتور في عهد الرئیس السابق. وأثمر ذلك عن إتمام جميع الصفقات العسكرية، التي بلغت قیمتها ١١٠ ملیارات دولار، بعد أن كان بعضها معلّقًا في عهد الرئيس أوباما، نتيجة لبعض القضايا العالقة بين الطرفين.
ختامًا، يُصنِّف السیاسیون الأميركيون هذا التعیین، بأنه يصب في صالح الجانب السعودي، كونه يساهم في إيجاد مزيد من وسائل التنمية الداخلية للمملكة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي؛ مما يعني ضمان الاستقرار بها لفترة طویلة، وكذلك يمثِّل نجاحًا للولایات المتحدة الأميركیة باستقرار حلیفها التاریخي في الشرق الأوسط، وهذا يزيد من عمق التوافق وتعزيز العلاقات الثنائية بين الحليفين.

كاتب ومحلل سياسي متخصص بالشأن الأميركي والدولي*

@Mr_Alshammeri

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر