سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
آفيناش جودبول
كما كان متوقعًا، لجأت الصين إلى استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإدراج “محمد مسعود أظهر” ضمن لائحة عقوبات الأمم المتحدة. وهي المرة الرابعة التي تلجأ فيها الصين لاستخدام ذلك الاعتراض خلال الفترة الأخيرة. إذ تشير إجراءات الصين إلى أن الإرهاب هو المشكلة الأساسية بالنسبة للهند، لأن الفجوة بين سياسة الصين بشأن الإرهاب “العالمي” واستراتيجيتها في جنوب آسيا لا تزال قائمة.
بجانب ذلك، فحتى الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له منطقة “بولواما” في إقليم كشمير الخاضع للإدارة الهندية، والذي أسفر عن مقتل 41 شخصًا، لم تُغَيِّر الموقف الصيني تجاه المخاوف الهندية. ويبدو أن تعميق العلاقات الصينية مع باكستان باتت أكثر أهمية بالنسبة إلى مصالحها الوطنية على حساب سُمعَتِها كقوةٍ صاعدةٍ وذات مسؤولية.
لقد ضاعت على الهند فرصة ذهبية خلال عصر “الحرب العالمية على الإرهاب”، وهي العبارة التي صاغتها الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، من أجل رسم حدٍ فاصلٍ ومحددٍ بين أصدقائها وأعدائها. وقد وقفت الهند إلى جانب الولايات المتحدة مستخدمة تلك العبارة في مطاردة الأعداء بأفغانستان والعراق. وخلال هذه المرحلة، تعاملت مع باكستان كأهم الحلفاء من خارج حلف شمال الأطلنطي، وواصلت النظر في الناحية الأخرى حتى مع استمرار سياسة باكستان في استخدام الإرهاب ضد الهند؛ فقد حصلت “إسلام آباد” على دعمٍ جيدٍ، سواء بشكل نقدي أو عيني، وتمَّ استخدام جزءٍ من ذلك الدعم ضد الهند في بعض الأحيان، إلى الدرجة التي أعربت فيها باكستان عن إمكانية شن ضربات جوية انتقامية على الهند باستخدام طائرات إف 16 أميركية الصنع.
وفي الوقت الراهن تعتمد الصين على الأساس الاقتصادي عبر المحور الاقتصادي الصيني الباكستاني، الذي يعتبر من أهم الركائز الرئيسية لمبادرة “الحزام والطريق” بالنسبة للصين. فقد وعدت “بكين” بتقديم مبلغ 62 مليار دولار أميركي، وهذا ربَّما لا يغير مستقبل باكستان الاقتصادي، لكنه يمنحها شعورًا متجددًا بالأمل. فبالنسبة لإسلام آباد يعدُّ ذلك المحور الاقتصادي الصيني الباكستاني، مثالاً على قدرتها على الاستفادة من كونها دولة تعمل على خدمة مصالح قوة عظمى. أمَّا بالنسبة للصين، فإن ذلك المحور يعدُّ فرصة سحرية ربُّما تساعدها على تحقيق مصالحها، ليس فقط في باكستان، لكن في أفغانستان والمحيط الهندي وفي إقليم “شينجيانغ” محليًا.
لقد اعتقد الكثيرون في “نيودلهي” أن دعم الهند لمنصب نائب الرئيس الصيني في فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية التابعة للأمم المتحدة (FATF)، من شأنه أن يساعد على تغيير موقفها تجاه “مسعود أظهر”. ومع ذلك، لم يكن هذا هو الواقع، لأن أفضل صفقة تأمل الصين في الحصول عليها من الهند ربَّما تمثلت في نية “نيودلهي” الانضمام إلى مبادرة “الحزام والطريق” بنهاية المطاف. وعلى هذا، فإن الهند تدرك تمامًا موقفها كحامل لواء المعارضة لهذه المبادرة وذلك لأسباب مختلفة؛ إذ يبدو أن لها مسوغاتها بشكل متزايد بسبب التطورات الأخيرة التي شهدتها كل من سريلانكا وماليزيا وأوغندا وأماكن أخرى في آسيا وإفريقيا.
والآن، فماذا تكون الخيارات التالية أمام الهند؟ هنا يمكن القول، ومن وجهة نظر واقعية، إن خيار السياسة الصينية المتمثل في اللجوء لاستخدام حق النقض (الفيتو) أخيرًا، يدخل في إطار تبرير الضربة الاستباقية للهند على معسكر “بالاكوت” التابع لجماعة “جيش محمد”. ومن وجهة نظر هندية، فإن النظام العالمي يمثل الفوضى، وأن لجوء الأمم المتحدة، أخيرًا، لاعتبار شخص ما بصفته “إرهابيًا عالميًا” يذهب هباءً، ويبدو أن هذا القرار معطل ويرتبط بمصالح القوى الكبرى.
ومن ثّمَّ، ينبغي أن تتحلى الهند بحس براجماتي بشأن المتوقع منها تجاه الأمم المتحدة، إذ إن لديها تبريرها في اللجوء إلى كافة الوسائل المتاحة لمواجهة الإرهاب العابر للحدود التي تعانيها “نيودلهي”. لذا، فإن تصرفات الهند تعتبر نتاجًا للخيارات المتاحة أمامها. أمَّا ما يتعلق بالصين، فيمكن للهند أن تقدم حجتها بشأن “المعاملة بالمثل”، والموازنة بين المصالح الأساسية والعمل على إيجاد بدئل سياسية أخرى مختلفة؛ فينبغي لها تعليق التدريبات الثنائية المعروفة باسم “يدًا بيدٍ” التي تستهدف مكافحة الإرهاب، وهي الخطوة المنطقية التالية. ومن الواضح أن هذه نقطة محددة في إطار العلاقات الثنائية بين الهند والصين بشكل عام.
وعلى مستوى آخر، فإن مساعي الهند الدؤوبة لتحقيق أهدافها الوطنية من خلال مجلس الأمن الدولي، تثير إشكالية، وهي: “هل تعترف الهند بأهمية القوة الصينية في جنوب آسيا؟”. فإذا كان ذلك هو الحال، فمن المتعين عليها المضي في طريق اتخاذ المزيد من التدابير الدبلوماسية تجاه “بكين”. ومن ناحية أخرى، فإذا كان غرض الهند من ذلك الإجراء هو تحريض الصين على الاستسلام باعتبارها “قوة صاعدة وذات مسؤولية”، فإن هذا لا يكفي أيضًا. فالصين لم تكن يومًا في وضع محرج أمام باكستان، أمَّا الهند فمن الأفضل بالنسبة لها أن تعترف وتسلم بحالة الفوضى وعليها أن تعمل على متابعة مصالحها الوطنية بمفردها.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: آسيا تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر