سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كان سيزر، وإبرو تونكاي
تعثرت الجهود الرامية للتخلص من الديون بعد أن رفض القطاع المصرفي التركي الرؤية التي تتبناها الرئاسة، وفقًا لأشخاص مطلعين، مما أحبط محاولات البلاد للتخلص من أسوأ أزمة تعرضت لها العملة التركية خلال العام الماضي.
تظهر المقابلات التي أجريت مع أكثر من عشرة من المصرفيين والمسؤولين التنفيذيين، وعدد من المستشارين أنه – بالفعل – يتحقق تقدم ضئيل خلال الأشهر الثلاثة الماضية من خطط لمساعدة المقرضين لشركات البناء والعقارات والطاقة في تركيا، والتي لم تعد قادرة بدورها على تحمل ما يقرب من 20 مليار دولار من الديون. فكل شيء في حالة توقع تام، كما يقول أحد المصرفيين المشاركين في المناقشات بين المقرضين والشركات والمسؤولين الحكوميين؛ حيث تبدو الحكومة، وكذلك الأطراف الباقية، في وضع الانتظار والترقب قبل اتخاذ أي إجراء آخر، ويتطلع الناس إلى العام المقبل.
هنا تكمن العقبة الرئيسة في الافتقار إلى رغبة الشركات المثقلة بالديون والمقرضين في اتخاذ تدابير جذرية لإعادة هيكلة الديون، وهو ما يرجع جزئيًا إلى الأمل في أن الاقتصاد سوف ينتعش قريبًا ويشهد تطورات ملحوظة، ويقول البعض إنه يتحقق – بالفعل – في أنقرة وإن كان بوتيرة متباطئة. وكما يذهب العديد من الخبراء في القطاع المصرفي والصناعي، فإن مدى سرعة ومصداقية تنفيذ تركيا لخطة الإنقاذ، يمكن أن تحدد إن كان الاقتصاد التركي سيعاود النمو في وقت لاحق من هذا العام، أم أنه يخاطر بحدوث ركود طويل الأمد، ويقبل على أزمة أخرى تعصف مرة أخرى بالأسواق الناشئة. فقد أعلنت الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان، أنها بصدد إنشاء صندوق للأموال خارج الموازنة بغرض المساعدة في إعادة هيكلة قروض الطاقة والعقارات، لكنها لم تقدم استراتيجية مفصلة لذلك. وفي بيان أخير نشرته وكالة “رويترز” قالت فيه وزارة المالية التركية إن البنوك لم تتوصل بعد إلى اتفاق بشأن نموذج محدد لتلك الصناديق، لكن جهود إعادة الهيكلة لا تزال مستمرة.
كما ذكر البيان أن الأمر متروك للبنوك لاتخاذ القرار المناسب بشأن الحل الذي يختارونه، لكن الحكومة تدعم هيكلة الصندوق الذي من شأنه نقل القروض المتعثرة للبنوك، وكذا المستثمرون بشكلٍ يوفر دخول موارد جديدة للنظام المالي في تركيا، كما أن ذلك يتيح الفرصة للبنوك للتركيز على واجباتها الأساسية المتمثلة في توفير وإدارة القروض. إلا أن الأهم في ذلك هو أن تُحَل المشكلة بشكل دائم وألا تتكرر مرة أخرى، بل وأن يتم فتح قنوات الائتمان مرة أخرى. كما أن عملية إعادة هيكلة القروض للشركات التي تواجه مشاكل في التدفق النقدي فرصة لإعادة التفاوض بشأن الديون المتأخرة مع المقرضين، مما يتيح لها مواصلة العمليات وتجنب الإفلاس. وفي مقابل ذلك، قالت الحكومة التركية إنها لن تمول خطة إنقاذ مباشرة، حيث لديها سلطة لتشكيل إجراءات إعادة الهيكلة. إذ يبحث المقرضون والشركات المثقلة بالديون عن مساعدة الدولة في مجالات مثل تخفيف تكاليف إعادة الهيكلة من خلال الإعفاءات الضريبية وتسهيل حصول المستثمرين الأجانب على الديون المعدومة.
وتجري حاليًا نقاشات على مشروع قانون في البرلمان من شأنه أن يزيل بعض العقبات التي تواجه التعامل مع الديون المعدومة عن طريق إدخال إعفاءات ضريبية لإعادة هيكلة القروض والحماية القانونية للمصرفيين.
لكن وزارة المالية قالت في بيانها الذي نشرته “رويترز” إن النموذج الذي توفر من خلاله الدولة التمويل لإعادة الهيكلة ليس متاحًا في الوقت الراهن على جدول أعمال الحكومة.
الديون على قطاع البناء
يواصل قطاعا البناء والطاقة في تركيا، اللذان ظلا لسنوات منغمسين في الائتمان الأجنبي الرخيص، الكفاح لخدمة مليارات الدولارات من الديون بعد انخفاضات حادة في الليرة العام الماضي. وفي هذا يقول أحد مستشاري إعادة الهيكلة، إن الانتعاش الأخير في العملة، وإن كان متواضعًا مقارنة بانخفاض العام الماضي بنسبة 30٪ ، قد أزال بعض القلق، ولكن حجم الديون المعدومة لا يزال كبيرًا.
ووفقًا للأرقام الرسمية، بلغ إجمالي القروض المتعثرة في قطاع صناعات البناء 15 مليار ليرة أي ما يعادل (2.63 مليار دولار) ابتداء من مايو، لكن بعض المتخصصين في هذا القطاع يقولون إن المجموع قد يكون أقرب إلى 10 مليارات دولار.
ويقول خبراء في صناعة البناء إن مشكلات الشركات العاملة في ذلك القطاع، تبدو حادة جدًا بشكل خاص؛ لأنها على عكس العاملين في مجال الطاقة، الذين يستمرون في جني إيرادات من العملاء، فهي تواجه نقصًا في التدفق النقدي بينما تتوقف مشاريع البناء.
إن أحد الأسباب الرئيسية لعدم إحراز التقدم المطلوب في عملية إعادة هيكلة الديون المعدومة لقطاع الإنشاءات، يكمن في الخلاف الحاد على قيمة الوحدات السكنية والمكاتب ومراكز التسوق أو الوظائف الشاغرة في جميع أنحاء البلاد، مما يترك البنوك والشركات غير راغبة في شراء أو بيع الأصول. وقد أدى ذلك إلى رفض البنوك الخاصة مقترحًا قدمه بنك “زيرات” الحكومي في شهر مايو بإجراء محادثات بخصوص عملية إعادة الهيكلة بين المقترضين في مجال البناء والبنوك الدائنة.
وكان بنك “زيرات” قد اقترح خطة لتمكين البنوك من تحويل الديون المعدومة من دفاترها إلى وسيلة خارج الميزانية، مما يضمن لها إيرادات الفوائد على المدى القريب، بالإضافة إلى سداد القروض في غضون 10 سنوات. وبموجب هذا الاقتراح، يمكن لشركات المقاولات والعقارات توزيع مدفوعات الفائدة على مدى فترة زمنية أطول لتجنب الإفلاس وكسب المزيد من الوقت لإكمال أو بيع المشاريع.
وأعلن بنك “زيرات”، أخيرًا، أنه يواصل العمل على إيجاد حلول من شأنها تخفيف العبء على كل من المؤسسات المالية وشركات البناء. وبالتالي، فإن المقرضين ومسؤولي وزارة المالية اجتمعوا في أنقرة في وقت سابق من هذا الشهر لمناقشة خطة جديدة بشأن تقييم الممتلكات والضمانات، لكن تلك المحادثات لم تكن حاسمة.
خطوة للأمام.. وأخرى للخلف
شهد قطاع الطاقة بعض التقدم، حيث يوجد حوالي 12 مليار دولار في شكل قروض وفقًا للمقرض الخاص “بنك جرانتي” (Garanti Bank).
وفي أوائل مايو الماضي، حدد بنك “جرانتي” بشكل علني استراتيجية للتعامل مع الديون المتعثرة لقطاع الطاقة والتي شملت استحواذ البنوك على محطات الطاقة بهدف وضع بيعها كخطوة على الطريق، وبخاصة حينما أصبحت مربحة. وفي حين أن هذه الاستراتيجية لا تزال قيد الدراسة، فإن البنوك تجري في الوقت الراهن مراجعة واستكشاف بدائل للخطة التي حددها بنك “جرانتي” بسبب عدم وجود اتفاق حول كيفية تنفيذها.
لقد أجمع المقرضون، أخيرًا، على ضرورة تحويل ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار من الديون المعدومة بقطاع الطاقة إلى حقوق ملكية، مما يعني أن المقرضين سيستحوذون على شركات طاقة مدينة لها بهذه الديون.
هنا يمكن الإشارة إلى وجود عدد قليل من المستثمرين الراغبين في شراء قروض شركات الطاقة من البنوك والمشترين المحتملين والحاليين، حيث يبحث هؤلاء المستثمرون عن تخفيضات كبيرة في بعض الحالات ويتطلعون إلى دفع ما يصل إلى 50 سنتًا على الدولار.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: رويترز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر