تطور تقنيات التتبع والرصد لمكافحة التلوث البلاستيكي

تطور تقنيات التتبع والرصد لمكافحة التلوث البلاستيكي

التاريخ والوقت : الخميس, 27 مارس 2025

Fernando Gómez, Wesley Spindler

في حين أن الابتكارات مثل الفرز الآلي للنفايات أو المواد البديلة تفتح فرصًا في معالجة التلوث البلاستيكي، إلا أنها لم يتم توسيع نطاقها بفعالية حتى الآن بسبب الحواجز الثقافية والتنظيمية والخاصة بالسوق. في مدونة سابقة، جادلنا بأن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة “4IR” تنضج بسرعة، ومع ذلك فإن نشرها لقضايا بيئية حرجة يتوقف على كيفية قيادة القادة أصحاب الرؤى للعمل التعاوني والشامل.

أحد التطبيقات الحاسمة للتقنيات الناشئة التي ستسهم في إنشاء اقتصاد بلاستيكي أفضل هو إمكانية التتبع. لقد شرعنا في تحديد التحديات في معالجة التلوث البلاستيكي، والإجراءات اللازمة لإطلاق العنان لإمكاناته الكاملة.

إمكانية التتبع.. فرص في اقتصاد بلاستيكي جديد

تعدُّ تقنيات التتبع والرصد حجر الزاوية في سلسلة قيمة البلاستيك المحسنة، مما يمكّن الشركات من التحقق من المحتوى المعاد تدويره، وضمان الامتثال التنظيمي وبناء ثقة المستهلك. ويطالب المستهلكون، بصفتهم أصحاب مصلحة رئيسيين، بشكل متزايد بالشفافية والممارسات المستدامة، مما يجعل الثقة محركًا حيويًا لولاء العلامة التجارية. من خلال تمكين الخيارات المستنيرة، تعمل هذه التقنيات على مواءمة عمليات الشركة مع قيم المستهلك، وتعزيز المشاركة طويلة الأجل. فيما يلي بعض الفرص الرئيسية:

الشفافية: هذا أمر بالغ الأهمية عبر سلسلة التوريد لكل من الشركات والمستهلكين للتحقق من أصل المواد وضمان صحة المحتوى المعاد تدويره. تستخدم منصات مثل Mesur.io تقنية blockchain لتوفير نظام شفاف وآمن وقابل للتتبع لتتبع المواد طوال دورة حياتها. ويساعد هذا الشركات على ضمان الامتثال لمعايير الاستدامة وإظهار التزامها بالمصادر المسؤولة وإدارة النفايات.

المساءلة: تعدُّ إمكانية التتبع ضرورية لمحاسبة الشركات عن تأثيرها البيئي. على سبيل المثال، تقدم Sykell نظامًا أساسيًا يعتمد على البيانات ويتتبع دورة حياة المواد، مما يمكّن الشركات من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الحد من النفايات واستخدام المواد. ومن خلال مراقبة تفاعل المستهلك مع المنتجات، توفر Sykell رؤى تشجع على الاستهلاك الأكثر استدامة، وتساعد الشركات على قياس أهداف الاستدامة الخاصة بها بشكل أكثر فعالية.

الحوافز المالية: تكافئ المنصات التي تدعم تقنية Blockchain مثل KWOTA وCleanHub أصحاب المصلحة على الممارسات المستدامة. وتتتبع KWOTA وتتحقق من جمع وإعادة تدوير المواد البلاستيكية، بينما تحفز CleanHub جمع النفايات في المناطق ذات البنية التحتية المحدودة لإعادة التدوير. وتضع هذه الحلول نظامًا آمنًا وشفافًا لا يحفز جمع النفايات فحسب، بل يخلق أيضًا رابطًا ماليًا مباشرًا بين جامعي النفايات والشركات الملتزمة بالاستدامة.

منصة رقمية لإدارة النفايات: طوَّرت Sahaas نظامًا أساسيًا يسمح لأصحاب المصلحة بتتبع المواد، من الجمع إلى إعادة التدوير، بطريقة سلسة وفعالة. ومن خلال رقمنة سلسلة توريد إدارة النفايات، تعمل Sahaas على تحسين إمكانية تتبع المواد وتحسين عمليات إعادة التدوير، مما يؤدي إلى زيادة كفاءة إعادة التدوير ودعم الشركات في جهودها للحد من النفايات البلاستيكية.

توضح هذه الأمثلة من شبكة خريجي Circulars Accelerator كيف يمكن لإمكانية التتبع أن تسهم بشكل مباشر في تقليل النفايات وتحسين المساءلة وضمان إعادة الاستخدام المناسبة للمواد. بدون إمكانية التتبع، لا يمكن بناء اقتصاد بلاستيكي جديد؛ لأنه يوفر الأساس لمراقبة تدفقات المواد ومنع البلاستيك من الانزلاق عبر شقوق نظام إعادة التدوير.

إمكانية التتبع.. التحديات

في حين أن إمكانية التتبع قد أحدثت ثورة في اقتصاد البلاستيك، إلا أن العديد من التحديات الكبيرة تعوق تقدمها.

أولاً، هناك نقص في التمويل. على الرغم من استثمار 190 مليار دولار في تدوير البلاستيك من عام 2018 إلى عام 2023، فإن 5 مليارات دولار فقط ذهبت إلى الحلول الرقمية، مثل إمكانية التتبع، وهو أمر بالغ الأهمية لتوسيع نطاق هذه التقنيات. وأسوأ من ذلك، أن الأسواق الناشئة، المسؤولة عن 84% من التلوث البلاستيكي العالمي، تلقت 6% فقط من إجمالي الاستثمار، مما ترك مناطق شاسعة تعاني نقص الموارد على الرغم من كونها مناطق ذات احتياجات عالية.

غالبًا ما تتفاقم فجوات التمويل هذه بسبب التجارب المطولة. وتظل العديد من حلول إمكانية التتبع محصورة في المراحل التجريبية؛ إمَّا لأن الشركات مترددة في الالتزام بعمليات طرح واسعة النطاق، أو لأن الشركات الناشئة في مجال إمكانية التتبع عالقة في خدمة عملاء رئيسيين منفردين. وغالبًا ما يمنع هذا النقص في قابلية التوسع الحلول من الانتشار على نطاق واسع، مما يخنق الابتكار ويعوق التبني الأوسع لإمكانية التتبع.

ومما يزيد الأمور تعقيدًا هو عدم اليقين التنظيمي. فالشركات تحذر من الاستثمار بكثافة في حلول إمكانية التتبع بسبب المشهد التنظيمي المتغير باستمرار، ولا سيما في مجالات مثل مسؤولية المنتج الموسعة (EPR). وقد تتغير اللوائح، مما قد يجعل الاستثمارات الكبيرة قديمة. ويمكن أن يدفع هذا التدفق التنظيمي الشركات إلى التمسك بالمناهج التقليدية قصيرة الأجل مثل الشهادات أو علاقات أصحاب المصلحة، والتي لا تتطلب الكثير من التكاليف والمخاطر الأولية.

علاوة على ذلك، في حين أن مفاوضات معاهدة البلاستيك العالمية في نوفمبر 2024 في بوسان بكوريا الجنوبية، أكدت تحديات المشهد التنظيمي المجزأ، فإن استمرار المناقشات في INC-5.2 في أغسطس 2025 يقدم أملًا متجددًا. ويتمتع المندوبون الآن بفرصة لإعادة النظر في التدابير الحاسمة، مثل الحد من إنتاج البلاستيك، والعمل على سد الفجوة بين الدول المنتجة للنفط والنامية وغيرها من الدول. ويشير هذا التقدم إلى فرصة لاتخاذ قرارات محورية يمكن أن توفر للشركات قدرًا أكبر من الوضوح والتوافق مع السياسات العالمية المستقبلية.

لقد ثبت أن توسيع نطاق إمكانية التتبع أمر صعب، لأن كل أصحاب المصلحة على طول سلسلة القيمة ليسوا مقتنعين بمزاياها. وتركز العديد من الشركات على تحليلات قصيرة الأجل للتكلفة والعائد، متجاهلة عائد الاستثمار “ROI” الذي يمكن أن تحققه إمكانية التتبع من خلال تحسين الامتثال والكفاءة التشغيلية وثقة المستهلك. بشكل عام، يجب ألا يتم وضع إمكانية التتبع كهدف قائم بذاته، ولكن كوظيفة ثانوية تمكن تحقيق أهداف أوسع، مثل الاستدامة والتدوير وتخفيف المخاطر. بالإضافة إلى ذلك، في حين أن البيانات متاحة بشكل متزايد، إلا أن هناك القليل من البنية التحتية المتاحة للاستفادة منها بفعالية. ويظل التشغيل البيني للبيانات يمثِّل عنق الزجاجة الرئيسي؛ لأن العديد من المنصات غير قادرة على التواصل بعضها مع بعض. بدون معايير أو أطر عمل مشتركة تحكم مشاركة البيانات، تظل الرؤى الهادفة من هذه البيانات بعيدة المنال.

أخيرًا، تمثل الاختلافات في السوق تحديات إضافية. الأسواق الناشئة، التي تُهيمن القطاعات غير الرسمية على إدارة النفايات، يصعب بشكل خاص خدمتها بتقنيات إمكانية التتبع. إن الافتقار إلى البنية التحتية الرسمية والثقة في الأنظمة الرقمية يجعل من الصعب على إمكانية التتبع اكتساب قوة جذب في هذه المناطق، على الرغم من أن الحاجة إليها هي الأكبر هناك.

إمكانية التتبع.. التغلب على التحديات

في حين أن هذه التحديات كبيرة، إلا أنها ليست مستعصية على الحل. فيما يلي ثلاثة مناهج رئيسية يمكن أن تُطلق العنان للإمكانات الكاملة لإمكانية التتبع:

اتفاق سريع على معايير البيانات: للتغلب على التشغيل البيني للبيانات، يمكن لأصحاب المصلحة وضع طرق موحدة لجمع البيانات ومشاركتها عبر سلاسل التوريد والصناعات والمناطق. وتوضح مبادرات مثل TrusTrace، التي تقدم منصة تتبع تركز على الشفافية والاستدامة، كيف يمكن للمعايير المشتركة أن تطلق العنان لرؤى البيانات وتوفر مقاييس ذات مغزى عبر سلسلة القيمة.

يعتمد جواز السفر الرقمي للمنتج “DPP”، الذي تم تقديمه بموجب لائحة التصميم البيئي للمنتجات المستدامة “ESPR”، على هذا النهج من خلال تضمين معلومات المنتج الموحدة بتنسيق رقمي. ومن خلال توفير إطار موحد لمشاركة البيانات حول تكوين المنتج وتأثيرات دورة الحياة ومسارات نهاية العمر، يتيح DPP التعاون السلس عبر المؤسسات ويعزز الشفافية في جميع أنحاء سلسلة التوريد.

تبسيط الإرشادات التنظيمية: يمكن للحكومات والجهات التنظيمية التي تقدم إرشادات مستقرة ومبسطة لإمكانية التتبع أن تزيد من ثقة المستثمرين. سيشجع اليقين التنظيمي طويل الأجل الشركات على الاستثمار في تقنيات إمكانية التتبع دون خوف من التقادم. توضح أمثلة الأطر التنظيمية المستقرة في صناعات مثل الطاقة المتجددة كيف يمكن لبيئة السياسات الصحيحة أن تدفع الابتكار والاستثمار على نطاق واسع.

تؤكد الجهود المستمرة نحو معاهدة الأمم المتحدة للبلاستيك، الحاجة الماسة إلى معايير عالمية لدعم إمكانية التتبع والمساءلة. ويوضح الانهيار الأخير للمفاوضات في بوسان كيف أن عدم وجود توافق في الآراء بشأن القضايا الرئيسية يترك الشركات في حالة من عدم اليقين. ويعد تضمين المعايير ومواءمتها في هذه المعاهدات أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الوضوح والتنفيذ الناجح للحلول.

تعزيز الشراكات عبر النظام البيئي: تتطلب إمكانية التتبع التعاون بين الشركات المصنعة والمعيدين وشركات إدارة النفايات والحكومات وشركات التكنولوجيا. ومن خلال تكوين شراكات عبر سلسلة القيمة، يمكن لأصحاب المصلحة مواءمة أهدافهم وتبادل أفضل الممارسات والاستفادة من الموارد الجماعية لتوسيع نطاق إمكانية التتبع. يعدُّ تعاون Circularise مع الشركات الكبيرة في قطاع الكيميائيات أحد الأمثلة على كيف يمكن للشراكات أن تسرع من التبني.

إمكانية التتبع.. الطريق إلى الأمام

إن الرحلة نحو بناء اقتصاد بلاستيكي جديد معقدة، لكن إمكانية التتبع تؤدي دورًا حيويًا في هذا التحوُّل. في حين أن التحديات مثل فجوات التمويل وعدم اليقين التنظيمي والبنية التحتية للبيانات لا تزال قائمة، إلا أن الحلول موجودة. ومن خلال تعزيز الشراكات والاتفاق على معايير البيانات وخلق بيئة تنظيمية مستقرة، يمكن لإمكانية التتبع إطلاق العنان لإمكاناتها الكاملة. إضافة إلى ذلك، تتمتع إمكانية التتبع بقدرة فريدة على التواصل مع التقنيات الناشئة الأخرى، مثل الفرز الآلي للنفايات والمواد البديلة، وهو ما يخلق نظامًا شاملاً ومتكاملًا سيعيد تعريف كيفية إدارة البلاستيك طوال مدة استخدامه.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

[mc4wp_form id="5449"]

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر