تصدي اليابان لمحايدة الكربون | مركز سمت للدراسات

تصدي اليابان لمحايدة الكربون

التاريخ والوقت : الأربعاء, 22 ديسمبر 2021

جون أريما

مع دخول العالم مرحلة تنفيذ اتفاقية باريس، تتعرض البلدان لضغوط متزايدة للإعلان عن أهدافها الخاصة بمحايدة الكربون لعام 2050 وتحديث مساهماتها المحددة وطنيًا لعام 2030.

وابتداء من مارس 2021، تعهدت أكثر من 120 دولة بمحايدة الكربون بحلول عام 2050. وفي أكتوبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء السابق “يوشيهيدي سوجا” أن اليابان ستهدف إلى تحقيق محايدة الكربون بحلول عام 2050.

قبل ثلاثة أشهر من إعلان “سوجا” في يوليو 2020، دخلت اليابان في عملية صياغة خطة الطاقة الاستراتيجية السادسة، التي تسعى إلى إدخال مصادر طاقة جديدة ستدعم مساهماتها الجديدة المحددة وطنيًا. وقُدمت نسخة تمت الموافقة عليها من مجلس الوزراء في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021 في غلاسكو.

تعهدت المساهمات المحددة وطنيًا السابقة لليابان، التي تمت صياغتها في عام 2015، بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 26 في المئة عن مستويات عام 2013 بحلول عام 2030. ووفق هذا الهدف، كان إجمالي توليد الطاقة في اليابان مكونًا من 44 في المئة من الوقود غير الأحفوري (22-24 في المئة من مصادر الطاقة المتجددة، و20 إلى 22 في المئة من الطاقة النووية). كما حقق مزيج الطاقة ثلاثة متطلبات: استعادة الاكتفاء الذاتي من الطاقة إلى حوالي 25 في المئة (متجاوزًا مستويات كارثة فوكوشيما قبل عام 2011)، وخفض تكاليف الكهرباء ووضع هدف للحد من غازات الاحتباس الحراري يمكن مقارنته مع البلدان المتقدمة الأخرى. واُستهدفت المساهمات المحددة وطنيًا لتقليل واردات الوقود الأحفوري وتسريع اعتماد الطاقة المتجددة من خلال سياسة تعريفة التغذية الكهربائية في اليابان.

وُضع الهدف المحدد لعام 2030 على أساس النهج التصاعدي. وكان من المقرر متابعة هدف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لعام 2030 على وجه اليقين، إذ تم حسابه مقابل السياسات والتكنولوجيات القائمة. ومن ناحية أخرى، استند هدف عام 2050 إلى نهج تنازلي وألزم اليابان بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 80 في المئة. وكان يُنظر إليه على أنه “رؤية” أو “اتجاه طموح” وسط العديد من أوجه عدم اليقين. ويعكس الاستخدام المتمايز لكلمتَي “الهدف” و”الغاية” طبيعة هذه المناهج. 

على الرغم من ذلك، فإن رفع غاية عام 2050 من تخفيض بنسبة 80 في المئة إلى محايدة الكربون قد قضى تقريبًا على هذه الاختلافات. وفي قمة المناخ لعام 2021 التي استضافتها الولايات المتحدة في أبريل، أعلن رئيس الوزراء “سوجا” أن اليابان ستهدف إلى خفض بنسبة 46 في المئة عن مستويات عام 2013 بحلول عام 2030 ومواصلة الجهود الكبيرة لتحقيق خفض بنسبة 50 في المئة. ولا يعتمد هذا الهدف على نهج تصاعدي.

في وقت هذا التعهد، كانت المناقشات حول تشكيلة مصادر الطاقة الجديدة لا تزال جارية. ومع ذلك، أصر “سوجا” ووزير البيئة “شينجيرو كويزومي” على نسبة تقارب 50 في المئة من أجل “الاتساق” مع هدف محايدة الكربون لليابان 2050. كما واجهوا ضغوطًا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بصفتهم المعنيين الأساسيين لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021.

بعبارة أخرى، اُستبدل نهج اليابان التصاعدي بالنهج التنازلي من أعلى إلى أسفل. وهذا يعني أن هدف عام 2030 – الذي تم تحديده ببساطة من خلال إعادة تشكيل خطي من هدف عام 2050 – أصبح يتميز بطبيعته الطموحة ورؤيته المستقبلية. وربما سهلت الطبيعة غير الملزمة لمؤتمر المساهمات المحددة وطنيًا على اليابان دعم هذا الهدف الأكثر طموحًا.

في يوليو 2021، اقترحت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة مسودة خطة الطاقة الاستراتيجية السادسة مع مزيج طاقة جديد في عام 2030، إذ سيشكل الوقود غير الأحفوري 56-60 في المئة من إجمالي توليد الطاقة في اليابان (36-38% من مصادر الطاقة المتجددة، و22-20% من الطاقة النووية). وبالإضافة إلى ذلك، تم تخفيض إجمالي توليد الطاقة المتوقع في عام 2030 من 980 جيجاوات ساعة إلى 870 جيجاوات ساعة.

تعرضت هذه الإحصائيات لانتقادات باعتبارها “تلعب لعبة رياضية” وإمكانية تحقيقها مشكوك فيها. كما ستؤدي زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة إلى زيادة تكلفة تعريفة التغذية الكهربائية من 4 تريليونات ين ياباني (35 مليار دولار أميركي) إلى 6 تريليونات ين ياباني (53 مليار دولار أميركي)، دون تضمين التكاليف الإضافية لدمج مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة في نظام الطاقة. وقد تم بالفعل استغلال غالبية المساحات المسطحة المناسبة لمحطات الطاقة الشمسية. وعلى الرغم من التوقعات الكبيرة لطاقة الرياح البحرية، فإن أحوال الرياح في البحار المحيطة باليابان ليست مواتية مثل تلك الموجودة في بحر الشمال. وكانت إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية أبطأ مما كان متوقعًا.

تُعدُّ تكاليف الطاقة في اليابان هي مصدر القلق الأكبر. وتكلفة التخفيض الحدي في اليابان للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أعلى بكثير من الدول المتقدمة الأخرى. كما تُعدُّ تعريفة الكهرباء الصناعية في اليابان الأعلى بين الدول الكبرى، إذ تزيد بمرتين عن التعريفة المفروضة على دول مثل الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية. بينما تفترض وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة انخفاض تكاليف الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى تعويض التكاليف المرتفعة لدعم الطاقة المتجددة جزئيًا، إلا أن الزيادات المستمرة في أسعار الوقود الأحفوري تجعل هذا الافتراض موضع تساؤل. وتحتاج الحكومة اليابانية إلى مراجعة تكلفة تنفيذ مزيج الطاقة هذا بانتظام ومقارنته بشركائها التجاريين الرئيسيين. ومن ناحية أخرى، قد تكون القدرة التنافسية الدولية للصناعات التحويلية اليابانية في خطر.

إذا كانت اليابان جادة في الوصول إلى محايدة الكربون بحلول عام 2050، فإن بناء محطات طاقة نووية جديدة وأكثر تقدمًا أمر ضروري. غير أن الطاقة النووية لها تحدياتها الخاصة، وهي انتشار “رهاب الإشعاع النووي” وتكاليف الاستثمار الأولية المرتفعة. ولمعالجة المشكلة الأخيرة، فإن سياسات قاعدة الأصول المنظمة تستحق الدراسة.

تعهد الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم بإدخال مفاعلات صغيرة الحجم، التي يمكن أن تجعل التركيب النووي في متناول الجميع. كما يُعدُّ “الرهاب النووي” الجزء الأكثر تحديًا. وبينما ترتفع المخاطر الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية، وفي الوقت الذي تعمق اليابان اعتمادها على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتدفقات الألواح الصينية وطواحين الهواء والبطاريات – فإن التقنيات النووية تستحق اهتمامًا متجددًا.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: eastasiaforum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر