تركيا تدخل ركودًا جديدًا مع اقتراب الانتخابات | مركز سمت للدراسات

تركيا تدخل ركودًا جديدًا مع اقتراب الانتخابات

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 12 مارس 2019

كاجان كوك

 

سقطت تركيا في أول ركود لها منذ عقد من الزمان، إذ تلقى الرئيس رجب طيب أردوغان، ضربة شديدة في الوقت الذي تتجه فيه البلاد نحو انتخابات بلدية مهمة هذا الشهر.

وقد تقلَّص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4% مقارنة بالثلاثة أشهر السابقة، التي وصلت فيها هذه النسبة إلى 1.6%، وفقًا للبيانات الصادرة يوم الاثنين، وهذا يقابل متوسط ​​تقديرات الاقتصاديين في الاستطلاع الذي أجرته وكالة “بلومبيرغ”. وخلال العام الماضي شهد الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا وصل إلى 3%.

ونتيجة للضغوط التي يمارسها “أردوغان” على البنك المركزي للإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة، تدفقت رؤوس الأموال إلى تركيا خلال فترة شهدت حوافز نقدية قياسية، غير أن توسعًا شبه مستمر أدى إلى رفع معدل النمو الاقتصادي بنسبة 7% منذ عام 2009، وهو ما تراجع بعد أن انهارت العملة التركية، فضلاً عن بعض المشكلات السياسية والدبلوماسية التي واجهتها تركيا مع الولايات المتحدة.

يقول “جوليان ريمر”، أحد المتداولين في بنك الاستثمار “بي إل إس” في لندن Investec Bank Plc ، إن هذا يعتبر إدانة للسياسات الاقتصادية التي يتبناها “أردوغان”، ويعتبر نتائج مباشرة لسياساته النقدية خلال عام 2018 التي سارت في إطار السياسات البراغماتية قصيرة المدى بدلاً من البراغماتية الاقتصادية.

وبالنسبة إلى المستثمرين، يكمن القلق في أن تواجه تركيا خطر التعافي على فترة طويلة مما ينعكس على تجفيف منابع رأس المال الأجنبي بينما تبدأ الأسر والشركات في سداد الديون. فقد شهد الاستهلاك الخاص انخفاضًا بنسبة 8.9% خلال الربع الأخير من هذا العام، ووصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا إلى 9632 دولارًا مقابل ما يزيد على 10 آلاف دولار عام 2017، وقد شهد العام كله نموًا اقتصاديًا بلغ 2.6%.

وعلى الرغم من حالة الانكماش الاقتصادي، قال وزير المالية “بيرات البيرق”، إن البريق الفضي يعني أن الوضع السيئ في الوقت الراهن يعقبه انتعاش سريع. وفي تدوينة على موقع “تويتر”، قال “البيرق” إن ارتفاع الصادرات والدخل الناتج من قطاع السياحة سيكون هو المحرك الرئيس للنمو.

لقد انخفضت الليرة التركية بنسبة 0.5% بعد صدور البيانات وتراجعت أيضًا بنسبة 2.% عند 5.4489 مقابل الدولار عند الساعة العاشرة والنصف صباحًا بإسطنبول. وهو ما يعدُّ ثالث أسوأ أداء على مستوى الأسواق الناشئة هذا العام، حيث بلغت الخسائر فيه 3% مقابل العملة الأميركية.

الاختبار الأول

ويأتي التراجع في نموذج النمو الاقتصادي بتركيا في وقت حساس بالنسبة لأردوغان الذي أصبح في البداية رئيسًا للوزراء عام 2003، بينما يستعد – حاليًا – لأول اختبار له عبر صناديق الاقتراع منذ توليه السلطة التنفيذية بشكل موسع في العام الماضي. فبعد التصويت الذي سيُجرى في 31 مارس، من المقرر أن أن تجري تركيا انتخابات أخرى لمدة أربع سنوات.

وفي محاولة لاستئناف النمو، عمدت الحكومة إلى ممارسة الضغوط على بنوك الدولة لتكثيف الإقراض، وهو ما ساعد على نمو الائتمان السنوي بشكل إيجابي للمرة الأولى منذ أغسطس الماضي؛ فقد تمت إعادة “رسملة” ثلاثة من مقرضيها عن طريق بيع السندات إلى صندوق البطالة التركي، الذي يعمل على وضع خطة جديدة لتعزيز رأس مال المصارف المملوكة للدولة.

وفي الوقت الحالي، لا تزال التوقعات قاتمة، فقد يكون الناتج المحلي الإجمالي في حالة انكماش خلال النصف الأول من عام 2019، وتليه أربعة مواسم فاترة للنمو بما يقل عن 3٪ في المتوسط مقارنة بالعام السابق، وذلك وفقًا لاستطلاعات “بلومبيرغ” التي نشرت من قبل البيانات الصادرة يوم الاثنين.

وبما أن البنك المركزي يحتفظ بأسعار مرتفعة لتثبيت الاستقرار في الليرة وإبقاء التضخم تحت السيطرة، فإن محرك الاقتصاد التركي يعاني من انعدام الكفاءة؛ فقد تقلص الائتمان المصرفي الحقيقي بنسبة 7.2% على أساس فصلي في الربع الأخير من عام 2018.

وفي هذا يقول “إنان دمير”، الخبير الاقتصادي في شركة “نومورا إنترناشيونال” Nomura International Plc  في لندن، إنه بخلاف التعافي الذي شهدته تركيا في الماضي، والذي اتخذ شكل حرف “V”، فإن هناك خطرًا كبيرًا من أن هذا الانتعاش سيكون أبطأ بكثير هذه المرة، فربَّما يواجه الاقتصاد التركي برُمَّته ضغوطات تخفيض الديون.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: بلومبيرغ

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر