سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كايل أورتون
أعلن مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، صباح يوم 11 أكتوبر أن جهازَ الاستخبارات الوطني العراقي اعتقل سامي جاسم الجبوري (حاجي حامد)؛ مسؤول التمويل في داعش، في “عملية خارجية معقدة”.
اعتقال جاسم
لم تؤكد بغداد رسميًا سوى القليلِ عن عملية القبض على جاسم، بما في ذلك مكان حدوثها ومتى تم تسليم جاسم إلى الحكومة العراقية. ومع ذلك، فهناك تقارير تشير إلى أن الاستخبارات التركية ألقتِ القبض على جاسم في شمال سوريا، ثم نُقل من تركيا إلى العراق قبل أيامٍ قليلة من إعلان الكاظمي للخبر.
لن يكون هذا الأمر غريبًا: فقد لعب الأتراكُ دورًا رئيسًا في جلبِ مسؤولين كبار آخرين في تنظيم داعش الذين وجدوا في المناطق الفوضوية إلى حدٍّ ما التي يديرها وكلاءُ تركيا السوريون، بيئةً مواتية للاختباء. الأمر ذاته ينسحب على الخليفة المزعوم، أبو بكر البغدادي الذي قُتل في غارة أمريكية في إدلب في أكتوبر 2019.
لمحة عن جهادي مخضرم
المعلومات العلنية المتاحة عن جاسم ضئيلة. المعروف عنه أنه مسؤول كبير في داعش، وأنه لعب منذ فترةٍ طويلة دورًا محوريًا في العمليات والآليات المالية للتنظيم. في هذا الصدد، قال “مسؤولٌ رفيع المستوى” لصحيفةِ واشنطن بوست، إن جاسم قد انضم إلى داعش في وقتٍ مبكر، وبايع مؤسس التنظيم أبو مصعب الزرقاوي في عام 2003 على السمع والطاعة، في وقتٍ كان فيه التنظيم لا يزال يُعرف باسم جماعة التوحيد والجهاد (ثم باسم تنظيم القاعدة في بلاد ما بين النهرين)، وأن جاسم التقى زعيم داعش آنذاك، أبو بكر البغدادي في عام 2012، بعد ثمانية عشر شهرًا من توليه قيادة التنظيم. ومنذ ذلك الحين، “شغل جاسم مناصب في وزارات القضاء والمالية والصناعة في داعش”، حسبما قال هذا المسؤول.
في عام 2014، كان جاسم يشرف على شبكات التجارة غير المشروعة في النفط والآثار جنوب الموصل التي كانت مركزًا لروافد داعش المدرة للدخل بعد تراجع زيادة القوات الأمريكية وقوات “الصحوة” العراقية، في الفترة ما بين 2007-2009.
وعندما توسّع داعش إلى شرق سوريا في صيف عام 2014 وأعلن “خلافته”، يبدو أن الدور الإداري لجاسم قد توسّع أيضًا، وأصبح بحلول ربيع عام 2015 “وزيرًا للمالية” بحكم الأمر الواقع.
أحد أهم الأشخاص الذين عيّنهم جاسم هو فتحي التونسي (أبو سيّاف العراقي)، وهو مدير مهم لحقول النفط وغيرها من مصادر الإيرادات غير المشروعة في شرق سوريا. وقد قُتل التونسي في مايو 2015 في واحدةٍ من أولى الغارات البرية التي شنتها الولايات المتحدة على سوريا. وزُعم خطأ أن جاسم نفسه قد قُتل على يد القوات الكردية العراقية في أغسطس 2016.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات على جاسم بصورة محددة؛ باعتباره إرهابيًا عالميًا في سبتمبر 2015.
في ديسمبر2017، أعلنتِ الحكومة العراقية انتصارها على داعش. وحتى قبل ذلك، كان التنظيم يواجه بعض الاضطرابات الداخلية عندما بدأتِ الهيئة التنفيذية في السيطرة على مؤسسات التنظيم، خاصة اللجنة المفوضة، على الرغم من أن إعادة ظهور الخليفة قد أدّت إلى استقرار الوضع إلى حدٍّ كبير على ما يبدو. في مارس 2019، سقط المعقل الأخير لخلافة داعش، بلدة الباغوز.
في صيف عام 2019، رفع برنامج المكافآت من أجل العدالة في الولايات المتحدة مكافأة من يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على ثلاثةٍ من كبار مسؤولي داعش أو قتلهم إلى 5 ملايين دولار. أحد هؤلاء كان جاسم. أما الاثنان الآخران؛ فهما معتز نعمان الجبوري (حاجي تيسير)، الذي قتل في مايو 2020، وأمير محمد المولى (عبد الله قرداش أو حاجي عبد الله العفري)، الزعيم الحالي لداعش بعد وفاة أبوبكر. وتضاعفت المكافأة في حالة المولى في وقتٍ لاحق.
وفي مايو 2020، ومع اعتقال عبد الناصر القرطش، واسمه الحقيقي قد يكون طه الخويط، أفادت بعض التقارير بأن جاسم كان يقود اللجنة المفوضة. لو كان جاسم لا يزال يشغل مثل هذا المنصب الرفيع، ربما كان من المتوقع أن تقدِّم الحكومة العراقية المزيدَ عنه في رسائلها العامة. وربما لا تزال الاستخبارات والشرطة العراقية تواصل الاستجوابات وتحليل أي بيانات يتم الحصول عليها، وسوف تقدم بيانًا محدثًا في مرحلة ما في المستقبل.
التداعيات
ما هي تداعيات القبض على جاسم، فيما يتعلق بقدرات داعش؟ ربما ليست كبيرة. ذلك أن لدى داعش بيروقراطية متطورة جدًا، ومن ثم فإنه حتى القضاء على قادتها الأكثر كفاءة سيكون له تأثير محدود.
واصلت داعش تصعيد عملياتها في ولاياتها “الخارجية”، لا سيما في غرب إفريقيا، حيث منح القضاءُ على أميرِ تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد الملك دروكدال (أبو مصعب عبد الودود) داعشَ مجالًا أكبر للتحرك، وكما كان متوقعًا، فإن انسحاب قوات حلف الناتو من أفغانستان واستيلاء الجهاديين الباكستانيين عليها قد حفّز داعش على النشاط بعد فترة من ضبط النفس الاستراتيجي، وربما يمتد هذا في وقتٍ قريب إلى كشمير.
لقد سقط تنظيم داعش في “المركز”، في العراق وسوريا، لكنه لم يخرج. ففي سوريا، يتعمد داعش عدم الإعلان عن كافة أنشطته؛ لأنه يعكف على بناء قاعدة عمليات، وتأمين عمقه الاستراتيجي للعراق. وفي العراق نفسه، يواصل التنظيم تمرده، ولكن على مستوى منخفض، ومن الواضح أنه يتوارى عن الأنظار في وقتٍ لا تزال القوات الأمريكية موجودة، بأجهزة مراقبتها وقدراتها الأخرى.
لقد وقعت حادثة كاشفة في منتصف سبتمبر بالقرب من منطقة العظيم في شمال العراق، حيث تمكّن داعش من الاستيلاء على نقاطٍ أمنية متعددة، ولم تتمكن السلطات من تطهيرها إلا بدعمٍ جوي وثيق من القوات الأمريكية. وإذا ما كررت الولايات المتحدة انسحابها، فليس هناك ما يدعو للشك في أن الجهاديين سوف يندفعون بقوة، إن لم يكن على الفور مثل أفغانستان هذا العام، ففي غضون ثلاثِ سنوات كتلك التي استغرقوها في العراق بعد عام 2011.
المصدر: كيو بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر