سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
معتصم بن محمد الجهني
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية الروسية في 24 فبراير الماضي، شهد العالم عدة تداعيات جراء هذه الأزمة. ويحذر المحللون هذه المرة من أن تلك النتائج لن تمس الجانب الاقتصادي والسياسي، أو في أسواق الأسهم فحسب. فالعالم بصدد مواجهة أزمة غذاء حقيقية غير مسبوقة هذه المرة لن تدع لسكان دول العالم عامة ما يكفيهم، ولن تدع لسكان الدول الفقيرة خاصة ما يأكلونه. فقد حذر البنك الدولي في مارس الماضي من أزمة غذاء حقيقية قادمة تصيب العالم كله، فما العلاقة بين الأزمة الروسية الأوكرانية وسلاسل إمداد الغذاء العالمي؟
تعد كل من روسيا وأوكرانيا أكبر الدول المصدرة للقمح والزيوت النباتية، حيث تستحوذان معًا على 30% تقريبًا من الصادرات العالمية من القمح و80% تقريبًا من الصادرات العالمية لدوار الشمس. وتعد روسيا أيضًا أكبر مصدر للأسمدة. العقوبات على روسيا، توقف موانئ الشحن والنقل في أوكرانيا، هذا يعني أن الاختلالات التي تصيب الإمدادات في هذين البلدين سوف تمتد تداعياتها إلى النظم الزراعية والغذائية العالمية كافة.
كما أن 50% من سلع القمح التي يشتريها برنامج الأغذية العالمي لتوزيعها على الفئات الأكثر ضعفًا مستمدة من أوكرانيا. أمَّا الآن فهم يضطرون إلى الذهاب للأسواق العالمية لشراء سلع مماثلة بسعر أعلى بكثير، نتحدث عن زيادة في السعر بنسبة 50% الى 75% عما دفعوه لأوكرانيا العام الماضي، تلك الزيادة تقلل من نسبة المستفيدين من تلك البرامج وتعني زيادة في الميزانية بالنسبة لبرنامج الأغذية العالمي.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، وليست روسيا وأوكرانيا وحدهما اللتان تشكلان خطر نقص سلاسل الإمداد الغذائية؛ دول مصدرة للقمح عدة وضعت قيود على تصدير القمح للخارج حتى تضمن الاكتفاء الذاتي لنفسها من أبرزها الهند التي أوقفت التصدير الخارجي للقمح، إلا لدول محدودة من ضمنها السعودية.
استنادًا إلى التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية الصادر في الرابع من مايو الماضي، عانى حوالي 193 مليون شخص في 53 دولة أو إقليمًا من انعدام الأمن الغذائي في أوقات الأزمات أو مستويات أسوأ في عام 2021، وهذا يمثل زيادة بنحو 40 مليون شخص مقارنة بأرقام عام 2020 القياسية بالفعل.
وحذَّرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة من أن تأثيرات الأزمة في أوكرانيا سوف تطال المستهلكين في مختلف أرجاء العالم، فيما تهدد الزيادات الناجمة عنها في أسعار الأغذية والطاقة والأسمدة مواسم الحصاد العالمية المقبلة، مما يعني زيادة أكثر ومؤكدة في أسعار الغذاء.
بالإضافة إلى أنه في ظل ارتفاع أسعار الطاقة بموازاة ارتفاع أسعار الأغذية، شهدت القوة الشرائية للضعفاء من المستهلكين والبلدان تراجعًا إضافيًا. ومن شأن الارتفاع الحالي لأسعار الأسمدة أن يؤدي إلى تدني استخدام الأسمدة خلال الموسم المقبل وما بعده ربَّما، مع احتمال ملموس في حدوث تراجع في إنتاجية الأغذية، وبالتالي مزيد من ارتفاع أسعار الأغذية.
أكد الرئيس الأميركي “جو بايدن” خلال قمة مجموعة السبع أن أزمة غذاء حقيقية تواجه العالم، ومن جانبه أعلن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أن أزمة الغذاء العالمية ستتفاقم أكثر، وضررها سيصل إلى جميع أنحاء أوروبا إذا لم يتم إيقاف العقوبات على روسيا. كما يرى “بوتين” أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية هي المسؤولة عن أزمة الغذاء هذه، ويتهم الولايات المتحدة بعدم اكتراثها لو حدثت مجاعة عالمية على حساب الإضرار بروسيا.
يخشى البعض أن يكون لجهود معاقبة روسيا آثار جانبية غير مرغوب فيها، مع استمرار الأزمة في أوكرانيا وتفاقم نقص الغذاء، من المرجح أن يشتد الجدل حول إن كان يجب رفع بعض العقوبات على الطاولة إذا كان ذلك سيجنب المجاعة؟
مهتم ومختص بالشأن السياسي*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر