تحليل الحاجة إلى عملات البنوك المركزية الرقمية في الاقتصاد الرقمي | مركز سمت للدراسات

تحليل الحاجة إلى عملات البنوك المركزية الرقمية في الاقتصاد الرقمي

التاريخ والوقت : السبت, 24 سبتمبر 2022

نيدا خان

لقد كانت العملات المشفرة موضع اهتمام كبير، إذ تذخر بالمضاربة والخلافات والمكاسب التي لا يمكن تصورها منذ إنشائها مع عملة البيتكوين Bitcoin. فقد تم تقديم بدائل للعملات المشفرة من أجل تقليل مخاطر الاستثمار عن طريق العملات المستقرة، وهي عملات مشفرة مدعومة بالعملات الورقية، أو السلع، أو العملات المشفرة الأخرى، أو الخوارزميات. وتعمل العملات المستقرة كجسر بين العملة الورقية المستقرة والعملات المشفرة المتقلبة.

بالتوازي مع التطورات التي تحفزها سلسلة الكتل واعتمادها بشكل أكبر على البنية التحتية الرقمية، فقد تقدمت الحكومات بالعملات الرقمية للبنك المركزي، التي تمثل سجلاً إلكترونيًا أو رمزًا رقميًا للعملة الرسمية للبلد.

ويمكن أن تكون العملات المستقرة من الأنواع التالية، اعتمادًا على الكيان الداعم لها، الذي يؤثر بدوره على المعروض في السوق:

  1. عملة فيات: تتطلب مُصدرًا، أو أمين حفظ، مثل عملة تيثر Tether المربطة بالدولار الأميركي.
  2. العملات المدعومة بالسلع: وهي تتطلب مُصدرًا مثل عملة باكسوس جولد Paxos Gold.
  3. العملات المشفرة: وفيها تُستخدم العقود الذكية لإدارة الإصدار، مثل منصة إيثريوم ETH.
  4. العملات الخوارزمية: وتستخدم العقود الذكية لإدارة الإصدار، مثل عملة نوبيتس NuBits.

ويمكن أن تكون عملات البنوك المركزية الرقمية CBDCs بشكل رئيسي من الأنواع التالية، مع إمكانية تصميمات أخرى حسب الطلب:

التجزئة: إذ يوفر البنك المركزي العملة الرقمية مباشرة للجمهور مع احتفاظه بسجل لأرصدة التجزئة، على سبيل المثال: عملة eNaira التي يصدرها البنك المركزي النيجيري، والرينمبي الرقمي e-CNY الذي يصدره البنك المركزي الصيني، والدولار الرملي Sand Dolla.

البيع بالجملة: تعمل المؤسسات المالية كوسطاء لتقديم مدفوعات التجزئة للجمهور، في حين يسجل البنك المركزي أرصدة الجملة، مثل البيع بالجملة للعملات الرقمية للبنك المركزي من قبل بنك فرنسا.

أسباب إصدار عملات البنوك المركزية الرقمية

تكمن بعض هذه الأسباب فيما يلي:

  • التطوير والاعتماد المتزايد على البنية التحتية الرقمية.
  • تعزيز الشمول المالي.
  • إنشاء حساب يستبعد الحاجز العمري.
  • توفير معادل نقدي، إذ يتم الاحتفاظ بإخفاء الهوية، ومع ذلك يوجد تنظيم مناسب لضمان عدم استخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية لغسيل الأموال أو في شبكة الويب المظلمة، حيث يسود استخدام العملة المشفرة بسبب طبيعتها المستعارة.
  • ستظل البيانات المالية تحت سيطرة الحكومة بدلاً من الشركة أو في الأماكن العامة كما هو الحال في البلوكتشين blockchain العامة، حيث يمكن استخدام البيانات للممارسات الخاطئة مثل التلاعب بالتصويت أثناء الانتخابات كما حدث عبر “فيسبوك” Facebook.
  • القدرة على منح الأفراد حرية التخلص من النقود، كما يظهر ذلك من خلال زيادة استخدام مدفوعات البطاقات والتقدم نحو مجتمع غير نقدي في السويد وفنلندا، على سبيل المثال.

البيع بالتجزئة مقابل البيع بالجملة للعملات الرقمية للبنوك المركزية 

تستلزم العملات الرقمية للبنوك المركزية للبيع بالتجزئة مسؤولية معززة على عاتق البنك المركزي، ولكنها قد تكون خيارًا أكثر ربحًا للاقتصادات الصغيرة. في حين أنه بالنسبة للأماكن الجغرافية الأكبر، فإن عملات البنوك المركزية الرقمية التي تشمل البنوك والمؤسسات المالية كوسطاء ستكون أكثر واقعية.

وتؤدي البنوك العديد من الوظائف التي تلبي احتياجات المستهلكين مثل الإقراض والاستثمار، وإدارة المحافظ، وتسجيل الائتمان، والمشورة المالية على سبيل المثال لا الحصر. وتختلف هذه باختلاف العادات والتقاليد المحلية ولا يمكن للبنك المركزي أن يعمل على تقديم نفس المستوى من الخدمة دون تكبد ترقيات هائلة في مستوى أدائه الحالي.

ويمكننا القول إن سياسة التقسيم هي أفضل طريقة للمضي قدمًا، والتي تعني في علوم الكمبيوتر تقسيم المهمة والتفويض إلى وحدات معالجة مختلفة، مما يعزز سرعة التشغيل. فإذا نظرنا في سيناريو مشابهٍ، فإن العملة الرقمية بدون بنوك كوسطاء ستوفر حلاً بطيئًا للمشكلات متى ظهرت. إن المستهلكين سيفقدون إمكانية الوصول إلى الخدمات التي تقدمها البنوك بالطريقة التي اعتادوا عليها، وسيحتاج البنك المركزي إلى تعزيز البنية التحتية الحالية لتوحيد احتياجات السوق.

وقد توجد نقطة فشل واحدة مع قيام البنك المركزي بإدارة كل شيء مما يجعله عرضة للقراصنة، الذين يرغبون في الوصول إلى البيانات مما يقلل من الخصوصية والأمان. وستأتي مقدمة العملة الرقمية مع تحديات جديدة خاصة بها، وسيضمن الحد الأدنى من التعطيل في البنية التحتية الحالية فرصة أكبر للنجاح بدلاً من إحداث تغيير جذري، والذي يعمل بشكل جيد للشركات الناشئة والشركات الصغيرة، لكنه قد لا يعمل مع الحكومة والمؤسسات.

مزايا عملات البنوك المركزية الرقمية على العملات المستقرة

تكمن بعض المزايا فيما يلي:

  • إنها لن تتطلب التطبيق على بلوكتشين.
  • هذا يعني تغييرات أقل في البنية التحتية الحالية، أو من قبل المستخدمين.
  • الخصوصية والأمن المطابقان للآليات القائمة الموجودة.
  • التبني الجماعي للعملات الرقمية للبنوك المركزية لن يمثل مشكلة، حيث لا تزال البلوكشين الرئيسية تتصارع مع مشكلات الإنتاجية أو عند توفير إنتاجية كافية، وتعاني من مشكلة التخزين.

من المرجح أن تكون العملات المستقرة مرتبطة بعملة ورقية أو عملة مشفرة. فعندما تم إلغاء الارتباط بالذهب مع حل اتفاقية “بريتون وودز” ، كان التساؤل: ما هو الضمان المتاح للتأكيد أن الارتباط بعملة “فيات” أو عملة مشفرة أو سلعة التي يتم تداولها في البورصة، سيكون مستقرًا بدرجة كافية لنشرها على المدى الطويل؟ وبالتالي، فإن العملات الرقمية للبنوك المركزية هي أفضل طريقة للمضي قدمًا.

لا يتعين على الحكومات التركيز على الطبيعة الأخلاقية للعملات المستقرة لمعرفة أكانت متوافقة مع الشريعة أم لا. إذ تستلزم النسخة الرقمية للعملة الورقية شرط عدم وجود موافقات جديدة من قبل علماء الدين.

توحيد الدول العربية لاستخدام عملة واحدة كمنطقة اليورو، سيصبح أسهل باتباع استراتيجية العملات الرقمية للبنوك المركزية وسيطة دون تكبد المخاطر المرتبطة باستخدام تقنية جديدة مثل البلوكتشين من خلال عملات مستقرة. ويمكن أن يكون هناك تسلسلات هرمية متعددة في الإصدار مع اتحاد بين البنوك المركزية للدول التي تدير التوريد وسجلات البيع بالجملة في المنطقة العربية. أما الطبقة الثانية فيمكن أن تكون من البنوك المركزية في كل بلد التي تدير سجلات البيع بالجملة الخاصة بذلك البلد، من خلال البنوك الموجودة في الدولة. وسيوفر البنوك والوسطاء الماليون مدفوعات التجزئة، ويلبي البنك المركزي مدفوعات الجملة. وستساعد هذه البنية التحتية المكونة من مستويات ثلاثة في الحفاظ على استقلالية كل دولة في المنطقة العربية، مع الاستمرار في تمكين المدفوعات السريعة في المنطقة كلها باستخدام عملة رقمية للبنك المركزي، دون الحاجة إلى تبادل العملات.

تعد اتفاقية العملات الرقمية بين البنوك المركزية خطوة مطلوبة بشدة. إذ يبحث الناس عن خيارات أرخص وأسرع لإجراء معاملات الدفع ولا يهمهم من هو المزود. ومن شأن هذه الاتفاقية أن تفي بهذه الحاجة، وينطوي تنظيمها على الالتزام بإرشادات مكافحة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب التي تضمن سلامة الجميع. إن حقيقة أن الحسابات المالية تحت سيطرة الحكومة تعني أيضًا منع غسل الأموال واستخدامها في الأسواق السوداء، التي تنتشر فيها العملات المشفرة.

ويمكن أن تساعد العملة الرقمية للبنك المركزي في تسهيل المدفوعات الصغيرة، التي من شأنها تعزيز الاقتصاد، وتمكين الشمول المالي، وتطوير سوق جديدة تهيمن عليها آليات جديدة لتوليد الإيرادات تعتمد على استخدام المدفوعات الصغيرة. فإذا كان هناك طلب في السوق على العملات الرقمية ولم تفِ به الحكومة، فإن مقدمي الخدمات الآخرين سيأتون إلى المقدمة لتلبية هذه الحاجة. وهذا من شأنه أن يعرض المواطنين للعديد من عمليات الاحتيال. وبالتالي، فإن أساس الاقتصاد الرقمي المرن، حيث يمكن للحكومة توجيه الدولة نحو تقدم اقتصادي سليم، يكمن في إنشاء عملة رقمية للبنك المركزي قوية وآمنة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: zawya

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر