تحديات هائلة تواجه دعاوى تطوير جودة التعليم في جميع أنحاء العالم | مركز سمت للدراسات

تحديات هائلة تواجه دعاوى تطوير جودة التعليم في جميع أنحاء العالم

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 4 فبراير 2020

كوامي بويست

 

كانت مواكبة التعليم الشامل والجودة لأهداف التنمية المستدامة (SDGs) في مركز الصدارة خلال اليومين الأخيرين، إذ عقد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعًا تفاعليًا رفيع المستوى لليوم الدولي للتعليم.

وقال “تيجاني محمد باندي” في رسالته خلال تلك المناسبة إن “قطاع التعليم يعاني من تحديات هائلة في جميع أنحاء العالم، ذلك أنه كان هناك تراجع متسارع في جودة ومعايير التعليم، واتساع في الفجوة المعرفية بين الطلاب في المجتمعات المتقدمة تقنيًا وتلك الموجودة في البلدان النامية، فضلاً عن أزمة التعليم في مناطق النزاع وتنامي العنف المدرسي وانخفاض التقدير الذي تلاقيه مهنة التدريس بشكل عام.
إن التعليم يجب أن يسد الفجوة بين احتياجات التوظيف الحديثة من مهارات تخصصية، وفرص التعلم الفعلية.

ذلك أن المناهج المدرسية لم تتنبأ بعد بالاحتياجات في مكان العمل والاستجابة لها، والتدريب العملي على تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمهارات التقنية المتنوعة، مع الاستمرار في تطوير المساعي الدراسية التقليدية.

إضافة إلى ذلك، فإنه من المهم النظر إلى العجز في نتائج التعليم، والذي يتجلى بشدة عند النظر إليه بجانب الأزمة السكانية المتنامية.

التعليم في أزمة

إن مصير التلاميذ الموجودين بمناطق الصراع يستحق المزيد من الاهتمام العاجل.

فوفقًا لليونيسيف، شهد عام 2017، نحو 500 هجوم على المدارس في 20 دولة حول العالم. وفي 15 من هذه الدول العشرين قامت قوات المتمردين بتحويل الفصول الدراسية إلى مواقع عسكرية. وتمَّ تجنيد الآلاف من الأطفال للقتال، حيث يُجبرون في بعض الأحيان على العمل كمفجرين انتحاريين، أو يُجبرون على القيام بهجمات مباشرة.

في هذا الإطار، قد تصبح بيئة التعلم غير آمنة في ظل استمرار عمليات إطلاق النار، وانتشار حرب العصابات، والاعتداءات الجنسية بالمدارس.

بجانب ذلك تشكل الكوارث الطبيعية تهديدات إضافية لبيئة التعليم. إذ تعدُّ الأعاصير والعواصف من الظروف المناخية التي تحدث دمارًا كبيرًا في المباني والمنشآت المدرسية، مما يجعل التعلم أمرًا صعبًا، إن لم يكن مستحيلاً.

ومن هنا، فإن الخيارات التي يتخذها أصحاب المصلحة في مجال التعليم تنطوي على تأثير مباشر على مختلف الفئات الاجتماعية، لا سيما الفئات المحرومة مثل المجتمعات الريفية وفقراء الحضر والمعاقين والنساء. لذا، فإن ما يقرب من ثلثي البالغين الأميين في العالم من الإناث، كما أن معظمهم في البلدان المتخلفة.

وعلى ذلك، يصبح الاختيار أمراً حاسمًا فيما يتصل بالكفاح من أجل رفع مكانة مهنة التدريس، وتوظيف معلمين أكفاء ومؤهلين، وتدريبهم على آخر التطورات في المهنة.

لكن هناك نقاطًا مضيئة في هذا السياق، حيث ساهمت سياسات التعليم التطلعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في بعض البلدان. كما يتم منح المشاركين في اليوم الدولي للتعليم لهذا العام الفرصة لتبادل الخبرات الدولية في التعليم الشامل.

الشراكات هي الأساس

إن التعليم يعزز القدرات التحليلية والإبداعية والنقدية للتفكير، ذلك أنه يسرع القدرات على التحصيل التكنولوجي والنمو الاقتصادي لكل دولة.

ذلك أنه عندما يظل المجتمع متخلفًا بشكل دائم، يصبح من الواجب إعادة تقييم النظام التعليمي. أمَّا إذا كان النظام مختلاً أو لا يعزز عمليات اكتساب المعرفة والمهارات ذات الصلة، فإن الاقتصاد سوف يصاب بالركود.

ومع الأخذ في الاعتبار فإن الكم الهائل من العمل الذي ينتظرنا قد يشاركه اعتقاد بأن العمل القائم على الشراكات يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تنفيذ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يدفع للتركيز الشديد على بناء شراكات عبر مجالات الأولوية الرئيسية بما في ذلك التعليم.

أمام ذلك، فقد بات من المتعين على الدول الأعضاء والشركاء الرئيسيين الآخرين التركيز على دراسة الجدوى والدعم ذي القيمة المضافة في إنشاء شبكة من شبكات التعليم الرئيسية القائمة لتبادل المعلومات والأفكار، بما في ذلك مصادر الدعم المتعلقة بجميع جوانب التعليم.

قوة التعليم

إن للتعليم قدرة على تشكيل العالم، كما صرحت نائبة الأمين العام، أمينة محمد، على منصة المنظمة الدولية، فالتعليم يحمي الرجال والنساء من الاستغلال في سوق العمل ويمكّن المرأة ويمنحها الفرص للمفاضلة بين الخيارات المختلفة.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد في تغيير السلوك والتصورات، وبالتالي يعزز محاربة تغير المناخ والممارسات غير المستدامة. كما تساعد الخبرة الجيدة في القدرة على تعزيز الاحترام والتفاهم المتبادل بين الناس، ومكافحة التصورات الخاطئة والتحامل وخطاب الكراهية، ومنع التطرف العنيف. وبدون تعليم، لا يمكن تحقيق أي من أهداف التنمية المستدامة.

ومع ذلك، باقتراب عام 2030، يتخلف العالم عن الركب، مما دفع الأمين العام للمنظمة الدولية إلى إصدار دعوة عالمية لعقد اجتماع جديد يهدف إلى تسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. إذ ينذر وضع التعليم بالخطر بسبب الأزمة في عدد الأطفال والشباب والكبار غير الملتحقين بالتعليم، لأن غالبيتهم لا يتعلمون.

اللاجئون والمهاجرون يواجهون تحديات إضافية

وفقًا لمكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة، فإن نسبة اللاجئين المسجلين في التعليم الثانوي تبلغ 24%، إذ لا يحصل سوى ثلاثة في المئة منهم على التعليم العالي.

ووفقًا لنائبة الأمين العام، فإن ثمة مجالاً وقدرة على تشكيل التعليم، لكن ذلك يتوقف على أن نعمل معًا وأن نجلب الشراكات الضرورية لتوفير تعليم جيد، وبالتالي فقد بات علينا مضاعفة جهودنا حتى لا يعدُّ التعليم الجيد للجميع مجرد طموح مستقبلي، بل حقيقة واقعة.

الاستثمار في التعليم

إن العمل من أجل “العناصر الأربعة التي يعتمد عليها مستقبلنا”، وهي الأشخاص والازدهار والعالم والسلام، أضحى أمرًا ضروريًا، وفقًا لرئيسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في رسالتها الأخيرة.

فرغم أن التعليم يمثل موردًا قيمًا للبشرية، فقد أشار المدير العام للمنظمة “أودري أزولاي” خلال الجلسة إلى أنه “نادر جدًا بالنسبة لملايين الناس في جميع أنحاء العالم”. إن الأزمة العالمية للتعليم التي أكدها معهد اليونسكو للإحصاء، تمثل السبب الرئيس للقلق؛ لأنها تمثل أيضًا أزمة للازدهار وللبشرية وللسلام أيضًا، كما أنها حثت الجميع على اتخاذ إجراءات من أجل التعليم؛ لأن التعليم هو أفضل استثمار للمستقبل كما تقول.

لقد أوصت منظمة اليونسكو بتنسيق جهود المجتمع الدولي لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وهو “توفير التعليم الجيد للجميع” أولاً وقبل كل شيء. فكما قالت رئيس اليونسكو، فإن منظمتنا تتخذ إجراءات من أجل الشعوب، وذلك بجعل التعليم أداة للاندماج، ومن ثم التمكين.

تغيير الحياة وتحويل المجتمعات

من جانب آخر، أكدت “منى جول”، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، أن التعليم هو “أقوى وسيلة للهروب من الفقر ذلك أنه يغير حياة الناس ويسهم في تحويل المجتمعات ويمهد الطريق نحو مجتمعات منتجة ومستدامة ومرنة يمكن من خلالها أن يحقق الأطفال إمكاناتهم الكاملة، ما يجعل الجميع مطالبين بتعزيز جهودهم لإظهار عالم يكون فيه كل طفل قادرًا على الوصول إلى تعليم جيد يسمح بالنمو والازدهار والتمكين، وبالتالي يمكنهم تقديم مساهمات مجدية للمجتمعات الكبيرة والصغيرة في كل مكان.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: مودرن ديبلوماسي

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر